أخبار السودان

السودان وتحديات المرحلة الراهنة،،التغيير أو الطوفان

د. محجوب محمد صالح

تنتهي بعد غد الأحد عطلة عيد الأضحى المبارك التي استطالت في السودان هذا العام إلى تسعة أيام بقرار حكومي, وكانت الحكومة تأمل أن تقود العطلة إلى تهدئة الأجواء بعد الحوادث الدامية التي عاشتها الخرطوم ومدن أخرى في أكبر حراك سياسي معارض تشهده العاصمة السودانية والمدن الأخرى, وخلف وراءه رنة حزن على ضحايا من الشباب الذين استشهدوا بالرصاص الحي في تلك المواجهات, وما زالت المطالبات تتوالى بتحقيق حر ومحايد تتولاه جهة مستقلة تثبت حقيقة ما حدث.

لكن الهدوء الذي ساد أيام العيد لا ينبغي أن يعتبر دليلاً على انتهاء الأزمة, فالأزمة ما زالت قائمة تتفاعل وتتصاعد, ولن تنتهي إلا بانتهاء أسبابها, فهي الآن قد اتسعت نطاقاً وتمددت مساحة وزادت عمقاً, فما بدأ كحركة احتجاجية ضد سياسات اقتصادية ضارة تجاوز تلك المحطة إلى المطالبة بالتغيير السياسي الشامل والفوري والعاجل, ولم يكن ذلك بالأمر المستغرب, إذ إن الأزمة الاقتصادية لم تكن سوى نتاج طبيعي لأزمة سياسية مستحكمة ظلت تتفاعل على مدى ربع قرن, وقد آن الأوان لتجاوزها بتغيير شامل لنظام الحكم يحقق العدل والمساواة والتحول الديمقراطي الحقيقي, كما يحقق السلام والاستقرار, ولا بديل لذلك ولا بد من الوصول إليه وبأسرع ما يمكن.

إن مساحة الفقر تتسع والأوضاع الحياتية تتدهور والنسيج الاجتماعي يهترئ والحروب وسفك الدماء يتواصل والانفلات الأمني أصبح القاعدة الراسخة, لا الاستثناء الطارئ, وهذا وضع يستحيل استمراره, بل إن استمراره لأكثر من ذلك يهدد بتمزيق البلاد وتشظّيها, مما يجعل التغيير العاجل فرض عين ومسؤولية يجب أن يتصدى لها جميع الحادبين على مستقبل هذا الوطن المثقل بالجراح والمهدد بالانهيار- وهذه الحقيقية هي التي تفسر الشعبية المتزايدة التي منيت بها دعوة التغيير الفوري والعاجل, لدرجة أن انضم إليها العديدون من شباب الحزب الحاكم نفسه, بل أخيراً بعض قادته عبر المذكرة الثلاثينية- وكلما تصاعدت الأزمة واستحكمت حلقاتها اتسع نطاق المطالبين بالإصلاح داخل ذلك الحزب, وستعلو أصواتهم أفراداً ومؤسسات إزاء أسلوب القمع الذي تمارسه السلطات, ويصبح الحزب الحاكم محاصراً من الداخل والخارج.

انتهاج الحلول الأمنية والعسكرية تجاه قضايا سياسية حقيقية هو الذي أدى للحروب المشتعلة في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبة, والحصار الأمني وعنف الدولة هو المسؤول عن تصاعد المواجهات وارتفاع حدة التوتر في باقي أجزاء السودان, والاستراتيجية التي أنتجت الأزمة لا يمكن أن تؤدي إلى حلها.

وما عادت المناورات تجدي, وما عاد تجميل الوجه بتعديلات ديكورية يغني فتيلاً, ولا بديل للتغيير الفوري والشامل وقيام نظام حكم جديد يستجيب لتطلعات المواطنين ويحقق لهم ما يصبون إليه من تحول ديمقراطي حقيقي, ومن مشاركة جماعية في صناعة القرار وسلام واستقرار وتنمية وتبادل سلمي للسلطة, وإنهاء كامل لسيطرة الحزب الواحد الذي يحيل المواطنين إلى رعايا في وطنهم, وسيتواصل الضغط حتى يحقق الحراك أهدافه مهما كانت الصعوبات والعراقيل, وسيكون الثمن غالياً لو تمترس النظام في موقفه الحالي, ولكن التحول سيكون سلساً وسلمياً لو أحسن قادة النظام قراءة هذا الواقع, وهذا هو الدرس الذي ينبغي أن تتعلمه من الحراك الذي ابتدره الشباب في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر الماضي.

لقد تفجر ذلك الحراك بسبب أزمة اقتصادية وإجراءات حكومية من شأنها أن تسحق الفقراء سحقاً, وأن تقضي تماماً على ما تبقى من الطبقة الوسطى, مما أثار حفيظة الجميع, وما زالت هذه الكارثة الاقتصادية قائمة وتزيد ضغطاً على كل الناس كل صباح, وستؤدي إلى كساد شامل وستستعصي الحياة على أغلب فئات الشعب, وهي بما تفرزه من ضغوط ستظل تواجه الناس -كل الناس- بهذا التحدي, وتؤكد لهم قناعتهم بأن الأزمة الاقتصادية هي بكلياتها نتيجة منطقية لسوء إدارة الشأن العام, وانعكاس أمين للأزمة الاقتصادية المتمثلة في افتقار الحكم الراشد والسلام, واحتكار مجموعة واحدة للسلطة والثروة على حساب الآخرين الذين هم مغيبون تماماً عن صناعة القرار الوطني, ولذلك فمطلبهم الأول والعاجل سيظل هو التغيير الشامل والكامل والفوري, وبناء نظام حكم يستجيب لكل هذه التطلعات, هذه هي المهمة العاجلة في هذه المرحلة التاريخية التي تطرح أمام السودانيين التحدي الأكبر: التغيير أو الطوفان!.

د. محجوب محمد صالح

[email][email protected][/email] العرب

تعليق واحد

  1. يا/د.محجوب هؤلاء لن يصغوا إلا لمن يطبل لهم وعلي آذانهم وقر فبالتالي فلينتظروا الطوفان الذي يوردهم مورد التهلكة وكفي.

  2. سوف يخدرونكم بالفتات و يغدقوا الحوافز لجماعتهملكى يموت اطفالكم من المرض و في النهاية تموت انتم بالكلى والسرطانات و لا علاج لا تعليم مجرد مال زكاة يجعلكم شحادين و يغتنون من عرقكم و عرق اولادكم الفى الغربة و الفى الدهب- كونوا مفتحين

  3. هذا النظام لا يستمع الى نصيحة احد و بالنظر الى تاريخه و تجارب الانظمة الفاشية المماثلة فسوف يستمرالنظام فى تعنته و سيقمع اى تحرك مما سيعقد الازمة لان الثورة وصلت الى مرحلة اللاعودة وهى الان ثورة جياع و اصبحت مسالة حياة او موت بالنسبة للجميع المؤتمر الوطنى من جهة و باقى الشعب من جهة فالشعب اذا لم يموت برصاص المؤتمر الوطنى فسيموت بالجوع ولن يستطيع الناس تحمل تكاليف المعيشة المرتفعة لمدة ثلاثة شهور اخرى و لابد من الخلاص من المؤتمر الوطنى الان

  4. ليت الحاج المشير يعود من حجته مهتديآ زاهدآ في السلطة و يقوم بحل الحكومة و البرلمان و السعي لتشكيل حكومة تكنوقراط تدير البلاد لفترة انتقالية محددة و ليذهب لبيته عزيزآ مكرمآ ..

  5. نحن نواجه نظام بلا خلق ولا دين ولا يهمهم لومات كل الشعب ولابد ان نلجا الى حرب المدن فى كل مدن السودان حتى نرهق العدو والله اكبر على من طغى وتجبر

  6. النهاية قربت..وعزة جلال الله نهايتهم علي الابواب. ديل ظلمو الناس والله سبحانه وتعالى ﻻ يرضي الظلم،،ح تكون نهاية تافها و ي كيزان northern Virginia خليكم جاهزين نحنا عارفنكم واحد واحد.

  7. سأظل أسأل الجبهة الثورية، متى تتدخلون وتقفوا مع هذا الشعب المكلوم ? كتفا بكتف – حسب تصريحاتكم وبياناتكم النارية الصادرة عند قيام الثورة في سبتمبر ؟ سنضعكم في خانة التخذيل مع تلك الفئات الجبانة -“المأفونين” أي الأحزاب الطائفية. وعليه فإن لم نشهد لكم ثورة بحجم اسمكم “الجبهة الثورية” في قادم الأيام فلاتلوموننا بما سوف يتخذ ضدكم في المستقبل. هل تحسون بآلام المتظاهرين العزل ؟ هل تحسون بالقتل اليومي الممارس ضدهم من قبل الجنجويد في أقصى الغرب ( في نيالا الباسلة) ومن كلاب الأمن في كل شبر من ارض الوطن؟ هل قيمتم خطة البشير ومؤتمره الواطي وجهاز أمنه ومليشياته الجهوية لإبادة ثلث الشعب السوداني ليتسنى لهم البقاء في سدة الحكم إلى أبد الآبدين. إنهم يعنون ما يقولون، فهل أنتم بقدر المسئولية التي تقع على عاتقكم أم أنكم فئة اغتنت وتدفقت لديها الأموال من المنظمات الدولية وصارت تتاجر بقضايانا ؟؟؟

  8. نعم بدأ الحراك ووصل قمته واصيب الجلاد بالهلع واتخذ التدابير للخروج من هذا المنعطف .. وبدا الشقاق في الصف ولكن الثورة اخمدت نفسها حينما بدات بعض الوجوه الكالحة تحجز مقاعدها علي دم الشعب.. يجري الان الترتيب والتنسيق وبدقة اكثر فلا تظنوا ان الثورة اخمدت حتما سنعود وقريبا واقوي

  9. وماذا بعد الطوفان؟؟!!
    نصفر العداد كما حدث في اكتوبر1964 وابريل1985 ونعيد تدوير النخبة السودانية وادمان الفشل..ام نلتزم بخارطة الطريق الدولية السارية المفعول حتى الان
    وللذين لا زالو في الكبر ويعانون من المراهقة السياسية وخطاب “الجعجعة الجوفاء والقعقة الشديدة”..المؤتمر الوطني مرتبط بالاتفاقية الدولية-نيفاشا-2005 والعالم ينظر الى السودان عبرها..وهذه الاتفاقية لا زالت لها قضايا عالقة مع دولة الجنوب..والقرار 2046 واستفتاء ابيي..ولا دولة الجنوب ولا دول الاقليم ولا العالم الحر سيراهن على البديل المجهول..او الفطير”البدائل”..التي ينفحنا بها الامام…ومحبين الشهرة الجدد..”.ناس حقي سميح وحق الناس ليه شتيح”..
    في الوقت ده خلو الشجب ونزلو الاتفاقية والدستور الانتقالي لوعي الناس-خلو الشعب يقيما بدل ان تترك لاهواء الذين لا يعلمون وجددو التزامكم بها لاخر شوط وحسب الجدولة…الحركة الشعبية شمال×المؤتمر الوطني والمفاواضات عبر القرار 2046 ومبادرة نافع /عقار..والتزام الحركة الشعبية شمال بي برنامجا بتاع انتخابات 2010 “الامل” الذى تتداعى له الملايين في انتخابات 2010 وهرولو مع المهرولين…وفوزو المؤتمر الوطني بوضع اليد…واكسبوه شرعية يقتل بها الناس حتى اليوم….
    التغيير تتحكم فيه قوى خارجية..عليك ان تثبت انك ذكي وتصلح بديل علمي وليس غوغائي سياتون لمساعدتك
    او اقنع 18 مليون سوداني يطلعو الشارع بي رؤية واضحة يحترما العالم كما فعلت تمرد
    واذا كان الشباب الواعد في السودان حتى هذه اللحظة عاجز عن الانعتاق من اصر الاحزاب القديمة وهم البقيمو ليهم ما ينفع وما لاينفع فانعم بطول سلامة يا مربع..والسياسة علم والفهم اقسام”كلااااااااام يا عوض دكام”…يا شباب امشو اقرو اتفاقية نيفاشا والدستور الانتقالي او تلمود د.منصور خالد”السودان تكاثر الزعازع وتناقص الاوتاد2010″ بتكونو طوالي بتحملو ماجستير في العلوم السياسية من منازلهم يؤهلكم في عالم الفضائيات .. والانقاذ دي ما بترجى يناير القادم…

  10. ناس الجبهة الثورية لا يختلفون كثيرا عن حزب الامة و الحزب الاتحادي الديمقراطي و ذلك في عدم دعمهم للثورة و معدنها كلها كلام – بالله ناس الجبهة الثورية ديل لو جمعوا سلاحهم و فكوا فيه النار و جو اتظاهروا سلميا لا سقطوا الحكومة و صدقوني ستكون خسائرهم اقل بكثير من خسائرهم التي يتكبدونها في الحرب لان امر تغيير هذه الحكومة الفاسدة لا يحتمل التاجيل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..