مقاطعة اللحوم … حل للأزمة أم ترف سياسي ..؟!ا

مقاطعة اللحوم … حل للأزمة أم ترف سياسي ..؟!

أحمد موسى عمر /المحامي
[email protected]

الاحد 18 سبتمبر 2011…هو الموعد المضروب (لمقاطعة) اللحم واللبن … وذلك لمدة ثلاثة أياماً حسوما … الدعوة هي عبارة عن (ثورة الرفاهية) لمصلحة الجياع وليست ثورة جياع فالجياع ودون أن يدري المتخمون قد قاطعوا اللحم منذ امد بعيد ودونما اي تنسيق بينهم …وكان (المُنسّق) الوحيد هو بين كل تلك الفئات هو (العِوز) و (الفاقة) …وقد أثارت الحملة عُدّة تساؤلات أهمها هو السؤال حول بدلاً من مقاطعة اللحم لم لا تهتم تلك الجهات بالبحث وراء أسباب إرتفاع اللحم (إلا إن كانت تخشى تلك الجهات إدخال يدها بجحر الثعبان) … فالامر لا يخرج من إحتمالين … اولهما ان تلك الزيادة منطقية وطبيعية بجهة قراءتها وفق المشهد الإقتصادي الكُلّي ..هنا لا تبقى المقاطعة إلا نوعاً من أنواع الترف السياسي وإضافة للسيرة الذاتية لتلك الجهات (المساهمة في حملة مقاطعة اللحوم 18/سبتمبرإلى 20 سبتمبر2011) … اما الإحتمال الثاني هو أن تلك الزيادات غير منطقية وهذا رأي بحد ذاته غير منطقي في ظل سوق منافسة حرة يتنافس فيه الباعة مع كثرتهم على مشترين مع قلتهم بظل ازمة إقتصادية ضاربة يسعي فيها كل تاجر إلى تقليل السعر إلى أدني مستوياته …وحتّى بفرض صحة إحتمال ان الزيادات (بفعل فاعل) وبإفتراض أنه (فعل فاعل غير رسمي) فهنا على تلك الجهات المنادية بالمقاطعة أن تعمل مع الجهات الرسمية على مُحاربة الأسباب المؤدية لتلكم الزيادات وليس مقاطعة اللحوم … حتى ولو بدخول الحكومة طرف ثالث في العلاقات بين البائع والمشتري … وقد دخلت الحكومة بمستواها المركزي والولائي في عدد من الإستثمارات آخرها بصات الوالي كما يحلوا لجماهير الولاية تسميتها فالاولى ان تدخل الحكومة طرف منافس في السلع الإستهلاكية من لحم ولبن وخضروات وغيرها ولو عبر تفعيل الفكر التعاوني الذي وادته بصيرة سياسية ضيّقة (إنتقاماً) من اليسار الإشتراكي العالمي فتضرر منها المواطن ولم يتضر اليسار الإشتراكي …فبدخول الحكومة عبر شركات أو مجمعات تعاونية طرف منافس تساهم في معادلة السعر الرسمي لتلك السلع الإستهلاكية ولا يُظن بان للحكومة دور أهم من رفع أسباب الغلاء عن مواطنها مع جفاف حناجر أئمة المساجد وهم يدعون عند كل صلاة (اللهم أرحم البلاء والغلاء) فعلى الحكومة ان تعقلها وتتوكل …تعقلها بإتخاذ إجراءات إيجابية واضحة ومعلومة لمحاربة ظاهرة غلاء الأسعار وتتوكّل على الله مستندة في ذلك على دعاء أئمة المساجد ولكن الدعاء وحده يبقى كالآذان بمالطا … واسباب زيادة اسعار اللحوم متعددة يتداولها المارة وأصحاب الجزارات ويتوجهون باللوم لجهات تعمل على الإستفادة من الازمة ويلقون باللوم على صادر اللحوم وعلى الرسوم المحلية حيث تتكئ عدد من المحليات على مداخلها الإيرادية على مرور الذبيح بمحلياتها وولاياتها وبالمسالخ والجزارات فالحكومة (بحسبهم) تتابع الضان او الأبقار من خروجه من المرعى وحتى وصولها (حلة) المستهلك وتتحصل فيه مايقارب سعر الذبيح واحياناً يفوقه فالزيادات جزء منها التكاليف الإدارية للذبيح والجهات الرسمية التي تتحصل تلكم الرسوم بقلب جامد ودم بارد وعين قوية هي (فعل الفاعل) بحسب قراءتهم للازمة أسبابها وحلولها …والأجدى بالمقاطعة هي تلك الجهات وليست اللحوم المُفترى عليها فالبائع (يتمنى) بيعها بأبخس اسعارها … جهات أُخرى ترجع الازمة لمستثمرين (ثُقاة) إستثمروا في مجال الفراخ بتمويل كبير وإلتقت مصلحتهم بضرورة حدوث (ازمة لحوم) تتيح لهم بيع منتوجها الدواجني بشكل سريع وباسعار أعلى من سعر التكلفة فجُل تلك المشروعات إعتصمت بقربها من الجهات النافذة لتعصمها من طوفان الرسوم والعوائد والجمارك والضرائب وإنطلقت عبر الجُودي الخاص بها إلى السوق وهي تتلو بقلب خاشع وعين دامعة ودعاء (غير) مستجاب (بسم الله مجراها ومرساها) … ويثور سؤال (غير تخذيلي) حول جدوى المقاطعة (ثلاثة أيام) وإن كانت ستؤدى لحل جذري للمشكلة مع خشية حدوث زيادات أكبر بسبب إضافة المنتج لتكلفة تخزين تلك اللحوم لمدة ثلاثة ايام وهي خسارة لم يتعوّد التُجار تحملها خاصة مع سلع ضرورية كاللحم فيقومون بتحميلها للمواطن في أقرب منعطف … فإن كانت التخزين (حياً) فهو يعمد إلى إضافة تكلفة إطعام الذبيح للثلاثة أيام زمان المقاطعة وإن كان (مذبوحاً) فالإضافة تكون لمصاريف التخزين بالمبردات والحافظات … دون ان نتناسى الضرر الذي سيقع على كثير من العاملين بالسلخانات والجزارات وبخطوط إنتاج اللحوم المختلفة وهم عبارة عن أُسر يقوم معاشها على تجارة اللحوم وجُلهم عُمّال يومية لم يكن لهم دور في الازمة الإقتصادية العالمية ولا في الازمة المحلية ولا هم طرف في صراع المصالح بالسوق الكبير ولكنهم سيتحملون الكثير من نتائج الحملة الداعية لمقاطعة اللحوم فالضعيف هو الذي سيقع بحسب الرواية الصبيانية الشعبية (الضعيف يقع والسمين يقيف) … سيقع ضُعفاء خط إنتاج اللحوم وهم يرددون سيرة ست الدار بت احمد على لسان محمد الحسن سالم حُميد حين أعفى صاحب المصنع ألفين من عماله فصرخت في فضاءات الفجيعة (ألفين عامل فِد مرة ..؟؟!!! ألفين بيت بلا راس خيط ..؟!!!) ولو واكبت الحملة لعلا صراخها ـ اي ست الدار بت أحمد ــ حتى السماوات العُلى … ومتضرروا الحملة اكثر من الألفي عامل خاصة حُميد … وفي السياق سأل سائل (ليه تحديداً الاحد .؟!) وحين اجاب الحضور بنظرة تنم عن جهلهم اجاب (لان ناس الحملة ديل بشتروا لحمتهم يوم الجمعة … وهم بالأساس التلاتة يوم ديل ما بجوا الجزارات تاني !!!) وأضاف حاضر متهكماً (هو نحن اساساً مقاطعين كرهاً وليس طوعاً فالقصة ما كانت محتاجة حملات …لكن ما أظن ناس المقاطعة ديل عارفين إن جزء كبير من الشعب فارق اللحم من بدري !!!) … والحملة إجمالاً تعمل على طعن الظل وطعن المشكلة من ظهرها بدلاً من اطعن الفيل او مواجهة المشكلة بالباب إمتثالاً لقوله عز وجل (وليس البر بان تأتو البيوت من ظهورها ولكن البر من إتقى وأتو البيوت من أبوابها وأتقوا الله لعلكم تفلحون) 189 البقرة … فالأتيان من الابواب هو من تقوى الله وهو أن تقول للأعور من المتسببين في الازمة (انت أعور) ..حتى لا يُظن وبعض الظنُّ إثم أن أصحاب الحملة يقصدون فقط فك الحبل من رقبةالجهات الحكومية ولفه حول رقبة التُجار . والمقاطعة بالنهايات لو كانت موقف فلتكون للمدة المذكورة تحقيقاً للترف المنظماتي والسياسي ولو كانت حلاً للمشكلة فلتكن كحالة طوارئ ولاية النيل الازرق لاجل غير مُسمّى أو لحين إنتهاء العمليات التصعيدية للأسعار … وأخيراً إندهشت خبراً عن مساهمة او مطالبةجهات حكومية وشبه حكومية بدور شعبي لمكافحة الغلاء ..!!! وشعرت كما شعر غيري (بالخطر) فلجوء الجهات المسئولة لجهات شعبية للمكافحة يعني أن تلك الجهات فقدت البوصلة بإتجاه إستخدام آلياتها الرسمية لمكافحة الغلاء ويبقى حينها على الدنيا السلام …. والحملة عليها الا تتجاهل تأثيراتها على زيادة سلع اخرى بسبب المقاطعة الكُلية فحتى (العدس) سيدخل نطاق الزيادات بسبب نظرية العرض والطلب في وقت يجهل فيه اهل الجملة ان (مرقة الدجاج) إرتفعت إلى (إتنين جنيه) … ولن اقول لك إرتفعت لجنيهين من كم … حتى يكون لنا كــ (عامة شعب) اسرارنا الخاصة كما للجهات النافذة المتنفذه اسرارها الخاصة والخاصة جداً ..فالمقاطعة يجب أن تكون لكل ماهو غالٍ من سلع وخدمات و(الأهم) مُقاطعة المتسبب في ذلك الغلاء …ولو كانت الحُكومة نفسها …حتى تعود الأُمور إلى نصابها … والله المُستعان

تعليق واحد

  1. كلام المقاطعة ده ما منه فايدة ، انا اشوف الناس تقاطع الحكومة ، لا جبايات ولا رسوم ولا غيره ، ليه الناس تدفع للحكومة مدام الحكومة ما بتعمل حاجة ابداً، الموضوع بقى اتاوة و قطع طريق على الشعب الغلبان ؟؟

    قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏ يوشك الأمم أن ‏ ‏تداعى ‏ ‏عليكم كما ‏ ‏تداعى ‏ ‏الأكلة ‏ ‏إلى ‏ ‏قصعتها ‏ ‏فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل — أنتم يومئذ كثير ولكنكم ‏ ‏غثاء ‏ ‏كغثاء ‏ ‏السيل — ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت

  2. خليكم من اللحمــة ، كيف يكون سعر كيلو الطماطم في قطر يوم 17/9/2011 ما يعادل 3 ونص جنيه وفي السودان 20 جنية؟!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..