الما بتعرف ليه و لا حرجاً عليه

الما بتعرف ليه و لا حرجاً عليه
شوقى بدرى
[email protected]
شقيقتي الاكبر نظيفة كانت تردد هذا المثل كثيراً خاصة عندما نأتي بفعل اخرق . و قبل ايام قرأت ان السودان يفكر في اعادة الترام و قطار الانفاق . كما قرأت عن قطار الانفاق في دبي الذي هو اطول قطار انفاق في العالم 56 كلم بدون سائق . فتذكرت قصة قديمة , حكاها لي الأخ مصطفى على ارباب رحمة الله عليه . و أظن ان والده الطبيب علي ارباب أو عمه الوزير زياد ارباب حكاها لهم . فعندما كانوا في داخل قطار الانفاق في لندن , قال احد السودانيين : ( بعدين حا يكون عندنا حاجات زي دي في امدرمان ) . فقال احد اصدقائه الزهاجة : ( وين مع ادبخاناتكم ديك . يعني القطر دا يتزاوغ ) .
قطار الانفاق او الاندر قراوند كان يثير اعجاب السودانيين . و كانوا يتحدثون عنه كثيراً عندما يرجعون من لندن . سمعنا ان شيخ العرب ابو سن عندما رجع من زيارة بريطانيا , و البريطانيون كانوا يشجعون الزعماء لزيارة بريطانيا . حتى يحسوا بعظمة الامبراطورية . حكي شيخ العرب لأهله عن البواخر الضخمة التي تحمل آلاف البشر . و عن المطاعم و المقاهي و احواض السباحة في تلك البواخر . و تحدث عن المباني العالية و المصاعد . و تحدث عن القطارات التي يعج بها باطن الارض . و الجميع كانوا في حالة اندهاش و انبهار . و الكل يصدق . فشيخ العرب لا يكذب .
و اخيراً تذكر شيخ العرب زيارتهم الى حديقة حيوانات في لندن و تحدث عن كل الوحوش و الحيوانات . ثم تحدث عن الجمل الاسيوي الذي شاهده . و الذي له سنامان . فصمت الجميع و كأن على رؤوسهم الطير . و بعد فترة صمت قال احد شيوخ البطانة : ( يا شيخ العرب البابورات و القطارات التحت الواطة ديل نحن ما بنعرفهم , لكن الجمال دي ما هولنا ) .
صديقي مارتن مجاك, و هو زراعي من دينكا اقر, و هم اهل رمبيك . ذكر لي ان الجنوب قد استورد بعض الابقار الاوربية مثل الفرزيان ذات اللون الابيض و الاسود , و التي يمكن ان تحلب عشرين لتراً من اللبن في اليوم . على عكس ابقار الجنوب التي تحلب ثلاثة أو اربعة ارطال في اليوم . و كان القصد تهجينها مع الابقار المحلية . و لكن الدينكا رفضوا لأن تلك لم تكن ابقاراً , بل مسخ . و كانوا يقولون أن الابقار يجب ان تكون لها قرون ضخمة . و أن يكون لها سنام ضخم و ما نسميه نحن بالسنكيت . و أن يكون للثيران خوار يسمع على بعد اميال . إلا ان الابقار الاوربية كانت لها قرون مثل الموز و ظهرها مستقيم مثل عربات السكة حديد , و أن صوتها مثل صوت الكلب الصغير . فلا يمكن بأي حال من الاحوال ان تكون ابقاراً .
للثور وضع خاص في حياة الدينكا . و الشاب يتغنى بثوره و يفتخر به . و بيور هو الثور الفاتح اللون . و مابيور و ما في اسم مابيور هي تعريف مثل الالف و اللام . مثل جوك و ماجوك , و هو الثور بلونين . و ماكال التي تحرفت الى ملكال هي كذلك اسم ثور . و ما ريل هو الثور الابيض الكبير . و كان هذا اسم والدي ابراهيم بدري الذي قضى اغلب عمره وسط الدينكا . و لهذا لم يتقبل الدينكا الثيران الاوربية الضخمة . لأنها بالرغم من ضخامتها كانت تفتقد القرون و السنام و الخوار العالي .
عن طريق شركتنا النيل الازرق , كنا نبيع اللحم المبرد للمؤسسة العسكرية في اليمن , و العجول الحية كذلك . و عندما طلبوا افخاذ ثيران اوربية ارسلنا لهم ما يعرف بالكوارتز و هي الافخاذ الخلفية . فرفضوا استلامها لأنها ضخمة جداً جداً . و قالوا انها لا بد ان تكون افخاذ افيال . فطلب مني ابن خالي و شريكي و زوج اختي صلاح ابراهيم بأن اتصل بمدير المؤسسة العسكرية في صنعاء . و أن اقول له ان تلك اللحوم تأتي من باريس و ليس من ساحل العاج . اليمنيون كانوا متعودين على الابقار الحبشية . و هي ابقار صغيرة الحجم . و تعرف في السودان ببقر الكرور . و يرفض الكثير من السودانيين اكلها .
والآن يوجد ثور يعرف بي بلجيان بلو . و هذا الثور يبدو كشئ غير مصدق . و يمكن ان يقارب وزنه الثلاثة اطنان . و أظن انه تحصل على شكله عن طريق التوليد . و من المؤكد اننا اذا كنا قد ارسلنا لحمة الى اليمن , فأنهم كانوا سيقولون انه احد مخلوقات الفضاء . و قد كنا نستورد الخراف من استراليا , و في استراليا هنالك كباش قد يبلغ وزنها 90 كيلوجراماً . و يجعلها شعرها الغزير تبدو و كأنها عجل .
عادات الاكل و السكن يصعب تغيرهم عند البشر .
في نهاية السبعينات و عندما كانت النيل الازرق تصدر المواد الغذائية لحكومة عمان و جيش الامارات ارسل الاوربيون بيضاً احمر اللون . و في اوربا يفضل الناس البيض الاحمر اكثر من الابيض . إلا ان الامارات رفضت استلام البيض الاحمر . على زعم انه ليس بيض دجاج . لأن كل البيض الذي يعرفونه هو ابيض اللون . و بعد تعب تمكن صلاح من بيع ذلك البيض بخسارة الى المخابز . و الما بتعرف ليه لا حرجاً عليه . و عندما كان صلاح يسألهم اذا كان هذا ليس بيض دجاج فما هو . فكانوا يردون لا نعرف و لكن هذا ليس بيض دجاج .
عندما انفتح السودانيين نحو اوربا كانت لهم حكاوي و حكاوي . خاصة و انهم كانوا يحضرون من المأكولات ما لم يشاهده الاوربيون من قبل . أحد السودانيين قبض عليه بكمية ضخمة من الويكة . و لأنه كان للسودانيين سمعة رائعة في انجلترا , فقد اطلقوا سراحة و احتفظوا بالويكة . و كانوا يحسبونها نوع من البنقو . و أرجعوها له مع شهادة من المختبر تقول انها اعشاب لا ضرر و لا فائدة منها . و كان السودانيون قديماً يقولون : ( بالله ادونا ملاح الويكة دا القالوا ما عنده لا ضرر و لا فايده ) .
حكي لي عمي محمد بدري بأن احد زملائهم المبعوثين قد عانى من الجفاف العاطفي . و تأخر حضور زوجته . و عندما حضرت اخيراً كانت شنطتها الضخمة موضع استغراب رجال الجمارك . لأنها لم تحمل اي شئ سوى الكبريت . و عندما لامها قالت له أن كل خطاباته كانت تطالبها بالحضور بسرعة و ان لا تحضر معها اي شئ لأن التياب السودانية و الملابس متوفرة في لندن و رخيصة . و لكن عليها ان تحضر اكبر كمية من الكبريت . و القصد كان الخمرة و الدلكة و الطلح و الشاف . و لكنه نسي ان يشكل الكاف .
صديقنا هاشم صالح كان لا يستسيق الاكل الشيكي . و كان يحب البهارات . و كان يكتب لأهله كثيراً بان يرسلوا له شطة . فقام اهله بأرسال كمية من الشطة و عدة كيلوجرامات من الملح في طرد . فحسب فهمهم ليس هنالك شطة بدون ملح او ملح بدون شطة . و لسنين عديدة كان الاخوة في براغ يمازحونه بهذه الحادثة .
بعض السودانيات استنبطن فكرة حفرة الدخان و كن يستعملن حلل كبيرة و تنتقل تلك الحلة من بيت لبيت , و تسبب هذا بضعة مرات في حضور الاطفائية . فالمشكلة ان السودانيين و بعض الجنسيات الاخرى لا يتغيرون ابداً . و لا يغيرون طريقة حياتهم او اكلهم . فالمصري مثلاً يريد ان يخلع الزغبوط بسرعة ويلبس البدلة و يصير اوربياً متمدناً . و حتى في جبال الاكراد في شمال العراق , كان المصريون يتعلمون اللغة الكردية بسرعة و يلبسون الملابس الكردية . و البولندي عندما يحضر الى السويد كان يصير سويدياً قبل ان تربط السفينة . و لكن اليوغسلافي بالرغم من انه اسلافي مثل البولوني , إلا انه لا يتغير هو و ابنائه و احفاده , ويعيشون كأنهم قد حضروا قبل ساعات من بلغراد . و نحن السودانيون مهما عشنا في اوربا و انا مثلاً لا نزال نعيش و كأننا حضرنا من العباسية قبل دقائق . و الما بتعرف ليه و لا حرجاً عليه .
رئيسنا و استاذنا المغربي تزوج بأنجليزية في ايام الاستعمار . و كانت انجليزية ( نجيضة ) . و سكنوا في بيت في الجريف يشبه السرايه . و كانت لهم حديقة رائعة تعمل فيها زوجته بيدها مع الجنايني و الخدم . و كان المنزل نظيفاً و زوجته تسهر على راحته. و تخدمه بنفسها . و تسوق السيارة و تزرع الخضار و الفاكهة في الحديقة الضخمة . و أتي اهله للمقيل . فذبحت الذبائخ و أمتلأت السفرة بما لذ و طاب . و استمتع الاهل نساءاً و رجالاً بالاسترخاء و التكويعة في البرندات . ثم كانت العصائر و الشاي بكل انواع الكيك . و عندما كان الأهل على أهبة الانطلاق سألوه نفس السؤال الذي كانوا يرددونه كل الوقت : ( يا زول انت مرتاح ؟, يا زول انت مبسوط ؟) . و كان يرد عليهم بأنه لا ينقصه شئ ( و تراكم شايفين ) . و عند البوابة سألوه للمرة الاخيرة : ( يا زول ما ناقصك شئ ) . ففكر قليلاً و قال من قلبه : ( و الله ما ناقصني شئ بس لكن بدور اكد لي عضم ).
كما اوردت من قبل ان ابن عمتي الدكتور قاسم مخير رحمة الله عليه , تعرض للكشف الطبي قبل التحاقة بالجامعة الامريكية ببيروت . و اخبره الطبيب بأنه لا يستطيع ان يواصل الدراسة في الجامعة لأنه يعاني من مرض السكري . و تصادف وجود طبيب عجوز, سأل قاسم عن وطنه , و عندما قال قاسم انه سوداني , ضحك الطبيب العجوز . و سأله هل أكل بعض العنب قبل الحضور للكشف . فقال قاسم انه قد أكل حوالي ثلاثة كيلو. العنب قديماً في السودان كان يباع بستين قرشاً للكيلو و اللحم كان يساوي 14 قرشاً للعجالي و 20 قرشاً للضان . و لم نكن نعرف غير العنب الاخضر او البناتي . و لكن في لبنان كان العنب يساوي ملاليم و هنالك عشرات الانواع و الألوان . و قاسم كان يطوف بشوارع بيروت . و يبتاع العنب و يقزز به في الطريق . ثم اضاف الى ذلك بعض الحلويات الشامية . و نحن وقتها في امدرمان لم نكن نعرف سوي الباسطة و الكنافة . او كنافة المنزل و تصنع تلك في المناسبات . و اذكر انني سنة 71 كنت اكل اكثر من كيلو من العنب البناتي في القاهرة كتحلية بعد الغداء الدسم . و كان العنب رخيصاً جداً في الموسم في مصر .
الدكتور العجوز طلب من قاسم ان يرجع بعد يومين و ان يمتنع عن العنب و كل الحلويات . و أخبره بأن كل السودانيين و لعشرات السنين كانوا يفعلون نفس الشئ قبل الكشف الطبي . و وضح انه ليس مصاباً بالسكري بل هو شاب صحيح في التاسع عشر من عمره . .
التحية ع. س. شوقي بدري .
كلام كلو خارم بارم :cool: :cool: :cool: :cool: :cool: :cool: :cool: :cool:
كلامك حلو وممتع وأرجو أن تكثر من هذه ( الونسة ) عسى ولعل أن ننسى مانحن فيه من ( الكيزان ) ! .. فى أواخر السبعينات ونحن فى ( الكويت ) وفى منطقة ( السالمية ) وعند نزولى من سكنى للذهاب للعمل وجدت شخصاً مفترشاً الأرض ومستغرقاً فى النوم ولكن الذى لفت نظرى أنه كان يرتدى ( جلابية سودانية ) فأيقظته وسألته ماخطبه ولأن عدد السودانيين فى الكويت آنذاك كانوا بالعدد وأغلبنا نعرف بعضنا بعض ! قال لى هذا الشخص بأنه تسلل إلى الكويت ليلاً من ( العراق ) وأنه كان يمشى ليلاً وينام نهاراً فى حفرة يحفرها فى رمال الصحراء وأن لديه ( جراباً ) ممتلئ بالتمر والخبز اليابس وبعض الماء ولقد قابلته دورية ( عراقية ) وقبضت عليه ولكن بعد أن عرفوا بأنه سودانى و ذاهب إلى الكويت ( تسللاً ) تركوه فى سبيل حاله وزودوه ببعض الماء ووصفوا له الطريق الأسهل والذى لاتوجد به دورية ( كويتية ) ! وبعد أيام من المكوث معنا رجعت من العمل ووجدته زهجان قلت له ماذا حدث ؟ هل قصرنا معك ! قال لى أبداً ولكن ( سيد الدكان ) تحت العمارة إستفزنى كلما قلت له أريد شيئاً يقول لى ( مافى ) ! قلت له لنذهب له معاً وأسأله بوجودى وذهبنا فسأله صاحبنا أدينى قزازة ( شيكان كولا ) ! هنا أنا الذى إندهش وبدأت أضحك وقلت له طبعاً مافى شيكان كولا هنا ! فرد على وكمان برضو عاوز تقول لى مافى برضو بسكويت ( ساتى ) ! فضحكت أيضاً وقلت له فلنذهب للبيت وسأشرح لك الموضوع !
يديك الصحه والعافية ويحفظ من كل البلاوي
ادروب
ده كلام خرف………..
ya zoooooool &ya sudani"
ده كلام خفيف للترفيه :cool: :cool: ولا انتو بتحبو تكون الدنيا اتجاه واحد:crazy: :crazy:
يديك العافية عمنا شوقى
دا شعب نكدى:rolleyes: :rolleyes: