من الكريمات إلى “حلة الملاح”.. قاطرات التضخّم تدهم أسواق “قدر ظروفك”

الخرطوم – نازك شمام

وسط شرائح متباينة وقطاعات مختلفة كان مصطلح (قدّر ظروفك) يدشّن وجوده ويعبد دروبه في أسواقه البنات المتخصصة.. الفكرة كالآتي؛ تلجأ الفتيات إلى شراء مستحضرات التجميل من الكريمات بأبسط الأوزان – قد تصل في بعض الأحيان إلى (ملعقة) – تفاديا لطاقة الجيب، والقوة الشرائية المتاحة.. بلا منة أو تفضّل من قبل مالكي البوتيكات تبدو العمليّة – في تحليل ما – أجدى وذات فاعليّة، يعضّد من ذلك بعض التوجهات في السوق التي تدعم مقولات إن الربح الدائم – وإن قلّ – لربّما كان أفضل من الكثير المنقطع.

المسألة في وجهة ما أيضاً تبدو وكأنّها تقدير من التجار لإصلاح الوضع التجاري للمستحضرات التجميلية.

حسناً؛ في ظلّ الظروف الاقتصادية المحيطة، وبعد أن فقدت الأجور قيمتها لن يقتصر مفهوم (قدّر ظروفك) بعد اليوم على عوالم التجميل وحدها.. البُشريات تسوقها أحاديث الشارع بأنّ المصطلح يدشّن وجوده ويتخذ حيّزاً واقعياً هذه الأيام على لسان ربات البيوت خلال إعدادهنّ لمكونات الصينيّة اليومية، إن وجدت! فإعداد وجبة تراوح مكوناتها البصل والصلصة وحتى الخضار، يمكن بالكامل أن تلجأ فيها ربّة المنزل لهذه الحيلة، بوصفها إحدى حركات المقاومة للوضع المائل، وما دامت الدبارة يمكن النفاذ إليها عبر هذا الباب.

في تمام الانشراح ثمّة من يؤكّد أنّ المنغّصات حاضرة، فغول التضخّم الرابض في ثنايا التجارة والأسواق لن يعدم سبيلا في الوصول إلى التفاصيل ويهزم الأشواق.. أشواق الرخاء.. بصورة تقريبيّة تذكّروا أنّ سيارات الدفع الرباعي التي كانت تناهز المائتي ألف جنيه راوحت أرقامها اليوم نصف المليار.. لمن يمدّ لسانه ويقول: مالنا والدفع الرباعي نقول: ملعقة الصلصة التي كان يبيعها التجار بـ(500) قرش قبل الإجراءات الاقتصادية الأخيرة أصبحت بجنيه بعد الزيادات!

الأمر يبرره التجار بارتفاع سعر علبة الصلصة من 8 جنيهات إلى عشرة جنيهات وهو ذات الأمر الذي تقاوم ضده ربات البيوت ممن مستهن الزيادات الأخيرة في قوت أسرهنّ، فكافة الحلول التي ابتدعوها في محاولات تمشية الحال أصيبت في مقتل. المؤكّد أنّ تعاون تجار الأحياء في ما يعرف شعبياً بـ(قدر ظروفك) كان وقعه حسناً في إصلاح ما أفسده دهر الاقتصاد، بيد أنّ وصول القاطرات لهذه المحطّة، وبهذه السرعة، لم يكن في البال ولا في الحسبان! المسألة قطعاً ستحتاج معها الشرائح الضعيفة للمزيد من الحيل الشعبيّة الفريدة، تلك التي لا يأبه مبتكروها بتسجيلها في دوائر الملكيّة الفكريّة، فالجري وراء المعايش هو سيد المشهد، لا سواه

اليوم التالي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..