الثمن الباهظ..!ا

تراســـيم..

الثمن الباهظ!!

عبد الباقي الظافر

شاب يافع يعمل بالحقل الإعلامي كلما يقابلني يطلب مساعدته في الالتحاق بعمل آخر.. كثيراً ما أعده خيراً أو صبراً.. قبيل أيام أخبرني أن زوجته قد هجرت بيت الزوجية وعادت لأهلها بسبب الإعسار.. كان هذا خبر شاب في يده وظيفة ويبحث عن أخرى. أول أمس زارني مساء بالصحيفة رجل يحمل بين جوانحه مأساة ظلم الإنسان لأخيه الإنسان.. هذا المواطن يعمل في القطاع المصرفي.. أفندي محترم بربطة عنق أنيقة.. الإنقاذ فصلته من عمله مرتين.. أخيراً توكل على الحي الدائم وباع منزله ليشترى عربة نصف نقل.. هذا المواطن الصادق جاءنا يطلب مساعدته في دفع الرسوم الجامعية لكريمتيه.. في العام الماضي أصدر قراراً أسرياً بتجميد الدراسة لفتاتيه.. العام مرّ في رمشة عين وأتاه من حيث لا يحتسب. الأمم المتحدة وفي تقرير لليونسيف صدر مؤخراً أكدت أن عشرة ملايين طفل سوداني يتهددهم المرض، ويحيط بهم الجهل مع نقص في الغذاء والثمرات.. وخمسة وعشرين ألفاً عبروا حدودنا لاجئين إلى الشقيقة إثيوبيا بسبب تصاعد الحرب والعنف في ولاية النيل الأزرق.. هؤلاء وأولئك يضافون لمعسكرات حوت الألف من اللاجئين والنازحين في جنوب كردفان ودارفور.. وآلاف أخرى وجدت أرض الله واسعة واتخذت من المنافي مسكناً ولم تستثنِ من ذلك حتى دولة إسرائيل التي باتت تستقبل لاجئين من السودان. ينتابني إحساس أن مسؤولينا يعيشون في غير كوكب السودان.. بعضهم يقترح على المواطنين أن يأكلوا الكسرة بدلاً عن القمح.. وآخر يطلب منهم مقاطعة اللحوم وتقليل الاستهلاك.. ولا يتجرأ أحدهم بالتلويح بالاستقالة بعد أن فشلوا في مهمة إدارة بلد يفيض بالموارد. الأزمة العارضة التي نعيشها هذه الأيام لا يدفع ثمنها الفقراء وحدهم.. رجال الأعمال صدمهم الارتفاع المطرد في سعر العملات الأجنبية.. أصبحوا واجمين والدولار كل ساعة في حال.. هؤلاء في نهاية المطاف سيهربون بأموالهم لملاذات آمنة خارج السودان. السياسة المالية تقف عاجزة ومضطربة في التعاطي مع هذه الأزمة الحادة.. حينما يتحدث فريقنا الاقتصادي عن تقليل الواردات.. يحجر استيراد العربات المستعملة وغيرها من السلع.. بعد قليل يكتشف هؤلاء أن الإيرادات الجمركية قد أصابها ضمور.. فيتراجعون عن قيود الاستيراد.. حينما تدلهم الرؤية يجتمعون على إفطار عمل يوم الجمعة ثم يقررون استيراد الفراخ لكبح جماح ارتفاع الأسعار. السودان يمر بمنعطف اقتصادي حاد.. فشلت الحكومة في التحسب لمثل هذه الظروف.. وفي مثل هذه الأزمات لا يفيد سوى التعاون الدولي.. مصر بعد الثورة مرت بمثل هذا الظرف الحرج.. الدبلوماسية المصرية تمكنت من الحصول في الحال على مساعدات بملياري دولار من العربية السعودية.. واستطاعت مصر أن تتفاوض بقوة مع الحكومة الأمريكية حول ملياري دولار خصصتها إدارة أوباما لحكومة مصر الجديدة.. المملكة الأردنية تمكنت من إقناع مجلس التعاون بدعمها بملياري دولار لاجتياز المصاعب الاقتصادية. بصراحة.. حكومتنا هذه لن تتمكن من إقناع العالم بأننا في أمس الحاجة للمساعدات.. نحن نغيث الصومال وشعبنا جائع.. نتبرع لمصر بآلاف الأبقار ونطلب من أمتنا إحكام مقاطعة اللحوم.. نحارب في أكثر من جبهة ونتعشم من العالم شطب ديوننا.

التيار

تعليق واحد

  1. انه الياس يا عبد الظافر! بدا الياس يدب الى قلبك! كما يئس الكثيرون من قبلك! حين كنت تخوض غمار الانتخابات مبتهجا! ولا تدري ما القادم! اللهم الطف بنا@:mad: :mad: :confused:

  2. هذا نتاج المشروع الحضاري الذي كنت تحمل من أجله السيخ في الجامعة وتقاتل به مخالفينك في الرأي ، ما تنتقد به النظام حالياً كنا نراه ونعيش واقعه منذ التسعينات لكنك لم تكن تراه لانك وقتها لم تكن مؤتمراً شعبياً ؟؟

  3. لمــــــــــــــــــــن هذه العرضحالات ؟ الذى حردت زوجته ،والذى نزل المعاش وفقد عياله فرص التعليم . انت تسترحم من لا يرحم ، هؤلاء ليس فى قلوبهم إحلام ، مستجدى النعمة ، الذين ولدوا وتربوا فى قاع المدينة . يعرفون المعاناة جيدا لانهم عاشوها . ومع ذلك يمنعهم حقدهم الدفين مساعدة عزيز قوم ذل ، وان يجبروا عثرات الكرام . والوضع المذرى المشين المهين الذى نعيشه الان من صنعهم . اللهم ارنا فيهم سواد ايام . يا ذو الجلال والاكرام

  4. هذه هي نتيجة مشروعكم الحضاري يا عبد الباقي يا ظافر …………………….. اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك

  5. الله ينتقم من هولاء الظلمه ويشق عليهم كما شقو على أمة محمد … من أين جائو؟؟؟ من أشلاق كوبر ومن مرزوق … حاقدين على كل ما هو أصيل وجميل في الشعب السوداني … اللهم ارينا فيهم عجائب قدرتك وذلهم كما ذلوا الشعب السوداني وخذهم أخذ عزيز مقتدر …أمين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..