لا يستطيع أحد إنارة بيته باستخدام مصابيح تشع ظلاما

ظلت تنتظم أقوى وأكبر الأحزاب السودانية وأشدها تأثيرا الحركة الشعبية، حزب الأمة، الحزب الشيوعي معارك وسجالات لا يمكن مطلقا إبعادها من كونها معارك بين من يريدون سيادة قيم الديمقراطية والتداول والتعاقب السلمي الشفاف والنزيه في قيادة وإدارة هذه التنظيمات وبين الذين يريدون )أو يريدون أن يتعايشوا مع ( غير ذلك. وتتزامن هذه السجالات مع تنامي الحركة الجماهيرية الهادفة للتغيير الجذري للنظام السياسي القائم والذي أضحى مطلبا مجمعا عليه من غالبية السودانيين المصطلين بنيران سياساته الرعناء وخطابا أساسيا لكل القوى والمجموعات والواجهات السياسية تقريبا.هذا التغيير المطلوب هو دون شك في اتجاه نظام سياسي أكثر احتراما وتكريسا للحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في المواثيق الدولية وعلى رأسها حرية التنظيم والتعبير ومن الطبيعي أن تتطلع هذه القوى التي جعلت من هكذا انموذج مطلبا وخطابا إلى مزيد من التحقق داخل تنظيماتها وفق الشروط الموضوعية التي تتواءم مع ما يتم طرحه والمطالبة به.تصبح هذه التطلعات أشد مشروعية عندما نعي أنه لم يعد ممكنا التعاطي مع الشريحة الشبابية الفاعلة والأكثرتأثيرا وتحملا لفاتورة التغيير الجذري لنظام الانقاذ خارج لغة البناء الديمقراطي للتنظيمات. إذ لم تعد الكوادر الشبابية داخل التنظيمات الحزبية وخارجها تستسيغ ما ظل سائدا حتى الآن من ظواهر التشبث الغريب والمريب لشخصيات وأسر ومجموعات وأجيال بعينها بمفاصل هذا التنظيم أو ذاك.ولم يعد مقبولا أن لا يكون هناك تعاقب دوري فعلي على سدة قيادة تلك التنظيمات. تعاقب تديره وتقرره قواعد التنظيم دون سواها وفق مؤتمراتها القاعدية والعامة غير المغشوشة وغير المسيطر عليها أو الموجهة بهذه الطريقة الفاسدة أو تلك وغير المؤجلة لأسباب ودواعي مضحكة ولا ترقى لإقناع أحد ولا تدل إلا على رغبة آثمة محمومة لدى البعض في الاستمرار في قيادة ناس والتحدث باسمهم لأجل أجندته الخاصة وهم له كارهون.يستطيع البعض ? بكل تأكيد ? أن يزعم أن الأولوية الآن لإسقاط الإنقاذ وبعدها سيكون المجال مفتوحا وواسعا لأي إصلاح حزبي أو سياسي وحقيقة الأمر أن هذه حجة شديدة البطلان. ذلك أن هذا الإسقاط مهمة لها أدواتها. وواحدة من أهم هذه الأدوات هي الأحزاب السياسية وما لم تكن هذه الأداة جيدة وقادرة على العمل كما يجب فإن إنجاز المهمة لن يتم. وقد أثبتت التجارب العديدة والمتكررة أن المعتمون والمتشبثون والذين يصرون على الوقوف بأجسادهم ومصالحهم الضيقة في وجه سريان التعاقب والتداول والترقي داخل أحزابهم يكونون دائما هم الأقرب للاختراق والسيطرة من قبل أجهزة النظام وغواصاته. ذلك أنهم تصير معاركهم الأساسية داخل التنظيمات وخارجها مع المنتقدين والناصحين والمتفضلين عليهم بقول الحقيقة محضها وليس مع الغواصات والمتسلقين والأشخاص الذين يمثلون أدوات فعلية أومحتملة أو افتراضية لأجهزة النظام.إن الذين يفرضون ] أو ينمون أو يتعايشون مع[ الأجواء الخانقة داخل تنظيماتهم هم بالتأكيد أعجز الناس عن اسقاط النظام كما أن الباحث الحقيقي عن العدل والحرية والنزاهة والشفافية لا يستطيع كائن من كان أن يأمره بقبول أضدادها في مستوى وسياق والموت في سبيلها في المستويات والسياقات الأخرى وبئس ما تأمروننا به أيها الأصدقاء ولن يستطيع أحد إنارة بيته باستخدام مصابيح تشع ظلاما وللحديث شجون وبقية؟
[email][email protected][/email]
عنوان غير موفق