أخبار السودان

توقعات ما بعد الاستفتاء في السودان

من المقرر أن يجري استفتاء في الجنوب السوداني لتقرير مصير علاقته بالسودان في التاسع من كانون الثاني 2011، وذلك وفق اتفاق السلام الشامل في نيفاشا بين الحركة الشعبية الجنوبية والحكومة السودانية، وتدل المؤشرات إلى أن الأمور ستتجه إلى الانفصال، ليصبح السؤال المطروح: ما القضايا التي ستنشأ عن الانفصال المتوقع، وكيف ستتعاطى الدولتان معها؟.
في الوقت الحالي تسعى بعض الدول الإقليمية إلى أن تضمن عدم حدوث حرب إذا ما أدت عملية الاستفتاء إلى الانفصال، وهذا يتطلب حلاً لجميع القضايا العالقة بين الكيان الجديد المتوقع والدولة السودانية، وقد توصلت لجان بين الطرفين إلى اتفاق إطاري يحدد منهج التفاوض حول القضايا المتوقع بروزها بين الطرفين، وهي:
الجنسية، والتي تتعلق بوجود مشكلة الجنوبيين القاطنين في الشمال، والذين يقدر عددهم بالمليونين، حيث لا تزال المباحثات بشأن كيفية التعاطي معهم قائمة، والاحتمالات المطروحة لحل هذه الإشكالية هي منحهم جنسية مزدوجة أو تخييرهم بين الجنسيتين أو فرض الجنسية التي تخص بلدهم عليهم.
لكن أحد الأخطار الممكن حدوثها إثر الانفصال بخصوص هذا الأمر هو ظهور مجموعات الدون، أي مجموعات بلا جنسية لا تنتمي إلى أي من الدولتين، ما يعرضهم لأوضاع إنسانية قاسية.
وبخصوص الجانب الاقتصادي فإن الديون على السودان تبلغ 35 مليار دولار، وقد اتجه النقاش بخصوصها إلى أن يكون الطرفان مسؤولين عن الديون الخارجية، بغض النظر عن أسباب نشأتها، وهناك عدة خيارات للتعامل معها، منها أن تقسم بين الدولتين في حال انفصال الجنوب، حسب نسبة السكان.
وتبرز كذلك في هذا الجانب قضية النفط الذي ينتج الجنوب منه 80%، على حين يحوي الشمال على كل البنيات الأساسية لتصديره من تصفية وأنابيب نقل وموانئ تصدير، حتى إن البعض قال إن اقتصادات النفط بين الشمال والجنوب يمكن أن تشكل عنصر تحفيز للوحدة، وخاصة أن هناك رأياً باستحالة تصدير نفط جنوب السودان في اتجاه الجنوب، وفق تقدير الخبراء.
وأما قضية النيل، وهي قضية مهمة جداً، لكنها لم تلق الاهتمام الكافي في اتفاقية نيفاشا، رغم أن 45% من حوض النيل يقع في جنوب السودان، ونحو 28 % من مياه النيل تعبر الحدود من جنوب السودان إلى شماله، ومن ثم إلى مصر، وستكون هذه القضية على رأس قضايا ما بعد الاستفتاء مع وجود اتفاق لدول المنبع دون دول المصب، أي السودان ومصر، وتدل المؤشرات إلى أن جنوب السودان في حالة الانفصال سوف يصطف إلى جانب دول المنبع وخاصة أنها هي الامتداد الطبيعي للجنوب، والتي يمكن أن تدعمه في حال رفض الشماليون نتائج الاستفتاء إن جاءت انفصالاً، وقرروا الدخول في حرب ضده.
وبخصوص قضايا الأمن، فأول ما يتوقع بروزه ما بعد الانفصال هي قضية الحدود الغامضة بينهما، وقضية أبيي التي دارت الحرب عليها في أيار 2008، والتداخل القبلي بينهما، والأوضاع الأمنية التي أقرتها اتفاقية السلام بوجود جيشين مستقلين للحكومة السودانية والحركة الشعبية، وقوات مشتركة مدمجة بين الفريقين، وجهاز للأمن والمخابرات تشارك فيه الحركة الشعبية بنسبة مشاركتها في السلطة في الشمال أي 28%. ويشير بعض المراقبين إلى إمكانية إيجاد دور جديد تقوم به القوات المدمجة لحفظ الأمن المشترك، وربما توكل إليها مهمة حفظ أمن الحدود، كما يجري الحوار بشأن مصير الشراكة الحالية في جهاز الأمن والمخابرات الوطني.
كما أن حصول الانفصال سيؤدي إلى تعزيز حدة النزعة الانفصالية في السودان وخاصة أنه يعاني من إشكاليات داخلية في الغرب والشرق، وكذلك فإنه سيزيد من حدة الحراك السياسي في داخل السودان، حيث إن هناك اتهامات من المعارضة السودانية للحكومة بأنها لم تتمكن من الحفاظ على وحدة السودان، ولكن وفي الوقت نفسه فإن هناك احتمالاً لنشوء تناقضات حادة في الجنوب نفسه، والذي من المفروض أن يمر بمرحلة انتقالية ريثما يؤسس لمفهوم الدولة، فالسلطة الرئيسية الحاكمة فيه هي الحركة الشعبية لتحرير السودان، والتي هي حركة نشأت وحصلت على شرعيتها من خلال العمل على مقاومة سلطة الشمال، وتحصيل ما تعتبره حقوق الجنوبيين منها. كما أن انفصال الجنوب سوف يعتبر انتصاراً للقوى الغربية الداخلة في صراعه ضد النفوذ الصيني في السودان.
وأخيراً فإن الانفصال سيزيد من متاعب مصر، والتي لم تجد حتى الآن حلاً بخصوص العلاقة مع دول المنبع لنهر النيل، الأمر الذي يشكل تهديداً للأمن القومي المصري.

الوطن

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..