يا شيخ العرب دي ما المحرية فيك!! (2)

هنالك اتفاق مكتوب يشمل، ضمن أشياء أخرى، نصاً واضحاً حول قضايا الأرض. وقد ورد في ذلك الاتفاق ما يلي: (لقد اتفق حضرة الناظر الشيخ محمد تمساح والشيخ عبده عمر قش عمدة الفراحنة على اندماج قبيلة الفراحنة مع قبائل دار حامد الأخرى في نظارة الشيخ محمد تمساح بالشروط المذكورة أدناه: الشيخ عبده عمر قش يكون الوكيل الأول لنظارة دار حامد. والأطيان الخاصة بقبيلة الفراحنة ينظر في قضاياها بواسطة محكمة دميرة والتي بين الفراحنة وقبائل دار حامد الأخرى ينظر فيها بواسطة الناظر والشيخ عبده وأن الناظر لا يتدخل في قضايا الفراحنة الداخلية). هذا الاتفاق وقع في بارا بين كل من الناظر محمد تمساح والشيخ عبده عمر قش، ويعود تاريخه إلى 19/1/1935م الموافق 14 شوال 1353هـ. عموماً، هذا الاتفاق لا يزال سارياً وظل معمولاً به عبر كل الحقب السابقة؛ ولذلك ظلت العلاقة بين طرفي الاتفاق مستقرة وتتسم بالاحترام والتنسيق على كافة المستويات وفي كل القضايا والنزاعات التي شهدتها المنطقة؛ إلا أن ما حدث في مسألة أراضي الغبش يعد خرقاً واضحاً لهذا الاتفاق المشهود والملزم لأطرافه؛ فقد التف السيد الأمير عبر لجنة أمن المحلية لينزع أرضاً يعلم تماماً أنها مملوكة للفراحنة منذ مئات السنين! علماً بأن الأمير لم يخطر وكيل الإمارة ولا العمدة ولا حتى أوعز للجنة الأمن بأخذ رأيهما في هذه القضية وهذا القرار. ولماذا تدخل الأمير بهذه الطريقة السافرة في قضية لا تزال منظورة أمام القضاء، وما هو الدافع لذلك القرار المجحف الذي استشير فيه الأمير ولم ينكره ولم يعترض عليه ولا حتى لفت نظر لجنة أمن المحلية إلى الاتفاق المشار إليه أعلاه حتى تكون على بينة من الأمر وتترك القضاء يجري مجراه؛ خاصة وأن الأطراف المعنية مباشرة لم تطلب تدخل اللجنة وليس هنالك ظروف أمنية تستدعي مثل هذا التدخل؛ فالناس في منطقة الغبش هم في الواقع أبناء عمومه تربط بينهم صلات رحم وعلائق راسخة ويتبادلون المجاملات في الأفراح والأتراح ولم نسمع عن أي احتكاك بينهم يبرر ادعاء لجنة الأمن بأنها إنما تسعى لحقن الدماء ودرء الفتنة. وعلى العكس من ذلك فقد أحدث قرار اللجنة وضعاً مشحوناً ليس في الغبش فحسب بل في كل الدار والمحلية لأن هنالك طرف وقع عليه ظلم واضح لابد من رده بكل السبل. وحتى يكون الأمر واضحاً في أذهان الجميع نورد فيما يلي أهم بنود قرار لجنة أمن محلية غرب بارا الصادر بشأن قضية أراضي الغبش. أولاً تحجز الأرض لصالح الدولة ومن ثم تصبح محمية رعوية لكل الرعاة ومعبراً لبهائم الصادر من كل الولايات الغربية! وكل ذلك بحجة أن هذه الأرض غير صالحة للزراعة، بينما هي في الواقع مزروعة الآن ولا يزال المزارعون يجمعون حصادهم فما هي هذه الحجة الواهية والمبرر غير المقبول؟ وبحسب قانون الأراضي كان يجب على اللجنة أن تحدد ملكية الأرض أولاً ثم بعد ذلك تقرر نزعها للصالح العام لأن هذا القرار يترتب عليه تعويض ملاك الأرض، فهل يا ترى حددت اللجنة أصحاب الحق في ملكية الأرض المنزوعة أم أنها تخبط خبط عشواء مستغلة السلطة والنفوذ يدفعها إلى ذلك بعض المستفيدين من هذا القرار؟ وتنص المادة 517 (2) من قانون المعاملات المدنية السوداني على ما يلي: (لا ينزع ملك أحد إلا للمنفعة العامة وفي مقابل تعويض عادل ووفقاً للقانون.) ومن جانب آخر، هنالك قانون يسمى قانون نزع ملكية الأرض للمنفعة العامة وفيه تفصيل دقيق للإجراءات الواجب إتباعها والتعويض العادل حال لزم الأمر نزع الملكية للصالح العام! فهل اطلعت لجنة أمن المحلية على تلك النصوص يا ترى؟ وقد تقدم الطرف المتضرر من هذا القرار المجحف بمذكرة للسيد معتمد محلية بارا ورئيس لجنة الأمن بالمحلية ممهورة بتوقيع عمدتي الفراحنة، وقد تضمنت المذكرة عدة بنود أهمها: أن هذ القرار تدخل في قضية لا تزال قيد النظر أمام القاضي المقيم في أم كريدم. ويضاف إلى ذلك أن الأرض التي صدر بحقها القرار تتبع للفراحنة وهي أرض ظلت مزروعة منذ زمن طويل ولا تزال. ودرءً للفتنة وحقناً للدماء نطالب بترسيم الحدود بين الطرفين وندعو الجهات المسؤولة للتحسب للتداعيات الأمنية التي قد تترتب على القرار. وأنا بدوري أضع الأمر برمته على طاولة مولانا أحمد هارون أولاً بصفته كقاضٍ ومن بعد ذلك والياً لشمال كردفان ورئيس لجنة الأمن في الولاية. وليعلم الجميع أننا لسنا دعاة فتنة وإنما نريد الإصلاح ما استطعنا كما نسعى لنصرة الظالم في المقام الأول برده عن الظلم وفي ذات الوقت نهدف لرد الحقوق إلى أهلها. وفي كل الأحوال يهمنا أمر الجماعة ووحدة صفها بغرس قيم العدل والتدافع السلمي والنظامي ولذلك نطالب بإلغاء القرار المذكور والاحتكام إلى القضاء في هذه المسألة وغيرها. وأخيراً نقول لأميرنا: يا شيخ العرب دي ما المحرية فيك!

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..