أخبار السودان

هضلبيم

هضلبيم
شعر بشرى الفاضل

(هضلبيم) كلمة لا معنى لها. يرجى من القارئ العطوف إشباعها بمعنى إيجابي
أو بما يروقّ له من المعاني حسب مشاعره وهو يقرأ هذا الشعر .

هكذا أبصرُ نفسي

هكذا أبصرُ نفسي
عاثر الخطوِ عيياً وخجولا
كتب الوالدُ في دفتر يومياته:
( يُرتجى منه ولكنْ
ليس في كلِ الأماكنْ)
هل خبرتم ثم شخصٍ
ناضرٌ في قلبه والعود ساكنْ ؟

1972
هذه أقدم قصيدة يحتويها هذا الديوان.
علقتها على باب غرفتنا بداخلية (السوباط) بالبركس
حينما كنت أدرس بالسنة الثانية بكلية الآداب، جامعة الخرطوم.
كلمة(عيياً)اقترحها الصديق عبدالله بولا بدلاً عن كلمة لا أذكرها
من نفس الوزن حين قرأت عليه القصيدة فيما بعد في منتصف السبعينات.

قصائد الأنهار
1
النهر الأول
يسعى إلى حتفه

كان صيفاً ورعباً
ويقترب النهر في فزع
نحو ذاك المصب اللعين
تقول العذوبة ـ وهي تخلخل جيناتها
تتذكر ما فعلت أمهات لها
حين عادت مع الريح تحكي
تصيح العذوبة:
ـ ما أفظع الملح
ثم تمور بأحزانها وهي تبكي
وتجري كما موجة عنفتها الرياح
ويقطب منها الجبين
هو النهر
يسعى إلى حتفه بيديه
وإما بدا الساحل الأبيض
جرى النهر شرقاً وغربا
فأصبح خمسين نهراً
ويضحك بحر السكون الرهيب يقول:
إلى أين يا ولدي هارب من مآلك أين؟-
هو الملح يفصح عن شره للمياه صريح
يقول بصوت فقيه
وجبته من ثياب الوغى:
البدار البدار-
ويا نهر مهما جرى دمعك العذب
لا تنجون من الانحدار.
تقول الشواطئ ـ خمسون نهراً مئات الشواطئ ـ
يا سيدي فلنعد للمنابع.
تصيح المويجات
ـ يا والدي ..عتمة فسكون حذار!
يا نهر (غنى إلى نفسه النهر )
يا نهر
لا عاصم اليوم ينجيك
أو قل يخفف عنك النزيفا.
فلو كنت تملك ذهناً جديداً
لكنت بنيت السدودا
ولو كنت تملك مجرى بديلاً
يعود إلى الأم
كنت أمرت به أن يعودا
ويا نهر هذا هو البحر
مفترس الماء
فاهنأ به سبة
وتمتع بأملاحه
مأتماً وقعودا.
***
على رسله
أهدر النهر فضته الحيوية
في لجة
سعدت بامتصاص الحياة
التي تستغيث من الأقدار
بآهاتها كل عام
على رسله دخل المعمعان
وأظهر أحزانه زبداً في المكان

2
النهر الثاني
بكى ثم بكى وهو يضحك

وقفت على شاطئ مقفر
من بهاء التواصل
بين مياه السماء
وبين الشجر
فلا العندليب كان هناك
ولا العشًّ
أين الغصون؟
وحل مكان الغناء عواءٌ حزينْ
ومكان الشراعات حل الحريق
ومكان الفراشات قبّرة لا تفيقْ .
ونهرٌ تردت مكانته
فغدا جدولاً
فرّ منه الصليل
كشعر غريب
تنكر منه الخليل
ولولا المياه الكسيحة
ـ جادت بها السحب الأجنبية ـ
تمشي الهوينى
تلوت معهْ
لأصبح غوراً يبوساً
بوادٍ من الصمت والحزن
يسري فراغا مهيباً
ولكن بعضاً من الماء أسعفه من مؤامرة
للرمال
التي تصنع الموج فيها الرياح
فلم تطمرهْ
إذن كان يسدر في غيها
خاوياً حاملاً موجه الوهمي
بلا رقرقات
إلى أن يحين الموات
***
وسبّح لله بعض الطخا
ثمّ اقبل من كل فجٍ
ومن ثمّ أقبلت المزن
فالسحب الداكنة
وهبّت رياح من الحب والجاذبية
فجادت بماء تطوّف بالمنبعِ
كأن جيوشاً من الخير
أمست ترابض في الموقع
***
وذات صباح صحا الحبُّ
والزلزلةْ
فراقص ماءٌ وفيرٌ تباعيضَه
وهو يرفل في حلة الموج
في صفحة النهر
يمتح حسن النماءِ إلى العشب
والشجرِ
بكى النهرُ ثم بكى وهو يضحكُ
من محنة الأمس
في الناس
والرمل
والجدولٍ

3
النهر الثالث
لا تشربوه

أنا النهر
أملاً نفسي حبورا وماءً
وأهرع في كل يوم شمالاً شمالا
سعيداً
و منتشياً بأماني المصب
فلا تشربوني
عسى أن يكون المصبُّ
مفاجأةً لا تشابه أمعاءكم
وانشروني
على كل بيداء
حتى يكون مصبي
عريضاً بحجم الأماني
تحذرني موجة سبقت نحو شلال روحي
بألا اصب ببحرٍ
بلاغاية فيه
سوف أجُنْ
وفي السر اعلم أني سوف أكون
سدى
عدمياً
كمولدكم موتكم
حين أنبع ثم أصبْ
إذا لم أمد يدي مثلكم للمعاني
أصدّ بها قبح ما تفعل الميكانيكا

جدة
فجر الجمعة 1 نوفمبر 2002
الساعة الخامسة إلا الثلث
مباشرة بعد محادثة هاتفية لطيفة جاد بها الشاعر محمد مدني من الرياض

تعليق واحد

  1. الهضليم هو السواد وقد جاء فى شعر الحقيبة ( لى فى الحيا مبن غير ليمك ومن بعدك اصبح حظى زى لون هضليمك ) وقصد به فى هذا المقطع اما سواد الشعر او سواد العيون …. اما ذكر النعام فهو الظليم:confused:

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..