السياسة الخارجية ..اسقاط الاليات والمفاهيم القديمة ..!ا

السياسة الخارجية ..اسقاط الاليات والمفاهيم القديمة ..!

تحليل / هاشم عبد الفتاح
[email protected]

لم يحدث في التاريخ الدولي والانساني ان دولة عانت وقست عليها الظروف وعاتيات الزمان في محيطها الخارجي “الاقليمي والدولي ” بمثل ما عانت الدولة السودانية في حقبة الانقاذ الحالية وهي ظروف لم تحدث اعتباطا اومزاجا ولكن الذين فجروا الانقاذ عشية 30 يونيو جاؤا بفكر ومفاهيم جديدة عبر واجهة الاسلام السياسي وهو النموذج الذي فرض علي الاسلاميين في السودان احداث اوصناعة واقع جديد اشبه بالانقلاب في السلوك السياسي والديني للمجتمع السوداني والاستعاضة عنه بقيم ومفاهيم الثورة الجديد واليات تمكينها واعادة انتاجها وتسويقها عالميا عبر خطاب سياسي اعلامي محدد وسياسة خارجية ربما لم تكن مرشدة في ذلك الوقت وبالتالي توجست الكثير من الدوائر الغربية من خطورة ما اسمته بالنموذج الاسلامي في السودان ولهذا حاولت اجهاضه عبر سياسة الضغط والعزل والاحتواء .
وكثير من المراقبين يعتقدون ان الدبلوماسية السودانية او بالاحري السياسة الخارجية كانت اثيرة الضخ الاعلامي الكثيف الداعم للمشروع الاسلامي في السودان وكان هذا التوجه واضحا في ما عرف بالحديث السياسي الشهير لصاحبه انذاك المقدم يونس محمود والذي كانت تبثه الاذاعة مع بذوغ فجر الانقاذ الاول فالمراقبين الذين عايشوا تلك الفترة اكدوا ان التاثيرات والاسقاطات السالبة التي كان يحدثها هذا الحديث السياسي لازال السودان يدفع ثمنها وان كثير من العلاقات والروابط بين السودان ومحيطه الخارجي قد انتكست فيالوقت الذي كان فيه رجال الانقاذ يبحثون عن حلفاء لهم ولكن الانقاذ مضت في مشروعها وخطها السيلسي مع محيطها الخارجي غير ابهة بالعواصف ولابالتهديد والتامر .ويبدو ان السياسة الخارجية للسودان مرت بمنعطفات ومطبات كبيرة احدثت الكثير من التحولات والتنازلات في مفاهيم ومنطلقات المشروع الاسلامي الكلي في السودان لولا السند الديني والجماهيري للمجتمع التقليدي في السودان وخلال العقدين الماضيين جرت مياه كثيرة تحت جسور السياسة الخارجية ولكن تبقي المحطة الاساسية التي ربما يتوجب علي الحاكمين الاستعداد لها ووضع الرؤي والاستراتيجيات التي تتماشي مع مطلوباتها وهي مرحلة ما بعد الانفصال وتداعياتها علي دولة الشمال وهذا يعني ضرورة تحديد مسارات واليات جديدة وواقعية تعالج اعطاب السياسة الخارجية في الحقبة القادمة التي ستدخلها الحكومة باسم الجمهورية الثانية وهذا ربما عنته فكرة انعقاد مؤتمر قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني والذي انقضت مداولاته الايام الفائتة فانعقد هذا المؤتمر في ظل ظروف وتعقيدات ومتغيرات كبيرة وعلي الساحة الدولية والاقليمية وابرز هذه التحولات ما تشهده الساحة العربية بما يسمي بالربيع العربي فالذي حدث في الجارتين مصر وليبيا سيكون تاثيره قويا ومباشرا علي طبيعة سياسة السودان الخارجية تجاه هذه الدول ولكن تظل السياسة الخارجية مع الادارة الامريكية ذات طابع خاص وان التعامل فيها يتم عبر ادوات خاصة بحكم ان ما بين الخرطوم وواشنطون مساجلات وتقاطعات في الملفات السياسية والدبلوماسية وقلما ما تستقر العلاقة بين الطرفين ولكنها تاخذ طابع المد والجزر رغم ان التقارير والاعترافات الرسمية خصوصا من الجانب الامريكي تتحدث عن خدمات استخباراتية كبيرة قدمها الجانب السوداني للادارة الامريكية وهي العملية التي عرفت فيما بعد بالتعاون السوداني في ما عرف بملف مكافحة الارهاب والالتزام بكافة شروط ومعايير تطبيع العلاقات الا ان الحكومة السودانية لم تجن حتي الان غير الوعود الجوفاء فالادارة الامريكية لم تكن علي قدر العشم السوداني الذي كان يامل ان ترد واشنطون هذا الوفاء بوفاء اخر وتقدم المذيد من المساعدات والتسهيلات التي ربما تحقق قدرا من الانفتاح للسودان علي الصعيد الدولي . وبحسب تاكيدات قادة المؤتمر الوطني في طرحهم لملف علاقات السودان الخارجية فان هناك ممسكات وثوابت لا تفريط فيها ولا يمكن تجاوزها في رسم استراتيجية الدولة الشمالية التي انعتقت من عبء الجنوب ولهذا كان موجهات قطاع العلاقات الخارجية هو بناء علاقات راشدة وتبني دبلوماسية مرنة ترعي مصالح السودان ودول الجوار الافريقي والعربي وتحمي السودان من المطامع والمخاطر الدولية او بالاخص العمل علي اجهاض فكرة التمدد الاسرائيلي داخل القارة السمراء فالدولة السودانية تتخوف الان من التوجهات والعلاقات التي بدات تنشاء بين دولة الجنوب ودولة الكيان الاسرائيلي وعلاقات تفهم في سياق ممارسة الضغط علي دولة شمال السودان وصولا الي تفاهمات واتفاقات مقبولة لدي حكومة الجنوب في معالجة القضايا والمشكلات العالقة بين الشمال والجنوب

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..