هروب أم إنقلاب ممرحل؟!

إسماعيل البشارى زين العابدين حسين

سنحاول تحليل بعض الأحداث التى سبقت ورافقت التغييرات فى التشكيل الوزارى الأخير والذى وصفه البعض بالإنقلاب وآخرون قالوا عنه إستنساخ للنظام والبعض يظن بأن الذين خرجوا يريدون النجاة من مركب الإنقاذ المشرف على الغرق !!!!

بعد الإتفاق على مضمون مذكرة العشره وقرار إبعاد الشيخ ,كان لابد من إجراءات وقائيه تحسبا لماينجم عن هذا القرار خاصة وللشيخ أحباب ومريدين لايرضون بغيره بديلا . فقد يتحرك هؤلاء وتحدث المصادمه .وكانت للنظام آنذاك منازل سكنيه فى العديد من أحياء العاصمه المثلثه ظاهريا هى سكن ولكنها فى الواقع كانت مخازن أسلحه يحتاطون بها لأى محاوله إنقلابيه بحيث يتحرك أفراد كتائبهم من (المليشيات) عند الطوارئ ويتسلحون لإحباط أى محاولة تستهدف النظام وهذه المخازن كانت محل خوف من إستخدامها بواسطة مريدى الشيخ !!وفعلا تحركت الجماعه الحاليه من الذين خرجوا والذين لم يخرجوا من العسكر والمدنيين لهذه البيوت وقالوا لأمناء هذه المخازن هنالك خطه لتغيير نوعية هذه الأسلحه بأسلحه أكثر تطورا وتجديد لبعضها , عموما كانت حيله وقد إنطلت على (المخزنجيه) وتم سحب الأسلحه وبمجرد تجميعها تمت إذاعة القرارات التى خرج بموجبها الشيخ وتسنم تلاميذه مقاليد السلطه فرحين منفردين !!!

وهنا نحاول قدر المستطاع تحليل ماجرى أهو إنقلاب أم تغيير تم بذات الطريقه لابد لنا من إلقاء بعض الضؤ على مراكز القوى داخل النظام وخاصة تلك الشخصيات الظاهره للعيان ولنبدأ بالرقم (1) النائب الأول على عثمان محمد طه فقد ظل الرجل يعمل فى الخفاء وبصمت تام ولديه حواريون ومريدون ولدقة التنظيم ترى بعضهم وتحسبه فى الجانب الآخر ولكن الظاهر من جماعته عوض أحمد الجاز وهو كان يمارس العمل الأمنى داخل تنظيمهم حسب روايات بعض جماعة التنظيم بجانب الفريق عبد الرحمن سر الختم والفريق أمن صلاح قوش تكاد تكون هذه قمة الهرم فى هذه الجماعه وقد قيل أن الفريق صلاح محمد محمد صالح ضمن جماعة الظل وقد كان الرجل وزيرا لشئون القصر ردحا من الزمان وهو دفعة رئيس الجمهوريه .فإن بدأنا بالنائب الأول نجده كان عضوا بالمجلس الوطنى الذى تم تعيينه برئاسة محمد الأمين خليفه وقيل أن الرجل إستغل تلك الفتره فى إختيار (فرائسه) وحدد صفات وخصائص كل منهم وخاصة (الكومبارس) وتتوزع جماعته الظاهره فى الأمن داخل تنظيمهم السياسى السابق ونظام الحكم اليوم بجانب المال والإقتصاد ولديهم وجود ملموس فى كل قوى الأمن كافه .!.

أما رأس الرمح فهو مدير جهاز الأمن السابق صلاح قوش ومايرتبط أو يمس الرجل حتما يمس الجماعه ومن المحتمل أن تكون المجموعه على علم تام بمايقوم به وبحكم وظيفته كانت له علاقات وثيقة بدوائر خارجيه, فقد تناقلت الألسن ماقد قيل أن الرجل قاله بخصوص رهن مستقبل البلاد بشخص فليذهب الشخص وتبقى البلاد (ويقصد الرئيس) وكانت تلك المقوله سببا فى إعفائه من إدارة الأمن وتعيينه فى منصب مسشار الرئيس لشئون الأمن وكان تحجيما حقيقيا له ,ثم جاءت المحاوله الإنقلابيه التى تم إعتقاله لفترة بسببها وأخيرا تم إطلاق سراحه ورغم ماشاب تلك الفتره من تلاسنات وتصريحات ناريه فمن المرجح أن إطلاق سراحه كان نتاج ضغوط خارجيه بجانب صفقه أبرمت تضمن خروجه وعدم مسه لأى جهة ذات علاقة بتلك الملفات الخاصه جدا التى قيل أنه يحتفظ بها , إلا أن إطلاق سراحه كان بمثابة ستار المسرحيه الذى أسدل وقد صاحب خروجه من المحبس لبيته تظاهره كانت مؤشرا واضحا ورساله لآخرين ,عموما إختفى الرجل وقد قيل أنه شوهد فى أديس أبابا كمستثمر !!هذه الجماعه ونكرر فقط الظاهر منها على مسرح الأحداث يقول بأنها مؤثرة حقا وحقيقه .

وبما أن الرئيس ضمنا يفترض هيمنته على كل مراكز القوى فلنسمى الجماعه الثانيه (2)بجماعة نافع مجازا ورغم الحياد ومحاولة إظهار الدبلوماسيه يعتبر على كرتى ضمن هذه المجموعه وهو يعتبر من المعتدلين وإن كان ماضيه (كمقاول نفير للقتال) وهذه الجماعه الغلبه فيها للعسكريين لهم !!فمنهم الفريق بكرى حسن صالح وقد عمل مع الرئيس فى كتيبة واحده فى المظلات وعملا معا بمظلات جبل أولياء. والفريق عبد الرحيم محمد حسين (والعقيد إبراهيم شمس الدين قبل مماته) ومعروف أن بكرى قد شارك نافع فى إدارة جهاز الأمن وعبد الرحيم تقلب مابين الداخليه والدفاع وكانت بدايته بأمانة مجلس قيادة الثوره وقد كان إبراهيم بمثابة وزير الدفاع الفعلى فى النواحى العملياتيه وبعد خروج قوش إصبح مدير جهاز الأمن الجديد عطا ضمن هذه المنظومه . ولكن هنالك شخص رابع هو الأكبر حجما والأكثر خطرا ولكنه بعيد كل البعد عن الأضواء ولايحب الظهور أمام وسائل الإعلام وهو ?

الفريق الهادى عبدالله وهو دفعة بكرى حسن صالح وقد كان الهادى بمثابة القابض على وزارة الدفاع بأكملها فى بداية الإنقلاب وكان رئيس هيئة الأركان الحقيقى وبالأحرى نائبه لشئون الإداره ويقال لو أن ضابطا قام من المهندسين بزيارة زميله وجاره فى السكن من سلاح المدرعات يكون الهادى على علم بالمشروب الذى تم تقديمه للضيف !!وعلى تعليق المعلق الرياضى كان يقوم بوضع الكره فى خط 6 ويومئ لإبراهيم شمس الدين أن يقوم بالركله !!!وقد عمل أيضا مديرا لجهاز الأمن ووزيرا للداخليه وشئون القصر على ماأظن وقد إنتهى به المطاف اليوم واليا على ولاية نهر النيل !!ولكنه من نسور هذه الجماعه الجارحه.

وهنالك جماعة الوسط والتى تسعى بين المركزين وهذه على رأسها ظاهريا غازى صلاح الدين العتبانى وبعض الذين يقفون على الرصيف حيادا سلبيا والذين يعارضون من منطلق أن المسار قد تغير وهذا ليس الفكر ولا المنهج ولا الطريقه التى كانوا يسعون إليها وهذه الجماعه يحذرها كلا الجانبين ومنهم من يظن أن العتبانى( غواصه) للشيخ فهو غير مرغوب فيه لدى مجموعة على عثمان, فقد إستلم منه ملف مفاوضات نيفاشا و قيل أنه بعد أن نأى بنفسه بعيدا تمت لقاءات مباشره بينه والرئيس وتم إقناعه بالعوده والعمل برئاسة الجمهوريه لمجابهة تمدد جماعة على عثمان ولكن يبدو أن الرجل لايحبذ الجماعات ويرغب فى العمل المؤسسى وهذا أصبح من الماضى !!!

من تكوين جماعة نافع يظهر أن العسكر هم الأكثر عددا والأطول عمرا فى المناصب الحساسه وهم الأقرب للرئيس من كل الجوانب العمليه وبوصول النظام لمرحلة حرجة تتطلب التغيير بل أصبح التغيير لزاما وبدونه حتما ستكون هنالك طامه كبرى فرفع الدعم عن المحروقات وماتلاه من تظاهرات عفويه والحاجه الملحه للبحث عن مخرج من الأزمه الإقتصاديه الخانقه جعلت التغيير فرضا وخيارا من خيارات الخروج بأقل الخسائر, وهنالك الحرب الأهليه الممتده من دارفور مرورا بجنوب كردفان والنيل الأزرق والتى قد تمتد لجبال الشرق الشئ الذى حرك عصب سكون العلاقات بين أرتريا والسودان وتلك الزياره لأفورقى لم تكن وليدة الصدفه !!وقد ظهرت نغمة التغيير مع سائحون ثم ذلك الإعتكاف للرئيس فى شهر رمضان وبعض التكهنات التى ظهرت على الصحف التى تتبع للنظام لجس النبض وغيرها كل تلك الململه توحى للمراقب بأن الرغبه فى التغيير حقيقه ولكن يحول دونها صراع يجرى خلف الكواليس فقد يرضى بعض الكبار بالخروج ولكنه لايرضى بخروج بعض الأشخاص الذين يدينون له بالولاء ثم هنالك صراع على المواقع فهنالك مواقع ذات صله بصنع القرار وأخرى (تمومة جرتق) والتركيز على مراكز صنع القرار و(القوه) والدولار !!!

ولاننسى أن خروج غازى الأخير وسعيه لتكوين حزب كان خلال فترة صراع التغيير وقد يكون وصل لنتيجه مفادها أن التغيير قاد لصراع كشف عن رغبة فى السلطه وليس الإصلاح .لذا نرى عندما طالت المده ويبدو أن القوم وصلوا لطريق مسدود ولم يجدوا حلا يرضى كل الأطراف عمدوا لتطبيق ذات النظريه التى نفذوها ضد شيخهم وهنا تسيدت الجماعه ذات الأغلبيه من العسكريين الموقف , فقط جعلوا من نافع كبش فداء فى الخروج للتمويه!! وماردده الرئيس بالقسم أن نائبه على عثمان خرج طائعا وبرغبته هذا النفى يقوم بمقام الإثبات إن نظرنا لطول المده التى إستغرقها إعداد التغيير زائدا الشكل الهزيل الذى ظهر به والذين خرجوا من جماعة على كعوض الجاز !!

وهنالك حدثان هامان تم إخراجهما قبل التغييربيومين أو ثلاثه فقد تحدث الرئيس فى مناسبة عن أن الدوله الإسلاميه بالسودان كانت قائمه منذ مئات السنين ممايعد إشاره ورساله للذين يظنون خروجهم عن المسار ويتهمونهم بالإنقلاب على جماعتهم !!وثانيها وهو الأكثر أهميه تلك المسيره العسكريه التى قامت بتنفيذها قوات الأمن فى بادرة هى بدعه لم يسبقهم إليها أحد !! مشروع طابور سير نفذه منسوبو الأمن بالزى العسكرى وتمت مخاطبتهم عند نقطة النهاية بواسطة أحد المعتمدين !!والعرف السائد أن الأنشطه العسكريه كالتدريب المشترك وأنشطة قوات الأمن لايحبذ عرضها على وسائل الإعلام إلا إن كانت بقصد وهى (كرساله) لجهات !! وقد ظنها البعض رساله للجبهه الثوريه بأن العاصمه محروسه ولكنها كانت فى حقيقة الأمر أو أغلب الظن هى رساله للخارجين من التشكيل بأن أى محاولة لإثارة البلبله فستكون محسومه حسما تاما فهذه قوات الأمن على إستعداد على قلب رجل واحد !!!

وتظل التساؤلات وعلامات الإستفهام تبحث عن إجابه هل الحركه الإسلاميه التى أرادت- (التماهى) على قول أمين حسن عمر ?وقررت وأوعزت وحركت وإجتهدت لتكوين حزب سياسى يكون ذراعها فى الساحه ? هل ترضى بسيطرة العسكريين وتسيد الموقف وعلى عثمان هو أمينها بعد الترابى ؟؟وهل هذا الحزب يمثل الحركه الإسلاميه المدعاه ؟؟ وكيف لحزب على قمة السلطه التى نالها عسكريون لايأتمرون بتوجيهات الحزب ولا الحركه التى صنعته وقامت بإنشائه لها سلطان عليه؟؟ وهنالك إنتخابات قادمه تحتاج لعمل حزبى منظم وفق منهج وأسس تنظيميه عالية الدقه حتى يستطيع هذا الحزب خوض غمار تلك الإنتخابات المزمع قيامها فى 2015 حسب زعمهم ويفترض أن يفوز بتلك الإنتخابات من منطلق تخطيط علمى وليس (خما) !؟! هذا إذا إفترضنا رغبة الحزب فى إنتخابات حره ونزيهة بالمعيار العالمى وليس نسبة 99% وبحياء 69% ؟؟؟ وقد يسأل آخر هل تم التغيير بإيعاز ورغبة فى محاولة فك الحصار والعزله المفروضه على النظام بالتخلص من رموزه المرتبطه بتنظيمات خارجيه غير مرغوب فيها من بعض الأنظمه من حولنا فى العالم العربى والغربى ؟؟؟

فمحاولة إغتيال الرئيس المخلوع حسنى مبارك تمس المركزين فنافع كان مديرا لجهاز الأمن وعلى عثمان كان نائبا وحينها كانا عسل على لبن كما يقول المثل !! أم أن المدنيين نافع وطه قاما بقراءة كتاب النظام وتوصلا لقناعة بأن مركب الإنقاذ قد (قدت) ولهذا قررا الهروب من المركب المشرفه على الغرق فأظهرا زهدا فى السلطه ورضيا بالخروج ولكن نافع كان حتى ثورة المحروقات يطلق مقذوفات ناريه فى كل الإتجاهات !! هل هو نوع من التمويه أم محاولة إثبات عدم الإنكسار ؟؟؟
وقد يقول قائل إن العسكر أدركوا بأن المسئولية الجنائيه فى الإنقلاب تقع تبعاتها عليهم رغم علم الجميع بأن الإنقلاب قامت به الجبهه وبمشاركة كوادرها ولكن تبقى الحقيقه الظاهره للعيان (إنقلاب عسكرى تلى بيانه العميد أ.ح عمر حسن أحمد البشير) وهنا المسئوليه على عاتقهم كامله لهذا تذهب الظنون بأنهم قرروا تنفيذ إنقلاب ممرحل على مرحلتين هذه المرحله الأولى وفى المرحله الثانيه سيتم إستلام كل المناصب الدستوريه بواسطة هذه الجماعه وقد تصل لمستوى ولاة الولايات وحينها يتم الإعلان عن فترة إنتقاليه بموجبها يتم التحلل من عبء السلطه بإنتخابات حره نزيهه !!

هذه بعض التساؤلات التى تدور ومحاولة لقراءة الشكل الظاهر للأحداث بوجود هذه المراكز وماجرى من أحداث سبقت هذا التغيير فالمراقب يرى بأن التغيير الذى تحدث عنه كبار المسئولين بعيد كل البعد عن هذا التغيير الذى تم !! فلم نلاحظ تقدما لحزب من الأحزاب الكبيره العتيقه ولا أحزاب التوالى أو الفكه ولا حتى شباب سائحون وساهرون والسابقون واللاحقون والمنضوون رغبة ورهبة ؟؟ لهذا كان وظل وسيظل هذا التغيير موضع تساؤلات عديده وتكهنات قد تتكشف إن حدثت تسريبات وحتما الزمن سيكشف كل متخبئ ومستور…مواطن عادى جدا…مع وافر الشكر.

إسماعيل البشارى زين العابدين حسين
[email][email protected][/email]