مصر "السودانية"

في الاسابيع الاخيرة كانت الانظار متجهة الى مصر، باعتبارها الاكثر تأهيلا لقول الكلمة الفصل في وجهة الاحداث السودانية المرتقبة، خلال الاستفتاء على استقلال الجنوب، نهاية هذا الاسبوع، وبعده.

وعندما صدر الموقفان المصري والليبي باحترام نتائج الاستفتاء، ايا تكن، وبحضور الرئيس السوداني عمر البشير، بدا ان قرار مصر هو مواكبة الانفصال والحد من خسائره باعتبارها "اربح" السياسات.

مذذاك والبشير يتصرف وكأنه يحمل تفويضا، عربيا، بادارة الانفصال، كلمة السر فيه "احترام ارادة الناخبين"، في ولايات سودانية لم تشتهر بعراقتها في العملية الانتخابية.

الحسابات العربية ? السودانية وراء قرار بمثل اهمية قبول انفصال جنوب السودان تراوح بين عدم قدرة نظام البشير على لملمة "اطرافه"، وعدم قدرة جيرانه العرب على الوقوف في وجه التصميم الاميركي، البارز، على اقتطاع ما يقرب من ثلث السودان.
لا بل ان "الارباح" المتوقعة لمثل هذه المواكبة، عربيا وسودانيا، مغرية، طبعا بمقاييس الزمن الرديء. فالبشير حصل على تلميحات بتحسين موقعه "القانوني" دوليا، ومصر الخارجة من انتخابات "صعبة" بحاجة الى مهادنة، اميركية، بشأن اصول التعامل مع الاقليات: الانتخابية والدينية.

وفي هذه اللحظة من "الرزانة" المصرية، جاء انفجار الكنيسة القبطية في الاسكندرية، بمثابة تعزيز اضافي للخيار المصري الرسمي.

ليس لان من يقف وراء التفجير هو نفسه الذي يضغط من اجل الحق بتقرير المصير لجنوب السودان. فلمسات "القاعدة" بارزة، وهي على كل حال مهدت لذلك، على عادتها، بشرح اسباب استهداف مصر: سوء المعاملة التي يتلقاها المسلمون من جانب اقباطهم!

وتفجير الكنيسة في مصر ليس جزءا من المؤامرة الكبرى لتقطيع اوصال المنطقة العربية، لكنه يكشف هشاشة مصر امام من لديهم هذه الرغبة طالما ان الشروط متوافرة.

لقد كانت مصر في التسعينات هدفا لعمليات ارهابية قامت بها تنظيمات اسلامية متطرفة. وكانت الضربات موجعة، الا انها لم تكشف ضعف النظام، لا بل هناك من يحلل بالقول ان تلك الحملة الارهابية باسم الاسلام، هي التي امدت النظام الذي واجهها، بقوة وشرعية كان يفتقدهما.

اما اليوم فان الارهاب الاسلامي، الخارجي، اي "القاعدي"، يستهدف مصر ضعيفة. ومصدر الضعف ان "القاعدة" تلمس عصبا حساسا في العلاقات الاسلامية ? القبطية في مصر لم تنشأ حساسيته من الاستهداف الخارجي، وهي لن تنتهي بالدعوات الحارة الى المواجهة المشتركة، الاسلامية ? المسيحية، لما يسميه النظام، "الاصابع الخارجية".

الاحتقان في العلاقات الاسلامية ? المسيحية في مصر، سببه بدون كثير جدل، او تعمق في التحليل، الموجة الاسلامية التي تغمر مصر منذ ان انحسرت عنها الموجة العروبية، واتضح ان موجة الانفتاح، خاوية من اي شرعية بديلة.

والمشكلة مع الاقباط المصريين بهذا المعنى، قريبة من مشكلة الخرطوم مع جنوبييها المسيحيين او الاحيائيين. فمنذ ان سيطرت الموجة الاسلامية على "النظام" السوداني، تأسست مقدمات النزعة الانفصالية في جنوب السودان ومقوماتها.
ولا يرد على ذلك بأن الاسلاميين في السودان يديرون الحكم عمليا، بينما هم في مصر في المعارضة المقموعة، بل المطرودة، مع عدم حصول الاخوان المسلمين على اي مقعد في مجلس الشعب المصري الجديد. فالحركة الاسلامية المنبوذة في المؤسسات الرسمية، تكاد تحتل المجتمع بكامله.

وليس بعيدا عن هذا الامر انه عندما يجري النقاش في تبعات اعتماد انتخابات نزيهة حقا في مصر، يحضر دائما "خطر" وصول الاسلاميين الى السلطة، في الدولة العربية الكبرى.

ولا يصعب بالتأكيد عند مد النظر سواء الى شرق وادي النيل او الى غربه، في المدى العربي، ملاحظة ان الظاهرة نفسها تحظى بتطبيقات واضحة.

الموجات الاسلامية، باسم الحل الذي تحمله تخلخل الكيانات، التي كانت العروبة في ما مضى تمنحها، كما ظهر، تماسكها القطري، ثم تأتي التي تسمى "المؤامرة الاميركية ? الصهيونية" لتحصد النتائج… على البارد.

محمد ابرهيم
العربية

تعليق واحد

  1. الأخ محمد ابراهيم وباقى الكتاب ارجو ثم ارجو ان لا تزيدوا القراء خاصة السودانين منهم جهلا على الجهل الذي هم فيه وفطمو به! بمثل هذه التجليلات الغبية والسطحية بكل أسف!! فمصر لم يكن بمقدورها أن تفعل شيئا محسوسا في السودان على وجه الخصوص فالنفوذ المصري كان خاصة في السابق يحمله من تعلم في مصر من الطلبة السودانين وكانوا في الغالب ضعيفي المستوى الاكاديمى بحيث لم يتمكنوا من المنافسة في المقاعد الاكاديمية المحدودة بالسودان! وانتهى دورهم خاصة بانغلاق التعليم العالى بالجامعات المحلية واانتشار السودانين في دول العالم الاكثر تقدما في هذه المجالات وظل دور مصر دورا ورقيا او اعلاميا فقط فمصر فقيرة ولا تملك المال الذي يمكن ان تسند بيه مؤيديها او القوة العسكرية التى تفرض به رايها أو رأي حلفائها وكل ما تريده مصر من كامل تراب السودان منذ القدم هو ثرواتها وليس انسانها وظلت توهم نفسها والآخرين ومن خلال اعلامها ان لها سلطة ونفوذ في السودان وعلى السودان وتبين انه وهم ليس الا

  2. محمد ابراهيم ذا لا يجيد التحليل السياسي
    ومن جهله حشر القاعدة في تفجير الاسكندرية
    لعلمك القاعدة اذا فعلت شيئا تعترف به وتقر فهم في ذا الموضوع واضحون جدا
    فتفجير الاسكندرية ان لم يكن من الاقباط انفسهم فاسرائيل وامريكا
    ونا اتصور ان السلطات المصرية ادركت هذه الحقايق ولهالسبب يصمتون ويتكتمون
    وسترى ان ذا التفجير سيكون كقضية الحريري.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..