مصور أميركي يروي تجربته مع «حياة الصحراء» في السعودية

جاء إلى الأراضي السعودية في بعثة عمل دبلوماسية عام 1981، فشدته الحياة القديمة في المجتمع السعودي؛ الأمر الذي قاده إلى تدوين أهم أعماله، كتاب «البدو»، الذي يعد أحد أهم الكتب في العالم التي تحاكي واقع سكان المنطقة في تلك الحقبة.
المصور الأميركي الشهير واين استيب، مصور وكاتب وصانع أفلام وثائقية، وحائز لماجستير في علم الفلسفة والأديان والثقافة، ومستشار ومدرب للدبلوماسيين في مجال تاريخ وثقافة آسيا الوسطى، ومستكشف رحالة، استطاع من خلال رحلته الاستكشافية في المنطقة قبل أكثر من 30 عاما أن يصور حياة البدو التي قال عنها إنها ليست مجرد خيمة سوداء، وصحراء، وجمال.
نال كتاب المصور الأميركي الشهير واين استيب «البدو» جوائز متعددة كأفضل تصوير، وأفضل تصميم، وأفضل كتاب، كما نال جائزة ذهبية عن أبرز ما طبع في العام الذي صدر فيه، ولعل ذلك ما جعله مستشارا لعدد من المصورين العالميين في مجال إعداد ونشر الكتب.
وعن تجربته العملية قال واين استيب، خلال محاضرة بعنوان «تجربتي في تصوير المملكة العربية السعودية: كتاب البدو» ألقاها في ملتقى «ألوان السعودية» الذي جرت فعالياته مؤخرا برعاية الهيئة العامة للسياحة والآثار في مركز الرياض الدولي للمعارض والمؤتمرات «قدمت إلى السعودية عام 1981 للعمل ضمن اللجنة الدبلوماسية برفقة الأمير سلمان بن عبد العزيز، وكانت تشغلني الحياة القديمة للسعوديين منذ البداية، حيث كنت أقوم بعملي مع اللجنة الدبلوماسية، ومن ثم يمكنني البقاء بواسطة التأشيرة التي أحملها؛ لكن على حسابي الخاص، وذلك لإتمام مهمتي المتمثلة في دراسة حياة البدو، وبالتالي تأليف كتابي (البدو) لاحقا»، موضحا أنه تعرف على الشيخ ناصر العرك بعد عامين وأكثر من 12 رحلة عمل من نيويورك إلى الرياض، وهو الذي ساعده وشجعه وحصل له على الإذن للقيام بالعمل.
وتابع «لقد عرفني على أفراد قبيلة (العمرة)، وأخذني أحد كبارهم إلى الصحراء، وقام بكل ما يستطيع لضمان سلامتي وراحتي، كما ساعدني على التقارب اجتماعيا مع أهل المنطقة، وكان الجميع منفتحين ومتقبلين لي ولزوجتي، وراح الجميع يخبروننا بقصصهم، وكيف يمضون حياتهم، وذلك كان هدفي بالتحديد».
وأكد المصور الأميركي أن قبيلة «العمرة» وافقت «على أن أوثق حياتهم في الصحراء؛ ولكن بشروط هي: عدم تصوير نساء القبيلة، عدم طباعة أي شيء يخص القبيلة إلا بموافقتهم، العيش معهم بالطريقة نفسها التي يعيشونها في الصحراء، وعدم إحضار مترجم». وقال «قبلت بالشروط، على الرغم من صعوبتها، ومع التجربة اكتشفت أنها كانت لصالحي، وأخبرت زوجتي، وهي ممثلة معروفة في نيويورك، عن الفرصة التي حصلت عليها، وسألتها إذا كانت مستعدة لمشاركتي التجربة، فوافقت، وقدمنا معا، وارتدت النقاب كباقي النساء في القبيلة، ونمنا في الخيمة، وتنقلنا بواسطة الجمل، وشربنا حليب الإبل، وتعلمنا القليل عن اللغة العربية، بحيث نستطيع التواصل مع الناس حولنا، وخلال إقامتي مع القبيلة في الصحراء استطعت أن أفهم كيف أن ما يظهر في الصور بشكل جميل ورومانسي هو في الواقع أمر صعب جدا؛ حيث كان هدفي أن أتعلم من البدو؛ لأنني كنت على ثقة أن لديهم الكثير ليعلموه لنا، فحياة البدو ليست مجرد خيمة سوداء، وصحراء، وجِمَال، تلك هي الصورة المادية عن حياة الصحراء؛ لكن في العمق هناك الكثير لتقديمه».
وأبان المصور واين استيب أنه عمل على الكتاب لمدة 3 سنوات، تنقل خلالها بين نيويورك والإقامة مع القبيلة بالسعودية، حيث كانت فترة الإقامة تمتد إلى أربعة أشهر أحيانا. وتابع «بعد إنهاء الكتاب أكملنا مشروعاتنا في الإطار نفسه، من خلال فيلم لـ(ناشيونال جيوغرافيك)، وقمنا بعمل تحقيق مصور لمجلة مهمة في أميركا عرض بعدها في متحف سميثسونيان، وكنا نبحث – دائما – عن وسيلة جديدة لإلقاء الضوء على الموضوع».
وأشار إلى أن الكتاب طبع منه أكثر من 40 ألف نسخة، تم تقديمها للإعلام وأهل السياسة والمكتبات والعامة، وطبع باللغتين العربية والإنجليزية، ونال جوائز عدة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية. وأضاف استيب «نخطط العام المقبل أنا والشيخ ناصر العرك، بمساعدة ودعم الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، لإنتاج كتاب مشترك عن السعودية».
جدير بالذكر أن للمصور واين استيب مؤلفات عدة، إلى جانب كتاب «البدو»، منها كتاب «روح كازاخستان»، و«حياة البحار»، و«اكتشاف عجائب الحياة».
الشرق الاوسط