هل يريد الشعب حربا؟

هل يريد الشعب حربا؟
د.عبد القادر الرفاعي
عندما يلجأ بعض الحكام الي الحرب لانهم في حاجة اليها، ينفتح صدر البلاد الي اشعالها واحتدام اوارها، وتشتعل معها عبارات والفاظ لا تخرج عن دائرة: حماية الارض والعرض ومواجهة المطامع الدولية والصهيونية العالمية. هكذا تكتمل لهم تهيئة الشعوب نفسياً ومعنوياً حتي اذا ما انتفت الحاجة اليها، يغلق الحكام ملف الحرب لتحل محل التعبئة لغة بديلة من الانسانيات الرفيعة عن مخاطر الحرب واضرارها وضرورة ايقافها ثم منعها، والشعوب في تلك الحالتين مغيبة عن اتخاذ القرار بالنسبة للحرب والسلم. هنا تستحيل اللغة الي اعلانات جديدة من الطرفين المتقاتلين.. نراهم يصادقون بعضهم البعض، بل ويشهدون بان من يمنع الحرب ? وعلي رؤوس الاشهاد ? بانه اطهر من ماء السماء. لكن المشلكة ليست في اساطين الحرب او اباطرتها. المشكلة تكمن في الذاكرة القصيرة لغالبيتنا وعند الاكثرية من ساستنا، فيسرع الجميع لفتح صفحة جديدة وكأن ما الاقتتال قد طويت صفحته الي الابد. انها نفس مدرسة التناقضات والعجائب والافتقار الي السياسات الصحيحة، التي فاتت علي زعمائنا – وقد فاتهم الكثير جداً ? ان هؤلاء قد ورطونا بسبب التصرف المستقل المحدود الذي قصر عن اشراك الشعب في مباشرة شئونه في الحرب والسلم وانه كثيراً ما قطعوا الطريق علي ذلك طالما ان الانقلابات العسكرية هي الاداة للانفراد والتسلط وتكميم الافواه بدلاً عن اتاحة الفرصة حتي ولو كانت الفرصة الاخيرة لتفادي الحرب. والنتيجة النهائية ان امراء الحرب ? بغض النظر عن نتائجها ? ينجحون في توطيد انفسهم داخلياً ثم ربطها جيداً بتحالفات جديدة (محلية ودولية). وربما تسيل دموع البعض وهم يعتلون المنابر بعد ابرام الاتفاقات التي تتصل باوضاع ما بعد الحرب (نيفاشا مثلاً)، وابوجا لاحقاً وقبلهما (فشودة والناصر) وبعدهما القاهرة والشرق. ان دوافع هذا المقال هو ما اعلنه رؤساء دولتي السودان الجديد والقديم وعكسته الصحف الصادرة صباح اليوم ( الصحافة مثلاً: العدد (6540) ? الاحد 11 ذو القعدة 1432 هـ، الموافق 9 اكتوبر 2011م، عن اننا اذا خسرنا الوحدة فلا اقل من ان نكسب السلام والتنمية، وان التعامل مع الذي يجر البلدين الي الحرب كعدو كمشترك.. اما نحن (الشعب) فليس لدينا ما نرد به علي ذلك سوي ان الحرية هي المقدمة الاولي بوقف الاحتراب الي الابد? انها المقدمة الاولي للديمقراطية. لا نظن ان التصريحات التي اخذت تتري صباح اليوم لم تتذكر اشتعال الحرب في منطقة النيل الازرق وفي جبال النوبة.
الميدان