نموذج للأخلاق النبيلة لسياسيين فى تاريخ السودان : الدرديرى محمد عثمان

د. حسين إسماعيل أمين نابرى

نموذج للأخلاق النبيلة لسياسيين فى تاريخ السودان: الدرديري محمد عثمان
لعل الظاهرة الرئيسية التى يتفق عليها الناس اليوم هى أن الفساد إستشرى في بلادنا بصورة لم يسبق لها مثيل.

لكن حال السودان لم يكن دائما كذلك. بل أن بلادنا كانت بخيرها فى فترات مضت. اليوم نلق نظرة معا على نموذج لأخلاق السودانيين الذين عملوا بالسياسة.
الدرديرى محمد عثمان من كبار أهل السياسة السودانية و أحد المناضلين الأفذاذ الذين بذلوا كل جهد وتضحية فى سبيل أن ينال السودان إستقلاله. يسرنى اليوم أن أنشر وثيقتين وصلتنى من أحد أحفاده الذين يواصلون النضال بوقوفهم بجانب الشعب ضد الطغمةالحاكمة الظالمة الفاسدة.
الوثيقة الأولى : رسالة بتوقيعه وهو حينها عضو فى لجنة الحاكم العام إبان حقية الإستعمار الإنجليزى. كتبت هذه لرسالة على الورق المروس لمفوضية الحاكم العام بتاريخ 21 يونيو 1954 قبل أن يتم إعلان الإستقلال من داخل البرلمان.

هذه الرسالة موجهة إلى وزير المالية يقرر فيها التنازل عن ثلث راتبه المخصص له كعضو فى لجنة الحاكم العام وأيضا التنازل عن العربة الحكومية المخصصة له إبتداء من أول يوليو 1954 أى بعد تسعة أيام من تاريخ الرسالة معلنا أنه سيسلمها فى ذلك التاريخ لمصلحة النقل الميكانيكى
الوثيقة الثانية: رسالة بتوقيعه يوجهها لوزير شئون رئاسة الدولة بتاريخ 30 أعسطس 1973 يقرر قيها رفضه قبول المعاش الذي منح له وهو من إستحقاقه وحجته فى ذلك أن البلاد فى ضائقة وأن هنالك من المواطنين من هو أحق منه من بهذا المال. وأضاف عبارة لا أملك إلا أن أهديها إلي حكام اليوم وإلى حكام الغد وهى تأكيده لأنه لم يقم بما قدمه من خدمات للبلاد إلا إبتغاء لمرضاة الله وخدمة للوطن.

الدرديرى محمد عثمان يرفض هنا حقوق أساسية تمنح للعاملين بموجب القانون. وهو مناضل ضحى بكل حياته فى سبيل إستقلال السودان. نترك لحصافة القارئ مقارنة هذا الموقف بإخلاقيات الحاكمين اليوم. لة راجعنا مخصصات المناصب الدستورية لوجدنا حالة أشبه بحالة المغانم التى ينالها المنتصرةن فى حلة الحرب. لننظر إلى قوافل السيارات أمام قصورهم المنيفة والعاملين والعاملات الخاصين ومجموعات الحراسة والإستقبال. وقد شاهدنا نائب رئيس الجمهورية على عثمان طه يتباكى أمام البرلمان عن مستوي راتبه يقدمه بوصفه غير كاف وهو الذي نشأ فى أسرة متواضعة يقيم اليوم فى أفخم القصور فى البلاد يمر أمامها كل يوم أهل السودان وهم يتعجبون. هذا غير العمولات والنهب المنظم الرهيب لخزائن الدولة وكنزهم للأموال العامة فى حساباتهم الخاصة فى بنوك العالم . أما البشير وزوجته وأخويه وبطانته فزيارة سريعة لكافوري تكفي لإلقاء نظرة على قصور لاقبل للبلدان الصناعية الغنية بها. كل هذا يحدث بإسم الإسلام وبإسم المشروع الحضارى.
على شعب السودان وشبابه حل واحد هو إجتثاث هذا النظام الفاسد المتعفن من جذوره وتقديم البشير وأسرته وكل فرد من قادة النظام فى الحكومة المركزية والولايات والحزب الحاكم إلى محاكم الشعب. وبداية إعادة البناء الكبرى للبلاد بعد أن تحطمت وإنهارت إنهيارا قل أن يحدث لبلد من بلدان العالم.

يجب على القادة والسياسيين أن يتحلوا بالأخلاقيات السودانية النبيلة وأن يدركوا كما فعل المناضل العفيف محمد عثمان الدرديرى أنهم إنما يسعون لخدمة الوطن والمواطنين لا لخدمة ذواتهم وأسرهم وأقاربهم.

إننى بهذا أدعو كل المشتغلين بالسياسة والعمل العام سواء الذين يقومون اليوم بعملهم هذا فى إطار النظام القائم أو هؤلاء الذين سيأتون من بعدهم أن يتمثلوا هذا المسلك الرائع وهذا السلوك المشرف فى أداءهم لمناصبهم العامة فى خدمة الوطن. إذ أنها هى الأخلاقيات السودانية الحقيقية التى يجب أن نحرص عليها.
نبذة مختصرة عن الدرديري محمد عثمان

ولد الدرديري محمد عثمان في ام درمان 1896، وتلقى تعليمه بمدرسة ام درمان الوسطى ثم كلية غردون حيث عمل مدرساً في مدارس حكومة السودان 1914 واستمر الى ان نشأت فكرة اخذ الاداريين من السودانيين فكان في طليعة من التحقوا بالسلك الاداري نائب مأمور، ومأمور ثم محاضر في كلية البوليس، ولما بدأ عمل السلك القضائي كان اول سوداني احتل منصب قاضي بالمحاكم المدنية، فرئيساً لقلم الترجمة القضائية، وكان اول قاضي سوداني بالمحكمة العليا، وتقاعد بالمعاش 1952 ودخل الميدان السياسي سكرتيراً للجبهة الوطنية، وسافر الى باريس على رأس وفد من كبار السودانيين ليدافع عن قضية البلاد امام هيئة الامم المتحدة كما قام بمجهود بالغ في محادثات السودان، مصر، بريطانيا التي تمخضت عن معاهدة سنة 1953 والتي نال بموجبها السودان الحكم الذاتي، ونظراً لما يتمتع به الدرديرى محمد عثمان من تجارب فقد انتخب عضواً في لجنة الحاكم العام التي كانت تشرف على ممارسة سلطات الحاكم العام، وفي يناير 1956، وعندما نال السودان استقلاله التام انتخب في البرلمان بالاجماع عضواً بمجلس السيادة.

باريس فى يوم الخميس 26 ديسمبر 2013
د. حسين إسماعيل أمين نابرى
رئيس المنتدى الديمقراطى السودانى
[email][email protected][/email] [CENTER]

[/CENTER]

تعليق واحد

  1. الله يازمن والله يابلد والله يارجال……….بس المشكلة انو تاريخ عظيم ورجال عظماء فقط ما عسانا ان نفعل في واقع للأمانة يجب انا نحاسب فيه أنفسنا قبل محاسبة هولاء الكيزان المجرمون وليس لي شي فقط لضعف هامة الرجاء الاحرار في واقعنا لمعاش لذلك وجد المجرم الخسيس الذي يحكمنا الساحة خالية ليفعل في بلادنا فعلته

  2. ديل رجال من فولأذ قل ما يجود الزمان بمثلهم.!!!!!!!؟
    مش أمثال ديناصورتنا المكنكشين في كل شئ .

  3. كل من رضى لنفسه العمل فى هذا النظام الفاسد القاتل المغتصب للنساء والرجال والممزق للوطن ..
    عليه الا يتفاخر بأنه سودانى لسبب واحد لأن هذا النظام ليسس نظام الدولة الوطنيةإنما نظام دولة الخلافة ومن لا يؤمن بالدولة الوطنية عليه الا يفتخر بالدولة الوطنية ووجب على الشعب السودانى سحب جنسيته وبالقانون

  4. لاقو ربهم نظيفي الايدي
    كان هذا ديدن كل الساسة
    حتى ايام عبود كان الحكام عفافا
    وعبود نفسه عاش نظيفا ومات كذلك
    وحتى كثير من رموز مايو لم يفسدوا
    رغم ضجيج اعلام الانتفاضة عن فساد السدنة الا ان القضاء لم يثبت عليهم شئيا
    اقول كثير من ناس مايو وقادتها لم يفسدوا
    ونعلم كلنا كيف عاش من مات منهم
    وكيف يعيش الاحياء منهم
    اما الانقاذ فقد شرفتنا بأن قدمت للعالم نموذج سوداني فريد في الفساد يعرفة القاصي والداني

  5. رجال عظماء وتاريخ عظيم وبلد عظيم.
    من اين اتي هولاء؟؟؟؟
    اكيد ليس لهم علاقة بالسودان واهل السوادن؟؟؟؟
    لدى امل واحساس قوى ماذالت حواء السودان قادرة على انجاب مثل ابنائنا واعمامنا
    الصبح قريب.عاشت السودان والتحية للشعب السودانى
    تحية خاصة لدكتور نابري وامثاله

  6. الدكتور حسين واللهي ليك وحشه ما شاء الله شباب .فعلا هناك شوامخ واهرامات من اباءنا الاوائل الذين تعلمنا منهم الاخلاص و نظافة اليد و اللسان و لقد كانت مواقفهم عظيمه مقارنة بالمستسلمين واصحاب الاسلام السياسي .

  7. * سعدت جدا بإطلالتك البهيه على “راكوبتنا”، يا صديقى حسين نابرى. اكثر من اربعين عاما مضت مذ افترقنا بعد الهجمه الشرسه للمهووس المقبور سئ الذكر، و التى مهدت، و ما تبعها، لما نحن فيه الآن.
    * لا ترهق نفسك يا صديقى، إذ لا مجال للمقارنه تعقدها ما بين العظماء و بين المجرمين و الأراذل. و هل نسيت يا صديقى اننا اول من اطلق عليهم “تجار الدين” فى اواسط/نهايات الستينيات من القرن الماضى؟! لقد وعى الشعب السودانى حقيقتهم، و لكن بعد خمسة قرون “حسوما”، للأسف الشديد.
    * برجاء ان ينشأ فرع للمنتدى باحد ما تبقى من اقاليم السودان، رغم الظروف.

    * لك ودى، و سنلتقى مجددا فى رحاب الديمقراطيه، ما بقي فى العمر باق، إنشاء الله.

  8. نحن مابننكر عظمة هؤلاء ولكن حكاية كان مديون لي بتاع اللبن وماعندو حق الايجار دي مسائل ما بتدفع البلد لي قدام وهذه النقطة التي ارتكز عليها العسكريين انه الناس ديل كانوا بيميلوا للمثالية ولم يميلو للتغيير والتطوير واتخاذ قرارات جريئة انا لم المس قرار كبير فيهم كلهم يعني عبود طور السكه حديد وانشا مصانع السكر وشيد استاد الخرطوم وتوسع في الخرطوم شبكة مياه وكهرباء ونميري طريق بورتسودان وكبري بري وكوستي وحنتوب وجامعه جوبا وقاعة الصداقة يعني طور البلد وعمر البشير البترول وغير من مظهر البلد بي خيره وشره عمل اشياء لكن اعمامنا ديل ورثونا ده سيد انا من اولاد بري والله حتى في السبعينات كان في عبيد وساده ولي يومنا هذا يعني هم ما اكلوا لكن لم يفعلوا وبكل اسف حكاية التطوير والتغيير لم تكن في همهم كل همهم الدوران في فلك الساده

  9. يا إبن المناضل أمين نابري هل تقارن المناضلين الشرفاء من أمثال السفير الديرديري محمد عثمان والسياسي مبارك زروق والازهري والمحجوب وكل الشرفاء من الرعيل الأول بهؤلاء الأقزام السراق هذا الغثاء غثاء الإنقاذيين ؟؟؟ حثالة البشر الفجار !!! ويحضرني قول الشاعر (( ذهب اللذين يُعاش في أكنافهم وبقيتُ في خلف كجلد الأجرب )) نعم إنهم خلف كجلد الأجرب .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..