قل أعوذ برب الفيل

قل أعوذ برب الفيل

شريفة شرف الدين
[email protected]

عرض برنامج ناتشرال جيوغرافي فيلا ضخما انفصل عن قطيعه فاحاطت به مجموعة أسود تعمل بإيقاع روح الفريق الواحد .. مجموعة تشتت إنتباه الفيل عن اليمين فتهاجمه مجموعة أخرى عن الشمال .. ثم يبدأ عمل مجموعة أخرى لا تتعدى مهمتها الوقوف في مواجهة الفيل بينما تهجم عليه مجموعة ثالثة من الخلف .. استمر الأمر لساعات .. في البداية أبدى الفيل قوة كبيرة في دحر الأعداء لكن الأسود ? رغم فارق الأوزان – لعبت بخطة استنزاف طاقة الفيل العملاق .. شيئا فشيئا بدأت قواه تخور بينما الأسود تضيق عليه الخناق المرة تلو المرة حتى أجهزت عليه تماما و تبخرت اسطورة الضخامة أمام العمل الدؤوب لصالح مجموعة تصغره حجما بعشرات المرات.

استحق الفيل مصيره ليس لإعتداده بحجمه فحسب بل لأنه ارتضى لنفسه عزلة كاملة و لم يصطدم صوت استغاثته إلا بجبال أرجعته إلى أذنيه الكبيرين صدى فارغا لم تدفع نيوب الليوث و لم ترد عنه مخلبا و بعد عام وقف قطيع الفيلة في مهابة على عظام رفيق الأمس و مشت في تؤدة آخذة في الإعتبار ضرورة إلتزام الجماعة… درس غفل عنه الفيل ذو الإثنين و عشرين عاما فكلفه حياته في غضون ساعتين.

اندلعت في الأيام الماضية الكثير من الإحتجاجات الجماعية في مختلف مدن و أحياء شملت السودان .. يكاد يكون دافعها شبه إجماع على سخط جره غلاء الأسعار و سياسات رعناء ضيعت حقوقا و سدت نهاية نفق الخلاص .. كانت صغيرة الحجم قليلة التأثير قصيرة المدى و لكنها مقلقة للحكومة أيما قلق و إذا استنزفت الأسود طاقة الفيل الضخم بالحيلة و المثابرة فإن هذه الإحتجاجات ستأتي على خزينة النظام بشكل نهائي في مدة أقصاها اسبوع و لا أظن أن المراسيل من الشحادين الذين حفيت أقدامهم ستأتي مواعينهم مليئة بما فيه الكفاية لدفع مستحقات الآلآف من شبيحة النظام الذي سيعملون على مدار الساعة للأشهر القادمة و لن تسد رقعة المرتبات و لا حاجة الجيش السوداني الذي فرض عليه القتال في أكثر من جبهة في وقت معا و لا تسيير دولاب الدولة.

دبوس صغير سيفرغ محتوى الفيل الكبير و يجعله جلدا أجربا يعافه دود الأرض و هوامه .. قريبا جدا إن شاء الله إنا لغالبون.

(العنوان من وحي طرفة تحكى أن جماعة كانت في سفر فادركتهم صلاة المغرب في الطريق فأمهم أحد المتشوبرين .. مرت الركعة الأولى على خير فلحق بالصلاة نفر غير قليل فلما كان في الثانية هاله صوت آمين من المأمومين و أربكته أيما إرباك فابتدر بأسهل السور .. سورة الناس لكنه تلى (قل أعوذ برب الفيل بدلا عن قل أعوذ برب الناس) و لم يتبين له الأمر حتى بعد الصلاة فلما قيل له تحاجج قائلا و من هو رب الفيل؟ أليس هو رب الناس .

تعليق واحد

  1. ده يكون فيل النور الجيلاني و لا شنو؟

    بس بعدين حيختو الفيل بتاعنا في ياتو حديقة؟

    أنا اقترح ميدان المولد و يستمر العرض شهر كامل بس ممنوع إطعام (الحيوان ده)

  2. شكراً شريفة على المقال الراقي
    فعلاً بالمثابرة نحقق مرادنا بإقتلاع حيكومة الفقر والمتجارة بالدين
    أنا غايتو إنشرطت بالضحك من حكاية الإمام المخلوع
    أضحك الله سنك يا شريفة

    أخيراً:
    لا تلتفتي كثيراً لقلة من المعلقين…. هم أصحاب نفوس مريضة ولا تعرف البسمة مُحياهم أبداً رغم ما إكتنزوه من مال السحت عبر حزبهم الحاكم
    هلعهم من محاسبة شعبنا والتاريخ على إغترفوه تجعلهم في حالة وجوم وصرة وش وعابسين على الدوام

    واصلي مزيداً من الإبداع:cool: :cool:

  3. لا املك سوى أن اقول : البطن الجابتك والله ما بتندم . وأي زيادة في التعليق سيبطل مضمون هذا المقال الرصين .

  4. الله يحفظك من الحساد

    يا شريفة بت شرف الدين يجب أن نعترف أنك مشروع كاتبة تمتلكين خاصية نادرة في

    الكتابة و هي اللغة و الأسلوب و الخيال. كلنا شاهدنا الحلقة دي لكنك شفتي بعمق

    و بعد تاني و ربطت المسألة بالهم الوطني و أسلوب أكثر من رائع و أنت تهمسين في

    أذن القارئ أن يثور على الحكومة التي يتهيب الناس بطشها و طول يدها. لونيتك في

    الكتابة متنوعة و بتجذب و الأهم إنه يؤدي إلى الهدف

    أكتبي و أنا متأكد إنك حتنجحي في الأدب بالذات في القصة. أنا شخصيا ببدأ

    بمقالاتك و بيها بختم و بتشوق أشوف الجديد. مرة تانية الله يحفظك ;)

  5. ليس من شيم المسلمين رواية مثل هذه النكات -ما هذه المسخرة رب الفيل ورب الناس ألم تكن دنيا الطرفة و الفكاهة واسعة فسيحة حتي تختارين ما لايجرح في العقيدة أم أن فاقد الشي لا …….. ….أ.عوذ بالله

  6. اختلف معك في العنوان فقط والمضمون جيد باستنثناء النكته سبب التسميه السخرية تكون في اي شيء الا الدين واستغرب من الموقع نشر مثل هذا المقال

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..