المغتربون: بين سندان الإغتراب و مطرقة الإهمال الإنقاذي

المغتربون: بين سندان الإغتراب و مطرقة الإهمال الإنقاذي

شريفة شرف الدين
[email protected]

يبدو أن المعاناة قد لزمت الإنسان السوداني لزمة (قرادة) وصارت قيدا تكبله في حله و ترحاله فالملايين ممن عمل بمقولة أن (العاقل من إذا بلغته الشمس تحولا) انطبق عليهم المثل العربي (كالمستجير من الرمضاء بالنار) و إن شئت بالإنجليزية from a frying pan into fire بعدما اغترب و وجد نفسه متقاذفا به في منطقة وسطى بين مطرقة الحكومة السودانية و سندان الإغتراب بكل تداعياته. مقدمة قاتمة لحقيقة أكثر قتامة و ذنبهم الوحيد أنهم يحكمهم جنرال اسمه و ليست صفته البشير..

لن أدعي أنني في مقال واحد سأحدث تغطية شاملة كاملة لقضية مؤرقة و مقلقة لشريحة عزيزة من السودانيين آثروا الإغتراب في شتى بقاع الدنيا بقليل إختيار و كثير إضطرار و لكني أدق ناقوس الخطر عله يلج آذآن من ? لا أقول من يهمهم الأمر ? تقع عليهم مسؤولية مباشرة و أعني بذلك مجلس الوزراء و البرلمان و كل الوزارات المعنية و جهاز شؤون المغتربين و السفارات و القنصليات بالخارج و قيادات الجاليات بدول المهجر على الإضطلاع بمسؤولياتهم تجاه هؤلاء المغتربين أو رفع أيديهم بشكل صريح.

ما حقيقة الإغتراب؟ هل الإغتراب هو الخيار الأول و الثاني و الأخير؟ و المغترب؟ هل هو تلك الشخصية النمطية ذو الجلابية اللامعة و الشعر الملمع المثقل بالشنط الذي نراه في المطار عاما بعد عام؟ أم هو ذاك المنقطع لعشرين عاما و تزيد و لا نعرف عنه شيئا إلا من خلال استجداءات أمه و توسلات أبيه في برنامج أوتار الحنين؟ من هي الضحية الفعلية؟ المغترب نفسه؟ زوجته؟ أم عياله و تعليمهم و مستقبلهم؟ أم الضحية هذا السودان الذي يعاني بشكل حرج للغاية من هجرة عقوله و خبراته التي تعمر و تبني دولا أخرى بينما دولة السودان تنهشها سياسة بطشت بالشعب و أودت بحكامها إلى التسول على المستوى الرسمي؟ ما دور جهاز شؤون المغتربين إضافة إلى التحصيل المالي؟ هل هناك رؤى ..دراسات ..حلول .. لقاءات شفافة؟ هل التوصيات التي ترفع ترى النور أم لا تبرح الورق؟ ما مصداقية و نزاهة قيادات الجاليات كحلقة وصل بين السفارة و المغترب من جهة و بين المغترب و جهاز شؤون المغتربين من جهة أخرى؟ ما هي آلية تكوين قيادات الجاليات؟ هل هي الإنتخابات النزيهة الشفافة المتفق عليها و المتراضى عنها أم هي مجرد تعيينات و انتخابات مخجوجة تخدم بشكل مباشر مصالح المؤتمر الوطني؟ هل هناك جالية جامعة تمثل لسان حال المغترب في دولة كالسعودية على سبيل المثال لا الحصر أم أن الجالية الماثلة نسخة أخرى بالكربون من مجلس نوابنا المتقن لدوره المتعلق بالإجماع السكوتي ضمانا لقبض الحافز الظرفي؟

لكن بالجانب الآخر و للإنصاف ? ما نصيب المغترب نفسه من اخفاقات في الوقوع في هذا المستنقع؟ هل كان خروجه مدروسا و ذو أهداف واضحة أم زعلة و طلعة و ربك كريم؟ هل يعيش المغترب واقعه دخلا و منصرفا أم أنه مبالغ شوية في أسلوب و نمط الحياة التي يعيشها؟ هل سعى بشكل عملي في تغيير واقعه أم أنه لا يزال منتظرا في عشم كبير جهة ما من مكان ما في زمن ما تحدث له ذلك التغييرالمبتغى؟

كيفما تكون الإجابات هناك قضية و هناك مشكلة ليست بالسهلة سيما أنها تطال الملايين في شتى بقاع الأرض و إن لم تظهر تلك المشكلة للرأي العام بشكلها الحقيقي فالأرجح أن قيادات الجاليات ليست أمينة في عكسها و تسليط الضوء عليها بل تسعى بكل ما أوتيت في سترها في الوقت الذي تنعدم فيه مؤسسية جماعية مستقلة و متجردة من الإنتماء السياسيي تمثل المغتربين بإستثناء روابط قروية .. قبلية و فئوية تعمل في إطار ضيق لا تتعدى المناسبات الإجتماعية بينها.

أما السفارة فهي في واد و المغترب في آخر إلا عندما تستدعي الضرورة المغترب لمراجعتها لبعض الإجراءات و لكنه يدخلها و هو كاره فزع بسبب ما سيدفع و يخرج منها ساخطا يمني النفس ألا تكتب له العودة. إلا ما ندر فإن خدمات السفارة إما بطيئة أو قاسية من قبل بعض الموظفين. و تكاد الثقة تكون معدومة بعمل السفارة كوسيط للمغترب فيما يتعلق بالأراضي و المشروعات الإستثمارية و حتى تمليك المعلومات ليتلقى المغترب معلوماته مشافهة في جلسات الونسة. من سيثق بالسفارة أو اي جهة حكومية بعد مشروع سندس و مهندسه الصافي جعفر؟

و هناك جفاء مستفحل بين المغترب و البنوك في السودان كقنوات رسمية للتحويل و إذا تجاوزنا التأخير النسبي و إجراءات التسليم السلحفائية فإن عامل فرق التحويل بين البنك و (السوق الأبيض) كبير جدا يفوق الـ30% على الأرجح. و إذا كانت المصارف السودانية صادقة فيجب عليها أن تدق ناقوس الخطر لجفاف ضرع تحويلات المغتربين التي أصبحت بنسبة شبه كاملة عن طريق لا نقول السوق الأسود بل السوق الأبيض للفارق الكبير في سعر الصرف.
العامل الأكثر إقلاقا للمغترب هو فلذات الأكباد. لم يكن خيار الصغار أن يكونوا في مجتمع لا يمنحهم فرصة ممارسة طفولتهم كما ينبغي فهم محابيس الشقق لا يتعلمون إلا من التلفاز الذي أصبحت مادته إدمانا لهم. محرومون من اللعب في الشارع و الفسحات حتى تبلدت أمخاخهم و ارتخت أعصابهم و لانت عظامهم فصاروا لا يعرفون من الحياة إلا ما تمنحهم الشقة. هناك تجارب قليلة ناجحة و هي بحفر الباطن بالسعودية فقد تم إنشاء أكاديمية يعني بشؤون الصغار على نحو اسبوعي. أما قضية التعليم فحدث و لا حرج.. تم إنشاء بعض المدارس السودانية التي صاحبتها الكثير من الإخفاقات لعدم المنهجية و يمول بنود صرف هذه المدارس أولياء أمور الطلاب بشكل كامل على عكس ما ذكر وزير المالية في البرلمان و تبقى عقبة القبول في المؤسسات التعليمية السودانية مشكلة لعامل الخصم الذي يعد خرقا دستوريا واضحا في بند المساواة في الحقوق لهؤلاء الطلاب بإعتبارهم سودانيين.

برزت جامعة المغتربين كحل لهذه المعضلة و لكنها تشترط المساهمة لتلبية القبول الخاص بابناء المغتربين و مع ذلك فهي بالكاد تلبي جميع مساقات الطلاب.
أما قضايا السيارات فهي دراما أخرى و تمثل غياب المعلومة الرسمية فيما يتعلق بشروط و إجراءات التراخيص للسيارات المستجلبة معضلة حقيقية يكون الضحية فيها دائما المغترب الذي يتفاجأ بما ليس في الحسبان حتى إن أحد العاملين بالخرطوم في سمسرة السيارات قالها صريحة (يتورط) من يأتي بسيارة من الخارج!!
يستصرخ المعلمون آذان صماء و يبثون شكواهم للسراب في قضية لا يجدون لها تفسيرا ألا و هي إلزامية تقديم استقالاتهم كشرط للسماح لهم بالتعاقد في السعودية و إذا أرادوا العمل بوزارة التربية السودانية مرة ثانية فعليهم الإبتداء من الصفر على عكس ما هو معمول به في الدول العربية التي يعمل معلموها جنبا إلى جنب مع المعلمين السودانيين!!
لكن أسوأ الأمور قاطبة هو إنقطاع عدد غير قليل من الأسر بالسعودية تحت أوضاع مأساوية يواجهون بنود السكن .. العلاج .. المعيشة .. التعليم .. و هناك شباب شارفوا العشرين و لما يزوروا السودان
لا أحد بالطبع ينسب الفشل إلى نفسه !! و لكن ألا يسهم المغترب في توريط نفسه و يضيق عليها الخناق من حيث يدري أحيانا كثيرة؟ لماذا لا يعيش وفق معطيات المنطق سيما أنه غير باق بدول المهجر بشكل سرمدي؟
(المقال ركز بشكل أساسي على المغتربين في السعودية و هو عبارة عن ملخص إستصراخ الزول الكان سمح و إفادات الكثير من المغتربين و هدفه هو تسليط الضوء على هذه المشكلة التي باتت تؤرق على مدى سنوات الإنقاذ).

تعليق واحد

  1. الاخت شريفة
    هناك حل لكل مشاكل المغتربيين ودعونا نطرحه ونتبناه – لقد قمت بدراسة بايلولة جهاز شئون المغتربيين ليكون شركة تساهمية يكون اصحابها المغتربيين .
    1- تطرح خدمات المغتربيين فى عطاء عام لكل الشركات والمؤسسات ولمدة 3 سنوات حسب العقد
    2- اختيار لجنة من عشرة اشخاص تكون مجلس ادارة شركة المغتربيين ومهامها
    وضع نصوص العقد – متابعة سير عمل الشركة الفائزة بالمنافسة – التوقيع على المستخلصات – ادارة الجمعية العمومية المتمثلة بمناديب المدن – وغيرها
    3- تاخذ الشركة الفائزة بالعقد قيمة العقد بعد اداء عملها والتوقيع علية من قبل ادارة المتابعة وبنظام المستخلص الشهرى
    4- تعطى الدولة نسبة 25 % من قيمة خدمات المغتربيين
    5- يستفيد المغتربيين من باقى المبالغ المالية فى اقامة المشاريع التى تعيد علية بالفائدة المرجوة
    حسب الدراسة وعلى ادنى حد يكون نصيب المغتربيين 100 مليون ريال سنويا – وللدولة 50 مليون ريال سنويا –
    دعوة الى اعادة جهاز شئون المغتربيين الى اهله وليكون شركة تساهمية ذات
    هناك بعض الاشكاليات ويمكن حلها ( موطفى وزارة الداخلية والجهات الاخرى )

  2. أستاذة شريفة

    إذا كان (شاعر العيون ) صفة لازمت شاعرنا عبدالله النجيب واشتهر بها..فدعين أطلق عليك صفة…ملهمة المغتربون.

    نحنا فى السودان …نهوى أوطانا…ولو رحلنا بعيد…. نطرا خلانا

    نحن..مشيناها خطىً كتبت علينا…ومن كتبت عليه خطىً مشاها

    لا اود أن أطيل السرد لأن الجميع يعلم ما الذى دفع الناس إلى الإغتراب عن أرض الوطن والأحباب..ومن المغتربين من قضى نحبه ومنهم من يعيش ويقاسى عذابات الغربة بعد تكوين الأسرة وزيادة المسؤليات المعيشية والمدرسية والجامعية.

    نحن ولايخفى على أحد ساهمنا بالكثير الكثير فى دعم خزائن مال الحكومات منذ الستينيات وهنالك من له ملفات متضخمة من الإيصالات الجبائية..تحكى ما تم نهبه ..نعم نهب وليس مساهمات بطوعنا..ولا مقابل ملموس.

    عانينا الكثير..وزادت معاناتنا قسوة بعد إنشاء (جهاز شئون الغتربين العاملين بالخارج) أطلقوا عليه هذا المسمى ليقنن ويتفنن فى إستنزاف مدخرات المغتربين مسنوداً بمجلس الوزراء وأجلسوا على هرمه أحد المغتربين المنتمى لنهجهم وفعل كل ما فى وسعه لإستمرارية ملء خزينة دولتهم الحضارية..وطفق يسافر ويزور ويقيم الحفلات والندوات فى العالم كافة أينما وجد سودانى..لا يأبه لمعاناة الذين يدعمون خزينة دولته بما يربوا عن ال3 مليار دولار سنوياً مدرجة بالميزانية العامة للدولة.

    سياسة التعيين لمنتسبى المؤتمر الوطنى تطال جميع مؤسسات الدولة لضمان الإستمرارية بالحكم……كرار التهامى لم يتم إنتخابه من قبل المغتربين الذين لا يرونه إلا فى الفضائيات يعتمر العمامة الناصعة البياض ويلتحف الشال المشغول الأطراف ومركوب جلد النمر وعصا له فيها مآرب أخرى.

    حتى زياراته لدول المهجر تتم فى نطاق أسرى ضيق وليس لمة بعض الصفوة من باب
    الزيارات والمجاملات..والظهور

    هو يدرى تماماً معاناة المغتربين وبالتحديد فى المملكة لإلحاق أولادهم بمدارس تدرس المنهج السودانى ..آلاف الناس تعانى من هذه المشكلة ..توجد مدارس ( فى الهواء ) كما ذكرت سابقاً وهى غير رسمية ولا معترف بها فى الدولة المضيفة ولا يوجد بها مدرسين مؤهلين ..

    هذا قيض من فيض وسأترك المجال للإخوة المنتسبين للموقع ليدلوا بدلائهم فى الموضوع..

    دمتى ..ودام قلمك..وفضلك…وعقلك…وفكرك..وروحك

  3. السلام عليكم اختي شريفة

    تعرفي جميع الجاليات الموجوده هنا يمكنها الذهاب لاجازة العيد في بلدانهم الا نحن لانك لاتستطيع السفر الي السودان يوم الاجازة لحوجتك ليوم كامل يضيع في جعاز المغتربين لعمل تاشيرة الخروج وبطاقة الاعفاء المؤقت من الخدمة (كارت السفر صالح لسفرة واحدة يعني لو رجعت السودان من السفر بعد يوم تعمل الاجراءات تاني) ودفع الزكاة – التي لم ولن يحول عليها الحول مع اوضاع الاغتراب الان-واذا نسيت شي فذلك ضياع اليوم الثاني ايضا ولو رأيت المعاملة من جنس ما شين نفطر وخلاص ورديتي خلصت والموظفة حبوبتها توفت امشوا لشباك تاني وكد الحلول في نظري كالتالي

    – نحن مع حل جهاز المغتربين مش شركة مساهمة كما قال الاخ رضوان

    – اذا كان لزاما تأشيرة خروج فلتكن في المطار

    – الغاء الخدمة الالزامية للمغتربين او عمل اعفاء لمدة 5 سنوات يجدد بمبلغ ثابت

    – الزكاة امر بين العبد وربه – سيقولون سيدنا ابوبكر اخذها عنوه – يدفعها اذا كان يملك وان لم يفعل فحسابه علي الله

    – رسوم فضائية سودانية – لا يشاهدها احد – يمكن للفضائية عمل تشفير وبيع بطاقات القناة لمن يرغب

    – خدمات (لا ادري عنها شي)

    – علي الدولة توفير مساكن او قطع اراضي بسعر رمزي وبالاقساط للمغتربين لمساهماتهم الدائمة بدعم خزينة الدولة

    – انشاء مدارس برسوم رمزية وبتمويل من الدولة بالخارج

    – المساواة بالدرجة العلمية للمغترب اسوة بالطالب الداخلي في الدخول للجامعات

    – السماح للمغترب بسيارة او اثنتين طول سنين اغترابه معفاة من الجمارك وغير محددة الموديل

    فعلا نود العودة لكن السؤال كيف؟؟؟
    هل سنجد وظائف؟؟؟
    هل نستطيع عمل اي عمل تجاري؟؟؟

    الله المستعان

  4. جهاز شئون العاملين بالخارج جسد بلا روح ، لا أرى أي ضرورة لانشائه من الاساس

    ناهيك عن استمراريته حتى الآن، لماذا هذا الزخم وأرتال الموظفين والموظفات؟ هل

    المغترب شخص أقل سودانية من غير المغترب أم العكس؟ لماذا لا يعامل كأي

    سوداني داخل السودان يسافر ويتحرك ويتعلم ويصوّت ويترشح وينتخب ويبيع

    ويشتري ويبني ويعمّر ويتعالج و و و و وووووو…… ؟

    انتو قايلين المغتربين حاليا عندهم قروش تستدعي أن يكون لهم وضع

    خاص؟ وبعدين ليه السوداني مغترب كان ام غير مغترب يحتاج لتأشيرة سفر مسبقة

    من مكاتب الجوازات قبل توجهه للمطار؟ يا ناس الحكومة أرجوكم عاملوا المغتربين

    كسودانيين ، و جهازكم ده ، والله مافي أي داعي ليه، أرحموا من في الأرض

    يرحمكم من في السماء.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..