المشورة الشعبية… ضبط المصطلح

بشفافية

المشورة الشعبية… ضبط المصطلح

حيدر المكاشفي

تنعقد اليوم الأحد بمشيئة الله بمدينة القضارف حاضرة ولاية القضارف ورشة حول المشورة الشعبية هذا الاستحقاق المهم لولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق الذي نصت عليه نيفاشا وتضمنه قانون خاص يعرف بـ «قانون تنظيم المشورة الشعبية» ويعتبر الدستور الانتقالي إحدى مرجعيات هذا الاستحقاق بالاضافة لبرتوكول حسم النزاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق والدساتير الانتقالية لهاتين الولايتين، وتضطلع بهذه الورشة بعثة «اليونمس» بتعاون وثيق من حكومة الولاية، وكانت ورشة مماثلة قد إنعقدت قبل مدة بمدينة كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان حول ذات الغرض «المشورة الشعبية» تحت شعار رئيس هو «المشورة من أجل سلام مستدام للولاية»، وجاءت تلك الورشة بمبادرة من والي الولاية مولانا أحمد هارون ونائبه عبد العزيز الحلو وشراكة هيئة المعونة الاميركية، والمعروف أن المشورة الشعبية ستُجرى في يوليو العام القادم أي بعد ستة أشهر من الاستفتاء ويكون حينها قد عُرف مصير البلاد بحسب ما تفرزه نتيجة التصويت على خياري الوحدة والانفصال…
من البدهي أن يثور سؤال عن سبب تنظيم ورشة اليوم حول المشورة الشعبية بالقضارف رغم أنها ليست من الولايات المعنية بها، والإجابة على هذا غاية في البداهة أيضاً ذلك أن القضارف رغم أنها كولاية ليست معنية بالمشورة إلا أنها تعج بأعداد كبيرة من مواطني الولايتين المعنيتين بها ولهم في إبداء المشورة مثل ما لأهلهم القاطنين داخل حدودهما، ولمّا كان لزاماً على الولايتين صاحبتا الحق الأصيل في المشورة النهوض باعباء التعريف والتبشير بها وشرح كيفية ممارستها وما ستؤول إليه نتيجتها، كان لا بد أن تنهض جهة ما لتولي هذه المهمة في منطقة مثل القضارف تقيم بها أعداد كبيرة مِنْ مَنْ يحق لهم ممارسة حق المشورة، وهذا ما فعلته «اليونمس» بالتعاون مع حكومة القضارف ولزم توضيحه لمن قد يشكل عليه سبب تنظيم هذه الورشة بالقضارف…
ولكن إذا كان من المهم إبتدار مثل هذه الحملات التعريفية بالمشورة والتشجيع والتحريض على الحرص على ممارستها باعتبار ما ستحققه من مكاسب لأصحابها، فإن الأهم من ذلك هو التوافق على تعريف لها يحدد ماهيتها ومآلاتها النهائية بشكل واضح وقاطع لا يترك زيادة لتمزيد تتفق وتتواضع عليه كل الاطراف المعنية بها، ولا يكفي هنا الدفع بأن النص القانوني الذي حدد الهدف منها والذي يقرأ: تهدف المشورة الشعبية إلى: «أ» تأكيد وجهة نظر شعبي ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بشأن إتفاقية السلام الشامل بخصوص أيٍ من الولايتين وعن مدى تحقيقها لتطلعاتهم…
«ب» تسوية نهائية للنزاع السياسي في أيٍ من الولايتين وإرساء السلام..
«ج» تصحيح أي قصور في الترتيبات الدستورية والسياسية والادارية والاقتصادية في إطار إتفاقية السلام الشامل بخصوص أيٍ من الولايتين…
فمبعث القلق من ذلك ليس مصدره فقط أن الشيطان قد يكمن في التفاسير أيضاً وليس التفاصيل وحدها بل لأن هذا الاختلاف قد برز فعلاً حتى قبل أن تبدأ المشورة، وهو خلاف وإختلاف ليس من الحصافة التقليل من شأنه بحجة أنه محض خلاف مختلف لا أصل له في قانون المشورة الذي حدد الهدف منها، فمهما صحَّ ذلك إلا أنه ولأجل بلوغ المشورة غايتها في القبول والرضاء بها وبنتائجها ومردوداتها الهادفة لإستدامة السلام، لا يصح التقليل من شأن كل ما يمكن أن يشوّش عليها ويبذر بذور الخلاف حولها في عقول المواطنين ونفوسهم وغالبيتهم من البسطاء، فاذا ما حدث ذلك لا قدر الله فإنه سيفرغ المشورة من أهم هدف ومعنى لها وسيحوّل مرادها ومقصدها إلى النقيض…
إضبطوا المصطلح فليس خافياً عليكم النزاعات التي ثارت في التاريخ بسبب التفاسير حتى نهض في وجهها علماً قائماً بذاته إسمه ضبط المصطلح…

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..