القطية في مشاوي السمك.. “نيولوك” جديد في الخرطوم

الخرطوم- حيدر عبد الحفيظ
إنها أكواخ مصنوعة من المواد الغابية المحلية (القش، الحطب، القنا)، وخلافها، تبنى في الغالب على أشكال قبابية رائعة كمساكن ريفية منتشرة في كافة أنحاء السودان، حتى (منازل) الخرطوم القديمة كانت معظمها (قطاطي)، لكنها انحسرت رويدا رويدا فانحصرت في بعض الأقاليم خاصة القضارف والنيل الأزرق، لكنها ما لبثت أن عادت كرة أخرى إلى العاصمة مع بروز طفرتها العمرانية في العقود الأخيرة بشكل احتفائي يعامل معها كتراث سوداني أصيل (لا بد من الحفاظ عليه)، فسيطرت على واجهات المطاعم الفخمة (السياحية)، خاصة تلك المتخصصة في الأسماك.
(اليوم التالي) بحثت خلف ظاهرة، وتابعتها تتقصي هذا الهوس الماثل بالقطاطي (السياجية)، وما الذي جعل أهل (الحضر والمدينة) يتنبهون فجأة إلى أنها مساكن جديرة بكل هذا الاحتفاء حتى يتخذونها مطاعم سياحية ? كما يسمونها.
طيف جغرافي واسع
غرام أهالي (الخرطوم) بالقطية جعل منهم يحتفون بـ(العش) السكني التقليدي، واتخاذه كمعلم سياحي تشكل تسر رؤيته الزائرين والناظرين، بما تجسده من مشهد بصري آثر وجاذب، و(القطية) صناعة تفتقت عنها عبقرية الريف السوداني في مختلف قرى ومناطق السودان المختلفة التي تتخذها مسكناً تزين به محال الإقامة والسكن والضيافة، وتنتظم القطاطي مناطق واسعة من ولايات القضارق، النيل الأزرق، النيل الأبيض، كردفان، ودارفور، وتتخذ في هذا الطيف الجغرافي الواسع أشكالاً مختلفة يسودها النوع القبابي المنساب والمتسع ذو القاعدة الدائرية كما في قطاطي القضارف والنيل والأزرق والمصنوع من (قش البوص أو النال).
كوركي ومرق
أكثر ما يُميز القطية بساطة مواد بنائها، ومواءمتها بيئتها وتناسبها مع المناخ السائد المتقلب بين البرد والحرارة والأمطار والرياح و(السموم) كما في فصل الصيف، إذ أن مواد بنائها (منتجات غابية) صرفة، تتواءم مع البيئة المحيطة بها، إذ أنها بنت تلك البيئة. وبحسب (نفالة) بناءة القطية؛ فإن أساس المبنى يعتمد على أعمدة من خشب السنط القوي تسمى الـ(كوركي) والـ(موروق) وتتخذ قاعدتها شكل دائرة منصوبة على الأرض بإحكام ويتخللها نسيج من قصب الذرة، أو يمكن أن يستعاد عنها ببناء الطوب الأخضر(الدُردُر) أو الأحمر، لتعرش بعد ذلك بـ(قش) النال أو البوص، على شكل هرم له رأس أسطواني (في الغالب) تثبت قاعدته على الدردر أو حور(الطوب)، قس الهرم ينسج بإحكام بعد أن يُلف حول أعواد (القنا) المثبتة بحبال (السعف) أو(البلاستيك) التي يطلق عليها (الجاميكا).
إلى الخرطوم
وفي مناطق ولاية القضارف، حيث الأمطار التي تتجاوز الـ100 ملم، ويقول العم محمد حامد أحد من يشتغلون القطية إن “الأمطار الغزيرة لا يسمع له صوت في الخريف داخل القطية”. وأضاف “المطرة إذا دخلت القش ما تقول كش”. ومؤخراً باتت مطاعم الخرطوم تسقف بالقطية وتعتبرها معلماً سياحياً جاذباً يمثل بناؤها في كبرى المطاعم (نيولوك) يستهوي سياح البلاد والزائرين لأول مرة .
وتسابقت كبريات مطاعم السمك في العاصمة لبناء القطية وجعلها حجرات أنيقة وبـ(ديكور) بسيط وأثاث فيه شيء من الفخامة ليشكل تواجده داخل تلك القطاطي (المغلقة) و(المفتوحة)، شيء من الفهم السياحي الراقي الذي ظهر جلياً في تفكير أصحاب المال لابتكار أفكار سياحة بسيطة التكلفة، ولكن عظيمة الثراء التراثي والسياحي في بلد يغرق لأخمص قدميه في التراث المدهش والجميل.

السوداني

تعليق واحد

  1. من بكره الحكومة حتعمل ضريبة على القش و القناو و السمساسرة حيلقوا ليهم شغلة جديدة

    ثقافة البناء المسلح هي السبب الرئيسى في ازمة السكن في الخرطوم بالاضافة الى المضاربة في اسعار الاراضي التي يتم بيعها سبيعن مرة قبل البناء .لو كانت مواد البناء بسيطة و متوفرة ما كانت الخرطوم حيكون شكلها مثل الكلمات المطقاطعة مابين كل بيت وبيت ارض عدد من الفراغات و عمدان خرسانية بيوت , لا بد من تغير ثقافة البناء و ثانيا الاتجاه نحو الاستثمار في الانتاج الزراعي و الحيواني مش تشتري ليك سبع قطع و تستنى عليهم عشرة سنين و تبيعهم و تشترى و حدة درجة اولى تبنيها تاني في عشرة سنين و تبني الدور الي فوق شقتين و تحت دكانين تسكن في شقة و تاجر الباقي

  2. وجود هذه القطاطي وسط البيوت فيه خطورة كثيرة في حالة اندلاع النيران فيها خاصة انهم يشوون الأسماك بداخلها و يجب على كل صاحب مطعم ان يكون مستعداًً بوجود اجهزة إطفاء الحرائق وان تقوم قوات الدفاع المدني بمراقبة هذه المطاعم وفحص إجراءات السلامة فيها بصورة دورية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..