لافتات صادمة: زعمطة للحلاقة.. تأكيد المدح بما يشبه الذم!!

أم درمان – أمير آدم حسن
عندما تنتصب أمامك بغتة لافتات أو إعلانات غير مطروقة فإنك لا تملك بداً من الوقوف أمامها مذهولاً ومصعوقاً، تكاد تتحسس رأسك، وعندما تدلف إلى محل ينشط في (صناعة الجمال) فإن شعر رأسك ينهض حتى في الأحوال العادية، فما بالك إذا كان المدخل صادما ومتعارضاً مع هذه الصناعة.
(زعمطة) اسم لمحل تزيين رجالي، اسم مرعب يحمل تحدياً ومغامرة، اسم يثير الرعب وتقف أمامه خيارات (الحلاقة) عاجزة عن (الاختباء)، لكن بكل تأكيد فإن هذه (التسمية) ليست هدفاً للمحل، وإلاّ لما وضع أحدهم قدميه في مدخله، أو سلم رأسه للعاملين فيه، فغالبا ما تجد معكوس اللافته هو المراد منها.
عكس التيار
حملنا أوراقنا وقصدنا خبراء نفسيين واجتماعيين نطلب إفاداتهم، فقالت الأستاذة صفاء الجيلي خبيرة علم الاجتماع إن الهدف المنشود من هذه اللافتة هو جذب الأنظار إليها من خلال (الدهشة الصادمة) التي تتنزل إلى عقول الناس بسبب (التسمية) التي يبدو في ظاهرها إنها تتعارض تماما مع أهداف المهنة، وهي الجمال والزينة، إذ أن المنطق يقول إن الزعمطة لا تحتاج إلى إعلان مدفوع القيمة، ولو كان أصحاب المحل يقصدون المعني الحرفي لـ(الزعمطة) لتكبدوا خسائر مادية فادحة ومريعة، ولو كانوا بالفعل يمارسون الزعطمة لما أعلنوا عنها بهذه اللافتة الكبيرة، ولكان إخفاء الأمر عن الناس غاية في حد ذاتها. وأضافت: الذي يحدث أمامنا هو ثقافة نفسية شائعة الانتشار ومدرسة إعلانية متعارف عليها تتمثل في السير عكس الاتجاه لتحقيق المبتغى التجاري، والذي يعتبر من أهم مقوماته هو (الجذب) والتفاعل مع الاسم، ومن ثم التفاعل مع (المنتج)، وقد يأتي الناس وهم علي يقين بأن مضامين هذه اللافتة لن تتحقق داخل هذا الموقع. واستطردت الجيلي: في الغالب يختار بعض أصحاب المحلات هذه الأسماء الصادمة لتأكيد القاعدة البلاغية الموسومة بـ(تأكيد المدح بما يشبه الذم) كأساس تنطلق منه الابداعات المهنية التي تخرجك من هذا المكان، وفي نفسك (شكر جزيل) بأن (الزعمطة) تعني معكوسها تماماً (الزينة)، فتعود مرة أخرى لممارستها.
الغرابة والدهشة
وفي السياق ذاته، يعتبر كثير من المحللين والباحثين الاجتماعيين أن سعي الإعلان وراء لفت أنظار الزبائن وجذبهم يضل الطريق أحايين فيأتي بطرائف وغرائب تتمتع بجاذبيه ذاتية، فشيوع الغرابة في الإعلانات التجارية يعد أحد الأهداف الرئيسة لتحقيق الغاية التجارية، لكن وفي اتجاه آخر نجد أن بعض (التسميات) ربما تعود إلى ثقافة (الألقاب الاجتماعية ) الشائعة في مجتمعاتنا ومن ثم يتم توظيفها إعلانيا وتجاريا كما يحدث في كثير من المحلات التجارية التي تحمل ألقاباً لأصحابها عرفوا بها في وسطهم الاجتماعي، ومثل اللافتة الموسومة (زعمطة) تسترعي انتباهك من حيث أنها تتنافى تماما مع (أهداف الصالون)، لكنها تسعى لتحقيقها من خلال مخزون الغرابة، والتحدي الذي يكتنفها، فالكل يعلم أن (الزعمطة) ليست هي الهدف من افتتاح صالون حلاقة أنيق كهذا، لأنها أي (الزعمطة) لا تحتاج إلى محل تجاري (ودفع ضرايب ونفايات)، إذ يمكن ممارستها في أي مكان وتحت ظل أي شجرة دون تكبد أي خسائر مادية.
نظرية ذات الحدين
إلى ذلك، اعتبرت صفاء الجيلي، الشخص الذي يدخل إلى صالون لتصفيف الشعر إنما يطلب أقصى حدود الإبداع في التزين، فلا يسمح لمساحة صغيرة أو ثغرة (للمجازفة) تحت لافتة فيها من المغامرة الكثير، لكن هناك مدخل آخر يتحقق، وهو التأكيد على النتائج الجيدة من خلال المعرفة المسبقة بالعاملين في هذا المكان، وهي جزئية خاصة متعلقة بالزبائن السابقين لبعض الأفراد العاملين في هذا المكان دون الاكتراث لمحتوى اللافتة.
اليوم التالي
شي عجيب
السودانيين في نعييم
ي جماعة . السودان إلى اين يا رتى ؟
قلت لافتات صادمة مثل لافتة زعمطة فأين بقية اللافتات ثم ثانياًً أليس الحلاقة التي يحلقها الشباب هذه الايام بزعمطة وتمارس في جميع محلات الحلاقة.