أخبار السودان

الأزمة الاقتصادية هي التحدي الأكبر

محجوب محمد صالح

رغم التفاؤل الذي أبداه وزير المالية الجديد في السودان فليس هناك من مؤشرات على أي تحسن في الموقف المالي أو انحسار في الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعيش فيها السودان والتي ازدادت حدة بعد الإجراءات الاقتصادية الأخيرة التي زادت من حالة الكساد ورفعت مستوى التضخم بصورة غير مسبوقة وزادت المعاناة الحقيقية للمواطن الذي عجز دخله عن تلبية متطلبات حياته الضرورية.

ويزداد الأمر تعقيداً بسبب شح العملات الأجنبية، ما زاد حدة المضاربات في سوق العملات وتواصل التدني في قيمة العملة الوطنية حتى تجاوز سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني حاجز الثماني جنيهات وصاحب ذلك شح في بعض السلع الضرورية مثل بعض المحروقات لعدم توفر النقد الأجنبي لدى بنك السودان رغم تصريحات سابقة من البنك بأن حصل على أرصدة أجنبية من بعض المصادر التي لم يكشف ستساعد السودان في تجاوز الصعوبات الحالية عنها، وقد كشف وزير النفط بالأمس في حديثه أمام البرلمان عن ذلك الوعد لم يتحقق؛ إذ قال إن معالجة الشح في تلك المواد يتطلب تدخلاً عاجلاً من بنك السودان لتوفير العملات المطلوبة لاستيراد تلك المواد.

والحرب الدائرة الآن في جنوب السودان باتت تهدد أحد مصادر العملات الأجنبية التي يعتمد عليها السودان والمتمثلة في رسوم عبور نفط الجنوب التي يتوقع أن ترف الحساب الخارجي لبنك السودان بأكثر من ملياري دولار في العام، ومع أن إنتاج نفط الجنوب ما زال مستمرا بكميات أقل من الطاقة الحقيقية فإن استمرار المعارك بالقرب من حقول البترول يزيد من المخاوف من انقطاع هذا المصدر في أي وقت ما لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار خلال المحادثات التي تدور الآن في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وهذا الشك يلهب المضاربات في سوق العملات الأجنبية وينذر بالمزيد من التدني في قيمة الجنيه السوداني.

لكن الأخطر من ذلك أن البرنامج الثلاثي للإنقاذ الاقتصادي الذي اعتمدته الحكومة وعولت عليه في زيادة الإنتاج ورفع حصيلة الإيرادات غير النفطية بتصدير المزيد من المحاصيل الزراعية لم يحقق أي نجاح يذكر في العامين الماضيين وهو يدخل الآن عامه الثالث، وليس في الأفق ما يشير إلى احتمال زيادة الإنتاجية في الموسم الزراعي القادم استنادا إلى مستوى الأداء في الموسم السابق وسوء إدارة القطاع الزراعي وتراكم مشاكله واضطراب السياسات الحكومية في هذا المجال.

كما أن الأداء الاقتصادي عموما والسياسات الاقتصادية المتبعة حتى الآن لا تبشر بأي انفراج في الأزمة، وباتت إدارة القطاع الاقتصادي محل انتقاد من القطاعات المنتجة وقد ووجهت بالرفض حتى من نواب الحكومة داخل برلمانهم وبالأمس فقط قاد النواب هجوما حادا على أداء وزارة النفط؛ إذ أشار النواب إلى عدم الشفافية في التعاقدات التي تدخل فيها الوزارة مع الشركات المنقبة عن النفط واحتكار الاستيراد لثلاث شركات بعينها واتباع سياسة فرض السرية والتعتيم في التعاقدات، وأشاروا في هذا الإطار إلى وصول باخرة تحمل شحنات غير مطابقة للمواصفات من (الجازولين) إلى ميناء بورتسودان.

وإذا كان النواب قد ركزوا على عدم التزام الشفافية فإن العاملين في الصناعة يوجهون انتقادات أشد حدة للسياسات المتبعة في القطاع الصناعي ومحاصرته بالجبايات والضرائب والرسوم وعدم توفر مدخلات الإنتاج وارتفاع أسعارها، الأمر الذي أدى إلى أن نغلق الكثير من المصانع أبوابها ونشرد عمالها ونخرج تماما من دائرة الإنتاج وبذلك ازداد اعتماد السودان على الاستيراد وحتى المصانع التي ظلت تعمل تحت هذه الظروف تواجه أزمات حادة بسبب الكساد وضعف القدرة الشرائية للمستهلكين بعد تنفيذ السياسات الجديدة.

أما القطاع الزراعي فقد ظل يجأر بالشكوى من أخطاء السياسات والممارسات وضعف الدعم لبنياته التحتية وعدم توفر الدعم التقني الذي يزيد الإنتاجية وارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج وزيادة الضرائب والجبايات، ما يجعله أضعف من أن يتنافس في السوق العالمية أو حتى السوق المحلية، وبات السودان مستوردا لمنتجات زراعية كان في الماضي يحقق فيها اكتفاء ذاتيا بل ويجد منها فائضا يصدره للخارج دعما للاقتصاد السوداني.

في ظل كل هذه التعقيدات تسود الآن موجة من التشاؤم؛ إذ لا يرى الناس أي ضوء في آخر هذا النفق المظلم وهم يعيشون في أتون أزمة تزداد حدة كل يوم وهم مطالبون بتحمل أخطاء السياسات وسوء الممارسات وعدم التزام الإدارة الراشدة وإذا لم يحدث تغيير شامل فإن الأوضاع التي تزداد سوءاً كل يوم ستتصاعد إلى مرحلة الانفجار غير المحسوب!!

كاتب سوداني
[email][email protected][/email] العرب

تعليق واحد

  1. أستاذنا محجوب والله الفقرة دي أحسن تجى بسرعة
    ((((عدم التزام الإدارة الراشدة وإذا لم يحدث تغيير شامل فإن الأوضاع التي تزداد سوءاً كل يوم ستتصاعد إلى مرحلة الانفجار غير المحسوب!!))))
    يقال كان هناك تاجرين متشاركين واحدها يعرف الحساب والثانى لا يعرف فالعارف يقول لاخيه فى الجمع معاي الواحد ويستمر فى الجمع وتتطلع خسرانه …فبادره صاحبه قائلا يا أخى المره دي خلى الواحد معاي انا ……
    لذا نحن نريدها غير محسوبة لا ن الحساب جاب الصادق ، وتانى برضو جاب الصادق ما عايزين حساب وكلنا هم على المساكين ولكن نراهم يموتون تشردا وجوعا ومرضا
    نريدها غير محسوبة والرهيفة تنقد

  2. استاذنا محجوب المشكلة واضحة تماما كما الشمس …فهى ليست فى امكانياتنا التى حبانا الله بها ولكنها فى الانسان السودانى الكوزانى الذى تردى الى الحضيض واستباح كل هذه الامكانيات وسخرها لمصلحته الخاصة وبدلا من ان ينمو الوطن نمو هم وكبروا فدمروا كل منشاتنا الوطنية من سودانير والخطوط البحرية والسكة حديد والمصانع ومشروع الجزيرة الذى خلعوا قضبانه لاستخدامها فى صناعات جياد الفاشلة
    فنحن لانملك الا وان نبتهل الى الله ان يدمرهم مثلما دمروا الوطن وقطعوه اربا وان يرينا فيهم عجائب قدرته حسبنا الله ونعم الوكيل

  3. الاستاذ محجوب محمد صالح تحية وتقدير
    دعني اقول بكل وضوح كل الجهود التي يبذلها السودان لتحسين وضعه الاقتصادي ستذهب للاسف الشديد ادراج الرياح بسبب العزلة الدولية التي يعيشها السودان، وفي العصر الحالي لا يمكن لأي دولة، مهما كان حجم مواردها وادائها الاقتصادي، ان تتقدم وتنجح الا عبر علاقات جيدة مع المجتمع الدولي. لذا اي جهود يتخذها السودان للخروج من ازمته الاقتصادية لا تأخذ هذا العامل في الاعتبار، هي جهود فاشلة لا محالة. المعادلة بسيطة وتقول: علاقات دولية جيدة = اقتصاد جيد ومعافى.

    السؤال الكبير هو: هل يمكن لحكومتنا الحالية مهما اغتسلت وتعطرت ان تقنع المجتمع الدولي ان ينهي العزلة التي يفرضها على السودان؟ اذا كانت الاجابة “نعم” فعلى حكومة السودان ان تستمر في الغسل والتعطر حتى يقبل بها المجتمع الدولي. اما اذا كانت الاجابة “لا” فعليها ان تلملم اطرافها وتذهب دون “نقة”.

  4. محاولة الحكومة للإصلاح الاقتصادي زي واحد وقع في السفون وبدل ما يغسلوه في الحمام كبو فيه ريحه
    الاصلاح الاقتصادي حسب رائي المتواضع يكون كالتالي-
    1/ إيقاف اهدار الموارد الموجودة والصرف الحكومي والاختلاس
    2/ استرداد الاموال المنهوبة
    3/ الاصلاح السياسي
    4/وزى ما قال الاخ ابو سكسك تحسين العلاقات مع المجتمع الدولي

    كل واحده اصعب من الثانية

  5. الكيزان يعتقدون ان كل الامور من شان سياسى واقتصادى تمشى بالتذاكى على الاخرين والفهلوة . ولاابالغ ان قلت هذه كانت وصايا شيخهم الترابى فهو يعتقد ان اليهود سادوا العالم باستخدام الخديعة واستثمار غباء الاخرين . وهم كاسلامين احق بهذه الخطط من اليهود لنبل غايات خدمة دين الله , والذى لايجتهد فى البحث عن اساليب وحيل استجلاب الموارد بشتى السبل لايصلح لهذا العصر .
    الذى اخشاه ان وزير المالية الجديد من هذا الصنف فهو دائما يقول عكس ما يفعل وما تكذيب وزير النفط الجديد لتصريحاته الادليل على ذلك .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..