حوار مع صديق يحيى محمد : أمين عام اتحاد نقابات عمال السودان الشرعي

** نحن الآن في تحالف المعارضة ونعرف بأن حرية العمل النقابي جزء لا يتجزأ من الحريات العامة
** لابد من معاقبة من دمروا النقابات وخربوا البلاد
** النظام يعلم أنه لا يستطيع أن يعيش في ظل حركة نقابية ديمقراطية
الداخل إلي المناطق الصناعية بمدن العاصمة الثلاث ، لا يري منطقة ولا صناعة فالمصانع باتت أطلالاً ينعق فيها البوم ، والعمال أنفسهم باتوا بلا عمل ، وبعضهم امتهن المهن الهامشية أو هاجر لخارج السودان ، ومن بقي في القليل من المنشآت الخاصة ظل مقيداً بالعقود الجائرة والمرتب الهزيل .
هذه القضايا حملناها إلي طاولة المناضل صديق يحيي محمد أمين عام إتحاد نقابات العمال الشرعي .. فإلي متن الحوار
حوار : كمال كرار
· كيف تري واقع العمال اليوم في ظل الوضع السياسي الراهن ؟
طبعاً الحركة العماليه بعد 30 يونيو تراجعت إلى مرحلة لا يستطيع الإنسان أن يوصفها .اذا حاولنا نقارن هذه الفترة نقول أنها أشبه بما قبل ولادة الحركة النقابية في فترة الاستعمارإذ لم يكن هناك تنظيم نقابي ،إنما بعد(25) عاما من هذا الانقلاب لا يوجد تنظيم نقابي متعارف عليه، وهذا انعكس على وضع العمال على كل المستويات الاجتماعية والأسرية والاقتصاديه والمعيشية.
وحالة العامل السوداني الآن حالة يرثى لها وهذا كله نتيجة التخبط الاقتصادي والسياسي وعدم وضع الخطط السليمة لتقدم البلاد، وانعكس هذا في مجال الصناعة والزراعة والخدمات التي تردت كما استمرت سياسة التخلص من الوزارات الإنتاجية.
اذا تطرقنا للوضع الاقتصادي وانعكاسه على مستوى الصناعة مثلما نجد أن كل المصانع المنتجة والتي يعتمد عليها السودان، أصبحت متوقفة تماماً وهذا التعطيل من جرائه تم تشريد الآف العمال والموظفين وأصبحوا يهيمون على وجوههم.
هذا ينطبق أيضاً على السكة حديد، أيضاً باعتبارها مشروعاً كان السودان يعتمد عليه، أصبحت الآن طاقته متدنية ?لدرجة لا توصف ?ونتيجة تشريد الاف العمال المهرة، فقد أضيفوا لجيوش العطالة الكبيرة هذا ينعكس اجتماعياً على عدم مقدرة الملايين على العيش الكريم.
في رأيك ماهي الأسباب التي أدت لهذا الوضع ؟
كانت هنالك وزارة خدمية كالأشغال هذه الوزارة كانت توفر كل المواد لحكومة السودان وهي الجهة التي تفرض وتحدد مطلوبات الحكومة من أعمال البناء والطلاء، حُلت هذه الوزارة وكانت بها ورشة، مهيأة بالماكينات وفيها عمال مهرة وكانت توفر العملات الصعبة للبلاد ?هذه كلها تخلصت منها الحكومة بالبيع ولجان غير معلومة ونفس الشيء جرى في النقل الميكانيكي والمخازن والمهمات والنقل النهري وهنا لابد أن نقف ونقول متى ما الظروف سمحت للناس بالحرية والديمقراطية لا بد من أن يكون هناك حساب لمن دمروا هذه المرافق بما في ذلك مشروع الجزيرة أيضاً، حيث تعطل وبيعت أصوله وهلم جرا.
لا بد من معرفة من هم وراء هذا التخريب الفظيع والمتعمد في تدمير البنية الأساسية للسودان.
كل الأشياء التي حدثت الهدف منه خلق فوضى إدارية يستغلها ضعاف النفوس أو الطفيلية هذا هو الهدف الأساسي. تلك المواقع التي ذكرتها كانت تتمتع بإنضباط في كل أوجه العمل في تلك المواقع وظلت هذه المصالح تؤدي دورها على الوجه الأكمل. العامل يحضر الساعة السادسة ونصف صباحاً أمام ماكينة أو ورشته والموظفون يحضرون الساعة السابعة ونصف إلى مكاتبهم، وكانت هنالك رقابة مسؤولة وفيها ناس أكفاء هذا أصبح الآن غير موجود، وبالتالي الفوضى الإدارية هذه طالت كل المواقع التي ذكرتها? ولذلك أقول لا بد من إجراء تحقيق مع كل الإدارات التي كانت سببا في دمار كل هذه المصالح?..
مشروع الجزيرة منذ إنشائه كان إضافة مهمة لاقتصاد السودان وكانت ميزانية السودان تعتمد على المشروع نتيجة للإدارات القوية المنضبطة التي تؤدي دورها تجاه بلدها?.هذا اصبح غير موجود . الخلل الإداري الذي حدث هو سبب كل ما جرى فعطل كل شيء، لذلك أرى أن الأشياء التي حدثت له لا يمكن اصلاحها في ظل هذا النظام. لا بد من ذهاب هذا النظام إلى مزبلة التاريخ باعتباره عجز عجزاً تاماً في أن يتقدم هذا السودان للأمام.
الإنقاذ والعداء للحركة النقابية
الانقاذ حينما انقلبت على النظام الديمقراطي حلت الحركة النقابية، وهي تعلم علم اليقين أنها لا تستطيع أن تعيش في ظل حركة نقابية ديمقراطية ، فحلت النقابات ثم قامت باعتقال القيادات النقابية، ثم قامت بتشريد كل القيادات النقابية، وفصلتهم للصالح العام، ثم دعوة ما يسمى بمؤتمر الحوار النقابي وهذا ليس مؤتمراً بالمعنى المفهوم لأنه لم يدع له النقابيون? حضره عدد قيل من المنتمين للنظام أما البقية كانوا في السجون.
فحشدت الحكومة كوادرها في المؤتمر وبرغم ذلك لم يخرج المؤتمر بإقامة نقابة المنشأة، ولكن فيما بعد فرض مجذوب الخليفة قانون المنشأة على النقابات، وكما قلت في مناسبات عديدة. وهو مشروع قديم بشر به جمال البنا في عام(73) حينما حضر للسودان وحاول أن يستقطب الناس إلى هذا القانون وما يسمى بالاتحاد الإسلامي، ولكن لم يجد أذنا صاغية طرح والاقتراح انتهي آنذاك، فأعادت بعد ذلك بعد الإنقلاب.
طيلة هذه الفترة هم يتحدثون عن تطوير الحركة النقابية ولكن التطوير يتم بمشاركة القاعدة في اتحاد قرارات واختيار عناصرها من خلال الجمعيات العمومية أنا أجزم بأنه خلال تلك السنوات لم تقام جمعية عمومية لهيئة فرعية أو نقابية عامة أو اتحاد لمحاسبة قياداتها وحتى اختيار القيادات تتم بليل. الساعة(4) مساءاً يضعون القوائم والإجراءات كلها تعمل بالليل وفي الصباح يعلن فوز عناصر المؤتمر الوطني، هو عمل أمني بحت وليس نقابة? في لافتة في شارع الجمهورية عن اتحاد نقابات السودان ?هو ديكور? الآن في مشاكل في الحريات?وفي الحقوق وفي ترقياتهم الآن يضرب بهذه المشاكل عرض الحائط ويفصل العمال بسبب نشاطهم النقابي والتشريد لم يتوقف حتى الآن? برغم تصريحات قادة الانقاذ.
وأين أصول وممتلكات النقابات ؟
عندما جاءت الانقاذ كانت هنالك المؤسسة التعاونية العمالية ?وكانت مؤسسة كبيرة مؤثرة اقتصادياً وهناك رأس مال كبير توزِّع البضائع على العاملين بكل السودان على تعاونيات العمل . كل احتياجات التعاونيات تردها من الجهة الرئيسية في شارع البلدية الخرطوم? وكانت لديها أصول عربات ومباني?الخ. إضافة لذلك كانت هناك اجزخانات? في بحري وأم درمان والخرطوم واجزخانة العمال، إضافة إلى بنك العمال وهذا البنك قام بتمويلٍ من النقابات العامة والمعاشات، الهدف منه تقديم خدمات للنقابات وللقواعد.. مشاريع استثمارية حيوانية لترقية الإنسان? الآن انتهى هذا الهدف أصبح البنك تجارياً لا يعرف أين تصرف أمواله? ولا يخدم العامل في أي شيء تغيرت أهدافه وصار مثله مثل أي بنك ولا تعرف أين أرباحه.
الدليل أنا وأسرتي نمتلك الآن(200) سهماً في البنك لا تعرض لنا أي أرباح، وإنما يقال لنا نضيف إليكم أسهم. وعن أندية العمال كلنا نعلم أن الرعيل الأول من قيادات الحركة النقابية أنشأت هذه الدور من حر مالها، عن طريق التبرعات. مثلا في الخرطوم بحري توزع المناديب على العمال في مختلف مواقعهم وجمعوا التبرعات من العمال?. ثم بنيت بها الأندية? وكان للنقابات دور داخل الأندية يدفعون لها ايجارات ليستخدم العائد في صيانة النادي ومستلزماته وكانت الأندية منارات ثقافية وفيها فصول محو الأمية وغيرها من الأنشطة ? كفرق السلة ?وغيرها.
هؤلاء حرموا الحركة النقابية من دورها ? وأنشطتها نادي العمال بالخرطوم جزء منه حول بنك عمال الوطني والجزء الآخر شيد دكاكين، ثم تأجيرها ولا نعرض أين تذهب هذه الإيجارات أو إلى أي جهة.
وكانت هنالك أندية بالعاصمة والإقاليم، ومصيرها هو مصير ما جرى بنادي العمال بالخرطوم. مثلاً نادي العمال بالخرطوم بحري تمت إزالته بالكامل ، أما نادي العمال بأم درمان شيد فيه ما يسمى بالاكاديمية وأي أكاديمية .. المهم هذه الأندية كانت بنيت من أموال العمال.
وكيف تنظرون إلي اتحاد العمال الحالي؟
ما بنى على باطل فهو باطل ? هذا الاتحاد نحن مقتنعين أنه ديكور للمؤتمر الوطني وهذا يثبت بالدليل القاطع خلال(24)عاماً استحكمت الضائقة المعيشية وساءت أحوال العمال. وهو لا يحرك ساكنا وهو ساهم في تشريد معظم النقابيين.. وبالتالي فهو لا يعبر عن العمال? مثلاً رئيس الاتحاد ثم اختياره مساعداً لرئيس الجمهورية دون الرجوع للمؤتمر الذي اختاره ولم يختار نائبه ليحل محله، بل كلفوا السكرتير ليحل محله وهذا ليس له علاقة باللوئح النقابية.
ماهي خطط وبرامج اتحاد العمال الشرعي ؟
نحن لم نتوقف عن النضال ضد هذا النظام باعتبارنا تعاهدنا مع زملائنا الذين كانوا معنا.. ورحلوا عن هذه الدنيا علينا أن نواصل ما بدأناه معاً حتى تنتصر للحركة النقابية للشعب السودان.
نحن الآن جزءاً من المعارضة ونعرف بأن حرية العمل النقابي جزء لا يتجزأ من الحريات العامة.
وأقول للعمال ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج?أعتقد جازما أن النصر قادم قادم قادم إن شاءت الانقاذ أو أبت. عليهم أن يوحدوا صفوفهم وأن يعملوا بكل جهد وبكل صبر كما كانوا في الماضي والحاضر والمستقبل هذه المسيرة ستستمر.
الميدان
لا بد من ذهاب هذا النظام إلى مزبلة التاريخ