أفريقيا الوسطى الغارقة في العنف تستعد لاختيار رئيس جديد

بين الطموحات الشخصية والضغوط الدولية والرغبات الصادقة في إخراج جمهورية أفريقيا الوسطى من المأزق، بدأ السباق لاختيار رئيس بالوكالة في بانغي حيث لا يزال مئات آلاف المرحلين يخشون العودة إلى بيوتهم رغم مؤشرات عودة الاستقرار. ففي المناطق الداخلية، لا يزال قسم كبير من البلاد بلا سلطة ودون حضور للقوات الفرنسية والأفريقية ودون وسيلة اتصال مع الخارج.
وصادق أعضاء المجلس الوطني الانتقالي (البرلمان المؤقت) أمس على الجدول الزمني الذي وضعه مكتب المجلس الذي ينص على تقديم المرشحين ترشحهم اليوم الخميس إجراء عملية الانتخاب السبت المقبل. لكن المناورات بدأت أصلا في الكواليس، حتى قبل رحيل الرئيس ميشال جوتوديا الذي أجبر يوم الجمعة الماضي على الاستقالة، من المجتمع الدولي الذي ضاق ذرعا بعجزه عن حل أزمة أوقعت ألف قتيل على الأقل ومئات آلاف النازحين.
وقال دبلوماسي غربي بأنه لوقف هذا التدهور في جمهورية أفريقيا الوسطى «يجب أن تكون هناك سلطات تعمل بكد مكونة من أشخاص جديين خصوصا في وزارات السيادة. صندوق النقد الدولي مستعد لتقديم المساعدة لكن لن تكون هناك مساعدة لميزانية في بلد إذا لم نكن نعرف إلى أين سيذهب المال وإذا لم تكن السلطات تعمل». وطلب الشركاء الدوليون لأفريقيا الوسطى من أعضاء المجلس الوطني الانتقالي الامتناع عن الترشح لمنصب الرئيس بالوكالة في انتخابات ستجرى السبت.
وقال الجنرال نويل ايسونغو ممثل الوسيط في الأزمة في أفريقيا الوسطى الرئيس الكونغولي دينيس ساسو نغيسو بأن «الأسرة الدولية تدعو المجلس الوطني الانتقالي إلى عدم وضع نفسه في موضع حكم أو طرف في انتخابات أساسية لمواصلة استراتيجية الانتقال». وسيكون على أعضاء المجلس الانتقالي الذي وضع لإعطاء صورة مؤسساتية للعملية الانتقالية، الـ135 القادمين من مختلف الأطياف السياسية والمستعدين أحيانا لتبديل تحالفاتهم، الاتفاق على اسم رجل أو امرأة سيتولى مهمة ثقيلة تتمثل في استعادة «السلم والمصالحة الوطنية» في بلد مدمر ومفلس.
هل سيكون مدنيا أم عسكريا مدعوما من المجتمع الدولي ومقبولا من تشاد الراعي الذي لا مناص منه في المنطقة؟ كثيرة هي الفرضيات المتناقضة التي تروج في بانغي التي لم تكد تستعيد حياتها العادية بعد أسابيع من العنف بين طائفتيها المسلمة والمسيحية وحيث لا تزال تسود أجواء من الضغينة.
في أحياء المدينة لا يزال هناك مصلحون رغم عمليات نزع السلاح التي قامت بها القوات الفرنسية والأفريقية، وهو ما يردع نازحي العاصمة عن العودة إلى منازلهم. ولا يزال هؤلاء النازحون ينتظرون لمعرفة من سيكون الرئيس الجديد وردود الفعل التي سيثيرها تعيينه في بانغي.
يقول فرديناند مانديجابو «ممثل الشباب» في المجلس الانتقالي «لا نريد مغامرا لقد عانينا كثيرا». ومن جانبه يقول ادغار مبايكوا الذي يقدم نفسه باعتباره «مستقلا» إنه «يلزمنا شخص محايد ليست له روابط بمجموعة سيليكا (المسلمة) ولا الميليشيات المسيحية». ويضيف مبتسما «لا يجب أن يكون خصوصا عسكريا. لدي حساسية من تولي العسكريين السلطة». وتؤيد روز يودوما النائب في المجلس الانتقالي شخصا «مدنيا قادرا على الجمع» مع «وزير دفاع قوي» يمكنه فرض النظام في بلد يسوده انعدام الأمن.
وهناك عشرة أسماء تتداول منذ أيام في بانغي لكن حتى قبل تسجيل أسماء المرشحين هناك أسماء جرى شطبها خصوصا تحت ضغط المجتمع الدولي. وبين هؤلاء الرئيس السابق للمجلس الانتقالي الكسندر فرديناند نغينديت الذي يتولى حاليا سد فراغ السلطة ويبدو راغبا في الاستمرار في المهمة. لكن اسمه ارتبط كثيرا بالرئيس المستقبل جوتوديا الذي عُد غير كفء خلال الأشهر العشرة التي أمضاها في السلطة.
كما أبدت رئيسة المجلس الانتقالي ليا كويوسوم دومتا نيتها في الترشح لكن المعايير التي حددها مكتب المجلس الانتقالي تستبعد كبار مسؤولي المرحلة الانتقالية (الرئيس أعضاء الحكومة وأعضاء مكتب المجلس الانتقالي).
كذلك، يعتزم أنصار الرئيس الأسبق فرنسوا بوزيزيي الذي أطيح به في مارس (آذار) الماضي ويعيش حاليا حياة المنفى في مكان ما بأفريقيا، تقديم مرشح، بحسب مصادر سياسية.
في الأثناء تبقى أهم الوجوه السياسية في البلاد تترقب أن تحين ساعة خوض المنافسة خصوصا أن اتفاقات دولية تنص على أن الرئيس الانتقالي للدولة لن يكون بإمكانه التقدم للانتخابات القادمة المقررة في النصف الأول من 2015 على أقصى تقدير.
الشرق الاوسط