السودان: موسم الهجرة إلى الجنوب

عنوان المقال ليس من بنات أفكاري، ولكنه عنوان مستوحى من الرواية المشهورة «موسم الهجرة إلى الشمال» لطيب الذكر الطيب صالح، والتي قرأتها قبل سنوات، وما أوحى لي بهذا العنوان هو ما تناقلته وسائل الإعلام التي تحدثت عن هجرة كثير من السودانيين من الشمال للجنوب، استعدادا لاستفتاء تقرير المصير الذي بدأ قبل أيام وسينتهي الأسبوع المقبل، وحظي باهتمام عالميٍ مستحقٍ، واهتمام عربيٍ أقل.
يترافق مع استفتاء تقرير المصير هذا في جنوب السودان علم الجميع قبل بدئه أنه سيعلن للعالم أجمع احتمال قيام دولة جديدةٍ في عالم مستقر الدول، هذا العالم الذي لم يشهد قيام دولٍ جديدة منذ أمد من الدهر، فلقد استقرت الدول المعترف بها عالميا منذ عقود طويلة، والاستثناء الأكبر هو تحلل الاتحاد السوفيتي في النصف الأول من التسعينيات، حين خرج من رحمه ــ آنذاك ــ مجموعة كبيرة من الدول دفعة واحدة.
لقد عانى جنوب السودان كثيرا، ودفع ضريبة كبيرة، ليس كاتب هذه السطور مع الانفصال هناك، ولكن بإمكانه تفهمه، فحين تثور الحروب تلو الحروب على مدى يقارب الخمسين عاما، وحين يعاني البشر فإنهم بالتأكيد سيبحثون عن الخلاص، فحقائق التاريخ أقوى من أماني الفاعلين فيه، ودوراته وحراكه أشد وأمضى.
من المفيد التأكيد في هذا السياق أن نجاح جنوب السودان في الحصول على دولة جديدة في المنطقة، لا يعني بحالٍ أن غيرها سينجح، وأن المطالبات المشابهة ستحقق بالضرورة الشيء نفسه، سواء لدى أكراد العراق أم لدى غيرهم، وإنما ذكرت الأكراد بالاسم لتصريحهم بهذا، ولكن أهم ما يؤكده هذا الانفصال أمر واحد هو غياب بعض الدول العربية عن مراعاة مصالحها الاستراتيجية، وعن أعماقها اللوجستية، فالآخرون يتخطفونها ذات اليمين وذات الشمال، وهي أشبه بالمتفرج، ترصد الأحداث ولا تؤثر فيها، وهي في أكثر الأحوال مراقبة لا فاعلة، مشاهدة لا مؤثرة، ومشهد انفصال جنوب السودان خير شاهد، فكما أن الدول العربية فيما مضى لا دور لها فيه لا سلبا ولا إيجابا، فإنها اليوم بلا دور فيما يجري، والسؤال هو إلى متى ستظل هذه الدول العربية ومؤسساتها الكبرى تستمرئ الغياب الكبير!
عبدالله بن بجاد العتيبي
[email protected]
عكاظ
شكرا أخى العتيبى
العرب ليسوا نياما بل هم متغافلون . يعلمون مايجرى ويعرفون ماعليهم فعله من اجل الأجيال القادمة لكن تعوزهم الشجاعة ويقعد بهم حب الذات عن تقديم العون للآخر الذى هو من نفس الصلب وذات البطن وان اختلفت بعض الملامح .
الأمر بالتأكيد يتعلق بأسس التربية التى تنبنى على الذاتية واقصاء الآخر وجهل مايسمون بعلماء الدين برغم أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قد قال أنتم أعلم بشئون دنياكم , الاّ أنهم يربطون هذه الشعوب فى خانة الاجتهاد والقياس المحدود المراجع والمنغلق على ذاته
ويطول الحديث …………