الرغيف العجيب

الخرطوم – حيدر عبد الحفيظ
الصفوف والتدافع على أبواب المخابز مشهد لفرط تكراره ظل مألوفاً في أغلب أحياء الخرطوم تقريباً.. أزمة الخبز تأخذ بخناق المواطن في ولايات البلاد، كذلك، ففي مدينة بربر، حاضرة ولاية نهر النيل، تتوقّف مخابز المدينة في المساء عن العمل بعد انتهاء حصّة الدقيق التي تُوزع لأصحاب الأفران (من عصراً بدري)، من النادر أن تجد (فرناً) يصطف حوله طالبو الخبز، وإن وجد الخبز فإن التدافع والصراخ والصراع بين الموطنين هو أبرز ملمح للصفوف هناك، كما يروي مواطنون لـ(اليوم التالي).
بالنسبة للقضارف فإن الخبز فيها أمره محير؛ نقص وزن الخبز في الطابونة لم يؤرق “الخبّازين” هناك، وفي خطوة باتجاه تحقيق فائدة ربحية في ظل ارتفاع أسعار المدخلات ? بحسب بعض أصحاب الأفران- كما في الحواتة وغيرها، فقد ظهر خبز بتعرفة 500 قرش توطئة لاعتياد الناس عليه ومن ثم تثبيت ذات السعر على نفس وزن قطعة الخبز التي تباع بـ(250) قرشا كما ذهب الأهالي هناك لتفسير ظهور هذه الزنة الجديدة من “قرص” الخبز.
المؤكد أنّ مخابز البلاد المختلفة تعتمد على مدخلات دقيق القمح الذي يعتبر المكون الرئيس لصناعة الخبز، وتشير التقديرات الرسمية إلى أن استهلاك القمح في العام يشكل عبئاً ثقيلاً على ميزانية الدولة لسد النقص والاستهلاك المتزايد، والتي من أبرز أسبابها التحول الثقافي الكبير في الاستهلاك لدى المواطنين مؤخراً، ومنافسة خبز القمح لخبز الكسرة، وتوقف نسبة استخدام الأول حتى في الولايات وأريافها التي لم تكن تعرف إلى وقت قريب خبز القمح إلا نادراً في المناسبات وعند تغيير “روتين” أكل خبز “الفنادك”.
بالنسبة للخرطوم تقدر حاجة الولاية ذات الـ8 ملايين نسمة أو تزيد بحوالي 35 مليون قطعة خبز يومياً، لجهة أن العاصمة ذات الثقل السكاني الكثيف والنزوح الذي تواجه به يومياً خلافا لسائر ولايات البلاد يجعل من أمر توفير الخبز بالقدر الذي يفي بالحاجة السكانية تحديا جديدا لحكومة الولاية التي من المفترض أن تضع الأمر في أوليات اهتماماتها وتخطط على أساس هذا التقدير.
إذاً، الأزمة التي عصفت بالبلاد في الايام الفائتة وحتى كتابة التقرير مردها شح إمداد القمح الذي أثر بدوره في منتوج الدقيق وتوقف ماكينات المطاحن الوطنية؛ فتجلت الأزمة في شح المنتج من الخبز وظهور تداعياتها في اصطفاف المواطنين على المخابز طلباً للظفر بحصة الخبز اليومي.
بدر الدين جلال باتحاد مخابز ولاية الخرطوم في حديثه لـ(اليوم التالي) أكد أن الأزمة في طريقها للانفراج بعد أن وصلت شاحنة القمح للميناء وتم توزيع الحصص للمطاحن؛ مع تسليم حصص المخابز من الدقيق بالفعل بعد انسياب الدقيق من المطاحن..
وبالطبع ربما يحل وصول القمح عبر البحار المشكل، ويخفف من وطأة الوقوف في الصفوف الى حين، لكن ما يزعج المراقبين في شأن المستهلك والاقتصاد أنّ حلول الدولة تجاه قضية الخبز، أكثر قضايا المعاش حساسية ما زالت دون الطموح! بعد أن عجزت النهضة الزراعية ووزارة الزراعة عن تطويع الواقع الزراعي والمناخي – وهو ممكن لو فُعّل البحث العلمي- في زيادة الإنتاجية من القمح ليقي البلاد شر الاستيراد لسد الفجوة من القمح سنوياً، أو حتى الاستهداء بتجارب مدخلات خبز القمح المخلوط بالذرة التى روج لها حيناً من الزمن، ولكن سرعان ما توارت التجربة عن الأنظار، ليصير المواطن رهن شح دقيق القمح وارتفاع أسعاره عالمياً.
ثمة دولة – مثل السنغال – قليلة الموارد صغيرة المساحة قليلة مراكز البحث العلمي مقارنة بالسودان، تمكنت من حل مشكلة الخبز وإنتاج القمح بالقفز عبر حاجز الواقع بتطويع وإعمال البدائل والخروج بابتكار خبز “البطاطس الحلوة” الذي حل مشكلة الخبز نهائياً بالاستفادة من منتج زراعي يتواءم مع المناخ المداري للدولة الفقيرة، وهو ذات المناخ الذي يتصف به السودان- هل تفعلها الدولة هنا في السودان ومراكز البحوث بتوديع الفجوة أو ابتكار البديل أم اننا في كل فجوة نلعن الظلام بدل أن نسرج شمعة الأفكار بالابتكارات للحظة؟

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. اخونا بتاع الشطرنج رايك شنو ؟ المثل بيقول ان الحاجة ام الاختراع والسوال هو ما حاجتنا لتطوير لعبة الشطرنج ؟ والا لانك اصلا مائش خارج مدارك او بالاحرى مدار البلد

  2. الناس ديل كل ما يجيبو ليهم سيرة نقص القمح اقولو في شاحنة جاية من الميناء والله دي لو جاية فوق سلحفاة كانت وصلت
    ربنا يخلصنا منكم

  3. ما زمان قلتو يا حكومة انكم ممكن تصنعوا رغيف من الذرة اين اختراعاتكم الضلالية ديك عاملين فيها ابو العريف ،

    طبعا يا جماعة دي رغيفة التوجه الحضاري بتاع ناس الانقاش ، الله لا انقذهم من نار جهنم .

  4. اذا كانت الحكومة ليست قادرة علي تامين قوت الشعب فالتزهب غير ماسؤف عليها ….
    لقد مل الشعب السوداني من سماع نغمة سلة غذاء العالم العربي ونحن اكثر الشعوب معاناة غي قوت يومنا
    الي متي هذا الهراء والاستخفاف بالناس يا حكومة الدمار……..حسبنا الله ونعم الوكيل ….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..