وظيفة مافي ليك وتمرق ما بنخليك

زمان كانت الدنيا والسودان بخير، وكان طالب الطب يدرس في جامعة الخرطوم بالمجان، وكانت الدولة هي من تتولي الانفاق عليه، تقوم علي كل حاجاته، علي اكله وشربه وعلاجه وسكنه وحتي كلفة السفر لأهله، بعد أن وفرت له سبل النجاح، جمعت العلماء ليعلموه، والقاعات والمعامل، والمراجع والوسائل، ولم تكلف الطالب مليما واحد، حتي يتخرج طبيبا، ثم للامتياز دون انتظار ويوم يكمل إمتيازه تكون الوظيفة حاضرة، وكان يجد الرعاية والتقدير.
وحين يأتي دوره في التخصص تبتعثه الدولة للخارج، علي حسابها سنين عددا، في إنجلترا وايرلندا وخلافها ليتخصص وبزداد علما فوق علمه، تصرف عليه طوال ذلك بالدولار، الرسوم وتكاليف الاقامة والاعاشة بما يليق به كطبيب، له ولزوجته وأطفاله وفوقها تزاكر سفرهم بالطائرة، حتي ينال شهادته ويعود، ولان الدولة فرغته لذلك تماما ، وصرفت عليه الكثير وبالسنين، كان الواجب عليه أن يرد الدين الذي عليه، بالعمل في مرافق الدولة الصحية، ويكون ذلك واجب وأمرا ملزم ومبرر، ويكون من يتقاعس عنه أو يتهرب منه، ناكر لجميل الوطن، ومقصر يستحق المحاسبة
أما الآن فقد تبدل الحال وأصبح دخول الطب للفقير من المحال، فدراسة الطب أصبت بالفلوس ولا يطالها الا ذو مال، فرسوم الدراسة السنوية أصبحت مية وأربعون مليون جنيه في السنة الواحدة في بعض الجامعات ، يضاف لها ما يحتاجه الطالب من مصاريف اعاشة وسكن ومراجع ومواصلات وخلافه، ومعظم هؤلائي أتو من مدارس خاصة وبالقروش بعد أن اصبحت حنتوب وخور طقت و وادي سيدنا من تاريخنا الذي مضي ومجدنا الذه أفل، ثم يتخرج الطالب لينتظر دوره في الامتياز عام يزيد وينقص وبعد تكملة الامتياز والحصول علي الرخصة يصبح الحصول علي الوظيفة في وزارة الصحة أمرا يصعب مناله ولا يلقاها الا ذو حظ عظيم،
أما جديد التخصص وهو مربط الفرس والباعث علي كتابة الموضوع، أن التخصص أصبح بالداخل لمعظم التخصصات الطبية، وأنه صار لنا مجلس للتصصات الطبية، يشرف علي تدريب الأطباء، ويعقد امتحانات الحصول علي شهادة التخصص بدرجة دكتوراه، وهي تجد الفبول والاعتراف عالميا، كما أن التدريب في السودان أفضل من التدريب في كثير من أقطار الدنيا، لما يجده المتدرب عندنا من مرونة، لا يجدها المتدرب في كثير من البلاد، فتجد المتدربين للحصول علي التخصص الطبي، وهم نواب الأخصائي، هم عماد الخدمة الطبية في كثير من المرافق الطبية عندنا، يعاونهم أطباء الامتياز وومن يسمون بالطبيب المقيم وهم صغار الأطباء، ومن لم يسلكوا بعد درب التخصص، يعالجون المرضي وحتي الجراحة يقومون بها، الامر الذي يكسبهم الكثير من الخبرة والتجربة، لذلك تجد الكثير من الأطباء يفضلون التدريب بالداخل، خاصة أهل الجراحة والتخصصات الشبيهة التي تخالطها الجراحة كالنساء والولادة،
والنواب المتدربون يعملون ليتعلموا، وليكملوا الفترة التدريبىة الإلزامية، حتي يمكنهم الجلوس لامتحان التخصص، فالتدريب والانتظام فيه شرط لجلوسهم للامتحان، وصحيح أن وزارة الصحة تصرف لهم رواتب طوال الفترة التدريبية، التي قد تستمر خمسة أعوام، لكن الطبيب المتدرب هذا كان يعمل طوال الوقت مع الوزارة، بل يعمل فوق طاقته ليكسب رضي وثقة رئيس الوحدة المشرف عليه، وما يدفع له لا يقارن بما كانت الدولة تدفعه للمبعوث الخارجي، ولم يكن المبعوث يقوم بعمل في الداخل طوال إبتعاثه، أما المتدرب بالداخل فيعطي الكثير ويأخذ القليل، وهو أحد ركائز الخدمة الطبية في كل مرافق الدولة الطبية.
وأمر التخصص هذا هو علاقة تعاقدية، أطرافها وزارة الصحة السودانية، ومجلس التخصصات الطبية، والطبيب طالب التخصص ، وبموجب العقد تتيح الوزارة للطبيب العمل متدربا في المرافق الخاصة بها طوال فترة التدريب، وتصرف له راتب شهري ، ويكون دور المجلس امتحان طالب التخصص اذا اجتاز امتحان التخصص الأول سمح له بالتدرب، وأشرف عليه، وباجتياز الامتحان الثاني بعد التدريب يكون الطبيب أصبح أخصائي يمنحه المجلس درجة علمية ، وخدمات المجلس هذه بمقابل مادي (12 مليون ج) .
بحصول الطبيب علي درجة أخصائي، تتوقف مخصصاته كنائب، وعليه البحث عن وظيفة أخصائي، ورغم حاجة الوزارة للكثيرين منهم، وحاجتهم للعمل للحصول علي شهادة خبرة، هي أحد ضرورات التعاقد الخارجي، ولكن لا حصل الطبيب علي وظيفة، ولا أكملت الوزارة حاجتها، وكما يقال العين بصيرة واليد قصيرة، فموارد الوزارة ومقدرتها علي التوظيف لا تناسب حاجتها، ولا تستوعب الا القليل من طلاب الوظائف، فتذهب كثرتهم للبحث عن بديل، ولكن مشكلة هؤلائي تكبر اذا كان البديل خارجي، وأرادوا العمل خارج الحدود،
أولا عليهم دفع مبلغ 12 الف ج أو قل مليون بالقديم للمجلس نظير ما قام به وقدمه لهم من خدمات، حتي يمكنهم الحصول علي شهاداتهم العلمية ، وأظن أن ذلك أمر مبرر ومقبول ومفهوم،
ثانيا من أراد الخروج يلزمه الحصول علي خلو طرف من الوزارة، ومن أراد خلو الطرف عليه سداد تسوية بمبلغ 60 مليون ج (ستين مليون ج) ، و من اراد سداد التسوية يحتاج موافقة، والموافقة تشترط أن تعمل فترة بالدولة، يعني تسعي للعمل بالوزارة ما تلقي وظيفة، تتوظف برة وداير تطلع ، تطلع عينك ما يخلوك، ناس لا ترحم ولا تخلي رحمة الله تجي ، ويطوف بخاطري حديث الرسول (ص) دخلت امرأة النار في هرة حبستها حتي ماتت لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض.
يعني علي كده كل حداد أو نجار أو مكنيكي علم الصنعة لصبي، جاز له أن يطلب منه عشرات الملايين لو فكر يسيب الورشة ويمشي الجيران، عرفنا وزارة الصحة تظلم المواطن، بتقصيرها في أن تكفل له خدمة علاجية مقبولة، لضيق ذات اليد، ولكن لماذا تظلم الطبيب وتضيق عليه بمنعه من السفر، وهو إستثمار أسرة، البعض صرف الوراه والقدامو للحصول عليه،. وحتي عقدها يعتبر من عقود الاذعان، وهي العقود التي يفرضها صاحب خدمة قوي علي طالب الخدمة مثل عقود شركات الهاتف والكهرباء والمياه انت مجبور يا توقع بالمكتوب يا مافي ليك، لا تفاوض فيها.فيا وزير الصحة أرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء .
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..