لقاح الملاريا الجديد وفرص إنقاذ حياة أطفال أفريقيا

لقاح الملاريا الجديد وفرص إنقاذ حياة أطفال أفريقيا

د. أحمـد هاشـم
[email protected]

يصيب مرض الملاريا حوالى 225 مليون شخص فى العالم سنوياً ويؤدى إلى وفاة 781 ألف طفل معظمهم فى دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ساهم التركيز بكثافة فى إستخدام أساليب الوقاية مثل الناموسيات والمبيدات الحشرية فى خلال العشرسنوات الماضية إلى إنخفاض حالات الإصابة والوفيات من مرض الملاريا. والآن أوضحت نتائج المرحلة التجريبية الثالثة للقاح آر تى إس إلى خفض نسبة الإصابة بالملاريا المزمنة والحادة إلى النصف (%50) بعد 12 شهراً من تطعيم الدفعة الأولى المكونة من 6 ألف طفل ما بين سن 5 إلى 17 شهر.

لقاح الملاريا أعلاه تم إختراعه في أواخر 1980 من قبل الباحثين في قسم البيولوجيا الصيدلانية فى شركة الأدوية العملاقة جلاسكو سميث كلاين، ويستخدم مزج البروتين من لقاح إلتهاب الكبد ب مع بروتين السطح من طورطفيل الملاريا المتخصص فى غزو خلايا الكبد لإكمال نموه وإستنساخ نفسه ليشن بعد ذلك هجوماً ويستقر فى خلايا (كريات) الدم الحمراء التى يتغذى عليها البعوض. شارك فى هذه التجارب الميدانية شركة جلاسكو ومبادرة لقاح الملاريا فى مدينة سياتل الأمريكية بدعم مالى من مؤسسة بيل وميليندا غيتس، معهد والتر ريد العسكرى للبحوث، والعديد من مراكز البحوث فى سبع دول أفريقية شملت كينيا، تنزانيا، بوركينا فاسو، ملاوى، موزمبيق، الجابون وغانا.

بدأت المرحلة التجريبية الأولى للقاح الملاريا فى مارس عام 2009 وشملت حوالى 16 ألف طفل تم تقسيمهم إلى مجموعتين: مجموعة سن 6 إلى 12 أسبوع، ومجموعة سن 5 إلى 17 شهر. ما زالت الدراسة مستمرة ويتوقع ظهور نتائج المجموعة العمرية الأولى فى نهاية عام 2012 والنتائج الكاملة لكل الأعمار فى نهاية عام 2014. والجدير بالذكر أن شركة جلاسكو إلتزمت بالسعى الجاد لتقليل تكلفة الإنتاج ليكون اللقاح فى متناول كل أطفال أفريقيا على نطاق واسع خاصة فى المناطق الموبوءة بمرض الملاريا.

قد يتسائل القارئ لماذا أخذ اللقاح كل هذا الوقت من الإختراع إلى التجارب الميدانية؟ للأسف تهمل الشركات الكبرى العمل على بدء الدراسات الإكلينيكية للأدوية أواللقاحات الجديدة المعالجة للأمراض المهملة فى الدول النامية، بحجة أن العائد الربحى يكون غير مجزياً مقارنة مع التكلفة المتراكمة التى قد تدوم إلى عشر سنوات من مرحلة إختراع دواء او لقاح جديد فى المختبر إلى مرحلة علاج المريض فى المستشفى. لكن العامل الرئيسى فى بدء التجارب الميدانية للقاح الملاريا يعود إلى الدعم المالى السخى من مؤسسة بيل وميليندا غيتس (بيل غيتس مديرشركة مايكروسوفت السابق) لمؤسسات البحوث الأفريقية وشركات الأدوية العملاقة.

يعلم الجميع بأن البحث العلمى وفق المعايير العلمية الحديثة فى الأمراض المستوطنة كاد أن ينعدم فى الجامعات ومؤسسات البحوث العلمية السودانية ووسط الطلاب والباحثين، وعلى وجه الخصوص مرض الملاريا، السل الرئوى، الجذام والأمراض الجرثومية المختلفة. تقدم مؤسسة غيتس المنح المالية للأفراد ومراكز البحوث والجامعات وفق برنامج الصحة العالمية ويشمل على سبيل المثال الأمراض المهملة، الملاريا، الدرن، الأيدز، الإلتهاب الرئوى والإنفلونزا، صناعة اللقاحات وصحة الأم والطفل. ما زال الأطفال فى السودان يعانون ويفقدون حياتهم فى وقت مبكر بعد الولادة نتيجة الإصابة بمرض الملاريا فى الوقت الذى إنعدمت فيه الخدمات الصحية للجميع، ونأمل أن يؤدى هذا اللقاح فى المستقبل إلى تقليل الإصابات والحد من وفيات الأطفال وسط الأسر الفقيرة خاصة فى القرى والبوادى.

د. أحمـد هاشـم، سكرتير مؤسسة كردفان للتنمية وباحث فى كلية الملكة ميرى للطب جامعة لندن. www.kordofan.co.uk [email protected]
First Results of Phase 3 Trial of RTS,S/AS01 Malaria Vaccine in African Children. N Engl J Med 2011

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..