الاستعداد الغائب في صراع حلايب .. أزمة النقل والعقل

أبو الحسن الشاعر
للأسف لم أقرأ قط للباحثين السودانيين ما يهيئء السودانيين بالوثائق للدفاع عن حلايب وإنما يكتفون بدغدغة المشاعر الوطنية بعبارات فضفاضة وهي وإن كانت مطلوبة لكنها لن تفيد في المحافل الدولية كما يرددها أيضا الجانب الآخر لكنه يضيف إليها ما يعزز بها موقفه القانوني في المطالبة ويجهد نفسه ويعدها لدحض حجج السودان التي تقتصر فيما يردده من يعتبرون أنفسهم علماء على أنها لنا لأنها كانت تحت إدارتنا منذ ستين عاما لكن ذلك لا يخلق واقعا دوليا قانونيا وبذلك يتوجب علينا البحث في الوثائق والخرائط والوقائع التي تحفظ حقنا وقبل ذلك إعداد أهل المنطقة نفسها للدفاع عن انتمائهم وحقهم بدلا من ترديد أحاجي البطولات وهذا ما سنفيض في شرحه .
وعلينا أن نعرف أن الصراع بين الدول حول مناطق حدودية متنازع عليها أمر لا يدعو للقلق ومعظم بلدان العالم تعاني من هذه المشكلة وتعتبرها من المسكوت عنه وتلجأ لإثارتها بين الحين والآخر لدوافع سياسية ولكن أخطر ما في هذه القضايا أنها تستغل الشعور الوطني لإذكاء العداوة بين الشعوب في قضايا يعلم مثيروها سلفا أنها لن تحل بغير المفاوضات لأنه حتى في حال وقوع الحرب فإن مآل النهايات سيكون في نهاية المطاف عبر المفاوضات لأنه لا يمكن أن تتوقف حرب دون مفاوضات وتسويات ويتسم ذلك بأزمة النقل للوقائع بصورة لا تطابق الواقع .. وأزمة العقل بحيث يتأثر البعض بما ينقل لهم دون تبصُّر .. والسودان ليس استثناء فما زالت لديه قضايا حدودية معلقة مع عدة بلدان والمفارقة الأعجب أن السودان الذي منح الجنوب ثلث الأرض لم يتمكن من حسم ملف أبيي قبل استقلال الجنوب وبذلك أضاع المفاوضون فرصة لن تعوض حيث كان من الممكن للجنوب الطامع في الاستقلال أن يتنازل عن أبيي مقابل الاعتراف بدولته ومنحه حق تقرير المصير على غرار ما فعلت إثيوبيا مع السودان حين اشترطت تنازله عن منطقة قمبيلا مقابل الاعتراف باستقلاله وهو كان في أمس الحاجة للاعتراف به فلم يجد الساسة بدا من التنازل وقد كان.
ومعظم بلدان الوطن العربي تعاني من صراعات شبيهة بحلايب فالكويت مثلا لم ترسم حدودها مع السعودية وتسمى المنطقة بينهما المنطقة المقسومة ويتم استغلال ثرواتها حتى اليوم مناصفة ولها من جانب آخر صراع مع إيران والسعودية وكذلك الحال بين معظم دول الخليج ولسوريا صراع مع تركيا بشأن لواء الاسكندرونة وللعراق مثل ذلك مع إيران في شط العرب وهكذا ..
وبناء عليه فإن مناقشة هذه القضايا وتهييج الجماهير حولها يخلق جفوة بين الشعوب ويذكرني هذا بالصراع اليمني السعودي حيث كان اليمنيون يعتقدون أن السعودية تستقطع معظم أراضيهم وتستأجر أخرى وقد ساهم ذلك في كراهية تحسب أن اليمني يتم إرضاعه لها مع حليب أمه وأعتقد أن ذلك ما أدى بمعظم اليمنيين لمساندة صدام حسين حين غزا الكويت لا عداء للكويت إنما كراهية للسعودية التي وقفت مع نظام آل حميد الدين وحاربت الثوار الذين أسقطوهم مما استدعى الاستعانة بقوات عبد الناصر لتثبيت الثورة لكن في منتصف التسعينيات تمت تسوية قضايا الحدود وتحسنت العلاقات أخيرا للدرجة التي جعلت السعودية تمثل الوسيط الأهم في تسوية نزاع الربيع اليمني الأخير الذي كاد أن يفضي إلى حرب أهلية طاحنة وبالتالي لا عداء دائم .
إن النزاع حول مناطق حدودية معروف ولكل طرف حق الزعم حتى يثبت بطلان مزاعم الآخر وتلجأ لجان التحكيم أحيانا إلى استفتاء شعوب المنطقة في خيارات انتمائها فمملكة البحرين مثلا جرى الاستفتاء عليها إذا ما كانت تريد الاتحاد مع إيران أم الاستقلال !
إن ما يزعج حقا ليس التنازع حول الحقوق وإنما ذلك التدافع للسباب والشتائم بين الشعوب الذي يخلفه أثر ذلك وغالبا ما يتناول الأمر غير أهله بدوافع الحمية الوطنية وهي مشاعر طيبة ومطلوبة لكنها في نهاية الأمر لن تحقق مكسبا على الأرض لأن الإدعاء بالوثائق والحقائق التي يزعم كل طرف أنه يملكها وإلا لما طالب بها ولكن قد يلجأ أحد أطراف التنازع لاستغلال ظرف سياسي ( قامت أريتريا الوليدة وهي طفلة تحبو باحتلال جزيرة حنيش اليمنية عسكريا بدعم خارجي كان الهدف منه استدراجها لحرب لكن فطن اليمن للمكيدة ورفض استخدام القوة لكنه هدد بها وخضعت للتحكيم واستردتها اليمن ) أو لتفوقه العسكري أو قدراته ومثال ذلك احتلال بريطانيا لجزر الفولكلاند واحتلال إيران جزر الإمارات الثلاث أبو موسى وطنب الصغرى والكبرى ( وما زالت دول الخليج تطالب بها ومع ذلك بالإمارات عمالة إيرانية تفوق عدد سكان البلاد مرات ولم نقرأ أن الإماراتيين يسبون أهل إيران كل يوم ويصفونهم بالفرس أو العجم أو يعيرونهم بالفقر مثلا )، أو بإقامة منشآت في المنطقة المتنازع عليها ودعم أهلها لفرض الغلبة والأمر الواقع وحلايب نموذج لذلك لكن سياسة القوة أو الظرف السياسي أو الأمر الواقع لن تجدي لأنها من المتغيرات وقد يجد الطرف الذي استغل تلك الظروف يوما ما أنه في حاجة ماسة للآخر .
وأعجب لمن يتناقلون تصريحا لشخص مغمور من هنا وهناك ويقولون إن الشعب المصري شتم الشعب السوداني أو أن الشعب السوداني أساء للمصري ، هذه الإساءات الإعلامية بين الكتاب مؤقتة ولا تؤخذ على محمل الجد من الدول وأضرب بهذا مثلا فلو أن السعودية أخذتنا بفاحش القول وبذيء العبارات التي قالها في حقها عقيد الإنقاذ الحقود المدعو يونس محمود في بداية التسعينيات لما بقي سوداني واحد على أراضيها بل لمنعت عنهم الحج والعمرة ولو أن دولة قطر تعاملت مع المصريين بما ينشره ويذيعه سفهاؤهم عن قياداتها في فضائياتها والانترنت لما بقي مصري واحد من مئات الآلاف الذين يعملون على أراضيها وحتى مصر فهي لم تعاقب السودانيين بعد أن صادرت الإنقاذ جامعة القاهرة فرع الخرطوم وأسمتها النيلين والكثير من أملاكها .. ثم عادت وردت بعضها ! بل وتآمرت أجهزة أمنها لقتل رئيسها ومع ذلك رفضت الحصار الاقتصادي على السودان من مجلس الأمن بسبب دعم الإرهاب ( راجع مقال د. منصور خالد من / أهوال الحرب وطموحات السلام / قصة مدينتين ) .. والدول عادة لا تقدم على معاقبة الشعوب إلا إذا شعرت بخطر أمني من تواجد الآخرين على أراضيها إذا اندلعت حرب ومثال ذلك ما فعلته السعودية والكويت بعد الغزو العراقي .
لقد تم تصعيد قضية حلايب أعوام 1958 و 1992 و1995 و2013/2014 وكلها لأسباب سياسية محضة تخص الأنظمة المتشاكسة ولا علاقة للأمر بالشعوب والخلاصة التي يعرفها الكثيرون هي أن مشكلة حلايب تتعلق بنزاع نشأ أصلا لسببين :
1- الحدود السياسية : و تزعم مصر أنها حددتها اتفاقية 19 يناير 1899 بين مصر وانجلترا والتي احتوت 12 مادة جاء في المادة الأولى ” تطلق لفظة السودان في هذا الوفاق على جميع الأراضي الكائنة جنوبي الدرجة الثانية والعشرين من خطوط العرض ” ( عوض الله حسين محمد ، الحياة 25 /8/1992 ص 8 وقد تم توصيف الأراضي على النحو التالي بحسب ما أورده الدكتور يونان لبيب رزق ( الحدود المصرية السودانية عبر التاريخ / ندوة ، إعداد الدكتور عبد العظيم رمضان ) :
أولا : الأراضي التي لم تخلها قط الجنود المصرية منذ سنة 1982 أو
ثانيا : الأراضي التي كانت تحت إدارة الحكومة المصرية قبل ثورة السودان الأخيرة وفقدت منها وقتيا ثم افتتحتها الآن حكومة جلالة الملكة والحكومة المصرية بالاتحاد. أو
ثالثا : الأراضي التي تفتتحها بالاتحاد الحكومتان المذكورتان من الآن فصاعدا.
و الدكتور يونان لبيبب رزق يشير إلى أن هذه المادة هي التي صنعت الحدود المصرية السودانية لكنه يعترف قائلا “وإن كان حتى هذا محل جدل يصل في بعض الأوقات من المعنيين السودانيين إلى درجة التشكيك ” ونحن نقول ليس في بعض الأوقات بل في كل الأوقات وقد أورد د. رزق حجج السودانيين التي تدحض ذلك وربما أخفى أخرى نجملها بتصرف يسير في أولا : أن المادة لم تشر من بعيد أو قريب أن خط 22 ش يصنع حدودا بين البلدين ، وهو مجرد خط للتمييز بين أراضي البلدين ولأسباب شرحها اللورد كرومر وأن للسودان حدودا مع ست دول أخرى تم تحديدها باتفاقيات دولية صريحة باستثناء مصر وثانيا : أن هذا الخط هو خط تحكمي / تعسفي أي أن من وضعه لم يراع الاعتبارات المفروض مراعاتها في صناعة الحدود سواء كانت طبيعية أو بشرية وأن ما تم أشبه بأن يأتي رجل بقلم ومسطرة ويضع الخط الفاصل بين البلدين فوق الخط الوهمي 22 شمالا ، وثالثا أن اختيار الخط يتميز بالغموض وينسب د. رزق لباحث سوداني لم يحدد اسمه أنه كتب في أطروحة دكتوراه لجامعة انجليزية قوله ” إنه من غير المعروف بالضبط لماذا اختار اللورد كرومر خط عرض 22 كحد شمالي للسودان !” ويضيف د. رزق أن الكاتب السوداني هوّن من شأن الاختيار مستدلا بعبارة ساخرة للمراسل الصحفي آنذاك رئيس وزراء بريطانيا فيما بعد ونستون تشرشل ” إن سبب اختيار خط عرض 22 ش أنه الخط الفاصل بين الحضارة والبربرية the dividing line between civilization and barbarism ? ، وأعتقد أن العبارة وإن كان يفهم منها أن اختيار الخط جاء اعتباطا إلا أنها تشير أيضا إلى أن تشرشل تأثر بما عايشه أثناء الحرب ضد المهدية حيث كان مراسلا صحفيا آنذاك.
وحاول الدكتور لبيب رزق أن يتتبع حجج السودانيين لدحضها وليس هذا مقام تفصيل حججه وتفنيدها.
2- الحجة الأخرى التي يعتمدها السودانيون فهي الحدود الإدارية باعتبارها سياسية أيضا والتي جرت بناء على تعديل اتفاقية 1899 مرتين ، في العام 1902 ( لتوفير مرسى نهري / ميناء ” فرص العميق ) و1907 ( لتوحيد القبائل / وضع العبابدة تحت الإدارة المصرية والبشاريين تحت الإدارة السودانية وظل السودان يشرف إداريا عليها لمدة ستين عاما قبل أن يتفجر الصراع حولها عام 1958 ، والموضوع في أصله ليس بهذا الابتسار وفيه كلام كثير وللمصريين حجج مطولة وادعاءات كثيرة بوجود خرط عديدة ومصادر لتثبيت إدعاءاتهم وهذا ما ينبغي الالتفات إليه بجدية من الباحثين السودانيين لأن المشكلة لو امتدت لمائة عام فهي لا بد أن تخضع للتحكيم الدولي وعندها لن ينفع سوى التمترس خلف الوثائق والاعتداد بها ومثال ذلك مشكلة طابا التي كسبتها مصر بناء على وثيقة وحيدة وجدتها مصر في دار الوثائق السودانية على المشهور وكذلك على السودان عدم لتخلي عن سكان المنطقة وتنميتها لأن الأمر قد يؤول في النهاية للتحكيم والاستفتاء .
ومشكلة حلايب شبيهة بنزاع السودانيين الآن حول منطقة أبيي فالسودان الشمالي يعتمد ترسيم حدود جنوب السودان عند حدود الجنوب يوم الاستقلال 1956 مرجعا فيما لا يعترف جنوب السودان الآن بذلك ويقولون إن أبيي كانت تتبع مشيخات دينكا نقوك التسع التي ضمت لكردفان من قبل الحاكم العام البريطاني عام 1905 ! ( راجع وثيقة المبعوث الأمريكي دانفورث).
وما كان لي أن أخوض في الأمر مع الخائضين لولا أنني قرأت ما نشره الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان وهو باحث جاد حول الموضوع وقد نال حظه من المتابعة فوجدت أن ما كتبه يمثل صورة فاقعة لأزمة النقل والعقل فهو فيما أرى لم يتوخ الاقتصار على الأمانة العلمية فجنح لاستثارة الحماسة الوطنية برواية لا تصح وليس ذلك من شيم العلماء في بحث رصين ( راجع مقال الدكتور العالم النابه فيصل عبد الرحمن علي طه / حلايب وصورة لم تكتمل ، الراكوبة ، تعقيبا على ما أورده الدكتور سلمان ) وقد وصف الدكتور سلمان اللقاء بين السيد محمد أحمد المحجوب والرئيس عبد الناصر برواية لا تليق بالعلماء وربما أجد العذر في أن الدكتور له علم بالتاريخ ولكن لا علم له بالدبلوماسية والسياسة ونورد مما قال الدكتور سلمان :
التقى وزير الخارجية محمد أحمد محجوب بالرئيس جمال عبد الناصر منتصف نهار يوم 19 فبراير عام 1958. كان عبد الناصر ودوداً ومهذباً مع المحجوب، وظلّ يخاطبه خلال الاجتماع بـ “الأخ محجوب.” عرض الرئيس عبد الناصر على السيد المحجوب مقترح ألّا تُجرى انتخاباتٌ سودانيةٌ أو استفتاءٌ مصريٌ في حلايب، وأن تناقش الدولتان مسألة حلايب بعد الانتخابات والاستفتاء. غير أن المحجوب رفض ذلك الحلَّ الوسط وأوضح للرئيس عبد الناصر تبعيّة حلايب للسودان دون شرطٍ أو قيد. تواصل اجتماع المحجوب مع الرئيس جمال عبد الناصر حتى نهاية ذلك اليوم، ولكنّ الطرفين فشلا في حلّ النزاع من خلال التفاوض
في حوالى الساعة الخامسة عصر ذلك اليوم أوضح السيد المحجوب للرئيس عبد الناصر أنه حاول الاتصال هاتفياً ببعثة السودان للأمم المتحدة في نيو يورك، لكن يبدو أن الأمن المصري يقف في طريق تلك المكالمة. ابتسم الرئيس عبد الناصر وسأل المحجوب إن كان لدى السودان الإمكانيات للتنصّت على المكالمات الهاتفية، وعرض عليه تدريب سودانيين في مصر للقيام بتلك المهمة. شكره المحجوب وأخبره أن السودان يملك تلك الإمكانيات ويقوم فعلاً، مثل مصر، بالتنصّت على المكالمات التي يعتقد أنها تهدّد أمنه.
أخذ الرئيسُ عبدالناصر السيدَ المحجوب إلى مكتب مجاور وسلّمه سماعة الهاتف وهمّ بالخروج. غير أن المحجوب طلب منه البقاء قائلاً “سيخبرك رجال الأمن المصري بمضمون المكالمة لاحقاً فلماذا لا تسمعها أنت بنفسك مباشرةً مني الآن؟” بعد قليلٍ من التردّد بقي الرئيس عبد الناصر في نفس المكتب مع السيد المحجوب.
رفع المحجوب سماعة الهاتف وعندما تمّ توصيله بالمندوب الدائم للسودان في الأمم المتحدة في نيو يورك ذكر المحجوب في تلك المكالمة كلمةً واحدةً فقط باللغة الانجليزية وهي:
Release وترجمتها “إطلق.” ثم أعاد المحجوب السماعة إلى مكانها وسط دهشة الرئيس عبد الناصر. بعدها بقليلٍ غادر المحجوب قصر القبة إلى سفارة السودان بالقاهرة ثم إلى منزل السفير،ومنها صباح اليوم التالي إلى الخرطوم.
وهكذا انتهت زيارة المحجوب إلى القاهرة بالفشل التام في حسم نزاع حلايب ودياً وسلمياً. ووضح فشل الزيارة في عدم اشتمالها على دعوة العشاء التقليدية من مصر ورئيسها ووزير خارجيتها للسيد وزير خارجية السودان الذي كان في زيارة رسمية للقاهرة، والذي كان يُفترض أن ينزل في ضيافة الحكومة المصرية في قصر الطاهرة.
غير أن ذلك الاجتماع كان من الاجتماعات المصرية السودانية القليلة التي اتسمتْ بالندّية الكاملة بين طرفي الاجتماع، والاحترام التام للجانب السوداني من الجانب المصري انتهى .
هذه الرواية لا بد أن يصفق لها كل سوداني إعجابا بموقف المحجوب الشجاع لكنها لا تصمد أمام وقائع البروتوكول وحدود الدبلوماسية والرؤساء لا يمزحون مع الوزراء ويتجادلون معهم إنما على الوزراء فقط نقل رسائل بلادهم لا غير وإن كان الوزير بوزن المحجوب خاصة في أمور الجد الذي ما هو بالهزل ، كيف يمكن أن يقنعنا الدكتور بأن المحجوب الذي نعتز بأنه أحد أبرز دبلوماسيينا ذهب محاربا لا باحثا عن حل ولو كان الأمر كذلك لكان الأفضل أن يبعث بوزير الدفاع لنظيره والدبلوماسي مهمته تجنب المصادمة والخروج بأكبر المكاسب فكيف يجوز له مخاطبة رئيس هو ضيف على بلاده وفي مكتبه ويناديه الرئيس بود وتهذيب وبكل احترام بالأخ ويسلمه سماعة الهاتف بنفسه فيرد لمحجوب ” سيخبرك رجال الأمن المصري بمضمون المكالمة لاحقاً فلماذا لا تسمعها أنت بنفسك مباشرةً مني الآن؟” هذه جلافة لا تليق بأعراب الجاهلية ولا بدبلوماسي مبتدئ ليخاطب رئيسا بلغة – أنت بنفسك – ناهيك عن المحجوب ولو حدثت من أكبر دبلوماسي لأكبر دولة بحق رئيس أصغر دولة لفتحت الأبواب أمامه مشرعة للمغادرة فورا !! هذا هراء لا يجوز بالعلماء روايته .. رغم أن بعض المحققين يقولون إن اللقاء مع عبد الناصر لم يتم أصلا وهاك رواية المحجوب نفسه التي أوردها الدكتور المصري السيد فليفل في بحثه بعنوان ” الحدود المصرية السودانية .. أداة اتصال لا انفصال ) / 1997 ( ملحوظة : فليفل هذا أثار سخطا وغضبا سودانيا بتصريحات حول حلايب في الأيام الماضية تخالف مضمون بحثه الذي أشرنا له ) وذلك نقلا عن كتاب المحجوب الديمقراطية في الميزان حيث قال إن عبد الناصر سأل المحجوب عن مدى صحة تحريك السودان لقواته تجاه المنطقة فقال المحجوب ” نعم .. وقواتنا تحمل تعليمات أكيدة بإطلاق النار على كل من يجتاز الحدود .. إننا مصممون على عدم التخلي عن شبر من تلك الصحراء القاحلة الرملية والصخرية السوداء إلا بمقدار إراقة الدم بمقدار 10 مرات وزنها ” وهنا رد زكريا محيي الدين الذي حضر الجلسة ” إننا لم نبن جيشنا من أجل مقاتلة السودان ” انتهى لكن هل فطنت إلى رقي الدبلوماسية التي لا تسمح لرئيس أن يجادل وزيرا حتى بحجم المحجوب حيث ترك عبد الناصر لنائبه زكريا محيي الدين أن يتولى الرد الهادئ عليه مع أن المحجوب كان يجيب عن سؤال وجهه له عبد الناصر مباشرة . ناهيك عن أن رواية المحجوب فيها نظر لأنها اشتملت على رد مطول فيه مترادفات كثيرة ربما صاغها المحجوب بأخرة على مهل ومفادها البسيط الذي كان يناسب المقام ” نعم ونحن مصممون على القتال من أجل أرضنا ” لكن إن صحت العبارة على طولها فلربما أعدها المحجوب سلفا ليقول إن هذه الأرض التي لا تشير طبيعتها إلى أي أهمية فهي صحراء قاحلة لا ماء ولا زرع فيها كما ترون ورغم ذلك فنحن مصممون على الموت دونها لتفيد التشدد القاطع . والدبلوماسيون عادة يستخدمون عبارة ” تستخدم بلادي كل الوسائل الممكنة ” ليفهم الطرف الآخر أن بينها الحرب أما الكاتب عوض الله حسين محمد ( الحياة أغسطس 1992) فقد نقل أيضا عن كتاب الديمقراطية في الميزان حول رواية المحجوب أنه التقى عبد الناصر وزكريا محيي الدين ومحمود فوزي وزير الخارجية كما يلي – ” قلت لهم إن هذه الأقاليم هي تحت إدارة سودانية منذ ستين سنة وقد جرت فيها ثلاثة انتخابات .. كان زكريا غاضبا وسألني هل صحيح أنكم أرسلتم قواتكم إلى مناطق الحدود ؟ أجبت .. نعم .. إننا مصممون على عدم التخلي عن شبر واحد من تلك الصحراء القاحلة .. فقال زكريا : إننا لم نبن جيشنا من أجل مقاتلة السودان فقلت أعرف ذلك لقد بنيتموه لمحاربة اسرائيل واستعادة فلسطين .. وفي مساء ذلك اليوم أرسلت شكوى السودان إلى مندوبنا لدى الأمم المتحدة لكن القضية حلت بسرعة فقد اتفق المندوبان المصري والسوداني على سحب الشكوى ولم يثر المصريون بعدها قضية الحدود مرة أخرى ) ، يرجع للمصدر للتحقق من الروايتين . وأعتقد أن الأخيرة رواية تتسق مع الدبلوماسية الرصينة استفسارا وجوابا وتدحض رواية release أدناه لأنه قال أرسلت ولم يقل اتصلت وأمرت ويكون الإرسال قاطعا لو علمنا أن مساء ذلك اليوم كان في السودان لأنه بحسب رواية د.سلمان أن المحجوب غادر صباحا وهذا أدعى حيث تقتضي أصول الدبلوماسية أن يبلغ وزير الخارجية رئيس وزرائه وحكومته بما أسفرت عنه المحادثات قبل أن يطلب من سفيره تنفيذ أو إعلان موقف بلاده فالوزير ليس جهة اختصاص ويتصرف على كيفه والصدام الحاد لا يتم في الغرف المغلقة لأن رواية الفرد قابلة للطعن وقد يقول أحد الطرفبن أنه صفع الآخر فمن يؤكد روايته ؟ إنما يحدث ذلك في المناقشات المتشددة التي يحضرها كثر ومثال ذلك ما حدث بين الملك فهد والرئيس البشير إبان اجتماع القاهرة حول غزو الكويت وما كان بين ممثل العراق والشيخ سعد العبد الله وغيرهم ( راجع كتاب سعد البزاز ، حرب تلد أخرى ) أو ما حدث أيضا في الدوحة بين نائب الرئيس العراقي ووزير خارجية الكويت أو ما حدث بين ولي العهد آنذاك الملك عبد الله بن عبد العزيز والعقيد القذافي في القاهرة إلخ .
لكن ما هو أنكى أن يقول الدكتور أن المحجوب شكا للرئيس من أن الأمن المصري يقف في طريق مكالمته مع مندوب السودان في الأمم المتحدة والعقل يقول بغير ذلك حيث من المفترض أن تسهل أجهزة المخابرات الاتصال لتعلم على وجه الدقة ما يدور في رأس المحجوب وحكومته وموقف بلاده ولا يمكن لوزير بوزن المحجوب أو حتى بوزن الريشة أن يقول لرئيس دولة أن أجهزة مخابرات بلاده تعطل اتصالاته بل الأصل أن يشكو ضمنا من سوء الخط الدولي حيث تعذر عليه الاتصال فيفهم الآخر الرسالة وإلا فما الفرق بين بائع البصل في سوق الزقازيق والدبلوماسيين والرؤساء ؟ وذهب الدكتور لأبعد من ذلك حين زعم أن المحجوب استخدم كلمة release ككلمة سر مع مندوبه وهذا ناتج العقلية السودانية الجمعية التي ترى أن المصريين لا يحسنون الانجليزية وذلك محض خطل ولا يمكن لعبد الناصر ولا غيره أن يجهل كلمة release , وهي كلمة شائعة في الإعلام والدبلوماسية والعقود المالية والمحاكم مثل كلمة please ولا سر فيها والتصريح الصحفي press release والمعنى الذي قصده المحجوب هو نفسه أول معانيها في القاموس ” allow information to be available وهذا يعني السماح لمندوب السودان بإعلان موقف السودان للمجلس أو للصحافة بحسب البيان المعد سلفا من الخارجية في حال لم يتوصل الطرفان لحل وبالتالي فالكلمة لا سر فيها ولا يحزنون ولا هي من غامض الإنجليزية وكلمات السر لا تكون هكذا أيها الدكتور .
نريد أن نشير إلى أن أزمة حلايب لن ينهيها اجترار موقف البطولات التي ذهب أصحابها لربهم وظلت المشكلة قائمة دون حل إنما علينا البحث في كيفية التعامل مع قضية حساسة لن تحل قطعا بالحرب ومن ثم علينا انتهاز المواقف السياسية متى ما لاحت الفرصة للضغط على مصر للقبول بالذهاب لمجلس الأمن والتحكيم وكل الدول تفعل ذلك وتهادن وتراوغ وتتحين الظروف المناسبة لطرح ملفاتها الحساسة ورغم أن الكثيرين يعتبرون أن مصر انسحبت بالضغط العسكري من السيد عبد الله خليل لكن ذلك لا يستقيم مع موازين القوى آنذاك وكان الموقف السوداني المتشدد كما يرى بعض المؤرخين قد جاء لحسابات داخلية تتعلق بانتخابات 1958 ليكسب الأنصار / حزب الأمة مزيدا من المقاعد وإن صحت تلك المزاعم وأميل لترجيحها وأضيف لذلك أن حزب الأمة كان قد تقارب كثيرا مع أمريكا آنذاك ووافق عبد الله خليل وحزب الأمة على المعونة الأمريكية في الوقت الذي عارضها الحزب الاتحادي والشيوعيون ومن ثم ربما اعتبر حزب الأمة أن أمريكا يمكن أن تدعمه إن تفجر صراع عسكري وإن كان ذلك كذلك فهذا ذكاء واستغلال سياسي لأن أبسط سياسي كان عليه أن يدرك أن مصر عبد الناصر لن تقاتل السودان مهما تشدد في مواقفه لأنها كانت في ذات الوقت تتجه للاتحاد مع سوريا وكانت تسعى لوحدة عربية ربما كان السودان أول من يلتحق بها لو قدر للجمهورية العربية المتحدة التي نشأت بديلا لسوريا ومصر النجاح ، لاحظ أنها عاودت طرح فكرة الوحدة الثلاثية في أواخر أيام عبد الناصر ( مصر السودان ليبيا وامتلأت الخرطوم بشعارات ناصر نميري قذافي / حرية / وحدة / اشتراكية ) وتحولت فيما بعد لاتفاقية التكامل والدفاع المشترك وكان النميري رغم سوئه أكثر فطنة في هذا الجانب فقد كان يحيط به مثلث أعدائه في عدن وأديس أبابا وطرابلس ورأينا كيف وصل المشير عبد الحليم أبو غزالة للخرطوم بعد ساعات يوم ضربت طائرة مجهولة الإذاعة السودانية ذات صباح وهي الاتفاقية التي ألغاها الصادق المهدي واستبدلها باتفاقية ” ميثاق الإخاء ” وتوصلت حكومة البشير رغم كل شيء إلى ” الحريات الأربع ” ونلاحظ أنه على تباين الأنظمة لكنها أبقت على صلات خاصة بمصر * ويرى الدكتور يونان لبيب رزق أن موقف مصر من الانسحاب من حلايب فرضه ظرف سياسي لأن مصر بحسب زعمه ” جمدت المشكلة لأنها كانت ستحسم لصالح السودان لأن معظم أعضاء مجلس الأمن كانوا يؤيدون السودان ويعادون مصر على رأسهم بريطانيا والعراق أما الآن فقد انعكس الوضع وأصبح موقف مصر هو الأقوى وهذه فرصة لحسم الأمر نهائيا ” انتهى ، مقال لجريدة الخليج أغسطس 1992 ) وهذا عبث من الدكتور أولا لأن مجلس الأمن غير مخول بتحديد حدود الدول وكان غاية ما يمكن أن يفعله أن يقبل بتحويل القضية للتحكيم – ومعنى حديثه أن مصر تخشى من التحكيم – وثانيا فإن المجلس لم يكن آنذاك على قلب أمريكا وحدها وحلفائها كما هو اليوم وكان هناك المعسكر الشرقي وكانت مصر أكثر تقاربا معه خاصة أنها تزعمت معارضة حلف بغداد منذ 1955 حتى سقط كما أن عبد الناصر بخلاف ما ذكرنا من قوميته كان يفكر في بناء السد العالي وتقتضي لغة المصالح ألا يستعدي السودان وفوق كل ذلك فهو يدرك أن أي عداء مع السودان يجعل ظهر مصر مكشوفا وهي في صراع عنيف آنذاك مع إسرائيل ولا نعتقد أن سياسيا مصريا عاقلا سيحارب السودان لا حاليا ولا مستقبلا مهما بلغت درجة الخلافات.
وكلام دكتور لبيب سليم من حيث استغلال الدول للمواقف لكن لا يصح إسقاطه على موقف عبد الناصر وجعله سبب تجميد الصراع الوحيد .
والغريب أن النظام الجديد في مصر جنح لإثارة قضية حلايب نكاية في د. محمد مرسي الذي نقلوا عنه أنه تنازل عن حلايب وثار الإعلام عليه وماج مع أنهم يعلمون بأن التنازل عن الأرض ليس حقا لرئيس دولة مهما علا شأنه لاتخاذه في زيارة خاطفة وكان ذلك لمجرد الاستغلال السياسي ومهما يكن موقف العسكر في مصر فهم لن يتجهوا للإعانة على التغيير في السودان ما دام النظام مهادنا لهم وذلك ما أدركه النظام السوداني ونأى بنفسه عن الصراع في مصر على حساب عدم الرد على موضوع حلايب رغم أن النظام المصري أعطاه ذريعة المواجهة بإثارة القضية في وقت أصبحت فيه مصر أضعف ما تكون وفضل أن ينحني للريح حتى تتكشف الأمور رغم أن هذه كانت أفضل فرصة للسودان للضغط على مصر خاصة في ظل وجود جماعات متحكمة في ليبيا لهم معها صلات وثيقة على الأقل لوقف الحملة الشعواء على السودان التي صاحبت إثارة القضية وهي ترتبط بشكل مباشر بموقف السودان من سد النهضة وتعتقد مصر أن موقف السودان من السد هو مكايدة لنظام السيسي الذي أطاح بمرسي وقد يكون لذلك وجه من الصحة لكنه لا يبرر الحملة التي تقوم بها في حلايب لوضع يدها على المنطقة وفرض سياسة الأمر الواقع وكان الأصل الانتظار لمناقشة مثل هذه الأمور في غير هذه الأجواء التي يسودها التوتر ، ( و الحق أن إثارة حلايب من مصر والقبول بسد النهضة من السودان دون تروّ في هذا التوقيت كان للتزيّد والمكايدات السياسية لا غير وكلاهما في ورطة ) ونحن من حيث المبدأ لا ندعو لاستغلال ظرف مصر غير المستقر إلا بمقياس دكتور لبيب وهو الاستفادة من الوضع السياسي وبمقدار ما يدفع مصر للقبول بمبدأ التحكيم ومثال الاستغلال الإيجابي أن دولة قطر كانت تطالب البحرين باللجوء لمحكمة العدل الدولية لحل خلافهما حول جزيرة حوار التي تبعد أمتارا من قطر ولكن البحرين ظلت لسنوات ترفض ذلك رفضا قاطعا بزعم أن حوار تتبع لها وكانت السعودية ودول الخليج الأخرى تؤيد البحرين وطال الصراع حتى احتل صدام حسين الكويت فجأة وحين اجتمع قادة دول مجلس التعاون لاتخاذ موقف موحد من الغزو اشترطت عليهم دولة قطر إلزام البحرين بالموافقة على الذهاب للتحكيم الدولي وإلا فإنها لن تناقش موقفا موحدا من احتلال الكويت فأرضها ، بحسب زعمها ، هي أيضا محتلة فما كان من المجلس إلا أن خضع لمطلب البحرين بطلب من الكويت حيث لا خيار أمامه ولم يشأ أن تتباين مواقف دول الخليج من احتلال الكويت وتهديد السعودية ! ” ( راجع كتاب يوميات الأمين العام الأسبق الكويتي عبد الله بشارة ” بين الملوك والشيوخ والسلاطين ” بشأن الواقعة ) ورغم أن قطر خسرت جزيرة حوار بالتحكيم لكنها عرفت كيف تصطاد في الماء العكر “How to fish in the troubled waters. ورغم ما في الموقف من التصيد في أحلك ظروف الشقيقة الكويت وقد ينظر إليه أنه استغلال لا أخلاقي إلا أنه وضع حدا لأزمة كان يمكن أن تشعل حربا بين البلدين وكذلك ورأينا كيف تنازل صدام حسين عن شط العرب لإيران مقابل استقبال طائراته تحت ضغط الحرب التي واجهها من الحلفاء وذلك ما لم يعرفه ساسة السودان ويمكن للسودان أن يستفيد من أوضاع كثيرة يمكن أن تمر بها مصر مستقبلا والتي قد لا تستقر أوضاعها قريبا للتوصل للحل عبر التحكيم الدولي.
وأعتقد أن حلايب مشكلة تستدعي الحل السريع لأنها ستظل بؤرة توتر دائم وجذوة تحت الرماد تستغلها الأنظمة الحاكمة في البلدين بما يضر بعلاقة الشعبين وهناك من يقترح جعلها منطقة تكامل وهو أفضل الحلول نظرا لتداخل سكانها وازدواج جنسيات بعضهم وتشابك مصالحهم ولكن هذا التكامل معرض للإلغاء من أي طرف في أي وقت ومن ثم فالصحيح الحل عبر التحكيم أولا ومن ثم تعقد اتفاقيات التكامل ..
والمطلوب هو عدم تناول الأمر كلما ورد بعبارات تسيء من شاكلة ” يا حلب ” وقد يأتي فهلوي غدا فيقول لكم هي حلايب ونحن حلب فهي إذن لنا ويضيف ذلك لوثائقهم.
** ملحوظة : لاحظت دائما أن النظام الالكتروني بالراكوبة يحول علامات الترقيم ( الأقواس وعلامات الوقف والاستفهام والتعجب إلخ .. إلى مربعات صغيرة مما يخل أحيانا بالمعنى ونهيب بالقائمين على الراكوبة إصلاح الأمر أو تنبيه الكتاب لتصحيح نظام الكتابة وحتى يتم ذلك نظل نعتمد على فطنة القارئ.
أبو الحسن الشاعر .
[email][email protected][/email]
(( وما كان لي أن أخوض في الأمر مع الخائضين لولا أنني قرأت ما نشره الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان وهو باحث جاد حول الموضوع وقد نال حظه من المتابعة فوجدت أن ما كتبه يمثل صورة فاقعة لأزمة النقل والعقل فهو فيما أرى لم يتوخ الاقتصار على الأمانة العلمية فجنح لاستثارة الحماسة الوطنية برواية لا تصح وليس ذلك من شيم العلماء في بحث رصين ( راجع مقال الدكتور العالم النابه فيصل عبد الرحمن علي طه / حلايب وصورة لم تكتمل ،))
وماكان لنا ان نسمح لك بمهاجمة الدكتور سلمان واتهامه بعدم الامانة العلمية , وهل استثارة الحماسة الوطنية جرم يا هذا !!
ان كان لك راى فيمكنك ان تناقشه معه فى الغرف المغلقة لا ان تقدم عريضة اتهام يستفيد منها الجانب المصرى .
قرات مقالك يا ابوالحسن الشاعري واصابني الغثيان وقلت لنفسي ما فيش فايده ولك الله ياسودان لانه لازال يوجد من ابناء هذا الوطن من يتصدون للدفاع عن مصر ويعتبرون مصر خط احمر لا يسمح لاي سوداني بتخطيه حتي وان جارت علي بلادي كما صرح بذلك الهندي عزالدين
يختم ابو الحسن مقاله بابخسه بترديد ما قاله سفلة الانقاذ الذين لا حيلة لهم ولاقوه مع مصر وهو ان تكون حلايب منطقة تكامل مع مصر بدلا من التصدي للمطامع المصريه في بلادنا والتي الا تخفي الا علي المرجفين والخانعين لمصر
ويتهكم من تعليقات اخوتنا بوصف المصريين بالحلب ويقول:((
والمطلوب هو عدم تناول الأمر كلما ورد بعبارات تسيء من شاكلة ” يا حلب ” وقد يأتي فهلوي غدا فيقول لكم هي حلايب ونحن حلب فهي إذن لنا ويضيف ذلك لوثائقهم.))
طيب يا ابو الحسن لماذا لم تذكر ما يصف به المصريين السودانيين في اعلامهم ؟؟ هل يا تري انك متفق معهم في كل الاوصاف الرزيله التي وصوفونا بها واستعمالهم لكل لفظ بذئ ضدنا ابتداءا من وصف هيكل للسودان انه جغرافيا فقط الي عكاشه الذي صرح بانه لايعترف بدوله اسمها السودان وهل فات عليك ما كتبه الطرابيلي بعنوان قم اشرب مريسه حتي لا تفوق
مشكله السودان العويصه ان بقايا الحمله التركيه المصريه اصبح صوتهم الاعلي في السودان في زمن الهوان الانقاذي وصاروا يتحدثون باسمنا نحن شعب السودان المغيب في كل المحافل الدوليه في زمن الانبطاح الانقاذي لمصر
يا ابوالحسن امثالك عديمي الوطنيه لا مكان لهم في سودان الغد واقول لك شد الرحال لتقيم في مصر وستكافئك مصر علي مقالك هذا بتوفير السكن المريح لك مع المصروف الجيبي مثل ما فعلت مع عملائها السودانيين امثال احمد السيد حمد وبابكر عوض الله ومحي الدين صابر واولاد عبد الحليم
اللهم احفظ السودان وشعبه من مكائد مصر وعملائها المقمين في السودان
تصحيح هام
ماحدث من مواجهة وملاسنة بين الزعيم الراحل القذافى والملك عبد الله كان خلال مؤتمر القمة المنعقد بالدوحة وليس القاهرة
مثل هذه الاخطاء التاريخية تطعن فى صدقية المقال اى كان كاتبه فمن ليس لديه معلومة مؤكدة فاليعمم
يا ابو الحسن يا شاعر باين عليك ما شاعر حتي بالوطنية وأنك تنسي هناك دار اسمها دار الوثائق السودانية والمصريين بيعرفوها زي جوع بطنهم ومنها استردت طابا ،،،
مين قاليك مافيش وثائق ومين قاليك مافيش باحثين سودانيين تحدثو لكن باين عليك ما متابع ولا بتقراء ويكفي الدكتور سليمان وايضاً أذكرك بأنني خضت في موضوع حلايب وعملت رابطة ولدينا الوثائق وأعلنا باب الانضمام فأين كنت انت؟؟؟
ان لم تكن ملما بجوانب الموضوع الجغرافية والتاريخية والسياسية فما تتنط فيهو خليهو لي العارفنو والمهتمين بي وشوف ليك موضوع تاني تفهم فيهو
فيكفي ان هناك شامخين مثل الدكتور سليمان وكما قال لك عزيزي المعلق خالد اقرأ للدكتور فيصل عبدالرحمن علي طه اولا لتستفيد وثانيا لتفهم
بكل امانة وحيادية ما كتبه الدكتور فيصل هو الحقيقة بعينها وانصف اناسا وطنيون قد اهدر سلمان حقهم ولولا ان الدكتور فيصل محترف فى تناوله القضية لما دافع سلمان عن موقفه الضعيف والحقيقة ظهرت جلية اذ ان المقصود من كتابات سلمان دغدغة مشاعر السودانيين متوسطى المعرفة وغير المتعمقين فى القضايا السياسية لينول منهم اطراء ومدحا بعيدا عن الحقيقة المجردة لذا انا اتفق مع مقالك فهو ممتاز ولامس الحق والحقيقة ولايفوتنى ان اكرر شكرى للدكتور فيصل لشرحه الموضوع بحرفية فائقة وانصح السيد سلمان ان يتوخى الحقيقة ولايلعب على مشاعر الغالبية الذين لايفهمون فى مثل هكذا امور
من انت يا أبو الحسن الشاعر .. والله ان الدكتور سلمان قد اثلج صدورنا بما اورده من حقائق وسرد تاريخي موزون ومدعوم في قضية حلايب .. وفعلا هو قد استثار فيناالحماسة الوطنية التي خمدت في الناس بسبب الكتاب امثالك عديمي الوطنية المأجورين وعملاء المخابرات .. وانا والله قد حذرت تعليقا علي مقال دكتور سلمان من ان المصريين سيجندون ضدك كل عملائم ومأجوريهم لتفنيد ما ذكرت من حقائق دامغة تكذب كل ادعاءاتهم بخصوص احقيتهم في حلايب .. وبالتاكيد انت واحد من هؤلاء ..
المستقبل لنا نحن السودانيين فى العلاقة مع مصر،، فهى التى تحتاج للسودان فى قضاياها المصيرية أما نحن فالجغرافيا الأفريقية مفتوح امامنا ومن الحكمة للحكومة السودانية إتخاذ ثلاثة مواقف إستراتيجية تجاه النزاع مع مصر:
1/ رفض تصنيف السودان بأنها دولة مصب بل إعتمادها كدولة ممر (معبر) لمياه النيل لأن مثل هذا الموقف سيحرر السودان من أى ضغوط أو إدعاءات مصرية ويساعده فى إتخاذ قرارة بحرية وإستقلالية
2/ التوقيع على إتفاقية عنتيبى فلا يعقل أن يقوم السودان بمساندة دولة واحدة فى مقابل عشرة دول،، وبمثل هذا التوقيع يتضامن دولتا السودان وجنوب السودان مع الدول الأفريقية التى تربطنا بها علاقات إجتماعية وتاريخية راسخة
3/ الموافقة على إقتراح الدكتور سلمان فى آخر المقال أعلاه بضرورة تكوين لجنة دائمة للتعامل الإستراتيجى مع قضيتى مياه النيل وحلايب ونزيد بأن يتولى الدكتور سلمان رئاسة هذه اللجنة.
لقد صبرنا كثيرا على أستفزاز المصريين وتطاولهم عليها فهم يتصرفون كما نار جهنم كلما أعطيناهم يقولون هل من مزيد!! فهل حصل فى التاريخ أن ضحت دولة بأرضها وإنسانها وتاريخها فى سبيل دولة أخرى مثلما فعلنا نحن مع مصر؟؟ ومع ذلك ام نجد إلا الإستفزاز والقتل فى قلب القاهرة ولا إعتذار حتى اليوم.
أما خلط المسائل المتعلقة يسياسات السيد عبدالله خليل وزعماء حزب الأمة فى ذلك الوقت على حساب القضايا الإستراتيجية للدولة السودانية فذلك عين الخطأ وذلك أيضا رفضى مع المقال الذى كتبه الدكتور فيصل ناسيا أو متناسيا أنه يدعم الموقف المصرى تجاه السودان،، يجب أن نسمو عن الإضرار بمستقبلنا فى سبيل ما يعتقده البعض مكايدات سياسية فالدكتور سلمان ليس له مصلحة فى إنتقاد عبدالله خليل أو خلافة وإنما يعرض قضية عشناها فى التاريخ القريب وأصبحت شوكة مغروسة فى خاصرة العلاقات المصرية السودانية مع إزدراء مصرى وعنصرية وقحة آن الأوان التعامل معها بما يتناسب خاصة وأن السودان ليس بحاجة لمصر وهذه حقيقة بدهية،، فقط نرجو إزالة هذا النجس الإنقاذى وعندها لكل حادث حديث،،،
كفايه فهلوه…كفايه فهلوه….كفايه فهلوه ألم يكفي المصريين حلفاثمناً لبناء السد العالي والى متي نفرط …….؟؟؟؟؟؟؟ً
والله إنه لشئ مؤسف ومؤلم حقا عندما تتذكر كيف هب المصريين بكل أطيافهم(مثقفين،أعلاميين،علماء حتى راقصات شارع الهرم) للدفاع والتأكيد على مصرية حلايب وكيف كان الانسجام والتناغم في ما بينهم رغم تباين مستوياتهم و رغم أنهم جميعا يعلمون تمام العلم أنها سودانية ويدركون تمام الادراك ببطلان إدعاءاتهم .
وبالمقابل نحن ما زال لدينا من يناكف ويصارع ويشكك ويقدم الحجج والبراهين لغرمائنا وبالمجان دون مقابل وعلى الهواء الطلق.وللأسف الشديد كل الروايات الواردة في المقال أعلاه والتي أوردهاالشاعر مرجعيتها ومصادرها مصرية بحته فكيف نتأكد من حياديتها.
إنعدام الحس الوطني لدى النخب السودانية هو أس البلاء وهو سبب كل الكوارث التي حلت بنا .
يا ليتك لو لزمت الصمت .
استاذ حسن انت فعلا انسان عاقل وخلوق وتناولت الموضوع بحنكة فائقة كما انك انصفت الدكتور فيصل وهو اكثر حرفية واتقانا من الدكتور سلمان لانه تحدث الحق وكانه تقنى كبير لان سلمان ركز فقط على سلبيات المفاوض السودانى من جهة نظره هو فقط وان كانت وجهة نظره تفتقر الى الحقيقة وماهى الا لعب بعواطفنا وهذا مايجعلنا كسودانيين ناخذ بالسطحيات ولا نتعمق للبحث عن الحقيقة .فلك منى التحية استاذ حسن على نبلك وعبقريتك مهما نلت من انتقاد السطحيين واعذرهم لان بعضهم حقود وغيور ودائما الشجرة المثمرة تقذف بالطوب سلمت يمينك وشلت اياد منقدينك
الأخ الدكتور سلمان: كما كررت فى تعليقاتى السابقة على مقالاتك فها هم ربائب الإستعمار والرى المصرى فى السودان قد تم تحريكهم وتداعوا للرد عليك ليس بمنهج علمى رصين بل بالشتم والتشكيك فى كل ما تكتب،،
نؤكد لك دعم الشعب السودانى لما تكتب فعبرها قد تمكنت من إطلاعنا على حقائق التاريخ والجغرافيا فيما يختص بموضوعى حلايب ومياه النيل فوالله لم نكن نعرف شيئا منها قبل كتاباتك المنيرة لنا.
واصل كتاباتك ولا تلتفت لبائعى ضمائرهم من أجل مصر فهم كالمرتزقة المأجورين لسلب حقوقنا وأراجيز يتم تحريكهم من وراء الستار من أسيادهم كلما دعى الداعى.
أخيرا،، أقترح أن تنشئ مركزا لدراسات حوض النيل والامن الحدودى للسودان وستجد منا كل العون البشرى والمادى والمعنوى.
وفقك الله فأنت تنير لنا الدرب نحو إسترداد حقوقنا بعد كنس هؤلاء المخنثين أشباه الرجال من المؤتمر الوطنى.
بعيدا عن المهاترات أنقل ما قاله السيد الصادق المهدي في كلمة في ختام الندوة التي عقدت على مدى يومين بالقاهرة بجامعة القاهرة في الفترة من 20/21 ديسمبر 1997 وكذلك ما قاله السفير السوداني أحمد نور في ذات الندوة حيث قال الصادق المهدي ما نصه ” الحقيقة أننا استمعنا في هذين اليومين لدراسات مفيدة جدا .. ونرجو أن تكون فاتحة لكثير من الدارسين للاهتمام بهذا الملف الهام ، لقد سمعنا ما سمعناه عن الجغرافيا الواصلة وكل ما فيها من تداخل ومعيشة والمصلحة والعوامل الفاصلة التي خلقت مشاكل بين كيانين هامين مصلحتهما في الحقيقة واحدة ويحضرني في هذا الصدد كيف أن المشاعر الانسانية متداخلة والحب يختلط معه بعض نقيضه .. وأنا من الذين يعجبون بدور الفنانة المصرية ماري منيب في دور الحماة وكيف أنها في هذا الدور جاءت ووجدت ابنتها لا تخانق زوجها فأزعجها هذا ازعاجا شديدا واعتبرت أن عدم وجود خناقة معناه برود في العلاقة وأصرت على أن تفتعل ابنتها خناقة لتدفئة العلاقات .. نعم …… ) ويضيف الصادق المهدي ( والحقيقة وأنا أسمع إلى الدراسات القيمة عن موضوع الحدود هذا ، أقول هذه المشكلة في الواقع تعبر دائما في العلاقات بين البلدين عن ظروف سياسية سيئة ) وأضاف أيضا ( ذكر الأخ الدكتور محمود أبو العينين أننا في فترة مختلفة قد أثيرت هذه المسألة والحقيقة أنها لم تثر أصلا فقد اشتركت في حكم السودان أربع سنوات ولا أذكر خلال هذه الفترة أننا أثرنا قضية الحدود هذه واعتبرنا هذه من واحدة من المسائل التي ستعالج يوما ما والحقيقة هي أن الحكم الذي كان قائما في السودان كان حكما ائتلافيا وفي الائتلاف كانت هناك عناصر قريبة ومحبة جدا لمصر ولذلك لم يكن هناك أصلا أساس لمن يبحث عن إثارة مشاكل مع مصر ولا حتى في زمن المرحوم عبد الله خليل ) ويضيف السيد الصادق المهدي قائلا ( الذي أثار هذه المشكلة في ذلك الوقت ظروف موضوعية لأن حكومة عبد الله خليل أيضا كانت ائتلافية وكانت فيها عناصر مختلفة سودانية تجمعها درجات متفاوتة من الصلة بمصر .. المهم أن المشكلة الآن مختلفة لأن القضية أثيرت كجزء من توتر في العلاقات له أسبابه الأخرى وأنا أعتقد أن المشكلة أثيرت الآن بهذه الصورة الحادة لوجود تلك المشاكل كتعبير عن الخوف ) واستطرد المهدي ( وهناك نكت كثيرة في السودان تعكس هذا المعنى وقيل إن واحدا من السكارى قيض عليه البوليس وأخذه للقسم وأراد أن يغضب رجل الأمن الذي قال له إنت سكران ؟ فقال نعم سكران وشيوعي وحلايب مصرية ) وتحدث الصادق المهدي عما أسماه أخطاء أيديولوجية وقع فيها طرفا المعادلة وأضاف ( الذي أعتقده أن الرأي العام السوداني الآن نضج وتجاوز هذه الخلفيات ومن الأسباب التي أنضجته الظروف الحالية في السودان والتي جعلته في رأيي يتبين تماما المصلحة المشتركة والمصير المشترك ) نكتفي بهذا القدر من الاقتباس وللمزيد راجع كتاب ” الحدود المصرية السودانية عبر التاريخ ص 491- 499 ، أما سفير السودان لدى القاهرة أحمد نور فقال ( مشكلة الحدود مشكلة فعلا ولا تستطيع حكومة أن تتصرف فيها لا في مصر ولا في السودان لأنها مشكلة حساسة جدا ولا تستطيع حكومة تحمل مسئولية أنها فرطت في ترابها الوطني ولذلك مشاكل الحدود تطول مثل مشاكل الحدود بين السعودية واليمن وبين البحرين وقطر ، تأخذ وقتا ولا تحل إلا بتركها كما هي أو إقامة مشروعات مشتركة ) وغير ذلك كثير ، نفس المصدر ، نشير إلى أننا ذكرنا أن مشكلة البحرين وقطر تم حلها عبر التحكيم بعد تاريخ الندوة المشار إلبها .
أرجو من القراءة الافاضل عدم الإجرار وراء المدعو ابوالحسن الشاعر فهو بلا شك أحد أزيال المخابرات المصرية التى أزعجها حديث د. سلمان عن سودانية حلايب المدعم بالوثائق والبرهاين .. على الرغم من أن د. سلمان لم يخرج كل مافى جعبته.. وعلى الراكوبة أن تضع فى بالهامداخلات أزيال المخابرات المصرية أمثال المدعو ابوالحسن الشاعر .. فالمواقف الوطنية لاتحتمل أنصاف الحلول .. ومجرد بحث على قوقل عن إسم أبو الحسن الشاعر سوف يكشف لكم أن الإسم نكرة ولا وجود له مطلقاً .. هذه شخصية وهمية مهمتها الأساسية بث روح التشكيك داخل الموقف السودانى المتماسك والصلب تجاه قضية حلايب وهو ماتعلمه المخابرات المصرية وتعمل له الف حساب .. فالمطلوب هو عدم اتاحة الفرص لمثل هذا الكائن المخابراتى أبو الحسن الشاعر