احداث حلفا الجديدة — تفاقم ثقافة العنف

احداث حلفا الجديدة — تفاقم ثقافة العنف

معمر حسن
[email protected]

ابدا بتسجبل خمسة احداث …اثنتان منها متباعدتان نسبيا والثلاثة الباقية تمت خلال شهرين فقط . والاوليتان هما قضية اهل القرية 6 اسكان مع قرية المجاذيب علي الاراضي الزراعية والثانية لسكان القرية 9 اسكان مع السكن العشوائي قرب القرية …والقضيتان اضطرتا السلطات السياسية والامنية الي التدخل واخذت ابعادا وصلت الي البلاغات الجنائية والفصل في المحاكم …ولكنها كانت في كل الاحوال احداث عنف 0
اما القضايا الثلاث الحديثة فهي:-
* احداث اهل القرية 21 اسكان مع وزير التخطيط العمراني بالولاية وهي معروفة بتناول الصحف لها 0
* احداث اهل القرية 1 اسكان مع مزارعي طماطم وافدين علي المنطقة حيث اعتدي المزارعون علي راع من القرية باتهام دخول ابقاره في مزارعهم مما ادي الي هجوم اهل القرية علي المزارعين والرد بالمثل واحراق مساكنهم المبنية بالقش وقلب سيارة لهم وتدخل العقلاء بصعوبة لمنع احراقها0
* احداث اهل القرية 10 اسكان في مستشفي حلفا والاعتداء علي الكادر الطبي لغرفة العمليات وتحطيم الغرفة ومعدات العملية وميز الاطباء كما ورد في صحف الامس بعد اتهام المستشفي بالتقصير بعد وفاة امراة نسال الله ان يتغدمها برحمته 0
لن ادخل في تفاصيل الاحداث ومجرياتها اكثر من ذلك خاصة حادثة المستشفي لانها قيد التحقيق والتعامل من الاجهزة المختصة ولكن يجب تسجيل بعض الملاحظات المهمة مع التركيز علي الاحداث الثلاثة الاخيرة لتقارب الفترة الزمنية بينهاوهي:-
1/ كلها تمت من كتلة متجانسة في مواجهة آخر وفي حالتين في مواجهة جهات حكومية سياسية او خدمية
2/ كلها اختارت فيها الكتلة المتجانسة اخذ القانون بيدها 0
3/كلها وجدت استنكارا بنسب متفاوتة وان قلت حدة الاستنكار عن حادثة المستشفي في حالة الوزير لاعتبارات سياسية معروفة وصراعاتها الماثلة رغم اتفاق الناس بنسب متغاوتة علي دواعيها
4/ ولان كانت البداية في حالتى الوزير والمستشفي من كبار السن فان الاحداث قد فلتت من ايديهم بتبني شباب دون العشرين لها والمفارقة ان كبار السن اتصلوا مع الجهات الامنية والسياسية لاحذ الحيطة والحذر في الحالتين
كل ما سبق ذكره يضعنا مباشرة امام سؤال جوهري وهو : لماذا اخذت الاحداث هذا المنحي؟ خاصة من قبيلة عرفت بعدم التسلح واللجوء الي العنف بل اشتهروا بكثرة المذكرات والعرائض كما لاحظ حسن دفع الله في كتابة تهجير النوبيين ان لم تخني الذاكرة
الاجابة علي هذا السؤال يحب ان تخرج من دائرة التبرير الي محاولة جادة للتفسير ِ وعندها تجب الاجابة علي سؤال آخر وهو هل يمكن ان نعزل هذه الاحداث عما يحدث في بقية السودان ؟ اعتقد جازما ان الاجابة بالنفي وهنا اورد ملاحظتين تناولتهما اقلام سودانية معروفة وهما:
1/ تصنيف القاص السوداني المبدع بشري الفاضل لحكومات السودان منذ الاستقلال ووصفه للحكومة الحالية بحكومة وحهاء الريف0 والمضي قدما في هذا التصنيف يجعلنا نستصحب الجهويات وبروزها بشكل سافر ومزعج في هذا العهد.
2/ تعليق الاستاذة آمال عباس علي مقتل تلميذة اساس علي يد زميلاتها بالضرب المبرح لفترة طويلة رغم استغاثتها . فقد لاحظت المدي الذي وصلت اليه ثقافة العنف في السودان
من الملاحظتين السابقتين اجد الاحداث نتاجا لثقافة العنف وبروزها بشكل مخيف نتيجة للاتي:
1/ سيلدة منطق القوة ومفرداتها في الخطاب السياسي من قبل وجهاء الريف من قبيل اخذناها بالقوة ومن يريد ان يأخذها فليأت بالقوة ومفردات مثل دفن المعارضة ولحس الكوع
2/ لجوء المعارضة للقوة المسلحة وتفاوض الحكومة مع من يحمل السلاح فقط بصورة جادة ومقابلة المتظاهرين السلميين بالقوة المفرطة
والمفارقة في احداث حلفا ان السلطات الامنية وجدت نفسها في مأزق في الحالتين . فاستخدام الرصاص في حادث الوزير بصرف النظر عن صحته ام لا جلب سخط اللجان التي تدخلت لاحتواء الامر . وعدم استخدام القوة في حماية المستشفي والكوادر الطبية جعلها تبدو كالعاجزة عن حماية الممتلكات العامةوموظفي الدولة. واخلص من هذا ان الحل الامني في اي احداث مماثلة في اي جزء من السودان ستكون كلفته كبيرة في الحالتين بكل اسف ولا نملك الا ان نسأل الله ان يحمي بلادنا واهلنا من المخاطر لان تدخل العقلاء ياتي بعد وقوع الفاس علي الراس ولا حول ولا قوة الا بالله.

تعليق واحد

  1. الاخ معمر حسن ……تحية ……..و لك الشكر على تناولك لهذا الموضوع بالتحليل العلمى و الموضوعى بحثا على المعالجات المنطقيه . و أنا اتفق معك تماما فيما توصلت اليه من الاسباب وهى ما طرأ على مجتمعاتنا السودانية ….رغم الاختلافات الاثنية و الثقافية و الدينية الا انها كلها تميزت بصفات و اخلاقيات متشابهة بل متطابقه خاصة فى صفاتهم بالتسامح و عدم اللجوء للعنف الا للدفاع عن الشرف الغالى و الاعراض و لكن….ما طرأ من التغيرات فى تلك المواصفات و الثقافات الانسانية السامية و قيادتها الى التدنى و الانحطاط الى ثقافة ( لحس الكوع و الزارعا الله يجى يقلعنا و التسوية بالسيف ) كما يسميها الناس فى السنوات الاخيرة و التى عزيتها الى سطوة (وجهاء الريف ) على السلطة و الحكومة….فانا اختلف معك فقط فى كلمة ( وجهاء ) هذه و التى لم توفق و القاص السودانى المحترم بشرى الفاضل فيها ……فحسب رأيى هذه حكومة ( حفاة و رعاة الريف ) و الذين لخطأ ما فى سياسات محو الامية لسكان المجتمعات المتخلفه تسربوا فى مستويات التعليم ووجدوا فرصة التدرج الى المستويات الاعلى و لا ندرى كيف تحصلوا على الفرص للإبتعاث للخارج للحصول على الدكتوراة و لكنهم اثبتوا مقولة ( القلم ما بزيل بلم ) و الحالة العامة التى اوصلوا البلاد إليها سياسيا و إجتماعيا و إقتصاديا وثقافيا و سلاما تقف دليلا على إدعاآتنا هذه ……..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..