حكومة الاخوان: حوار الفرصة الأخيرة (3-3)

على عسكورى

تناولنا فى المقال الأول تجربة الأخوان ، وذكرنا أن هدفهم من الدولة يختلف من هدف بقية القوى السياسية والمواطنيين. فبينما يهدف المواطنون من إقامة الدوله الى تأسيس وطن وسلطة تحميهم وتوفر لهم سبل العيش الكريم، يعتقد الأخوان المسلمون ? كاذبون ? ان الهدف من الدولة هو “الدعوة لله”. قلنا إن هذا تضارب جوهرى يجب حله قبل الدخول فى اى قضايا تفصيلية خاصة كتابة الدستور. ذكرنا أيضاً أن الاخوان يؤسسون هيئات وهمية لأكل المال العام بالباطل ويستغلون موارد الشعب لتمويل تنظيمهم العالمى وشركاتهم حول العالم ويهملون الخدمات الأساسية التى تهم المواطنين.
فى المقال الثانى تناولنا الجيش واستعرضنا ما انتهى إليه أمره واشرنا الى المليشيات الحزبية وقلنا بضرورة حلها واحتكار السلاح للجيش. ثم ذكرنا ان الجيش أصبح جيشاً مؤدلجا يتبع لحزب سياسى دينى متطرف. ذكرنا أيضاً أن القوى السياسية لن تقبل بجيش مؤدلج يتبع لحزب منافس ولذلك هناك ضرورة لاعادة بناء الجيش وإعادة تأهيله وخروجه من السياسة وإنصرافه لمهتمه الاساسية فى حماية المواطنيين وسيادة البلاد.
نتناول فى هذا المقال الأخيرموضوع المصداقية السياسية عند الاخوان المسلمين وعدم إلتزامهم بالعهود والمواثيق، والحوجة الى ضمانات جديدة لتأكيد إلتزامهم ببنود الدستور.

ج) المصــداقية
أما النقطة الثالثة فتتمثل فى آليات ضمان الالتزام بالدستور بعد وضعه، لأن الدستور دون الإلتزام به يصبح وثيقة زائدة لا فائدة منها. ففى وجود قوى مثل الأخوان المسلمين وتفرعاتهم مثل المؤتمر الوطنى والشعبى، تصبح قضية الإلتزام بالدستور محل شك! وكل من يعتقد أن هؤلاء سيلتزموا بالدستور هو شخص ساذج تنطلى عليه أكاذيب وحيل الأخوان المسلمين مرة بعد الأخرى! لقد أدى هؤلاء من قبل القسم على حماية الدستور وتمتعوا بكل الحقوق التى يكفلها لهم ثم تآمروا وانقلبوا عليه العام 1989. أثبتت التجربة أن الأخوان المسلمين وتفرعاتهم باسمائها المختلفة ليس لها وازع من حنث اليمين، بل أن حنث اليمين ممارسة راسخة عندهم. دع عنك دستور الفترة الديمقراطية الذى انقلبوا عليه، فقد بلغ بهم الأمر حنث اليمين حتى فى الدساتير التى يكتبونها بأيديهم ويفصلونها على مقاسهم ويقسمون على الالتزام بها! آخر هذه هو دستور 2005 فقد أدوا جميعهم القسم على حمايته والالتزام به، ثم استداروا ليتصرفوا وكأنه غير موجود وكأن القسم الذي أدوه لم يحدث مطلقاً.

ترى ما هو الجديد الذى يجعل السودانيين يصدقونهم مرة أخرى! لم يعد القسم على كتاب الله كافياً لردعهم! بل هناك حوجة لضمانات أخرى، واعتقد انه من الخطأ الكبير والغفلة الخطيرة أن يعتقد اى شخص بأن قسمهم على كتاب الله سيكون وازعاً لهم لعدم الانقلاب على الدستور! إتضح أن لهؤلاء تبريرات دينية ودنيوية عديدة لخيانة العهود والمواثيق، ولا يجدون فى أنفسهم أدنى حرج لحنث اليمين! لكل ذلك ومن واقع التجربة، فإن قسمهم على كتاب الله لم يعد كافياً لتصديقهم وهناك حوجة ماسة للبحث عن ضمانات جديدة لحملهم على الالتزام بالدستور! ( فى نقاشى مع احد اصدقائى حول هذه المقالات أشار على بأن يؤدوا القسم على كتب حسن البنا وسيد قطب التى حسب رأيه ربما مثلت لهم وازعاً أكبر من كتاب الله خاصة وانهم قد كرروا حنث اليمين)!

لقد أدت ممارسة الأخوان المسلمين وخيانتهم للعهود والمواثيق لخلل خطير بين القوى السياسية يصعب إصلاحه، فمن لا يكترث لقسمه على كتاب الله يجب أخذ الحذر والتحوط الشديد من ناحيته. لقد جرب السودانيون الأخوان أكثر من مرة لذلك يجب أن لا يلدغوا منهم مرةً أخرى. لقد تسببت ممارسة الأخوان فى خيانة العهود فى إحداث شكوك غائرة بين القوى السياسية ولم يعد أحد يصدقهم. والسياسة تعتمد على المصداقية قبل أى شيء آخر، لذلك عندما تنهار مصداقية اى تنظيم سياسى يصعب التعامل معه. وقد إنهارت مصداقية المؤتمرين (الوطنى والشعبى) لدرجة أصبح من العسير إستعادتها. فالآن ورغم كل ما يبذله المؤتمر الشعبى لاستعادة مصداقيته، يبقى عند أغلب السودانيين محل شك، إذ لا زال الكثيرون يعتقدون أن ما تم عام 1999 من مفاصلة كان مجرد مسرحية لتتبعها مسرحية غازى العتبانى لاحقاً.

نخلص من كل ما طرحناه فى هذه المقالات أن المدخل السليم لحل القضية السودانية يجب أن يبدأ بالإجابة على السؤال الجوهرى الذى طرحناه سابقاً حول الهدف من الدولة.

لقد ظلت القوى التقليدية (حزب الامة بقيادة الامام الصادق والاخوان المسلمين بجناحيهم وطنى وشعبى) تتهرب من الإجابة على ذلك السؤال الجوهرى، ثم تنقلب على الحكومة القائمة ليتم توظيف موارد الدولة وآلياتها لإثراء تنظيماتهم وقادتها. فى التجربة الحالية وبعد أن تأكد الأخوان المسلمون من أن دولتهم عاجزة ليس فقط عن الدعوة لله، بل من إطعام السكان، أطلقوا العنان للصوصهم لنهب موارد البلاد خدمة لتنظيمهم لإثرائه حتى إن عادوا تحت ضغط الشارع او الفشل الذاتى او ضغط المجتمع الدولى يصبحوا وحدهم القادرين على الحراك والفعل السياسى بفضل ما نهبوه من أموال. وكنتيجة لذلك يتمكنوا من الفوز بأى انتخابات عن طريق أساليبهم وفسادهم المعروف فى شراء الذمم والرشاوى والتزوير والدعاية السياسية الكثيفة التى أسسوا لها قنوات تلفزيونية وإذاعات وصحف ومجلات، ليتم توظيف كل ذلك عندما يحين الوقت.

مالم يستوعبه الأخوان المسلمون وبعض القوى التى تتودد اليهم وتحالفهم الآن طعماً فى أن يلقوا لها ببعض الفتتات مما نهبوا من موارد الشعب السودانى، مالم يستوعبه هؤلاء جميعاً أن القوى الجديدة التى تنازلهم وتقاتلهم واعية تماماً لخططهم وأحابيلهم ومؤامراتهم. كما إن الاجيال الجديدة لن تدخل معهم فى لعبتهم القديمة من الأكاذيب والغش والخداع. القوى الجديدة عازمة على وضع حل نهائى لهذه الحلقة المفرغة من ألاعيب القوى المسيطرة وبعض القوى الطامعة فى فتات موائد الأخوان. هذه المرة إما حل نهائى يضع البلاد على الطريق الصحيح، يطبق فيه القانون على الجميع على قدم المساواة، أو، إن إختاروا غير ذلك ستستمر الثورة المسلحة حتى تبلغ أهدافها. وفيما أعلم ويعلم كثيرون غيرى، إما دولة مواطنة كاملة الدسم أو استمرار الثورة حتى يتهاوى عرش الطاغوت الى مذبلة التاريخ.
ما طرحه رئيس حكومة الاخوان المسلمين عن حوار وطنى لحل قضايا البلاد بصورة سلمية هو بمثابة طوق النجاة الاخير لهم ، فى غير ذلك لا مناص من الحل الآخر.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا اهل كردفان الكبرى
    يا اهل عروس الرمال …
    ام الخير في السودان
    يا شباب حي الناظر …
    يا شباب ود عكيفة … يا سباب الشويحات … يا شباب المربعات من 1-5
    يا شباب شارع النهود … يا شباب احياء الابيض كلها … انتم اهل البطولة و النضال
    فبلامس خرج اجدادكم استقبالا لمحمد ابن عبد الله ابن المراكبي و الذي اتاكم داعيا لاخراج الاتراك و الانجليز و المصريين من السودان فكانت البداية باسلحة هيكس و معركة الابيض و التي اتى بعدها فتح الخرطوم و امدرمان فكنتم نعم الابطال ليس من اجل الصادق و انجاله و انما من اجل اهل السودان فالسودان للسودانيين كما قال بطلنا صالح ضرار نادى بها من شرق السودان
    و اليوم انتم تواجهون الوالي دراكولا , البارون احمد هارون الصابونة و الذي اينما حل , حل الدمار و الخراب قتلا و تجويعا … الم يفعلها في دارفور قبلها … ثم زلقوه الى جنوب كردفان فحل بها القتل و الدمار ثم زلقوه الى شمال كردفان فقاد فيها كتائب القتل و الدمار و اعترف اليوم بها … اقبضوه و علقوه من ارجله في ميدان الحرية او في خور الشويحات او في حي فلاتة … فالابيض هي لاهاي اليوم
    اليست مساحة المدينة اكبر من مساحة هولندا كلها … اقبضو عليه و حاكموه فيها ثم قيادة الزحف الى الخرطوم … سنفعلها كما فعلها الامام محمد احمد و نحمل راس ود عطا و نافع و غندور و البشير لمحاكمتهم في الابيض … بالامس قتلوا اطفالنا و اخواننا في الخرطوم و مدني و دم هزاع و بكري لم يجف حتى الان في ميدان شمبات و ميدان بري و شوارع الدروشاب … الم يقتلوا الدكتورة سارة عبد الباقي و هذا الجندي احدهم و الصحفي الذي كان يحمل المسدس تحت الشجرة احدهم و الملازم الذي كان يصطاد الشباب الثوار تحت الجدار انه احدهم و قتل السنهوري ابن الابيض و قسما بالذي رفع السماء بلاعمد سنحضركم جميعا للقصاص لن تحميكم خططكم من (أ) الى (ي) و ليست (ب ) وحدها فيا قاتل الروح اين تروح ؟؟
    انهم نفس الاشخاص الذين قتلوا اهلنا في كجبار و العبيدية و بورتسودان .. و الان يريدون نشرهم في باقي مدن السودان و قائدهم العام الهادي الضلالي و غلمانه الوزراء الذين احتفلوا بالامس في مهرجان التسوق بدعوى البراميل لرؤية الفقر و المرض و الجوع و الاوساخ من شندي مرورا بعطبرة و بربر
    و الاطفال مازالوا يركضون خلف اللواري و الباصات طلبا لرزق ؟؟ الثورة مستمرة حتى كنس ارض السودان من غزارتهم هم و من والوهم او اتو بهم ..
    التحية لكل ارواح شهدائنا الابرار
    التحية لكل معتقلينا و معتقلاتنا الابطال
    التحية لشعبنا العظيم في كل مدن السودان و قراه
    الثورة مستمرة و النصر لنا وعاش كفاح الشعب السوداني

  2. كفاكم كلام يا جماعة ما شفنا منكم غير الكلام و بس
    بتعارضوا من برة سافروا السودان و اتكلموا من جوة
    و ين الثورة الوهمية يلي بتتكلمو عنها …
    نحن ما شفناها …

  3. الصادق امهدى برضه معاهم يا أستاذ عسكورى… الصادق أدى القسم مرتين على حماية الدستور وحنث اليمين وضيع البلد
    العالمين الكذابة محلهم الخور فقط، عشان البلد ترتاح من النفاق دا.

  4. حقيقة المقال جسدت الواقع الذى نعيش فالدولة عند الحاكمون الان ليس تداولا يتنافسه المتنافسون وانما احتكارا للسلطة والراى والدين والوطن فالحزب والدولة والحكومة كلها متطابقات الى حد الاتساق فلا الدستور ولا الانتخابات قادران على ايجاد الحل ان من يعتبر الدولة ملكا لدين او لملة اولحزب ليس جديرا بممارسة السياسة ولكنا سخرية القدر ان من يحاول اضعاف معارضيه دائما هو الضعيف لانه غير قادر على الابتكار لذلك كله علينا ان لانحلم بالديمغراطية الا بعد ان يفهم الاقصائيون معانى الراى والراى الاخر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..