فشل الحركة الاسلامية في السودان

اسماء عبد اللطيف

أخطاء من يسمون أنفسهم بالإسلاميين لا تضر الدين ولا تؤذي المصلين الصادقين ولا تثني المسبحين المخلصين،فالإسلام صورته نقية صافية لا شيء يعكرها.
ومن يظنون أن الإسلام دين قسوة، فكم هي آيات الرحمة فيه،ومن يتحدثون عن أن الإسلام هو السيف والقتل، كيف وصل إلى أصقاع الصين وأمريكا الجنوبية،والذين يروجون أن الإسلام يرفض التعايش.. فلماذا يزداد عدد المسلمين في العالم رغم الخمر والملاهي والكنس والكنائس؟!

عندما ننتقد الإسلاميين فنحن لا نتعرض لهذا الصفاء،وإن كان من يدعو الله في اليوم سبع عشرة مرة ? إهدنا الصراط المستقيم ? لم يهتدي فتلك مشكلته .الإسلاميين يخرجون إلى الشارع يرددون الله أكبر،ولكن عملهم ليس بأكبر،وإنما هو أصغر و أحقر و أغبر .
من ينتسبون لهذا الصفاء ويتسمون باسمه،يتوقع منهم نشر الفضائل و دحر الرذائل وازدهار المجتمعات وتحقيق العدل والمساواة بين الطبقات. ولكن انظر لحديثهم عبر وسائل الإعلام فهو لا يخلو من الهمز واللمز، يذكرون التكامل والتكافل،ولكنهم لا يسألون عن الفقير ولا يتفقدون المريض و حاجته إلى الدواء.

أين هم مما فعله صحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم من تآخي و تراحم ?رضوان الله عليهم أجمعين?، لكنهم يكدسون الأموال ويشترون الذمم. يقاتلون من أجل السلطة.
والتي عندما آلت إليهم لم يحسنوا التصرف فيها فلم نرى شرع الله مطبقاً ولا عدالة أو مساواة . وكانت لهم ممارسات زادت الفرقة والغبن بين أفراد المجتمع.

ومثال لتجربة الإسلاميين في الحكم،هو حكمهم في السودان فعندما لم يتمكنوا من الوصول للسلطة عبر التحالف مع نظام نميري أو عبر صناديق الإقتراع . لجأوا للخديعة وتحالفوا مع العسكر،وانقضوا عن الديمقراطية. البذة والقفطان لا تخفى مثالب كل منها . البذة العسكرية من مثالبها وعيوبها اعتمادها على السطوة والقوة والدبابة والسلاح الذي يخيف،أما القفطان يأتي كأنما نزل من الذات الإلهية وكل من ينتقده كأنما أنتقد الدين وانتقص من شأنه. إنه اجتماع ?المتعوس″ مع خائب الرجاء.
فصول وحيثيات ما فعله الإسلاميون في السودان بعد استيلائهم على السلطة لا يخفى على أحد،فأول ما بدأوا به هو التمكين،فأولوا الأمور إلى غير أهلها وكان المقياس لديهم هو الولاء والبراء وليس المؤهل والكفاءة. أدى ذلك إلى نتائج كارثية على الاقتصاد والمجتمع.

حينما أحس الإسلاميون تململ المواطنين ابتدعوا التجنيب لشراء الذمم ? التجنيب هو وضع جزء من المال العام خارج الميزانية لا يخضع للمساءلة وإنما يخضع لرؤية مدير المؤسسة أو الوزير أو الوالي ? هذه الجريمة البشعة في حق الاقتصاد الوطني من أهم أسباب تدهوره وكانت سبب لانتشار الفساد وتدمير كثير من المشاريع الحيوية وأفقر المجتمع إلى حد غير مسبوق، وتعمق الصراع والتهبت بؤر التوتر وانتشرت العنصرية البغيضة.

وفشلت الدولة في تقديم الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وانهارت المؤسسات العامة على إثر ذلك،وانتشرت المستشفيات والمدارس الخاصة كالنبت الشيطاني في المدن والقرى.
استفحل الفساد ونخر في عظم الاقتصاد لأن ذلك شجع الكثيرين من ضعاف النفوس على نهب المال العام وحسب منظمة الشفافية الدولية : السودان في منطقة الفساد الشديد . وسعياً منهم للملمة الأمر ابتدعوا فقه السترة ? هو في الحقيقة كان في عهد مؤسس الأخوان ولكنه طبق على نطاق فردي ? حيث جرت محاسبة الأخوان الذي سرقوا المال العام سرياً وداخل الحزب بأن يعيدوا جزء من المال المسروق إلى خزينة الدولة مقابل السترة ودون أن يطبق عليهم حد السرقة في دولة الشريعة ,التي ما فتئوا يذكروننا أنهم جاءوا لتطبيق شرع الله فيها . ونسي هؤلاء أن المال العام ملكية عامة يتشاركها كل المواطنين وهم ليس مالكين له حتى يتصرفوا بالعفو أو الستر على من استولى عليه بغير حق .

والإرث البريطاني الاستعماري منفرداً،أو التركي المصري البريطاني بما ظهر على أرض الواقع في مدينة الخرطوم،مدينة حديثة مخططة ذات بنايات شاهقة بعد أن كانت أكواما على النيل .هؤلاء الذين تربعوا في القصر الشاهق عملوا على إزالة سوق الخضر المركزي ومحطة السكة حديد بساحاتها الزاهية ومنظر اثنين من الجسور الاسمنتية المطلة على أرضها ومخططها العمراني لموظفيها وعمالها ,ما أجمل ما كانت تسمى المرطبات ,أزالوها بالبيع .إنني أشبه حالهم بحال من فعلوا مع ناقة (صالح عليه السلام) فهولاء إن كانوا صادقين لأزالوا القصر الموروث من حقب الاستعمار وأبدلوه ,كما يظنون,بمبان إسلامية،ولكن بلادنا جميعها أرضا وشعبا مرهونة ومباعة للغير. وأسوأ ما في الأمر : تصنيف السودان كدولة فاشلة نتيجة لممارسات الإسلاميين ,فقد عمدوا إلى قهر الشعب وتجاهلوا الرأي العام واحتقروه واستخفوا به وقتلوه.ولم يتيحوا للنخب والمثقفين المشاركة في إدارة الدولة.
هذه الممارسات الخطرة أدت إلى فتنة الناس في دينهم ,فالسارق يهلل ويكبر ويستر عليه .والغريب أن كل ذلك لم يحرك ساكنا في تنظيم الأخوان الدولي الذي ينتمي إليه أخوان السودان .لم نسمع شجبا ولا استنكارا .فهل لتنظيم الأخوان الدولي وجودا حقيقا على الساحة أم هو فزاعة وخيال مآتة يخوف به الغافلون ؟!

بالله عليكم ! انظروا إلى النتائج الكارثية بعد حكم دام لربع قرن من الزمان. أنا لا أؤمن بالمؤامرة ,ولكن كيف نجحت الجمهورية الإيرانية الإسلامية في تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع منذ أبو الحسن بني صدر حتى حسن روحاني .وبناية دولة قوية ,مجموعات أمريكا وأوروبا مرغمة للجلوس والتفاوض معها ؟!

والتجربة الإسلامية في ماليزيا ,في مجتمع تعداده يفوق مئتي مليون نسمة ..كم كانت مزدهرة ومدعاة للمفخرة ,وبناء صورة حضارية كبيرة ,عجزت منطقة وادي النيل والفرات ?التي هلّ منها شعاع الحضارات للعالم ? أن تصنع مثلها,وهي الآن من أفشل مناطق العالم .

الإسلام منذ أن كان،هو إسلام انتخابي والسقيفة تدل على ذلك بوضوح .بالله عليكم ألم يكن الله قادرا أن يهب محمدا صل الله عليه وسلم الذرية وإن لم يورثهم ,لورثهم الناس لما للرسول صل الله عليه وسلم من الأخلاق والقيم .ولو أراد أن يورثها لذكر للناس أن علي هو خليفة رسول الله.
جريدة رأي اليوم
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. …اجمل واحلى وانضر وامتع واكثر ما يريح النفس فى تجربة الانقاذ والحركة الاسلامية فى السودان هو,انه لن يأت احد او جماعة من بعدهم وتقول هى لله او الله اكبر لا لدنيا او نطبق الشريعة الاسلامية ,لان الجميع سينظر اليهم كمن يريدك ان تحضر وتشاهد معه فيلم.. رأيته و تشاهده يوميا,المنظمات الدولية كالاساتذة فى المدرسة ـ وهم لا يكذبون ـ كل له مادته,استاذ فى الشفافية والاقتصاد والصحة والرفاهية وحقوق الانسان واستاذ للتربية والعلوم,والنتيجة النهائية للتجربة الاسلامية فى بلاد النيلين هى… الطيش مشترك.

  2. الله يديك العافية يا اخت اسماء والله كلامك كلو فى محلو بصوص هاؤلاء الناس غايتو نعتبروا ابتلاء من الله ونسأله الصبر ربنا يديكى العافية ويوفقك .

  3. عفوا .. (كيف نجحت الجمهورية الإيرانية الإسلامية في تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع ) لا أعرف ماذا تقصد هل هو ترويج للشيعة، أم أنه تأكيد لنجاحهم وفشل الآخرين، ربما نلتقي أو نختلف في فكر ما لكن الملاحظ أن المقال كما أظن يدس سم في العسل، أم أنني مخطئ وياريت يخيب احساسي، أما إذا صدق فالمقارنة بين مشروع سني وشيعي باتت لا فائدة منها.

  4. سيذكر التأريخ زيارة التتار ,,,
    و خمرهم و لعبهم و سفههم جهار ,,
    و حرقهم مدينة الفضيلة ,,
    و هدمهم مدينة العمار ,,
    و أنهم و أنهم و أنهم لا يفترون من لعبة الدمار ,,

    و كيف انهم قد اعلنوا قتالهم كفار ,,
    و أنهم رسالة السماء للاطهار ,,
    و قولهم بأنهم بقية الصحابة و اخر الاخيار ,,
    و فجأةً تكشف النهار ,,
    فاذا بأنهم عراة بالنهار ..
    و أنهم تلاعبوا بمالنا القمار ,,
    تبول الشيطان فوق رأسنا
    تلاطفت كلابه في حينا و أنجبت صغار,,
    تكاثروا تناسلوا كأنهم اعصار,,
    و خلفوا حطامهم,, خصامهم,, حرامهم,, و شعلة من نار ,,
    و فجأة تبخروا و فارقوا الديار ,,
    و غير التاريخ وصفهم و اسمهم ( الاخوة الفجار )

  5. الخوف كل الخوف تجى انتخابات وهذا الشعب يصوت لهم تانى
    الاحزاب سرطان السودان ان لم تختفى السودان ما بتقدم شبر الى يوم القيامة
    اصحوا ياناس ولنكن لنا دور حتى نحبث كيف يحكم السودان بدون احزاب

  6. يكفى يا اخت اسماء شهادة شاهد من أهلها وهو القيادى المنسلخ من المؤتمر الوطنى (حسن عثمان رزق) قائلاً: «الذي يخرج من الوطني كأنه خرج من الكفر إلى الإسلام» (الإنتباهه 13-2-2014)

    إن “الخوّان المظلمون” يمتهنون الله جل جلاله وسمو دينه وينزلونه الى طاولات الاتجار والمساومات الرخيصة…ولايرجون لله وقارا وتنزيها واجلالا , و ينصبون انفسهم وكلاء لله على خلقه يفرضون انفسهم بالارهاب وقوة السلاح ناطقين باسم الاسلام , يحلون لانفسهم ازهاق ارواح وسفك دماء من ينكرون عليهم ذلك ويخالفونهم الرأي باسم الله ودينه زورا وبهتانا ويتخذون من دين الله الحنيف وتعاليمه السمحة العظيمة مطية لتحقيق مكاسب دنيوية لاتخلو من فساد وإفساد بل و إجرام و ينشرون ثقافة التجهيل والتسطيح الفكري للشعب بترويج الأفكار المغلوطة ,و ذلك بغرس ثقافة التلقين والاتباع الأعمى والتقديس للرموز المنحرفة بدون معرفة الضوابط الشرعية “للمعمم المسلم” .
    الشيء المحزن أن هؤلاء المظلمون إستطاعوا خدع بعض المساكين وجعلهم (طبالة) “للمعمم المظلم” و “الصنم الأوحد” بدون أي تفكير في سلوك هذا الذي يتاجر بالدين والعقيدة من أجل المصالح الدنيويه!!

    *إنها الصنمية الحزبية التى طوّرت “المشروع الحضاري” من عبادة الحجارة في الجاهلية إلى عبادة البشر و العياذ بالله !!

    أستغفر الله و لا حول ولا قوة إلا بالله !

  7. ليس هنالك بديل سوى. الإسلام نفسه . جرائم هؤلاء لاتعنى التخلى عن عداله الإسلام والالتزام. بتعاليمه وتطبقها فى الحياه لتحقيق الأمن والعدالة

  8. الاسلاميون في السودان بالرغم من فترة حكمهم الذي دام لحوالي ربع قرن من الزمان الا انهم فشلوا في ان يرتقوا الى مرتبة رجال دولة فهم مازالوا يمارسون ادارة الدولة بطريقة رجال العصابات التي تعتمد على القائد الملهم والانقياد الاعمى للقيادة وطاعة الاوامر وافتقاد المؤسسية مما جعل الدولة تصنف عالميا ضمن اكثر الدول فسادا حسب تقرير منظمة الشفافية والكارثة الكبرى انهم مازالوا يصرون على تكملة مابدأوه قبل 25 عاما ومادعوتهم الى فتح ابواب الحوار مع القوى السياسة الا حيلة جديده يحاولون من خلالها تجميل وجه النظام واكسابه ولو قدر يسير من الشرعية في سعيهم الحثيث لكسب مزيد من الوقت لبقائهم على سدة الحكم

  9. لم يكن فى التاريخ القديم او الجديد دولة دينية ناجحة كلها فاشلة حتى ولو كانت أسلامية وهذه الاخيرة تقوم على الكزب وقطع الرؤس فالنعيد قراة التاريخ الاسلامى جيدا

  10. السؤال هو: هل كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم متآخين متراحمين كما تقول الكاتبة؟
    الجواب لا لأن التاريخ يقول العكس لقد كانوا متحاربين متنافرين ويكفي ان طلحة والزبير شاركا في قتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان؟ هذا موجود في السيرة وفي تاريخ الطبري وابن كثير وغيرهم!!
    والغريب ان طلحة والزبير من العشرة المبشرين بالجنة؟!!
    مروان بن الحكم الذي كان ابوه مطرودا من المدينة بأمر الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يدخلها الا بعد تولي عثمان الخلافة هو الذي قتل طلحة بن عبيد الله (احد العشرة المبشرة بالجنة) هذا مكتوب في التاريخ فعليك بقراءته ايتها الكاتبة ولا تضـللي الناس..

  11. لابديل غير الديمقراطيه !!
    وإيران ليست مثالا يحتذى بل مثل على فشل الأنظمة المسماة إسلاميه زورا .ولم تمارس الديمقراطيه فلها من الأئمه مايجعل الرئيس المسمى منتخبا يخضع لأوامرهم !! وهى اليوم خضعت لشروط الغرب وقد إنكسرت فكل المتأسلمه لايعملون بمبدأ قضاء الحوائج بالكتمان بل يحبون التفاخر والتعالى والتهديد .وفشل المتأسلمه ليس فى السودان فقد كانوا يضربون المثل بتركيا وظهرت تركيا كبؤرة للفساد فى عهدهم !!ولم تكن هنالك دولة إسلاميه على الإطلاق حتى نتخذها معيارا لمدى الفشل والنجاح !!وسقيفة بنى ساعده لم تك ديمقراطيه بل تم حسمها بالسيف ولهذا كثرت الطوائف والعشائر والملل مما أورث المسلمين أنظمة قمعيه من بنى أميه وحتى اليوم !!!ولكن بالديمقراطيه يمكن أن يعتلى المسلمون المخلصون زمام القياده ويبرهنوا بالفعل لا بالقول أنهم دعاة حق !!ولكن من أين لهم بالبطانه الصالحه ؟؟لابد من الديمقراطيه حتى يحاكم الكل ويكون الكل أمام القانون سواسيه لاقدسية لشيخ أو حوار .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..