رجل خارج الشبكة

زمان مثل هذا
رجل خارج الشبكة

الصادق الشريف

? أخشى أن يكون الدكتور تجاني السيسي.. رئيس حركة التحرير والعدالة.. ورئيس السلطة الانتقالية لإقليم دارفور خارج الشبكة السياسية التي تغيرت كثيراً في فترة غيابه عن البلاد. ? لقد بدأ الدكتور بتصريحاتٍ تعكس صورة أقلّ مما رسمتها له الصحف.. والصورة التي رسمتها توقعات الدارفوريين بعد توقيع اتفاق الدوحة.. كرجل (إنقاذ دارفور). ? وسوف نتناول هُنا مفهومين مما جاء به الرجل كمفاهيم للعمل الإداري في الفترة القادمة.. وهي مفاهيم ربّما اكتسبها خلال عمله بالأمم المتحدة.. أولها مفهوم القبلية.. وثانيها مفهوم السلطة الانتقالية. ? في أكثر من تصريح حاول الرجل أن يعلن أنّه لن يعتمد (المفهوم القبلي) وسوف يحارب القبلية.. ولن يعتمدها في التعيينات بأجهزة السلطة المختلفة. ? هذا حديثٌ طيبٌ.. نتمنى أن يصبح واقعاً ملموساً.. لكن وبكلِّ أسف فالواقع هو عكس ما يقوله د.سيسي تماماً. ? ففي غياب الروح الوطنية القومية.. أصبحت القبيلة هي الظهر التي يتكئ عليه معظمُ السودانيين في نيل حقوقهم.. التي يجب أن توفرها لهم الدولة بصورة متساوية.. والمعروف أنّه من لا ظهر له (ينضرب على بطنو). ? وهذا الأمر ليس في دارفور وحدها.. فهناك تتكون الحركات المسلحة وتنقسم على أسس قبلية.. لكن حتى في الشمال لم يستطع الرباطاب أن ينعموا بالكهرباء لو أنّهم لم يمتطوا ظهور باصاتهم وحافلاتهم.. ليغزوا الخرطوم.. ويطالبوا بذلك الحق الأصيل. ? ذلك الحق (الكهربائي) الذي تجاوزهم من مروي القريبة إليهم.. فتخطاهم وتمدد الى الشمال والجنوب والشرق.. ماداً لسانه.. هازئاً من قومٍ لا يملكون حركة مسلحة ترفع صوتهم. ? لن يستطيع سيسي أن يُعيِّن كوادر في السلطة الإنتقالية على أساس التأهيل.. وكيف يستطيعُ ذلك.. وحكومته المركزية تقيم المحليات.. وتقسِّم الولايات.. وتقوم بالتعيينات الوزارية على الأسس الإثنية؟؟؟. ? أمّا المفهوم الآخر.. فهو ما قاله عن السلطة الانتقالية.. من أنّها سوف تتعاون مع ولاة دارفور و(لن تنزع صلاحياتهم). ? المعلوم أنّ السلطة الإنتقالية في إتفاقية الدوحة تختلف عنها في إتفاقية أبوجا.. ففي أبوجا كانت السلطة ذات طبيعة تنفيذية.. لديها مشاريعها التي تقوم بتنفيذها (ولو كره الولاة). ? لكنّ ولاة دارفور كانوا يدخلون الى وزارة المالية.. ويحملون الأموال لتنفيذ مشاريع تنموية (على قدر أهل العزم) في ولاياتهم.. تعود عليهم بالعوائد السياسية.. بينما يدخل كبير مساعدي الرئيس الى الوزارة عينها.. ويخرج خالي الوفاض. ? وذلك ما أدَّى في نهاية الأمر الى غضب منى أركو مناوي.. وجعلته يقول عبارته الشهيرة (مساعد لوري أحسن من مساعد رئيس الجمهورية).. بعد أن أفشل الولاة جميع خططه الإنمائية.. واستمر حاله هكذا الى أن خرج الى جوبا مغاضباً.. ثُمّ الى الصحراء مقاتلاً. ? لكنّ الحكومة حاولت أن تتجاوز ذلك الإزدواج الذي خلفته أبوجا.. حين توقيعها لإتفاقية الدوحة.. فجعلت السلطة الإنتقالية مجرد جسم/آلية للتنسيق بين المركز والولايات فيما يختص بالمال والمشروعات التنموية وقضايا النازحين والمعسكرات.. لا غير.. وليست مستوًى من مستويات الحكم. ? لهذا أعتقد أنّ فكرة د.سيسي (المهذبة) عن (عدم رغبته) في سحب سلطات الولاة.. هي في حقيقة الأمر فكرة غير ممكنة التنفيذ.. إستطاع المؤتمر الوطني أن يتفاداها وهو يوقع على الإتفاق.. وهي ذات فكرته (اليوتوبية) عن القبلية. ?

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..