يا عبد الرحيم.. علمني كيف أصطاد سمكة وأقارع الصحراء والجفاف!!

ريفي مروي ? محمد عبد الباقي
عندما استيقظ من قيلولته لم يكن مبتسماً ولا حزيناً، ولكنه كان ينظر إلى السهل الممتد أمامه بأسى مسترجعاً تاريخ أجداده الذين ظلوا يتوارثون تلك الأرض المُنبسطة منذ أكثر من سبعمائة عام. وعلى مقربة منه كان عدد من الرعاة يقومون بسقي قطيع الإبل في البئر التي يقوم بالإشراف عليها لأكثر من عامين تقريباً.
هكذا كان يمضي يوم الطفل (عبد الرحيم حسن) ذي الإثني عشر عاماً نحو التلاشي كغيره من الأيام التي عاشها أسلافه في منطقة دار الهواوير الممتدة بين ولايتي نهر النيل والشمالية وشمال كردفان، ولم يخطر ببال (عبد الرحيم) أن يجد في يوم من الأيام وسيطاَ إعلامياً يرفع عبره صوته إلى المركز مطالباً بإعمار تلك الدار التي لم ير سكانها الخدمات مطلقاً.
رسالة عاجلة
ورغم أن (عبدالرحيم) لم يمتهن مهنة غير الإشراف على تنظيم توزيع ماء تلك البئر مجاناً على الرعاة والعابرين لكنه كان يعلم أن الأطفال الذين في عمره يذهبون إلى المدرسة كل صباح ويتعالجون لدي أطباء مهرة إذا أحسوا بالسقم ويشربون مياه نقيه ويمتطون المواصلات السريعة بدل الدواب وهي الحمير والجمال. هذا الإحساس الغامض دفعه للقول إنه ينشد حياة يجد فيها الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، ولن يقبل مطلقاً بتلك الحياة التي عاشها أجداده.
لم تكن هذه مجرد أحلام راودت الطفل (عبدالرحيم آدم) وإنما مطالب تقدم بها إلى ولاة الأمر في المركز والولايات لتقديم الحد الأدنى من الخدمات لسكان دار الهواوير الذين لم ينعموا بأي نوع من التنمية رغم إنهم ظلوا بأرضهم لمئات السنين.
وعلى اختلاف الأعمار جاءت إفادة السيد (محمد صالح الهواري) مفعمة بالرجاء بأن تمتد يد التعمير لتلك البقاع التي قال إن سكانها ظلوا بها طيلة الفترة الماضية على أمل أن يجدوا حظهم من التنمية، ولكن هذا الأمل تبدل سراباً بحسب وصفه.
وقال (محمد صالح): بالرغم أن الخدمات هي العامل الأساسي لاستقرار السكان لكنهم ظلوا في منطقتهم لمئات السنين وبين الحين والأخر يراودهم التفاؤل بدنو أجل التنمية، ولكن تلك الغبطة تزروها الرمال وتتلاشى الأمنيات وظل هذا يتكرر على مدى تاريخ تعاقب الحكومات منذ دخول الإنجليز للسودان.
*مقارعة التصحر والجفاف
ويرى (محمد صالح) أن من واجب الجهات الرسمية إنصاف أهل المنطقة الذي يأتون في المركز الأول على مستوى السودان تمسكاً بأرضهم لأنهم لم يهاجروا منها البتة لأكثر من سبعمائة عام تحملوا خلالها كافة أنواع التصحر والجفاف من أجل الحفاظ على هويتها، وكانوا يظنون أنهم سيكونون على قائمة أولويات التنمية عندما تبدأ، ولكن هذا لم يحدث بل حصل العكس تماماً.
*لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد
ويضيف (محمد صالح) بقوله: ما يزيد القلب حسرة أن منطقة دار الهواوير التي يبلغ طولها أكثر من (900) كيلو متر تعتبر أرض بكر تصلح للزراعة والرعي، ويمكن أن تقام بها أكبر المشاريع المروية والمطرية، وكذلك يمكن أن تتم فيها تربية الماشية بدرجة ممتاز، خاصة وأن السكان بارعون في تربية المواشي ويهتمون بها بدرجة كبيرة.
ونحن متمسكون بهذه الأرض أباً عن جد، ولن نهجرها في يوم من الأيام، ولكن مؤخر بدأت هناك جهات قد نكشف عن أسمائها يوماً ما بدأت مؤخراً تستهدف أرض الهواوير بالشمالية ونهر وتخلق له وكردفان ونخلق لهم الكثير من المضايقات حتى يتنازلوا عنها، ولكن نحن نقول لهولاء إن الهواوير لم يتخلوا عن أرضهم في أحلك الظروف، فكيف لهم أن يسمحوا لكم بها الأن، فهذا حلم ظلوط؟
وتمسكنا بأرضنا لا يعني أننا ضد سياسة الدولة أو محاربة الأستثمار بل العكس تماماً نحن نشجع وندعم، ونبارك توجهات الدولة لجلب الاستثمار والمستثمرين سواء أكانوا وطنيين أو أجانب، ولكن بشرط لن نتهاون في التمسك به، وهو الحفظ الكامل لحقوق الأهالي وإنصافهم

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..