تشكيلة وزارة رزق اليوم باليوم

شئ من حتي
تشكيلة وزارة رزق اليوم باليوم
د.صديق تاور كافي
٭ ما يزال حزب المؤتمر الوطني الحاكم في حالة من البحث المضني عن تشكيلة حكومية مناسبة للمرحلة الحالية التي تمر بها البلاد، بمآزقها التي تتقاطر من كل حدب وصوب، حتى أضحى البحث في حد ذاته مأزقاً جديداً لا تُحسد عليه الحكومة وحزبها.
فقد تجاوزت المداولات المتعلقة بتشكيل الحكومة وتحديد الوزارات وتسمية الوزراء وكل الخطوات الخاصة بهيكلة الحكومة الجديدة، الثلاثة أشهر، فيما لا تزال حالة الورطة قائمة ومسيطرة على المشهد حتى الآن، في ظل درجة عالية من الاحتقان السياسي على صعيد العلاقة مع المعارضة، واستياء شعبي واسع على صعيد العلاقة مع المواطنين، وعجز عن إعادة الاستقرار للأقاليم التي تشهد انفراطاً أمنياً بفعل نشاط حاملي السلاح في 04% مما تبقى من جغرافية سودان ما بعد انفصال الجنوب. وفي ظل صراعات داخلية حول المناصب والوزارات والتشكيلة نفسها.
٭ وأهم ما يميز ملامح المرحلة الحالية هو انفصال الجنوب الذي تم بدفع واعٍ ومقصود من جماعة المؤتمر الوطني، استخدموا فيه كل أدواتهم الإعلامية وواجهاتهم ومنابرهم وأذرعهم الأمنية، كما لم يدخروا وسيلة لتحويل هذا الانفصال المؤلم لكل أهل السودان، إلى خصومة فاجرة بين بلدين متجاورين.
حدث هذا على الرغم من التزام أعلى قيادة في الحزب بتسليم السودان موحداً للأجيال القادمة، وعلى الرغم من التعهد بانفصال سلس إذا لم تتحقق الوحدة الجاذبة. واول ما حاول اعلام المؤتمر الوطني الترويج له عشية الاعلان رسمياً عن فصل جنوب السودان عن وطنه الأم، هو أن 89% من الشعب مسلمون، في اشارة ضمنية الى ان أبناء الجنوب كانوا يشكلون نشازاً للهوية السودانية، وهو امتداد لما ورد في خطاب القضارف الشهير بشأن التنوع تحت عنوان «الدغمسة».
وأياً كان الأمر فإن انفصال الجنوب قد مثل صدمة نفسية كبيرة لكل السودانيين «ما عدا الحكومة ومنسوبي حزبها»، لكون الحدث فوق التصور، ولم تجرؤ حتى السلطة الاستعمارية بكل قبحها على فعله. وما زاد من صدمة أهل السودان واستيائهم، تصرفات الكثير من واجهات المؤتمر الوطني وأذرعه بل وقيادات نافذة فيه قبل وأثناء وبعد العملية الجراحية الاستئصالية للجنوب وبنيه. فقد صدرت تصريحات سيئة بحق هؤلاء الأخيرين، وتم اعتراض واعتداء مؤسف على قوافل أبناء الجنوب على مرأى ومسمع من السلطات الرسمية، وتم نهب قطارات المؤن والأغذية المتجهة جنوب?ً، وتُرك الآلاف في العراء تحت المطر ولفح الشمس ونهش البعوض، يعانون الجوع والتلوث والإسهالات وموت الأطفال والكبار في سادية لا مثيل لها. وتمت عرقلة حركة البضائع والتبادل التجاري. ونُحرت الذبائح فوق كل ذلك ابتهاجاً بـ «عيد الفرح الأكبر» إمعاناً في استفزاز مشاعر أهل السودان شمالاً وجنوباً. كل ذلك دون أن يدري أحد لمصلحة من هذا الذي حدث.
٭ الملمح الثاني للمرحلة الحالية الذي يرتبط إلى درجة ما بانفصال الجنوب، هو الانهيار الكامل للاقتصاد، فالضائقة المعيشية التي يعانيها المواطنون في قوتهم اليومي وفي علاجهم، وفي تعليم ابنائهم وفي حصولهم على ماء الشرب، وفي كل خطوة يخطونها، قد وصلت حداً يفوق الاحتمال. وباعتراف مسؤولي الحكومة وقادة حزبها، فإن موجة الغلاء التي تصاعدت بشكل لافت مع انتخابات أبريل 0102م، واستمرت هكذا بطريقة فوضوية وعبثية هي موجة لا مبرر لها. وقد عجزت الحكومة تماماً عن لجم انفلات الأسعار وجنونها، وهكذا تركت عامة الشعب يموتون موتاً بطيئ?ً من شدة المعاناة، تشيّعهم بالأمنيات الطيبات وتوصيهم بالصبر على المجهول.
وفي ذات الحين فإن ما تمتصه قبيلة الدستوريين في شكل مرتبات عالية ومخصصات ونثريات وأساطيل من السيارات الفارهة، وقصور من البنايات الفخمة وغيره، يذهب بالقليل المتبقي في خزانة الدولة بعد اختفاء بترول الجنوب، ولكنه يلهي هؤلاء عن أي شعور بوجود معاناة أو مشكلة، مثل وزير المالية الذي نفى أن يكون هناك مواطن بات جائعاً.
«في أقوال قطبي المهدي حول تفاصيل المبالغ التي سُرقت من منزله أنها «19» ألف جنيه سوداني و«13.140» يورو و11.360» فرنكاً سويسرياً و«645» ألف ليرة لبنانية و«024» ألف ليرة سورية و«02» ألف جنيه مصري و«9» آلاف ريال سعودي و«5» آلاف جنيه إسترليني و«62» ألف دولار»- «الصحافة» 13/01/1102م العدد 1656».
مضافاً إلى هذا الاستنزاف الرسمي لخزانة الدولة، الفساد الذي أُنشئت له مفوضيات ولجان وعُقدت حوله جلسات، ولكنه لا يزال يمشي في الطرقات وينام ويأكل الطعام.
٭ الملمح الثالث في المرحلة التي يبحث فيها الحزب الحاكم عن تشكيلة مناسبة لادارتها، هو الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، حيث تكمل بنهاية هذا الشهر نصف عام في الأولى وثلاثة أشهر في الثانية، وهو وضع يعزز تعمق الأزمة السياسية في الشمال، فاندلاع الحرب بغض النظر عن تفاصيله وطريقته قد تجاوزته المرحلة بحيث لم يعد مهماً من الذي بدأ القتال وأوجد الأزمة، بقدر ما المهم هو من الذي يدفع ثمن هذه الحرب وكيف نوقفها؟! واستطالة الحرب تخدم حاملي السلاح لأن هدفهم هو الضغط على الحكومة لحسابات خاصة بهم أو خاصة بمن دفعهم إلى خوض?الحرب من أيادٍ خفية وظاهرة، بينما وقف الحرب يُحسب بالنتيجة لصالح الحكومة «أي حكومة» لأنه مرتبط بخلق ظروف الاستقرار والأمن والاطمئنان للمواطنين. وبالتالي فحتى لو رجحت كفة الميزان العسكري على الأرض لصالح الحكومة فإنه لا يعد نجاحاً، لأن الأسباب تظل قائمة. وبهذا المقياس فإن عدم نجاح الحل السياسي لأزمة الولايتين هو دليل عجز وفشل للحكومة أولاً وأخيراً. والذي يدفع ثمن الحرب والاقتتال هو المواطن الذي تتعطل مصالحه بسبب الحرب، فهو لا يستطيع أن يزوال زراعته ولا أن يرعى ماشيته ولا أن يمارس تجارته، ولا أن يذهب أبناؤه ل?مدارس ولا ولا.. الخ. لذلك فإن مصلحة المواطنين تفرض تقديم الحل السياسي على الحل الأمني، لأن الحكومة لا يمكن أن تضع نفسها كمعادل لحركة متمردة أو حركة خارجة على القانون. فالحكومة واجبها احتواء أي سبب من أسباب النزاع والسيطرة عليه بما يحقق الأمن والاستقرار، وبذلك تقع عليها المسؤولية في ابتداع السبل التي تحل الأزمة بأقل الخسائر.
الأصوات التي تدعو إلى التصعيد والاقتلاع والبتر هي أصوات محدودة النظر ومسدودة الأفق، حيث أن الأزمات السياسية تحسم بالآليات السياسية أولاً وأخيراً، ووقتما ظلت أسبابها موجودة فإنها تكون قابلة للتجدد والاندلاع مرة أخرى.
نفس الشيء يقال عن الوضع في دارفور، حيث اعتمدت الحكومة على فصيل غير مؤثر في الصراع، بينما احتفظت بالمسافة نفسها من العداء والخطاب مع الحركات الأخرى، وبالتالي لم تفعل أي شيء. ومن المتوقع أن ينتهي اتفاق «السيسي» الأخير إلى نفس مصير سابقه «مناوي»، فلا خلاف إلا في الأشخاص.
٭ من جانب آخر فإن المؤتمر الوطني الحاكم بوصفه حزباً وُلد من رحم السلطة، لم يفطم قياداته وكوادره على التضحية والزهد في السلطة والجاه، بقدر ما فتح عيونهم على المناصب والوزارات ومؤسسات السلطة القائمة على الصرف اللا محدود لمختلف البنود. ومع حالة الضيق الاقتصادي التي فرضت إعلان التقشف «ولو دعائياً» ما يعني تقليص الوزارات ودمج المؤسسات، وبالتالي مغادرة كثيرين لمواقع الوزارة والسلطة إلى موقع الحياة العامة، فإن الوضع يصبح داخل الحزب شائكاً وصعباً.. من الذي سيبقى ومن الذي سيغادر؟!
هذه ثقافة غير متوفرة في أدبيات جماعة «الإنقاذ؟!» طيلة سني حكمهم. وإذا وضعنا في الاعتبار أن الوضع الاقتصادي العام لا يسمح بتوفر «البندول النافعابي» كما في السابق، فإن الوضع يصبح أكثر تعقيداً.
٭ ومن جانب المحيط الإقليمي فإن موجة الربيع العربي المنتشرة في المنطقة، تشكل عامل ضغط نفسي على الحكومة وحزبها لأكثر من سبب وسبب. فكل الشروط التي دفعت الشارع العربي الى الانتفاض على الحكام في تونس ومصر واليمن وسوريا وليبيا والجزائر والمغرب، هذه الشروط متوفرة أيضاً في السودان وربما بدرجة أكبر، لأنه على الأقل لم يقدم أي من هذه الانظمة على تقسيم بلاده بالشكل الذي فعله النظام السوداني. ونجاح هذه الثورات الواحدة تلو الأخرى يحفز المناطق الأخرى، خاصة بعد ذهاب القذافي ونظامه «مع التحفظ على الآليات»، حيث ثبت عملياً أ? الفعل الشعبي اذا ابتدأ فإنه لا عاصم له من بلوغ نهاية الشوط مهما كانت درجة العسف والقمع التي تقابله. هذا على ما يبدو ما جعل حزب المؤتمر الوطني يبحث عن صيغة ديكورية لمشاركة بعض أحزاب المعارضة، تبقى على سياساته وسيطرته على مفاصل السلطة والدولة، وفي نفس الوقت توهم الرأي العام بأن هناك تغييراً قد حدث على مستوى النظام السياسي. وهو ما عناه شعار الحكومة العريضة عند جماعة المؤتمر الوطني.
ولكن هذه الصيغة تواجه مصاعب فعلية داخل الحزب والمعارضة. فاشراك آخرين من خارج بيت الحزب الحاكم في هذه الظروف يعني تقليص المقلّص، وتضييقاً أكثر للفرصة على المتنافسين الطامعين من داخل الحوش. وهذا يمكن أن ينتهي إلى مغادرات جماعية واستقالات وانقسامات لجميع الأطراف «حكومة ومعارضة»، الأولون بسبب تضرر المصالح بصورة مباشرة وفقدان المواقع، والأخيرون بسبب رفض القواعد والجماهير الموالية للحزب لأي تقارب ديكوري مع حزب الحكومة.
إجمالاً فقد عبّر المؤتمر الوطني الحاكم عن تضجّره من عدم قبول حزبي الأمة والاتحادي الديمقراطي لهذه المشاركة الديكورية، وعن نفاد صبره عليهم، بقوله إنه لن ينتظر هذه الءحزاب أكثر مما صبر. وهذا يعني أنه سوف يمضي في ذات الطريق الانفرادي لإدارة أزمة البلد، وليس التراجع عنه بتقديم التنازلات التي تتطلبها المرحلة. وهو اختيار سوف لن تكون عواقبه سهلة كما يتصورها جماعة الحاكمين بأمرهم.
الصحافة
مع ارهاصات التغيير الوزراي الوهمي المرتقب الكنس والسرقة من المال العام على أشدها هذه الايام وكل الدستوريين ينعشون في أعمال شركائهم في الشركات والشراكات والأعمال والجامعات والكليات الخاصة المستترة التي أسسوها من عرق الشعب وحق ابنائه في التعليم والصحة، بس نقول لهم الشعب صاحي وليس هناك عفا الله عماسلف .. اسمعوا وأعوا .. مصير القذافي هو مصيركم أجمعين والميدان ياحميدان فق بلغ السيل الزبى..