هل يدفع تقاعس الأحزاب الشمالية قوى الهامش للمطالبة بتقرير المصير ؟؟

هل سيدفع تقاعس الأحزاب الشمالية قوى الهامش للمطالبة بتقرير المصير ؟؟

شريف ذهب
[email protected]

في غضون الأيام الماضية نشرت صحيفة ( الراكوبة ) الالكترونية مقالاً للدكتور عبدا لله تيه جمعة وزير الصحة السوداني الأسبق تحت عنوان ( لماذا تخشى ثورات الهامش من المطالبة بتقرير المصير ؟ ) عبرّ خلاله الدكتور عن شديد امتعاضه من مواقف قوى المعارضة الشمالية الكبرى حيال جرائم القتل اليومي التي يقترفها النظام الحاكم في السودان في حق مواطني جنوب كردفان والنيل الأزرق ، وأشار إلي أنّ هموم تلك القوى تنصّب فقط في اتجاه إيجاد موضع قدم لها في السلطة ، سواء عبر تقاسم الكعكة مع المؤتمر الوطني من خلال الوفاق معه أو عبر انتفاضة شعبية تندلع جراء الضائقة المعيشية التي يعاني منها المواطنين .
وشخصياً اتفق تماماً مع الدكتور فيما ذهب إليه ، وأعزو الأمر بشكل أساسي للخلل الكبير في الضابط القيمي لميزان التعاطي السياسي لأحزابنا التقليدية ، مما جعلها دوماً تُرجّح كفة المصلحة الذاتية عن المصلحة الكلية للبلاد والعباد ، وهو ما برز جلياً في الوضع الراهن للبلاد وخاصة بعد انفصال الجنوب وتحّول الاقتتال إلي مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق فضلاً عن دارفور .
فباستثناء قوى اليسار السوداني بشكل عام ، فإنّ العمل الجمعي المنظّم لتلك القوى في اتجاه إسقاط النظام قد تلاشى تماماً عدا بعض الأصوات التي تعلو وتخفض بين الفينة والأخرى بشكلٍ أشبه ما يكون بإثبات الوجود لا أكثر ولا أقل ، فيما غابت حتى بيانات الشجب والإدانة لما تحدث من جرائم في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق تحديداً ! ، ولعّل ذلك هو مبعث هذه التصريحات من الدكتور عبد الله تيه كما أشار هو بذلك ، والتي لا احسبها أتت وليدة اللحظة وإنما عن قناعة استقاها من واقع فعلي محسوس عاش فصولها داخل أضابير الدولة حينما كان وزيراً للصحة الاتحادية واضطر لتقديم استقالته جراء تلك العوامل ، ويعيشها الآن بين أقطاب المعارضة .
وعن مغزى هذه التصريحات ( الدعوة لتقرير المصير ) ، فالدكتور عبد الله تيه ليس شخصاً عادياً أو وزيراً سابقاً فحسب ، وإنما هو قيادي في الحركة الشعبية وأحد أقطاب أبناء جبال النوبة ، وتعبيره الصريح عن المطالبة بحق تقرير المصير حتماً سيجد صداه لدى المعنيين بها ، سواء من طرف الحكومة و قوى المعارضة أو من قوى الهامش نفسها ، وسنرى صداها خلال الأيام المقبلة ، ولكن الأهم من كل ذلك يكمن في مدى رسوخ هذه الفكرة لدى المثقفين من أبناء تلك المناطق المعنيّة ونسبة المقتنعين بها ؟! لأنّ هذه الفئة تحديداً هم منْ بيدهم تحديد اتجاهات مسار مثل هذه القضايا المصيرية عبر التاريخ ، وكان آخرها لدينا في قضية جنوب السودان .
وإذا ما استمر هذا الغموض والسلبية في مواقف الأحزاب الكبيرة في البلاد وبخاصة حزبيّ الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي الأصل ، أو تطوّر الأمر لأبعد من ذلك كما هو محتمل بنجاح مخطط المؤتمر الوطني في استقطابهما ضمن حكومتها الجديدة بما يعني عزلهما عن تحالف قوى المعارضة المشتمل على قوى الهامش ، فعندئذٍ ستتحول فكرة تقرير المصير هذه إلي قناعة حقيقية لدى كافة أبناء الهامش ستضطر قيادتهم السياسية معها للخضوع وقبولها كأمر واقع ، وسيتم تنفيذها بأسرع مما يتوقع الكثيرون ، لا سيما وأنّ هناك اعتقاداً جازماً بأنّ أسباب تقاعس المجتمع الدولي والغرب تحديداً عن التدخل بشكل فاعل لمساعدة الثوار في المناطق الثلاث ( دارفور ، جنوب كردفان والنيل الأزرق ) مردّه تمسّك القيادة السياسية لهذه الكيانات بالتغيير في إطار وحدة البلاد . لذلك ففي حال تبنيّهم لخيار الانفصال فسوف يهب الغرب فوراً لمساعدتهم ، وفي نهاية المطاف سوف يوقّع البشير طائعاً أو مكرهاً على تقرير مصير هذه المناطق كما فعل سابقاً مع الجنوب لا سيما إذا كانت هذه الخطوة ستبقيه على رأس السلطة وتقيه التسليم للمحكمة الجنائية بذهاب دارفور ضمن الكيان الجديد ، وعندها فليهنأ قادة الأحزاب بالبشير ملكاً لهم في دولتهم الجديدة ولكن بعد قبولهم كذلك بتقرير المصير لشعبيّ البجا في الشرق والنوبيون في أقصى الشمال أصحاب حضارة ( كوش ) الضاربة الجذور في قِدم التاريخ البشري . وليهنئوا عندئذٍ بدويلة الفضيلة التي ستكون محاطة في كافة جوانبها بدويلات كانت تشكل معاً في السابق دولة اسمها السودان !.

تعليق واحد

  1. نعم استاذ شريف دهب
    فى بالي عشرات المخاطبات والمقترحات التى قدمت لقوى المعارضة التقليدية الديمقراطية.
    بان تتجة لقيادات الهامش للحواروتبادل النقد والتنسيق والعمل المشترك.
    انا فاروق بشير طرحت اقتراحي مرارا لد-. الشفيع خضر وللسيد الصادق المهدي كثيرا جدا.
    واشار الباقر موسى فى سودانيز اون لاين لخطورة هذا الاحجام.
    حقا انه لامر محير.
    ربما ان تجربة اتفاق التجمع مع قرنق فى اسمرا التى انتهت بان وقع قرنق نيفاشا منفردا
    هي اساس العقدة من اتفاق مماثل الان.
    ولكن البلاد لا تحتمل هذه القطيعة.
    يمكن عندهم اتصالات سرية؟ ربما.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..