بين الخصمين..يتناسون أن السودان أكثر دولة قدّمت لمصر الخدمات..مواقف الخرطوم قد أضرّت بالسودان وقادت إلى تدويل أزماتها

حامد إبراهيم حامد
تعيش الدبلوماسية السودانية هذه الأيام صراعًا لإثبات وجودها بين خصمين لدودين، بقضية سد النهضة الأثيوبي المثير للجدل، وهما مصر وإثيوبيا ولذلك فهي تجتهد لإرضاء الطرفين، رغم أن الموقف الرسمي المعلن أن السودان يرحّب بقيام السد باعتبار أنه يستفيد منه في التوليد الكهربائي، ولكن موقف السودان هذا لم تقبله مصر كما أن الدبلوماسية لم تستطع التعبير بوضوح عن الموقف الرسمي والذي عبّر عنه الرئيس عمر وأدخلت نفسها في متاهات، تارة بالقول بأن السودان يقف على مسافة واحدة من الطرفين وتارة أخرى بأنه يتوسّط لحل الخلاف المصري الإثيوبي، ومن هنا بدأت الشكوك المصرية قدحًا وذمًا في السودان بكل ما هو سيئ، بل إن البعض من الكتاب المصريين اعتبروا أن السودان قد خان العرب ومصر وأنه مدفوع من جهات أخرى للإضرار بمصر.
من المهم أن يُدرك الكتّاب المصريون أن القدح والذم في السودان لن يُجدي وأن عليهم إدارك أن زمن الأبوية المصرية للسودان قد ولى، حيث إن مصر فقدت مكانتها إفريقيًا وعربيًا لصالح لاعبين جدد والتالي فإن السودان، مثلما تبحث مصر عن مصالحها، فإنه أيضًا لديه مصالح إقليمية ودولية، وإن الموقف من سد النهضة موقف داخلي يأتي في إطار المصلحة العليا بصرف النظر عن الأضرار التي يتحدّث عنها المصريون والتي ستضر بالسودان إذا ما وقع أي طارئ بالسد ومنها أن الخرطوم ستمحى من الوجود إذا ما انهار السد.
السؤال المطروح، لماذا لا تُعالج مصر أزمتها مع إثيوبيا بمعزل عن السودان، ولمصلحة من تحاول جر السودان في الصراع ؟، أليس من حق السودان أن يكون له موقف مغاير للموقف المصري ليس من قضية سد النهضة وإنما من جميع القضايا الإفريقية والعربية ؟.
من المؤسف أن يتجاهل الكتّاب المصريون هذه الحقائق في تناولهم لأزمة السد، فهم دائمًا يسعون لأن يكون موقف السودان من أي أزمة مثل موقف مصر تمامًا ولم يقبلوا أن يكون للسودان رأي، فحتى في أزمات السودان يحاولون دائمًا أن يعبّروا عن موقف حكومتهم منها بصرف النظر عن موقف الشعب السوداني منها، فإذا كانت حكومتهم تدعم حكومة الخرطوم، فهم معها، وإذا ما عادتها فهم ينقلبون عليها، وهذا ما يحصل الآن، ففي أيام حكومة الرئيس المعزول محمد مرسي هناك مدح شبه يومي لحكومة الخرطوم وانتقاد المعارضة السودانية، وذلك أيضًا في السنوات الأخيرة لعهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، والآن تحوّلت هذه المواقف لدى الكتّاب المصريين الذين يتناولون الشأن السوداني، فبعدما كان أغلبهم في عهد مبارك تحت رعاية ورضا الحكومة السودانية، أصبحوا الآن أكثر انتقادًا للسودان خاصة في قضيتي سد النهضة وحلايب، فهم يريدون من الخرطوم أن تدعم موقف القاهرة في قضية السد، فيما يضعون خطوطًا حمراء بخصوص مثلث حلايب وقريتها الرئيسية والتي أعلنت الحكومة المصرية تطويرها إلى مدينة وفصلها عن شلاتين، رغم إدراكهم أن المنطقة ومنذ 1902 سودانية وليست مصرية ولكن مواقف الخرطوم الضعيفة بسبب قضية محاولة اغتيال الرئيس المخلوع مبارك هي التي مكّنت مصر من احتلال حلايب وشلاتين وضمهما واحتلال إثيوبيا لمنطقة الفشقة ذات الأراضي الخصبة وسيطرة مليشيات الشفتة عليها.
إن مواقف الخرطوم من القضيتين مرتبطة بالأساس بالقضية الكبرى وهي قضية محاولة اغتيال مبارك والتى لاتزال الشكوى بخصوصها في أجندة مجلس الأمن، ولذلك فالخرطوم تغاضت عن احتلال مصر لحلايب والتي أصبحت منطقة مصرية بعد تمصيرها رسميًا بالخدمات، ولكن رغم ذلك فإن مصر لم تترك الخرطوم لحالها وها هي تحاول بكل جهد جرها إلى صراعها مع إثيوبيا بخصوص سد النهضة وعندما فشلت، بعدما كشف البشير عن الموقف الرسمي الداعم لإثيوبيا، تحوّلت الانتقادات إلى محاولات اغتيال الشخصية السودانية ككل وليس الحكومة، التي يعارضها أغلب السودانيين، الذين يرون مواقف هؤلاء الكتّاب مجرد مزايدة سياسية لأنهم يُدركون مواقفهم الحقيقية من القضايا التي تهم الشعب السوداني مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والأزمات التي صنعتها الإنقاذ، وظل هؤلاء الكتاب يطالبون بها إبان عهدي مبارك ومرسي.
مشكلة الكتاب المصريين الذين يدّعون أنهم خبراء في الشأن السوداني، أن خبراتهم لا تتعدّى مواقف حكومتهم من أي أزمة سودانية، فهم يُعبّرون فقط عن مواقف بلادهم من أي أزمة سودانية ويريدون أن يكون موقف السودان مماثلاً لموقفهم وعندما يُخالف السودان مصر في أي أزمة أو قضية ما فإن حكومته خائنة ولا تعبّر عن موقف قومي بل هي مدفوعة من جهة ما.
إنهم يتناسون أن السودان أكثر دولة قدّم لمصر الخدمات، فهو قد تنازل عن حلفا القديمة وآثارها التي لا تقدّر بثمن من أجل السد العالي وهو أيضًا الدولة العربية الوحيدة التي لم تقطع علاقتها معها بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد وحتى مثلث حلايب الذي وضعت مصر يدها عليه بالقوة الجبرية وسمح السودان للجيش المصري بإنشاء نقاط مراقبة لحماية حدود مصر الجنوبية بعد حرب أكتوبر عام 1973.
رغم أن مواقف الخرطوم قد أضرّت بالسودان وقادت إلى تدويل أزماتها، لكن هذا لا يُعطي الكتاب المصريين الذين يدّعون أنهم خبراء في الشأن السوداني الحق في القدح في السودان كدولة، فالشعب السوداني رغم أزماته إلا أنه يحس بالغبن تجاه مواقف المثقفين المصريين الذين يتجاهلون الحقائق ويصرّون على تبعية السودانيين لهم في أي قضية مثارة سواء كانت عربية أو إفريقية، فسد النهضة كان يجب أن تتفق إثيوبيا مع مصر والسودان بخصوصه قبل إنشائه ولكن هذا لم يحصل وإثيوبيا وضعت البلدين أمام الأمر الواقع واختار كل منهما موقفه من السد وفقًا لمصالحه، فالسودان يرى في السد نهضة وتنمية، ومصر ترى عكس ذلك لأنها لا ترى في النيل إلا “هبة مصر” فهي عينها على مياه النيل والخرطوم عينها على الكهرباء ومن هنا اختلفت الأولويات، ووجد الكتّاب المصريون الذين كانوا من أكثر الناس دعمًا لحكومة البشير الفرصة للنيل ليس منها وإنما من السودان.
وهذا غير لائق ولن يقبله أحد حتى من المعارضين للحكومة. فهؤلاء الكتّاب بعدما فقدت المعارضة السودانية الثقة فيهم، ها هم يفقدون ثقة أهل الحكم رغم أنهم فشلوا في إدخال السودان في صراع بين الخصمين اللذين يحتل كل منهما جزءًا من أراضيه.
كاتب سوداني
الراية
الشكر لصحيفة الراكوبة وقد جمعتني بشخص عزيز جدا وكان رده سريعاً كعادةابناء البلد الطيبين وعرفت منه اخبار الكثير من الزملاءالعمل الصحفي ومنهم يحي (شينخوا) بالصين وبابكر بنيوربي والفاتح امين عام اتحاد الصحفيين والاخ محمد عبد الحميد بجنوب افريقيا ولقمان محمد احمد بامريكيا وصلاح شعيب واخيرا اخبار زميلي العزيز عبدالقادر يوسف واني في طريقي لأستلام بريده الالكتروني
فشكرا اخونا حامد ابراهيم الاستاذ الصحفي بجريدة الراية القطرية
الاخ حامد شكرا جزيلا للكتابة المرتبة من غير اسفاف او تجريح لاحد : لكن نقول ان التقصير مننا اهل السودان والمثقفين والكتاب تحديدا نحن لا نعرف كيف نؤرخ لتاريخنا الملئ بالانجاز في الزمن القديم وتجد ان المصريين قد الفوا واحتمال ان يكونوا اضافوا اشيائنا لتكملة كتابة تاريخهم وتعمدوا الا يترجموا او اخفوا الترجمة للكتابة النوبية في كل اشكالها وهذا لصالح نشر حضارتهم لكن اين مؤرخيننا ؟ هنالك دور كبير لابد ان يقوم به النخبويون والمؤرخون السودانييون ولا بد من ان ينقي التاريخ من الشوائب الكثيرة حتي نواكب ونغرس الروح الجديدة لحب هذا الوطن والله المستعان والشكر مرة اخري للاخ حامد
.
لولا الحروب الكثيره والحظر علي السودان لو اجتمعوا الاثنين مصر واثيوبيا لن يستطيعوا احتلال ارض من السودان
مقال جميل وكلام مختصر ومفيد لكن الي متي يعرف المصرين انو زمن الاجداد الطيبين راح
المصرين ناس لايعرفو غير شئ واحد وهو مصلحتهم بس دول انجس شعب علي وجه الارض
لقد قلت قولا في المصريين لم يقله احدا قبلك فهم ليس لهم اي بعد سياسي او حتى راي يسمعون ثم يقلدون نحن نريد من كتابنا الاعزاء الرد على هؤلاء الغوغاء فهم يعتبرون السودان جزء من مصر وفاروق ملك مصر والسودان هذا عهد انتهى بنهاية الاستعمار البريطاني لمصر والسودان والواجب على الحكومة السودانية ان ترد ببيان رسمي توضح موقفها بشجاعة نحن لم نستفيد اي شيء من المصريين غير طول اللسان كل منتجاتنا من السمسم والفول السوداني والجمال تذهب الى مصر سواء تصديرا ام تهريبا على وزارة التجارة ايجاد اسواق بديلة لدينا مواد خام غير موجودة في العالم مثل الصمغ العربي الذي يدخل في تركيبة معظم المستحضرات الطبية واللحوم السودانية من اجود انواع اللحوم على مسستوى العالم بشهادة منظمة الصحة العالمية لماذا نصدرها للمصريين اوقفوا عنهم كل الدعم ولا تعامل معهم نحن لم نستفيد منهم شيء حتى مشاركة الجنود السودانيين البواسل رحمهم الله ايام حرب اكتوبر لم يتطرقول لها ابدا هم ناكرين جميل حتى مياه النيل السودان نصيبه 14 مليار متر مكعب ستويل 10 مليار تذهب لمصر بسبب عدم وجود قنوات تخزين لماذا كل هذا الغبن
مقال جميل استاذي ولكن مشكلة الشعب السوداني في حكوماته الذين يعتقدون انهم يعملون لمصلحته ، فالواضح بتصريح البشير بخصوص سد النهضة موقف سياسي فقط
الاخ/حامد ابراهيم
كيفك واخبارك والله مشتاقين ائميلي هو [email protected] وتلقاه في الراكوبة كيف بقية الاخوة الكرام وبالذات عبد القادر يوسف ..وبقية العقد الفريد
عبدالرحيم محمد وقيع الله
المصريون يشنون حمله ممنهجه ضد السودان ومصالحه ,,,والكل يدعي الخبره في السدود ومشاكل المياه مع ان اغلبهم يلوك ويعجن بكلام لا سند علمي او سياسي له ودونكم تلك الهرطقه بان مياه خزان سد الالفيه ستؤدي الي هدم المقدسات الاسلاميه في مكه والمدينه
ما يحيرني هو الصمت المطبق لصحفيي السودان وممن يسمون انفسهم بالمعارضه وخبراء المياه والسدود في بلادنا !!هل يعني صمتهم هذا مساندة للموقف المصري؟؟ وان سد النهضه عواقبه وخيمة علي بلادنا؟؟وان كان هذا موقفهم فليكتبوا ليوضحوا لنا ما لا نعلمه
نحن لا نعول كثيرا علي سفلة الانقاذ ومواقفهم الهلاميه المتذبذبه وهم يعملون وفق مصالحهم فقط وهمهم الاكبر هو البقاء في كرسي السلطه حتي وان ادي ذلك لضياع كل السودان
الدكتور سلمان هو المتصدي الوحيد من اهل الخبره لكل الادعاءات المصريه حول ما يثيرونه من خطوره سد النهضه علي السودان وبقائه كدوله لان حسب راْيهم ان انهيار سد الالفيه سيكون مثل فوران التنور الذي انجي الله منه سيدنا نوح وقلة من قومه وسيغرق السودان تحت 20 مترا من مياه بحيرة السد!!
هذا الصمت الاعلامي والدبلوماسي السوداني سيفسره الغير من الدول العربيه والافريقيه بان السودان وشعبه لا يدركون شيئا عن مصالحهم وان مصر لها حق الوصايه بنا !!الدور الذي لعبته مصر منذ استقلال بلادنا
بارك الله فيك اخي حامد منذ فترة طويلة لم أقرأ مقال مهني واضح دون اسفاف .. كلام يثلج الصدر ويعيد الثقة فينا . شكراً لك مجدداً وكثر الله من أمثالك .
شكراشكراشكرا يا إدارة وكتر خيركم،ازلتوا كلام حافظ طه،وكان هذا عشمنا(ألا تنشروا لأجنبي يسيئ للسودان).