عفوا أيها الشعب القطري الشقيق

أصبح زبانية التنظيم الإخواني المتأسلم حكاماً فعليين من وراء الستار في قطر ليهددوا أمن جاراتها الخليجيات ويحيلوا اتفاقياتها إلى حبر على ورق.

بقلم: د. سالم حميد

ستظلّ شقيقاً وتظل مكانتك في القلب باقية أيها الشعب القطري الشقيق، فوشائج الترابط بيننا لن تؤثّر عليها هذه السحابة العابرة.

غير أن موقفنا الشعبي تناغم مع الموقف الرسمي حول ضرورة سحب سفيرنا من الدوحة احتجاجاً على فعائل قادتكم التي وجدت انتقادات واسعة من قسم كبير منكم قبل أن ينتقدها الآخرون.

وها هو ذا الشاعر القطري ابن الذيب يقف رمزاً شامخاً لمعاناتكم التي نتفهمها جيداً، والتي لا نرتضيها لكم، فالمرء قد يضطر أحيانا للتضحية ببتر عضو من أعضائه حال تشكيله تهديداً على بقية الجسد، فما بالك بطغمة لم ترد للمنطقة الاستقرار، ودأبت على العزف السياسي المنفرد والناشز عن طبيعة تكوين المنطقة، وحاولت الاضرار بدول التعاون التي تنتمي إليها، بل جعلت من منابر مساجدها أبواقاً للفتنة، ومن أموالها العامة داعماً لبرامج دعم التنظيم الإخواني المتأسلم الذين هاجروا من دولهم، إلى جنتهم الموعودة في قلب الدوحة التي وجدوا فيها رفاهية عيش فاقت رفاهية عيش سكان البلد الأصليين، وباتوا يحكمون ويتحكمون فيها، والأسوأ من ذلك، باتوا يدعمون بأموال الشعب القطري كل المجموعات الإرهابية التي تريد سوءا بدول محلس التعاون الخليجي.

لقد صبرت دول التعاون كثيراً على الشقيق القطري، غير أن الأسرة الحاكمة التي بالغت في إرضاء الغرب الذي انتقدها في مواضيع وقضايا العمالة، وأنفقت ما أنفقت من أموال فقط لكي لا تفقد حقها المثير للجدل في تنظيم بطولة كأس العالم، لم يهُن عليها أن ترضي شقيقاتها من الدول الخليجية التي لم تطلب منها سوى عدم دعم الجهات التي تهدد كل دول المنطقة، وفي مقدمتها قطر.

غير أن الأسرة الحاكمة فهمت المسألة فهماً معاكساً، فرغبتها في تحقيق طموح شخصي، جعلها تصم آذانها عن كل ما لا يتوافق مع رؤية كهنة أحلامها الواهمة بتأسيس دولة خلافة إخوانية تهيمن عليها قطر، رغم أن هذا التنظيم لفظه شعبه في بلد المنشأ، ورغم أنه أثبت فشله كنموذج مجتمعي، ورغم ما انكشف من وجوهه القبيحة، وارتباطاته المريبة بجهات خارجية، وبعدما ثبت أنه ليس أفيوناً فحسب، بل دمار شامل لكل الشعوب والملل، فها هي ذي سوريا ومصر واليمن وليبيا والسودان وتونس، كلها أمثلة حيّة لنماذج لا يمكن لعين أن تخطئها، وإلا فسيكون الأمر أشبه بتغطية ضوء الشمس بالغربال أو الأصبع.

ولم تتوان السياسة القطرية عن دعم الحوثيين في اليمن نكاية في السعودية التي تربطها علاقات طيبة بالقبائل السنيّة في المنطقة، ما جعل علامات استفهام كبيرة تدور حول سياسات قطر التي تدفع باتجاه اذكاء الحرب الطائفية والدينية بدعمها فصيلاً يحارب الآخر بمفاهيم دينية ومذهبية لا سياسية.

كما ساهمت الأموال القطرية في تكوين الخلايا السرية التابعة للتنظيم الخارجي في داخل دول مجلس التعاون، وكذلك دعمت العديد من حركات الاضطرابات في مختلف دوله، ما جعل الدول الخليجية تتساءل عن سبب استهدافها من جانب قطر، فقطر تجلس مع بقية الدول على ذات الطاولة في اجتماعات دول مجلس التعاون الخليجي، وتناقش معهم ذات القضايا، ولكنها ما أن تعود وفودها من الاجتماعات الرسمية أو التمهيدية لدول المجلس، حتى يتلقفها زبانية التنظيم الإخواني المتأسلم الذين أصبحوا حكاماً فعليين من وراء الستار في قطر، ويحيلوا التعهدات، حتى الخطيّة منها، لمجرد حبر على ورق في أذهان القادة القطريين.

فالقرضاوي الذي يُعدُّ الأب الروحي لتنظيم الإخوان المتأسلمين، كثيرا ما تحدث باسم الحكومة القطرية دون أن تعترض الدولة أو تنبس وزارة الخارجية ببنت شفة، وقناة الجزيرة التي وصل تندُّر الناس بعلاقتها مع قطر للقول أن هناك دولة اسمها الجزيرة وعاصمتها قطر، تدحض دائماً ادّعاء الحكومة القطرية بعدم تدخلها في شئونها، وذلك عبر الإعلانات المتواصلة لرعاة برامجها الاستهدافية من كبريات الجهات التي تملكها الحكومة القطرية، وتندرج تحت بنود الممتلكات العامة.

فالقناة شكّلت دولة داخل دولة، وبدأت تتخلى عن رسالتها الإعلامية والمهنية لتتحوّل إلى مؤسسة تتحدى دول المنطقة، وتستهدف شعوبها وأنظمتها وقادتها، وتخلق مسافات شاسعة بين الشعوب وحكامها، وأدخلت المنطقة في مفاهيم تتوازى مع مختلف قيم الخصوصية التي قامت عليها وتميّزت بها، ولم تحرّك الحكومة القطرية ساكناً، بل على العكس من ذلك قامت بتسهيل تأشيرات دخول ومكافآت من تتمكن القناة من اصطيادهم وإغرائهم بالظهور مظهر المعارض لنظام حكم بلاده، والمحرّض شعبه على التغيير المبهم الذي رفعته القناة البائسة شعارا منذ مولدها الغريب، دون أن ترسم لنا الشكل الجديد الذي سنكون عليه بعد التغيير، إلى أن فاجأتنا بالشكل المتمثل في حرائق الجحيم العربي.

والمضمون الذي أفصحت عنه بالكشف عن ستار مسرحية جديدة أرادت عرضها على كامل دول المنطقة، ويؤدي دور البطولة فيها تنظيم الإخوان المتأسلمين الذي أسسه البنا بتخطيط المخابرات الاستعمارية لضرب الثورات المصرية التحررية في التاريخ القديم.

واستيقظت الشعوب فجأة من مخدر الإخوان الذي تمكّن التنظيم من تغليفه بشعارات إسلامية برّاقة، خدع بها الجميع، فأدركت حجم الكارثة، وكانت مصر التي شهدت بداية مولده، واحتضنت مرشده الأعلى، هي أول اللافظين له، وأول من أفتى بإرهابيته، فلماذا تحتضنه قطر؟ هل تملك قطر معرفة بالتنظيم أكثر من موطن ميلاده؟ وهل عميت العين القطرية عن رؤية الكوارث التي جرّها هذا التنظيم لمختلف شعوب المنطقة؟ ولماذا صبحت الداعم الأكبر للتنظيم مادياً ومعنوياً، والمدافعة عنه، ولماذا لا تملك جرأة الوقوف في وجهه كما فعلت مع مواطنها الشاعر ابن الذيب وغيره؟

تساؤلات كثيرة حائرة ربما حتى قادة قطر الذين تسببوا في كل هذه الكوارث، لا يملكون لها إجابة مقنعة!

د. سالم حميد

كاتب من الإمارات
ميدل ايست أونلاين

تعليق واحد

  1. ذكرت جزءا تعريفيا فقط يا دكتور سالم وهو بمثابة النبذة التعريفية الأولية عن هذا الأفيون وما يقوم به في قطر ومخططاته لنشر أفيونه على بقية دول الخليج والمنطقة.
    لكنني اتمنى عليك أن يكون موضوعك القادم هو ما فعلته وتفعله هذه الشرذمة المجرمة في السودان . لأن كشف ما فعلته على مدى خمسة وعشرين سنة عجاف وتقوم به حاليا من اجرام في حق الشعب السودانى والوطن والدول العربية الأخرى يكفي لأن يحاربها كل عربي ومسلم ، ولا أبالغ اذا قلت أن ازالتهم من حكم السودان هي اولوية لا تقل أهمية عن محاربة الكيان الصهيوني ، وذلك لأن النظام في السودان أيضا – مثله مثل قطر – يمثل ملاذا امنا لكل جرذانهم المغضوب عليهمأو المطاردين في بلدانهم. ونظرة لما بلغته أحوال البلاد في السودان من دمار وفساد وتشريد وقتل وحروب تكفي ولدينا المزيد اذا شئتم.
    فهذا نداء أرجو أن يجد أذنا صاغية لدي الأخوة دول المجلس واعلامهم لتفادي هذا الخطر الماحق ، وابدأوا بالسودان .

  2. يا دكتور سالم المحترم ، المطلوب الان لمحاربة هوءلاء الإرهابيين ان تقوم حكومتكم الموقرة بالبدء فورا في حصر قائمة الاخوان المسلمين الكيزان السودانيين المقيمين وغير المقيمين وبالاخص في إمارة دبي ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم العقارية ونشر وتعميم هذه القائمة داخليا وعالميا لتضييق الخناق عليهم للإمساك بهم لمحاكمتهم . حتى تعيش جميع شعوب العالم في سلام .

  3. الاخ المحترم دكتور سالم نتمني ان يكتب جميع الشرفاء من امثالكم لكشف تنظيم الاخوان المتأسلمين الشياطين وان تركزوا علي مأساة السودان الذي ابتلي بحكم الشياطين وان يدعم الاخوة الاشقاء في الامارات الثورة ضد نظام البشير الدموي

    نرجوا من كل الاشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي دعم الشعب السوداني لتنظيم صفوفه وحتي يتمكن من كنس تنظيم الشياطين والي الابد

    لك التحية مرة اخري علي مقالك الرائع

    من اجل بيئة نظيفة خالية من تنظيم أخوان الشيطان المتأسلمين

  4. حقيقة موقف محير لكثير من الكتاب والمثقفين العرب من النظام الحاكم في السودان القابع علي سدة الحكم لأكثر من ربع قرن من الزمان إنقلب علي الديمقراطية وشرعية الصناديق التي يتشدقون بها مصر وقطر لم نري كاتب أو مثقف في دول الخليج وبقية العالم العربي يتناول ويفضح ممارسات النظام المتأسلم في السودان ودوره في دعم الإرهاب وقتل السودان وطناً وشعباً نحمد الله لشعب مصر الذي فضح ممارسات هؤلاء وأيقظ ونبه شعوبا وكتاب ومثقفين ومسئولين علي خطورة هؤلاء المتأسلمين وقرار السعودية خطوة علي الطريق الصحيح ونتمني علي من الإمارات ودول الخليج الأخري خطوات مماثلة خاصة لو أدركنا أن إستثمارات هؤلاء وخاصة أركان النظام في السودان وأسرهم يمتلكون العديد من الشركات والعقارات في دبي مما يستلزم التصحيح .

  5. السؤال الذكي الذي يطرح نفسه هو رغما عن احتضان اراضي قطر قاعده امريكية كيف تجرأت قطر على امريكا ودعمت انظمة الاخوان المسلمين التي تعتبر خطا احمرا لامريكا ودول الخليج الاخرى ؟
    الاجابة ان الامريكان تعاملوا مع الامر بذكاء شديد وظلوا يراقبون ويرصدون حتى تعكر الماء وراوا من خلال الكوب كل التنظيمات الاخوانية وتابعوها وترصدوها ثم بداوا حربهم عليها عبر رؤية ومعرفة وهاهي الحرب ضد انظمة الاخوان المسلمين قد بدات فعلا وفقا لذلك .

  6. حتى تنعم الشعوب العربية والاسلامية بالاستقرار والأمان لابد من تتضافر الجهور في محاربة هذه العصابة البغيضة عصابة المتأسملين النجسة والتي أخذت الدين السلام شعارا لتحقيق مآربها الخسيسة.

    لابد من كنس الكيزان والرمي بهم في مذبلة التاريخ.

  7. دول الخليج هي من دعمت وقامت بتقوية عود وشوكة هذا التنظيم الارهابي وجلعو من السودان فأر مختبر وتجارب لهؤلاء السفلة مدعي الاسلام ونحن ووطننا اصبحنا ضحية لحكم الاخوان المسلمين للسودان ، لنا حق على دول الخليج بمد يد العون لنا للخلاص من تلك الثعابين، نعم نحن احق من مصر في الدعم لو كان هناك انصاف حقيقي لآن جميع حكومات مصر كانت تدعم هذا التنظيم ليلعب لهم دور المعارضة وتجميل وجه الحكومات المصرية المتعاقبة ، مصر هي من صنعت هذا الشيطان وغذته اما نحن في السودان ضحايا لدعم مصر والخليج لهذا التنظيم وعليهم مسؤولية اخلاقيه في مساعدتنا في التخلص منه.

    قطر نفسها ضحية لصمت دول الخليج على اخوان الشياطين حتى تم اختضاف دولة خليجية مهمة من قبل الاخوان المسلمين في وضح النهار وكاد مخططهم بالسيطرة على جميع الدول الخليجية ان ينجح لولا لطف الله علينا نحن الدول المستضعفة حيث ان دول الخليج غنية ولديها بنية اساسية قوية فسرقة الاخوان المسلمين ونهبهم لمقدرات تلك الدول ما كانت ستأثر على المواطن مثل ما اثر علينا نحن الدول ذات الاقتصاد الضعيف

  8. خيراً ما فعلته السعودية ، وعليها أن تحمى نفسها من هؤلاء الكذابين المنافقين القتلة ” إخوان الشياطين ” ونتمنى أن تلحق ” حزب المؤتمر الوطني ” وحزب “المؤتمر الشعبي ” لقائمة الإرهاب ، لآنهما أس البلاء في السودان و يمثلان القاعدة الرئيسية لجماعة الإخوان المسلمون والتنظيمات الإرهابية الأخرى التي تتدثر في عباءة الإسلام مثل حماس وإيران وحزب الله والشيعة وتثير الفتن في المنطقة العربية وغيرها .
    أيها السادة ، السودان مختطف ومستباح من التنظيم العالمي للإخوان المسلمون، استعملوا العنف الفاجر الذي لا يتخيله حتى عقل الشيطان ضد إنسان السودان الغلبان ، في شرقه وغريه وشماله وجنوبه ووسطه ( قتلوا وسحلوا وعذبوا ونكّلوا وأحرقوا وشردّوا وشتتوا ويتّموا وأرملوا واغتصبوا وجلدوا وسرقوا ونهبوا ودمّروا وظلموا واستباحوا وحللوا وحرموا باسم الدين وتحت شعار ” الله أكبر ” ” هي لله ، لا للسلطة ولا للجاه “)
    سؤالي ، أريتم غير ذلك طيلة 24 عاماً من حكمهم البغيض ، والنتيجة ” محكمة جنائية تطلب أكثر من 52 من قياداتهم السياسية والعسكرية ، ارتكبوا فظائع يندي لها الجبين ، وحرب أهلية قبلية عنصرية جهوية ) وبعد كل هذه الموبقات والسوءات يرون أنفسهم ملائكة .. ويقولون أمواتنا وقتلانا في الجنة ويستخرجون صكوك الاستشهاد للبلهاء …. عجبي على من حباه الله العقل والعلم والحكمة والرؤية السليمة ….

  9. اخوي سالم نفس دعم دولتكم للانقلابين ف مصر وش ذا التناقض حلال عليكم وحرام عليهم ؟؟؟ القطريين يعتبرون دعمكم للانقلابين في مصر يهدد امنهم بعد ! انتم لازم تتخلو عن دعم الاتقلابين وهم يتخلو عن دعم الاخوان والمعادله بسيطه .
    دكتور مهندس همام الاحمد

  10. خطوه موفقه من السعوديه ونتمني ان تحزو باقي الدول لكي نتخلص من هولا الكيزان والفسده

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..