السودان: حين ينجب الشقاء الشقاق

فات أوان الرهان على انقلاب المعطيات في السودان، وبات التربّص بخلل ما في عملية الإدلاء بالخيار ضرباً من الغلو الكيدي نظراً إلى التحضير المتأني والالتفاف الشعبي حول صيغة الاستقلال تحت رقابة مؤسسات دولية وأهلية نزيهة.
لو وفرت وحدة السودان قدراً من الكرامة وأبسط مظاهر الرفاه لأبناء الجنوب، لما سارت الأوضاع إلى ما هي عليه، محتومة الدلالة، صريحة المعاني. ولئن أذنت اتفاقية نيفاشا الموقعة لسنوات خلت، بانتهاء الحرب الأهلية الدامية، وأعطت الطرف الجنوبي فرصة التفاعل مع الشمال في إطار وحدة رضائية خلال المرحلة الانتقالية، فقد قضت أحداث دارفور المتمادية على أمل اللحمة، وأوجدت مناخاً أضاف الى توجس الجنوبيين وحسم قضية البقاء في عهدة الخرطوم، الساعية قدماً الى مزيد من جنوح إقصائي، والعاجزة عن اجتراح نظم الاستيعاب والتعايش المعقول. وإذا ما سئل عن المسؤولية التاريخية في صدد تشظِّي السودان، فلن يخطئ قائل بتحمّل عهد البشير ومنظومته النصيب الأكبر نتيجة مناهضة الأماني المشروعة، وإيقاع جميع مكونات الأسرة السودانية المتنوعة في قبضة دعاة الاندماج القسري ومقاولي الأزمات. فلا الهروب إلى امام عبر إنكار المأساة القائمة بفاعل، ولا فرض العمل بالشرع الإسلامي وسيلة لملمة الشمل وشد الأطراف.
تتعدد أسباب النزاعات الأهلية الآيلة الى الخروج مما دأب عليه الخطاب القومي من إسناد نظري ومباهج تسميات على غرار الأهل والأشقاء. مراهم وعقاقير غير مضمونة الفوائد، بل فاقدة الصلاحية، حشرت الأقوام في مرتبة دون المواطنة، أقرب إلى الرعايا منهم الى أصحاب الدار، تمثل واصفوها بالملحمة طوراً وبالسلف الصالح تارة، فحملوا الرسالة بأبهى حلّتها، وعجزوا في مضمار الجري والسباق. الأصل في التغيير البنيوي والقفزات الجادة، بعيداً من التلويح بالبيارق والرايات واستحضار الشعارات.
ولعلّ الأكيد المطيح بالوردي المخادع والغلاف البرّاق، أن الشقاء يحتم إنجاب الشقاق، وينتهي الى فصول تقوّض تلك النزعة المرضية نحو العجائبية. ذلك الدرس المستخلص حيثما حل الاستبداد بأشكاله المختلفة، وتخلف سَـدَنتهِ عن القراءة الواقعية لمسار المجتمع وحاجاته في زمن الابتكار ومراكمة الإصلاحات، بدءاً بالسعي الى المساواة وإرساء معادلة قويمة تحتمل تجربة الخطأ والصواب. فمن دون إكراه، يمضي الناس الى غد أفضل، شريطة احترام بنى المنطق العلمي الحسابي والإقرار بالعلاقة السببية، منبت التصحيح ومنطلق المؤثرات. غير أن هذا المسلك نهج استيعابي مصطنع يتوسّل الأمة، عربية كانت أم إسلامية، حاجباً للمصائب والعثرات. ويستعين بما يحلو له من أعداء، ناهيك عن المكائد النابعة من طبيعة الغريب الشريرة وطمعه بالثروات في باطن الأرض وعلى مساحتها، فيرتفع سقف المواجهة وتستوفي النصرة شروطها، بديلاً من إدارة رشيدة للشأن العام والسهر على المصالح الأساسية لجمهور التابعين في الهوامش الذين لا صوت لهم سوى التأييد والهتاف لقاء فتات ريوع، وتسييد فريق الموالين على ما عداهم من ضعفاء.
ليس السودان بذلك النموذج الفريد للبناء والتآخي، ولا هو الاستثناء الوحيد عن القاعدة في بيئة مأزومة فرّطت بنعمة الاستقلال، وغابت عنها كيفية استثمار رافعته ومنافعه في ظلال دولة حديثة ناشئة قيد البناء. ويكفي الالتفات الى اليمن السعيد في ذاكرة التراث، والممزق بلا هوادة على وقع الاضطرابات المتلاحقة والعصيان. ولا يفيد في أمر معضلته إيراد الذرائع لنفي الخلل العضوي المستفحل، وقد كاد الأدب السياسي أن يستنفدَ تعدادها ومراميها لبيان خواتيم التمرّد، وإخماد النار المشتعلة، بينما الجمر يكسوه الرماد. هنا منازلة متنقلة بين أبناء الأمة الواحدة، ولا معين على فك الأحجية سوى العودة الى مفهوم الخوارج، وبالتالي تنزيه الأمة على حساب تقهقر الوطن، ووقوفه على مشارف الانهيار.
في الحقيقة أن جمهوريتين لا واحدة، فشلتا بالانفراد والاتحاد، في امتحان السياسة والاجتماع والاقتصاد، فلجأ الخطاب الرسمي الى الإشادة بالمنجزات بلغة الفرسان، عساه يعتِّم على الإخفاقات، حليفه مصطلح الموقع الاستراتيجي المهم، بيت القصيد في تفسير المصاعب، مقابل استدرار العروض لدعم الصامدين على خط الزلازل، وحماة طريق الهند من باب المندب الى القرن الأفريقي. المحصلة أن في اليمن المعاصر حفاة مُدجّجين بالسلاح، يتصدى لهم أشباه قبليون لبسوا البزة العسكرية، وانتظموا، كلهم توكل محذِّراً من نار جهنم، والجميع استوى في عوز لا يحده ترتيب في أدنى مستويات الفقر والعصبيات.
للعراق صورة أخرى، يعنينا منها شماله في هذا المقام، وقد كان في الأمس القريب أرضاً تلتهمها النيران. اليوم، يحظى إقليم كردستان بنسب استثمارات عالية، وصار مقصداً لطلاب الأمن ورجال الأعمال، وهو ينعم بالحكم الذاتي على إسم الكورد أولاً، عساه يضم كركوك، درة التاج التي يتطلع إليها والى ثروتها النفطية منذ إعلان قيامه. فعلى نقيض الوسط والجنوب، حقق إقليم كردستان حيّزاً مهماً من مبتغاه الأصلي تبعاً لثنائية قومية شغلت وما زالت تشغل من يرى في الكورد ملحقات بالأمة يخشى من شأنها الكياني على وحدة العراق.
وإذ لا يمكن الجزم بزوال النزعة الانفصالية التي ساورت الوجدان الكردي إبَّان حقبة القمع الدموي الهادف الى محو الشخصية الكردية واقتلاع الكورد بالحديد والغاز، فمن النافل أن الصيغة الفيديرالية، معطوفة على الإنماء والشعور باستعادة موقع الشريك، إلى إبراز الهوية الخاصة والافتخار بها، جميع ذلك سهّل اندراج الكورد ضمن الحاضنة العراقية الأوسع، وجعل من انتمائهم الوطني كمكوِّن معتبر دافعاً وضامناً لطيّ صفحة الماضي الأليم. الحال أن العراقيين عموماً يقرّون بحاصل المسار على درجة من القبول والحوار، فيما يتبرَّم دعاة الانصهار خارج العراق من مآل التجربة، مستنفعين فكرياً وسياسياً، بحثاً عن طعن وتشكيك ليس أقله ترداد معزوفة الشعوبية والخطر على الذات القومية الأبدية المهددة من الأقليات.
كتب جوناثان راندل عن الكورد حينما بلغت أوضاعهم قعر التفسخ والخصام. بعد عقدين من الزمن، انقلبت الصورة، وفي القياس النسبي كسرت الحرية باب الشقاء وأودت معه بما لازمه من شقاق. فماذا عن الصومال، عضو الجامعة العربية الكسيح، وماذا عن الجزائر، صاحبة الثورة والثروة النفطية والغاز، ألا من مُحدِّث عن دورة العنف في دائرة الشقاء والشقاق؟
نسيم ضاهر
دار الحياة
عمك داخل في كوم المجرمين ويدعي انه خال البشير فانشاء الله تكون خال الجان فيجب ان تحترم سنك فانك عجوز عليك ان تلزم الصمت وتعمل لاخرتك وبل خربتها ايها السافل العنصري لما الواحد يشوفك يكره حتي الابرياء من بني جلدك
يا خال الشرير والله الجنوبيين محظوظين لان في دولتهم الموعدة مافيها امثالك
واللة لما كنا صغار كنا نظن انو اي زول لابس جلابية وعمة طواااااااااااالي دة زول اللة عديييييييييييييييييييييييييييييييل وشيخ وفكي وتقي وبخاف اللة لكن هسع خال الرئيس لخبط الحكاية وقلب هوبة