توحيد الوطن علي اسس طوعية ممكن

مقال بعنوان: توحيد الوطن علي اسس طوعية ممكن

تاج السر عثمان بابو
[email protected]

تبقت أشهر معدودات علي الاستفتاء لتقرير المصير، وما عاد الوضع يحتمل التسويف والمناورات ، كما هو الحال في اتصالات المؤتمر الوطني بالقوي السياسية بهدف تجزئة اجندة المؤتمر القومي الجامع المقترح والذي من المفترض ان يخرج برؤية تمثل الحد الأدني من الاتفاق حول: وحدة الوطن والتحول الديمقراطي وحل قضية دارفور والاوضاع المعيشية وهي حزمة متكاملة بحلها نضمن الاستقرار وعدم انفجار الأزمات من جديد.
فعلي سبيل المثال لايمكن الحديث عن الوحدة وضمان نزاهة وشفافية الاستفتاء في ظل مصادرة حرية الصحافة والتعبير بواسطة الرقابة الأمنية القبلية، فكيف يتم تبصير المواطنين بفوائد الوحدة ومخاطر الانفصال في ظل مصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية؟!!، لأن حق تقرير المصير نفسه هو حق ديمقراطي انساني يتطلب انجازه اوسع الحقوق والحريات الديمقراطية ، ويتطلب حرية الارادة ودون ضغوط داخلية أو خارجية لممارسته، وبالتالي من المهم أن يناقش المؤتمر الجامع قضايا التحول الديمقراطي والغاء كل القوانين المقيدة للحريات باعتبار ذلك من استحقاقات اتفاقية نيفاشا وشرط مهم لممارسة الاستفتاء علي تقرير المصير.
ومن استحقاقات اتفاقية نيفاشا ايضا تحقيق التنمية وتحسين الأوضاع المعيشية لأنه بدون ذلك لايمكن أن نضمن الاستقرار واستدامة السلام ، اذ مافائدة السلام في ظل تفاقم الفقر والمجاعات التي تنسف الاستقرار الاجتماعي كما يحدث الآن في الجنوب؟، فحسب احصائيات الأمم المتحدة يتلقي حوالي 4 مليون مواطن جنوبي اغاثات بسبب المجاعة، وبالتالي فان تحسين الاوضاع المعيشية شرط مهم للاستقرار وضمان لوحدة راسخة وسلام مستدام.
وهناك قضية دارفور والتي تمثل جرحا نازفا في جسد الوطن، ولابد أن يتناولها المؤتمر الجامع بالمعالجة الشاملة.
وبالتالي، فان طريقة المؤتمر الوطني في عزل قضية الوحدة والاستفتاء عن بقية تلك القضايا لاتساعد، وقد تحل مؤقتا قضية واحدة ولكن سرعان ما تتجدد الأزمة من جديد، لأن القضايا مترابطة ولايمكن الفصل بينها.
حسب ما يطرح المؤتمر الوطني في لقاءاته مع القوي السياسية أن يريد أن يعمل معها عملا مشتركا من اجل الوحدة والاستفتاء النزيه والشفاف حول تقرير المصير، ولكن حسب التجارب مع المؤتمر الوطني انه غير مؤتمن علي العهود والمواثيق كما في تجارب اتفاقيات: السلام 1997م وجيبوتي والقاهرة ونيفاشا وابوجا والشرق…الخ، أي انه يوقع اتفاقات مع وقف التنفيذ. وبالتالي، فان العمل المشترك يتطلب الثقة وهي مفقودة في المؤتمر الوطني، كما يتطلب الندية واحترام استقلالية كل حزب ، والمؤتمر الوطني يريد أن يهيمن علي المؤتمر الجامع ويحدد اجندته وهذا لايساعد في العمل المشترك، فاجندة المؤتمر الجامع وقراراته وتوصياته يجب أن تتم بمشاركة كل القوي السياسية وعلي أساس المساواة والندية وبعيدا عن وصاية الحزب أو الحزبين الحاكمين، وهذا هو المدخل للعمل المشترك كما أشارت قوي تحالف اجماع قوي جوبا.
نعتقد أن الاوضاع الراهنة في البلاد لاتحتمل المناورات ، وتتطلب المسئولية الوطنية العالية، والحل الشامل لقضايا البلاد والتي تتلخص في: الوحدة والتحول الديمقراطي وتحسين الاوضاع المعيشية والحل الشامل والعادل لقضية دارفور، حتي نخرج في النهاية بوحدة حقيقية وديمقراطية وطوعية للوطن علي أساس دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللغة أو العرق ونبذ فكرة المواطن من الدرجة الثانية، وهذا ممكن التحقيق وليس من رابع المستحيلات.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..