ابن البادية: المبدع الحق يظل في الوجدان حتى ولو هاجر إلى الدار الآخرة

حاوره: مصعب الهادي
تتزاحم العبارات بالشجن، كأنها طبول تدق وأوتار تُعزف، حالة لم أجد نظير لها إلا بين كلمات الفيتوري ” عِشْقِي يُفُني عشقي وفنائيَ اسْتِغْراق، ممكلوك لكنّى سلطان العشاق”، وهكذا يمكنني أن أقول إن كل ما ذكر صحيح، فهو إنسان قبل أن يكون فناناً، جلست إليه في داره ندردش، فأتبين بعض تلك الملامح من ذلك الرجل (القدح المُعلى)، قابلني هاشاً باشاً، طلق المحيا، لا تقطيبة ولا ملمح بؤس. قطعاً لا يكفي هذا الوصف، فصلاح ابن البادية معين غناء وحكايات وتصوف لا ينضب، ولذلك يظل الحوار معه محض إشارات وومضات فقط، إنه اختبار صعب، واختيار أصعب، لكنني قررت أن ابتدره بالأسئلة الراهنة، فإليه:
? ما رأيك في التكريم الأخير؟
كل من شاهد الحدث يحسه، كل منهم على طريقته، أما عن رأيي الشخصي فقد كان أكثر من رائع، بذلوا فيه جهداً مقدراً في كل النواحي من إخراج، وتخطيط، كل شيء كان ممتاز.
? بمعنى، فصِّل لنا أكثر، لو سمحت؟
هنالك تكريم آخر يوم 23 مارس الجاري على خشبة المسرح القومي، وهو بمثابة دعوة لكل من لم يحضر التكريم الأول، والدعوة مفتوحة للكل إذن، مارأيك في هجرة المبدعين؟
الهجرة خيار مفتوح للكل، كل منهم ذهب لغرضه، لكن كل من أبدع وأجاد يظل محفوظاً في الوجدان والخاطر، حتى وإن كانت هجرته إلى الدار الآخرة، يظل يذكره الناس، لذلك علينا أن نقدر أن لكل إنسان مسعاه ومطلبهه في هذه الحياة سواء أكان مبدعاً أم عادياً.
? اسمح لي، أين صندوق الاتحاد من تكريم المبدعين؟
الاتحاد ما بنك للفنانين، وهو مكان لتفقد الأحوال والونسة والمجاملة، ليس إلا، نعم كانت هنالك مؤسسة تُسمى هيئة صندوق المبدعين، وهي هيئة قائمة بذاتها، لكن لم يفعل دورها فماتت.
? بصراحة الأغنية السودانية، أقرب للأفريقية أم العربية؟
في هذه النقطة أنا أختلف مع كثيرين، فالأغنية السودانية يذيع صيتها أفريقياً، وهي أكثر شهرة هناك، أما عربياً أقل شهرة وانتشاراً، ربما يعود ذلك لعجز الوسائط الإعلامية إيصالها إلى هناك، لكن أفريقياً تبدو سمعة الفن السوداني ضاربة في القدم، ولها مكانة مميزة وجدان الأفريقيين، وسمعة باهرة وكبيرة.
? لم تجب، أريد إجابة مباشرة؟
قطعا لأفريقيا، فالإيقاع السوداني مزيج آفروعربي، وهو ايقاع نادر أخذ سطوته من أعماق أفريقيا.
? برأيك، ماذا أضاف الجيل الجديد للغناء؟
ليس هناك سبيل للمقارنة، فلكل جيل مايقدمه ويعايشه، أى زول بقدم العندو والبعجب الناس بياخدوه، لأنو أذواق الناس مختلفو وما واحدة، خاصة في الفن، المسألة نسبية.
? طيب، على عاتق من يقع انتشار الأغنية الهابطة؟
بالتأكيد هى مسؤولية كل من يستمع ويشاهد، لكنني أرى الآن، أن من (يغلط )، صاروا بصفقوا ليهو هسي.
? هل هذا رأيك فيمن يرددون أغانى البنات؟
ما في حاجة اسمها أغاني بنات، في السابق، فهنالك من يرى أنها صاح، ومن يرى أنها غلط، لكن في النهاية كله غناء، يأخذ منه من يشاء ما يشاء.
? هل أكمل الجيل الجديد ما بدأتموه؟
ما في حاجة اسمها جيل أكمل أو جيل نقص، الغناء تجارب وحركة حياة، تأخذ شكلها في التعايش والتفاعل بين المجتمع بأكلمه، والغناء الذي يجد طريقة إلى الوسائط الإعلامية استطاع أن ينفذ إلى الجمهور، فمن استفاد من تلك الوسائط استفاد، ومن لم يستفد، لم يستفد.
? كيف تنظر إلى البذخ عند الاحتفاء بالفنانين الأجانب؟
هذا ليس بذخاً، أنها صفات أصيلة فينا كسودانيين، وما نفعله إزاء هؤلاء هو أننا كرماء، نحترم الآخرين ونكرمهم ونحتفي بهم، بغض النظر عما إذا كانوا أقل منا، أم أكبر، هكذا فُطرنا.
? من خلال متابعتك للساحة الغنائية، من هو نجمها القادم؟
هذا في علم الغيب، وحقيقة حواء ولاّدة، لا تنبئ الأقدار أحداً، إنما لكل شيء أجل وتصريف.
? بصراحة كيف استطعت أن تولف بين الروحانيات والغناء؟
هذه نعمة وتوفيق من الله جل وعلا ليس إلا.
? رسالة مفتوحة لمن ترسلها؟
لكل مبدعي بلادي أقول ليهم “شدّوا حيلكم”، ولكل المستمعين “عليكم أن تقبلوا الجميل وترفضوا البطال، وأنتم من يحكم على الفنان بالقبول والايجاب والرفض والاستنكار”.
? الآن ما الصالح والطالح في الساحة؟
هذا أمر متروك لشفافية الإنسان البسمع ويشاهد.
? ما هي آخر أعمالك؟
بحمد الله وتوفيقه تفرغت من كتابة كتاب (الكجبارة والكونجوفيرا)، وهو أدب شعبي تصاحبه صورة تعريفية عنه بالإضافة إلى مسلسل من (15) حلقة، وكلها سترى النور قريباً.
? في الختام؟
شكراً كثيراً للشعب السوداني، وأتمنى أن ينعم الله عليه بالسلام والأمن والاستقرار، وشكراً لأسرة صحيفة (اليوم التالي) بطاقمها وسلام

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. لا شك ان الاستاذ صلاح بن البادية فنان اصيل ويعتبر قمة من قمم الفن
    اجاباته كانت منطقية جدا
    لم يسىء لأحد لأنه انسان خلوق متشبع بالصوفية
    حفظه الله وانعم عليه بالصحة والعافية

  2. المحاور يبدو كطالب مدرسة ابتدائية أعطي له واجب مدرسي في إعداد لقاء مع قامة كبيرة كالفنان صلاح ابن البادية !!!! لك الله يا وطني

  3. ذكرنى هذا الحوار بايام مضت كان لما تسافر لاهلك او مكان لاول مرة بعملوا معاك حوارات زى دى للذكرى…الشخص الذى يدير الحوار ليس له علاقة بالحوارات ولا هم يحزنون واشبه بأسئلة البنات المراهقات..لو استمر الحوار كان ح يقول ماهى اكلتك المفضلة وما هو تسبيحك المفضل وما رايك فى الحب وهلمجرا.ويكون ود البادية تثاءب وعايز ينوم ويخلص من الضيف الثقيل دا.

  4. ونحن كذلك نتمنى أن ينعم الله عليك بالصحة والعافية أيها الفنان الراقى القامة الخلوق صاحب الصوت الشىء والرائع ما شاءالله بحب صوتك جدا الله يخليك لينا …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..