مقالات سياسية

من تاريخ الخطوط الجوية السودانية

ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي

من تاريخ الخطوط الجوية السودانية Sudan Airways: An Historica

مقدمة: في هذا المقال الصغير يستعرض الكاتب سايمون بوش موجزا لتاريخ الخطوط الجوية السودانية بين عامي 1947 ? 1990م. والكاتب رجل بريطاني بدأت علاقته بالسودان عندما رأى ? كما ذكر هو في موقعه الإسفيري- إعلانا عن وظيفة مدرس للغة الإنجليزية في صحيفة الجارديان في عام 1983م، فتقدم لها دون أن يكون قد عمل مدرسا من قبل في حياته، وجاء للبلاد وعمل فيها وأحب أهلها، وتنقل بعد ذلك للعمل في المجلس البريطاني وفي منظمات طوعية عديدة في السودان وغانا وإرتيريا وغيرها من الدول الإفريقية، وأخيرا أنشأ منظمة أسماها ?Sightsavers?من أجل مكافحة العمى وأمراض العيون في القارة.
ونشر هذا المقال في العدد السابع من المجلة البريطانية “دراسات السودان” في عام 1990. ورأيت أن أترجمه من باب “الرثاء” لتلك “المؤسسة التي عبثوا بها ولم تك معبثا” في قول لعبد الله الطيب عن جامعة الخرطوم في ستينيات القرن الماضي، وربما لعشرات من المؤسسات الناجحة الأخرى التي غدت ? ولأسباب عديدة- أثرا بعد عين.

ورغما عن أن المقال يبدو وكأنه نشرة دعائية عن الخطوط الوطنية، إلا أن العلم بما ورد فيه من معلومات تاريخية ضروري لمعرفة وتتبع مدى التدهور(بل السقوط المريع) الذي حاق بهذه المؤسسة العريقة، بل وبغالب (إن لم نقل كل) مؤسساتنا الوطنية المجالات الزراعية والتعليمية والطبية وغيرها، وأدعوا خبراء الطيران السودانيين وغيرهم من المهتمين لتكملة ما بدأه هذا الرجل البريطاني وتسطير تاريخ موجز لهذه الخطوط في ربع القرن الماضي (ولعله سيكون مختصرا جدا بالنظر إلى قلة ما أنجز)!

المترجم
******* ********* ******

شهدت الخطوط الجوية السودانية في الأربعة عقود الماضية (1947 ? 1990م) تطورات كبيرة منذ أن بدأت بأسطول صغير من طائرات de Havilland Doves وامتلكت بعد ذلك طائرات ضخمة من طراز Boeing بوينج 707 ? 320s و737 ? 200s والآن(أي في عام 1990م) طائرات الـ Tri- Star، وغدت خطا جويا عالميا رئيسا.

بدأت تلك الخطوط بالعمل تحت اسم “الخطوط الجوية السودانية” وبمساعدة من شركة بريطانية اسمها Airwork Ltd متخصصة في تشغيل الطائرات. وفي البدء كانت الخطوط الجوية السودانية قسما من أقسام مصلحة السكة حديد يديره وبصورة مباشرة المدير العام للسكة حديد. وكان أول خط محلي لها هو لمدني وأتبرا والفاشر والجنينة والأبيض وجوبا وواو وكسلا وبورتسودان.
كانت الطائرات الأولى التي استخدمتها الخطوط الجوية السودانية(وهي من نوع deHavilland Doves كما ذكرنا) لا تسع إلا عددا قليلا من الركاب، وقد استخدمت فقط لأنه كان بمقدورها استخدام مدرجات هبوط غير معبدة. ونجحت الخطوط الجوية السودانية في عامها الأول في نقل 736 راكبا وحمل 1546 كيلو جراما من البضائع والأمتعة.

وتم في عام 1952م استبدال طائرات Havilland Doves de الصغيرة بسبع من طائرات Douglas التي تسع الواحدة منهن سبعة وعشرين راكبا، وتوسعت شبكة الخطوط فبلغت وادي حلفا ومروي ودنقلا. ومن بعد ذلك، وفي عام 1954م بدأت الخطوط الجوية السودانية في تسيير رحلات دولية فبدأت بالقاهرة وعنتبي وأسمرا، ثم امتدت إلى عدن وبيروت وجدة في العام التالي.
واستخدمت الخطوط الجوية السودانية، وبنجاح كبير، طائرات من طراز DC3s ولم تفقد منها أي طائرة حتى تم في عام 1962م إدخال ثلاث طائرات جديدة من نوع Friendship FokkerF27 تسع الواحدة منهن ثمانية وثلاثين راكبا، وكانت هي الخطوط الجوية الأولى في أفريقيا التي تدخل مثل تلك الطائرات. وظلت طائرات?ST- AJJ? DC3s تعمل في مجال المسح الجوي حتى عام 1975م حتى بيعت في عام 1978م إلى دولة بوتسوانا حيث لا تزال تعمل هنالك وبصورة يومية!

وفي الثامن من يونيو منعام 1959م بدأت الخطوط الجوية السودانية أول سفرياتها إلى لندن بطائرة Vickers Viscount V 831 في ما سمي بـ ” خط سفريات النيل الأزرق”، وذلك عن طريق الخرطوم ? القاهرة – أثينا ? روما ? لندن. وكانت الخطوط الجوية السودانية في تلك الأيام هي الخطوط غير البريطانية الوحيدة التي سمح لها بالعمل من مطار قاتويك (وهي تعمل الآن من مطار هيثرو). ويجب تذكر أن تلك الطائرة كانت هي الطائرة الأولى في العالم من حيث عدد الأميال التي قطعتها في سفرياتها، ثم بيعت تلك الطائرة لشركة شحن أمريكية بعد خدمة طويلة ممتازة في الخطوط الجوية السودانية.

وفي عام 1962، ومع تزايد أعداد المسافرين والبضائع المشحونة قررت الخطوط الجوية السودانية شراء طائرتين من طراز de Havilland Dh ? 106 لتحلان محل طائرة Viscountوزادت من عدد المدن التي تصل إليها بإضافة مدينتي بنغازي وطرابلس بليبيا.
وظلت طائرات الـ Comet وفي غضون السنوات الإحدى عشر التالية تصل لكثير من مطارات العالم بصورة ممتازة يمكن الاعتماد عليها. ولكن بحلول عام 1973م وضح أنه ينبغي على الخطوط الجوية السودانية تجديد هذه الطائرات التي كانت قد بدأت تشيخ، فقامت بين عامي 1973 و1974م باستئجار طائرتين من طراز Boeing 707 – 321S من شركة الخطوط البريطانية “بريتش ميدلاند”.

وكان قرار اختيار أي الطائرات يمكن للخطوط السودانية شرائها قرارا عسيرا بالنظر إلى ظروف السودان المناخية. وكانت تلك الخطوط قد فكرت من قبل في شراء طائرة Ilyshin ? 62ii الروسية لتعمل على خط يربط بين الخرطوم وموسكو، بيد أن تلك الفكرة لم تر النور لبرودة العلاقات بين الدولتين في 1970م (لعل الكاتب يقصد 1971م عقب فشل انقلاب هاشم العطا. المترجم). وأخيرا تقرر في عام 1974م شراء طائرتين من طراز Boeing 707 ? 320s بكل واحد منهما 14 مقعدا في الدرجة الأولى و135 مقعدا في الدرجة السياحية. وبشراء هاتين الطائرتين توسعت الحركة الجوية للركاب والشحن، فأضيفت خطوط جديدة لمدن كأبي ظبي والبحرين والدوحة ونيروبي وأنجمينا والرياض وكانو وفرانكفورت. وصاحب شراء هاتين الطائرتين تغيير شعار الخطوط الجوية السودانية وألوانه.

وفي عام 1975م تم شراء طائرتين أخريين من طراز Boeing707 للعمل في الخطوط الداخلية والاقليمية. وكانت لهاتين الطائرتين خاصة مميزة وهي أنهما صممتا للعمل في المناطق الجافة، وبهما آلة تسمى gravel field equipment من خصائصها أنها تمتد مع عجلة الأنف (nose wheel) وتبعد الأنقاض والكتل الحجرية الصغيرة عن عجلات الهبوط.
واليوم… لا تزال الخطوط الجوية السودانية مؤسسة حكومية، وتمتلك خمس طائرات من طراز Boeing707 ? 320s و طائرتين من طراز707 ? 200s وسبعة طائراتFokker ذات أنواع وأحجام مختلفة.

لا تزال هذه الخطوط في حاجة ماسة إلى طائرات من طراز أير بصAir Bus (أو ما يماثلها) لاستخدامها في الخطوط العالية الكثافة (مثل خط الخرطوم ? القاهرة)، وتعمل الآن هذه الخطوط على استجلاب أنواعا مختلفة من الطائرات (مثلA 300B).
وكحل مؤقت قامت الخطوط الجوية السودانية باستئجار طائرة من طراز Tri -Starمن الخطوط الجوية الأردنية.، وتمتاز هذه الطائرة بقدرتها على نقل عدد كبير من الركاب وشحن البضائع من أوروبا إلى أفريقيا، وبقدر محركها القوي على الأداء الجيد في المناطق الحارة عند الارتفاعات العالية.

وعلى الرغم من أن الخطوط الجوية السودانية (كانت) تعد واحدة من أكبر الخطوط الجوية في القارة الإفريقية إلا أنها تكابد الآن من مشاكل جمة تعاني منها غالب المؤسسات الحكومية السودانية في الوقت الحالي. ويأتي على قمة هذه المشاكل نقص أو بالأحرى انعدام النقد الأجنبي الذي يعيق أي تنمية أو تطور منتظر. وأفسدت التدخلات السياسية في السبعينيات والثمانينيات إدارة هذه الخطوط وأضعفت من معنويات العاملين بها.

وفي العام الماضي وضعت خطة جديدة (بمناسبة مرور أربعين عاما على إنشاء الخطوط الجوية السودانية) أثمرت بعضا من النتائج الطيبة في مجال انتظام المواعيد (خاصة في السفريات الداخلية) وثبات أسعار التذاكر. وكذلك أجريت بعض الاصلاحات في مجالات التدريب والادارة. كل هذا يجعل المرء يؤمن بأن مستقبل الخطوط الجوية السودانية بخير شريطة أن تستخدم مواردها بصورة حكيمة، وأن لا تتم فيها عمليات توسع متعجلة وغير مدروسة.

اعتمد الكتاب في هذا المقال على مصادر عديدة منها كتاب “النقل في السودان” لبروفسيور ريتشارد هيل (لندن 1965م)، و”دليل خطوط الطيران في العالم لعام 1989م”، وكتاب “تاريخ وتطور ومستقبل الخطوط الجوية السودانية” الصادر في الخرطوم عام 1982م. ويشكر الكاتب مكتبي الخطوط الجوية السودانية في الخرطوم ولندن لتقديمها بعض المعلومات الفنية عن أنواع الطائرات المستخدمة وتفاصيلها الفنية.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. بكل اسف بعض التواريخ وطراز الطائرات به كثير من المعلومات الخاطئة………….

  2. سودان الزمن السمح لمن كانت سودانير تصل هيثرو
    الايام دى الجماعة بيتشاكلوا فى حراسة الابواب
    سبحان الله مغير الاحوال من حال الى حال

  3. المفروض أمام الجامع مديرسودانير يتكلم مع فردته بله الغائب إمكن يلقوا حل لمشكلة لسودانير.

  4. يكاد يتفطر القلب عندما تقلب المواجع عن ماضي السودان العظيم حيث كانت ( الخطوط الجوية السودانية أفضل ناقل في أفريقيا + وجامعة الخرطوم أفضل جامعة عربياً وأفريقياً وثالث جامعة عالمية +مشروع الجزيرة أكبر مشروع زراعي في أفريقيا والشرق الأوسط وأفضل مشروع ري إنسيابي في العالم + ولما كان عندنا أفضل جيش وأفضل خدمة مدنية وافضل ثروة زراعية وحيوانية واعذب وأنقى ماء وأقوى عملة . الجنيه السوداني كان يساوي ثلاثة دولار . شباب اليوم يصابوا بالزهزل عند ما نقارن الماضي بحاضر الإنقاذ .

  5. فى كوستى وأنا طالب فى الأهلية الوسطى وكنت أعمل كمسارى (بولمان) فى الإجازة الصيفية ، كنت أسعد جدا حين نأخذ مدير مكتب الخطوط ، محمد طيفور ، عبر كبرى كوستى القديم لإستقبال الطائرة فى مطار ربك .
    وكنا نستمتع بمشاهدة طائرات الرش ( شركة فايسون بست كنترول) تعلو وتهبط غرب سيدى الحسن لتحفظ الزرع من الآفات
    ولم نكن نعلم أن هناك آفات ستأتى لتأكل الزرع و الشمس المشرقة والطائرات

  6. خواجة مُدّعِي ساكت. هذه المؤسسة العريقةالتي كانت تُسمى الشمس المشرقة لدقة مواعيد طائراتها وانضباط منسوبيها والتي تدهورت خدماتها في فترة شُح الموارد 1971-1984 ونُسِفت تماماً في عهد الإنقاذ ليس بسبب شُح في المال وإنما بسبب سوء الجشع وسياسة كومي وكومك (ما الجماعة ديل أصلاً إتقاسمو مؤسسات الدولة حتى التي كان يمكن إصلاحها وكدا) لها كُتيب يوضح تاريخها كان تجده في اي كاونتر من كاونترات الخدمة. وزي ما علق حليل السودان في زمن الإنقاذ والذي أظن أن له خلفية جيدة عن الموضوع فإن معظم المعلومات التي وردت في هذه الترجمة غير صحيحة.

  7. دول عربية تفتخر بحاضرها لان ماضيها كان متخلف وقاسى ونحنا نتحسر لماضينا لانه مان متطور وجميل اى شئ عندنا مقلوووووب

  8. السودان دا كان رائع زمان

    لا بارك الله في الكيزان الصعاليق الكلاب الوسخين

    الكيزان اوسخ ناس الله خلقهم في الدنيا تفوووو عليكم يا جزم

  9. حليل السودان في زمن الانقاذ وأبوالكجص
    لكما التحية وطلما وجدتما بعض الأخطاء في المعلومات والتواريخ نرجوكما الإتيان بالصحيح وشكراً.

  10. ******** اولا التحية والاحترام للاستاذ و المترجم الفذ. بدر الدين حامد الهاشمي ****** لا ادري ماذا يحدث للكاتب المقال لو علم بما آلت اليه الخطوط الجوية الان ؟؟؟ ***** ماذا يحدث للكاتب لو علم بجرائم الشريف ود بدر و صحبه و شركة عارف الي اخر الفساد **** اكيد سيصاب بالسكري و الضغط ***** اللهم عليك بالانجاس الذين سودوا كل تاريخ مشرق ******

  11. في عام 1977 كنا ذاهبين من الخرطوم الى القاهرة وقد تاخرت الطائرةالسودانية عن الاقلاع لمدة ساعة واحدة فقط وكانت هذة كبيرة في حفهم حيث كانت مواعيدها تظبط عليها ساعتك وكان كل الركاب موجودين في الصالة اولا كان الاعتزار صريحا بأن هناك شخصية هامة ستسافر معنا والان هي في الطريق . ثانيا وزعوا على كل الركاب الموجودين في الصالة وجبة خفيفة واتزكر فيها التورتة . ثالثا قامت الخطوط بعمل حفل ترفيهي صغبر في الصالة بواحد من امهر العازفين للجيتار لا اتزكر اسمه حتى تمنينا ان تتاخر الطائرة.

  12. قالو عندما يتبادل طيران العال الاسرائيلي معلومات طائرته مع ابراج المراقبة السودانية يقول السوداني للعال قل لا إله الا الله محمد رسول الله فيصمت كابتن العال بعد ان يكون تبادل الاكواد الدولية المتعارف عليها عن رقم طائرته وسرعتها واتجاهها اما بعد ضربه مصنع اليرموك قال كابتن العال يا مطار الخرطوم قل يالنبي داؤود فصمت مراقب الحركة بمطار الخرطوم ولم يحر مجيبا

  13. لا انتوا لاحظتوا انو سودانير و النقل النهرى والخطوط البحرية و مؤسسة الفنادق التابع ليها الفندق الكبير و فندق السودان ده كله كان تابع للسكة حديد وفروع ليهاومديرها واحد كان يعرف معنى الادارة ؟ السكة حديد سلام فى زمن الانحطاط العظيم

  14. شكرا الاخ بدر الدين على الترجمة ونشكرا كثرا كاتب المقال لهذا البحث القيم عن تاريخ الخطوط الجوية السودانية ون لم يكن بالطرق البحثية المنهجية لكن بذل فيه جهدا مقدر وذلك من خلال المصادر التي ذكرها واعتقد ان هذا العمل وهذه البحوث القيمة يمكن الاستفادة منها لطلاب الدراسات العليا بعد حثهم للدخول لهذا المجال واعتقد انه مجال ثر ويمكن الباحث الوقوف فيه على اهم الاسباب الحقيقية التي تسببت في النقل الجوي بالسودان ( الخطوط الجوية السودانية مثالا)
    الى ان يقف بنا الى حقيقة بيع هذه الخطوط وخطوطه خط هيرثو مثالا

  15. بالمقال معلومات يجب تصحيحها
    طائرات 737/200 و ليس 707/200 كمثال
    بمراجعة تاريخ الخطوط الجوية السودانية نجد أن التطور لم يحدث إلا في حكم العسكر …. عبود الذي في زمنه جاءوا بطائرات الكوميت و الفوكر …. نميري الذي جاء في زمنه بوينج 707 و 737 … حتى هذا العهد في أوله جاءوا ب A-300 / A-310/ A-320 ( اربعة طائرات ذهبت كلها و لا أحد يستطيع البوح بما حد3ث لها) …. في مايسمونه العهود الديمقراطية جاءت طائرات التوين اوتر الثلاثة 1967 ( طائرة صغيرة تحمل 19 راكب كحد أقصى) …. و طائرتين F-50 سنة 1988 في صفقة يسيل منها الفساد ( هاتان ايضا غير موجودتان في السودان) .
    عدد محطات سودانير المقفلة حاليا يزيد عن 30 محطة في مثلث يمتد من كراتش الى جوهانسبرج الى لندن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..