سنار.. مدينة تنام على أنقاض السلطنة الزرقاء

سنار- محمد عبد الباقي
سبع نساء تقريباً، هبطن من عربة اللوري الكائن في هيكل (باص) بمجرد توقفها أمام – المبنى المسمى عبطاً – الفندق وسط مدينة سنار!! النساء يتأبطن عدد من (الجركانات) و(الجوالين) الصغيرة مليئة باللبن غير المتفق على جودته لاحتمال إضافة قليل أو كثير من الماء إليه، وهذه عادة منتشرة بين بائعيه من الجنسين هنا في سنار، كما في الخرطوم وبقية القرى والمدن الأخرى منذ قديم الزمان حتى ألفها البائع والمشتري رغم عدم نزاهتها!!
منظر بائعات اللبن يتجولن في سوق المدينة ذائعة الصيت يجعل لا فرق بينها وبين قرية نائية يقطنها رعاة يعيشون على تربية الحيوانات الأليفة والداجنة في الأصقاع.
مدينة بلا ملامح
قال زميلي الذي كان يرافقني مستنكراً مظاهر ترييف المدينة، ليست هذه سنار عاصمة أول دولة إسلامية في السودان، هذه قرية فقط لا تشبه المدينة ولا تدانيها في شيء، وإما المدينة الحقيقية فلم يبق منها شيء غير اسمها الذي لا زال صداه يتردد في الآفاق!!
لا معمار ولا أسواق ولا بهجة على الوجوه، الكل يقابلك بتجهم ويأس، الباعة المتجولون في كل مكان على الأرصفة، بائعات الطعام يفترشن الأرض ويلتحفن السماء، الحياة تتوقف والمدينة تختنق عندما يغلق جسر الخزان بعد الحادية عشرة صباحاً.
أبواق سيارات وصهيل الخيول!
رغم أن الأشجار تغطي مساحات واسعة داخلها، إلا أن شوارعها تآكلت بفعل العوامل الطبيعية وحوافر الدواب وإطارات السيارات التي تجوبها ليلاً ونهاراً، ولهذا أصبحت مدينة سنار جثةً ميئوساً من إخراجها من تحت الأنقاض، ويستعصي دفنها في ذات المكان، ولهذا لا حل غير محاولة انتشالها التي تحتاج لمجهود وعزيمة.
اختفت الملامح القديمة لسنار فترهل جسدها كثيراً بفعل البنايات المشوهة التي أقيمت على عجل من أجل زيادة الربط المادي، وكذلك الامتدادات السكنية غير المدروسة التي أخفت ما تبقى من رونق وبهاء المدينة القديمة التي لم يتبق منها شيء غير رائحة التاريخ المنبعثة من الأزقة العتيقة التي تدل على أنها كانت في يوماً ما تعج بالحياة، لكنها بلغت سن الشيخوخة والخرف تقريباً، ولهذا بدأت رائحة كآبة موتها تشم من بعيد وتهاوت كل ملامح جمالها كالورق اليابس. بعد إفساد ملامحها القديمة اكتظت طرقاتها باللواري والحافلات الخربة، والخيول غير الجامحة والحمير التي تجر الأحمال، وقليل من النياق وآلاف القرويين الذين يزحمون الطرقات دون هدئ أو وجهة.
وبهذا يمكن الجزم وبيقين لا يخالطه الشك أن مدينة سنار لم يتبق من رونقها القديم، إلا اسمها الذي اقترن بتاريخها الضارب بعمق في غابر السنوات، خاصة في الحقبة ما بين (1504- 1821م) حيث كانت سنار عاصمة لأول وأعرق مملكة إسلامية قامت في شمال أفريقيا وشيدت لها رواقاً في الأزهر والمدينة المنورة.
زحام بلا روح
وبعودة لسيرة المدينة التاريخية، نجد إنها كانت من قلائل المدن التي وجدت رواجاً نادراً حيث كانت مركزاً تجاريا يأتيه التجار من أصقاع وبلدان نائية، إلا أن تلك الأسواق التي كان يؤمها التجار والمشترون لم يتبق لها أثر وحلت مكانها أسواق فاسدة تباع فيها سلع نتنة ورخيصة يعرضها باعة صغار في السن والخبرة بشكل مثير للإشفاق أكثر منه جاذباً للمشترين.
خطوات قليلة في شوارع سنار تؤكد أنها أصبحت قرية كبيرة تهيم فيها الوجوه المتعبة والسيارات المتهالكة على طرقات التي فقدت كل عوامل الصلاحية منذ عقود مضت ولا زال الأمل مفقوداً في تعميرها، ولكن كل حجر فيها يكاد يعلن احتضاره من بؤسها ونذالتها البائنة بوضوح.
آمال على شرفة الجسر!
لا أمل في إعادة الحياة للمدينة التي أفسدتها الأفكار العقيمة غير اكتمال الجسر الذي يقال إن أخطاءً كثيرة صاحبت تنفيذه كادت أن تؤجل قيامه لسنوات أخرى رغم الحاجة الملحة إليه.
وبسبب قيام الجسر الذي تأخر كثيراً بدأت الانتعاش يعود لجسد المدينة التي لا يمكن لها أن تتعافى إلا إذا تم إبعاد كل العقول التي ساهمت فى عللها المتعددة. ولكن قيام الجسر فتح شهية هوس توسع الأسواق والأحياء وبحسب أحد المسؤولين أن هنالك خطة لقيام سوق جديد شمال السوق الشعبي على طراز عالمي.
وعالمي هذه، قالها بنفسه، وأصر عليها بجرأة حتى بعد اعتراض شديد على إقحامها في تلك الورطة، لأن المدينة نفسها لم تكن تصلح للعالمية، فحالها يقرب للشفقة والرأفة عليها من صعود منصة العالمية
اليوم التالي
كنت أزور سنار فى السبعينات من القرن الماضى .. لقد كانت ممتلئة بالحياة فى كل المجالات .. وزرتها قبل شهرين فوجدتها تحتضر ولست أدرى هل ستفيق من غيبوبتها أم تقبر فى صحائف التأريخ ؟
أخي محمد عبدالباقي لقد لمست وتراً حساساًلهذه المدينة الفاضلة التي كانت من أكبرالمراكز التجارية ويشهد الله بداية سبعينات القرن الماضي زارنا بسنار أحد الإخوة التجار من مدينة نيالا ومكث معنا كذا يوم وبعدها عاد لنيالا وبعد مدة أرسل لنا لشراء دكان ومنزل للسكن لتميز سنار في التجارة وإلفة السكن والعشرة…أنظروا لسنار الآن مدينة ميته تماماً وبها محطة كهرباء لكن يلفها الظلام والعطش يقتلها وهي على بعد أمتار من النيل الأزرق. أما صحة البيئة فحدث ولا حرج فالفمامة في كل ركن منه (وصدق أحد كتاب الإنتباهة بأن سنار من المدن التي تلاشت في عهد الإنقاذ). لقد عشنا في هذه المدينة الفاضلة أيام ضباط المجالس الهميمن أمثال الزبير محمد توم يرحمه الله ومحمد عبده والجفري وبارمينا كلي وخلافهم كانوا من أروع المسئولين الذي خدموا هذه المدينة،كانت الشوارع ترابية لكنها يومياً ترش بالماء ، أما صحة البيئة فكان الكناسون ينظفون الشوارع وخارج المنازل… أين نحن من هؤلاء المسئولين الذين كانوا طوال الوقت تفقداً لحال المواطنين … أسأل الله في هذه السانحة أن يرحم الله العم حسن الكبس سائق ضباط مجلس ريفي سنار ومن الخفراء العم فضيل وقسم السيد وود الطعيمة والعم بخيت.. وعمنا حسن افندي والباقرعوض حسن صرافي المجلس والعم دفع الله والعم عثمان عبدالرحمن واخونا العزيز محمد عبدالعزيز والاخ التاج فضل ومكي احمد بابكر ومحمد الفال والناجي وجعفر سيدأحمد وشيخ الماحي …وتحياتي لأبناء سنار جميعاًالصامدين الذين لازالوا فيها معتقين أمثال السر نايل والجميل والدود والجيلي خضر ودفع الله العمدة والعم الفقيه عبدالله عبدالرضي (ود الكريل) يرحمه الله صاحب أجمل صوت آذان بالجامع الكبير … أسأل الله يعيد ستار لسابق سيرتها.
ما حتفوق من الغيبوبة الى يوم الدين لو ما الحرامية اولاد الكلاب ديل زحو منها الا لعنة الله على الكيزان فى الدنيا والاخرة يا رب نشوف فيهم جميعا يوم كيوم عاد وثمود الهم انزل باسك عليهم فانهم لايعجزونك وانهم عزبو وطلعو 00000 الشعب الهم ارحمنا من هؤلا الانجاس امثال احمد عباس وغيرة ولى علينا من يصلح ولا حولة ولا قوة الا بالله حسبنا الله ونعم الوكيل على الكيزان
سنار قبرت من زمان وانتهى دورها الريادى فى التنميه القطريه فى السودان فما اصبح منها الا الرائحه النتنه فى الاسواق وازيدكم علما مااخطرها فى الليل كل يوم جريمه بشعه فى وسطها وليس فى الاطراف نحن والله محروقين الحشا من ضباع سنار او مكوار كما يحلو تسميتها من ساكنيها كانت فخمه بمعنى الفخامه والعزه فماذا اصبح فيها لاشى ابد .سوف خضار اكبر اجرام على مستوى العالم من الذى ادى الى ذلك الاهمال وتحول مكاتب الولايه الى سنجه ولايه اسم فقط .كانت تاتيها الفرق الرياضيه من الداخل والخارج الان اصبح استاد سنار خاويا بل اصبح حوش فقط .التعليم اه منه جيب معاك كرسى من بيتكم اصبح مع الكتب تحمل كرسى ايضا والمستشفى مشت واحده الى الطبيب قالت عندها قحه قال ليها اشربى ليك زيت سمسم والله لا اوريك حرامى فى سوق سنار سوف تضرب معه بالطماطم والعجور
السودان يحكمه بشة وسناربيحكمها الامبراطور احمد عباس…..بشة ح يطير يوم ما لكن الشيطان احمد عباس الله اعلم ….اولاد سنار ما عندهم همة …لان سكانها الاصليين خليط …..سنار يحكمها الاغراب من حولين ريفها وهؤلاء اكاد اجزم انهم حاقدين مثل الاسلامييين مستجدين النعمة …..
دعك من سنار الخرطوم ذات نفسها كوشة كبيرة وليست قرية
لأن القرية أكرم وأشرف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كل الموارد موجهة لخدمة المسؤولين وليس لخدمة الشعب
ولذلك من الطبيعي يحدث هذا التدهور في كل مناحي الحياة
أرجو أن تقوموا لثورتكم ضد الظلم والتهميش والتردي الحاصل ده
أو تقبلوا هذا الواقع وتدفعوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون !!
قبل ثلاث سنوات كنت عائداً من مدينة السوكى ماراً بسنار ثم الخرطوم وقدراعنى منظر مدينة سنار سنار التاريخ كيف تكون بهذا الشكل البائس والطرقات الخاوية من اناس يجرجرون ارجلهم من اليأس وفقدان الامل والادهى والامر سوقها الشعبى تبتلعه الاتربة والغبار وعدم النظام وقدرثيتها يومذاك نسأل الله ان تعود سيرة سنار التى كانت مملكة اسلامية ذات صيت وان ينتبه اليها المسؤليين فى الدولة واعطاها القليل من الرعايا والاهتمام.
الصور ابلغ من هذاالكلام الطويل الممل
قلت ان الجسر صاحبته عيوب كثير وانا ادعوك لذكر واحد منها
اما الحالة التي وصفت بها سنار انا اوافقك عليها واثمن كلامك انها لن تتغير حتى تتغير الوجوه التي اوصلتها هذه الدرجة
قدمت فكرة مصحوبة بدراسة اولية ورسومات توضيحية لتطوير المدينه منذ العام 2008 ولكن لا حياة لمن تنادي
سنار التي كانت…!
عشت في سنار طالبا في السبعينات وبعد ما غدرتها عدت اليها موظفا في الثمانينات لعام واحد فقط ثم غادرتها ولم اعد اليها حتى اليوم ولكن كانت سنار مدينة ريفية جميلة تعج بحركة الناس والباصات والقطارات واللواري على مدار الساعة كان يؤمها الناس من جميع الانحاء المجاورة لغرض التسوق والعلاج والعمل والعبور في السفر كما تأتيها الرحلات المدرسية ليس فقط من داخل السودان ولكن حتى من الدول المجاورة. كانت سنار الثانوية عبارة عن جامعة قبل ما تصير جامعة في سنين الانقاذ فقد كان يؤتى لها بالطلاب المتفوقون من جميع انحاء السودان ويتم اسكانهم في اربعة داخليات هي “تكتوك” و”بادي” و”جماع” و”عمارة” بالاضافة الى طلبة سنار وهم يسكونون خارج الداخليات. سنار الثانوية كان لديها عدد 12 ميدان رياضي وتتبع لها كل المساحة الواقعة خلف المدرسة حتى قرية كبوش وكل الميادين مجهزة لاستضافة تمارين ومباريات كرة القدم. زار المدينة مجموعة من الطلاب الكينيين وبعضهم من جزر القمر في رحلة مدرسية ونزلوا معنا في الداخليات وقد احسنا وفادتهم فشاركانهم طعامنا ووفرنا لهم اسرة للنوم وقد تبادلنا معهم الكثير من الاحاديث المفيدة وكان اشد ما شدهم الى مدينة سنار هي النظافة والترتيب الجميل للإحياء السكنية وبحيرة الخزان وقرية الجنينة وطيبة الناس ولكن اشد ما راعهم هي كثرة المواد التي كنا ندرسها ومنها اربع مواد اجبارية يشترط النجاح فيها لدخول الجامعة وثلاث مواد اضافية وتصل بالفروع الى 12 مادة فقالوا لنا انتم تنجحون ولكن لا تتفوقون إلا بعدد قليل لأن المواد الدراسية كثيرة جدا عليكم ونحن نمتحن فقط في 3 مواد…..
اما مدينة سنار نفسها فقد كانت نظيفة بمعنى الكلمة نظيفة في الشوارع ونظيفة في المباني ونظيفة في مظاهر واخلاق الناس. سينما سنار كانت تتوسط المدينة وهي بالقرب من السوق الذي يشتمل على دكاكين للقماش يديرها المواطنيون وبعض التجار الاغاريق واذكر منهم السيد جوزيف متياس وهناك صفوف المطاعم وسوق الخضار وسوق الجزارين والموردة في شاطئ النيل وسوق البهارات وبعض الاكشاك لبائعات الشاي وكل المنطقة كانت نظيفة فلا وجود لعربات الكارو إلا القليل وكان موقف التاكسي بجوار السينما وايضا موقف سنار التقاطع حيث تجد عربات التاكسي باللون الازرق وكان اصحابها يهتمون بنظافتها وطلاءها بصورة دائمة فتبدو كالجديدة رغم ان بعضها من موديلات الستينات. سوق الماشية كان في الناحية اليسرى لشارع الخزان بالقرب من مكتب البريد والهاتف ورغم ان المكان مخصص لبيع الماشية إلا انه نظيف حتى لا تكاد تلمس اثر للماشية في المساء……
حديقة القرشي كانت في ابهى صورها مخضرة مزهرة مفروشة بالنجيلة الرطبة واشجار الفايكس والجهنمية تحيط بها من كل الجوانب في منظر رائع تلقي بظلالها بعد الظهيرة فتجد الناس جالسين فرادى وجماعات في انسجام وتناغم مع الطبيعة. اما محطة السكة حديد فهي عبارة عن سودان مصغر يلتقى فيها كل اهل السودان من الشرق والغرب والجنوب كل في وجهته والمباني فيها جميلة ومرتبة ونظيفة رغم الحركة الدؤوبة التي لا تتوقف لا في الليل ولا النهار. مستشفى سنار كان من اعظم مستشفيات الاقليم الاوسط القديم الذي يمتد من مدينة واد مدني حتى الروصيرص والكرمك والدمازين فقد كان بمستوى المستشفى الجامعي الذي نسمع عنه اليوم يأتيه اطباء الامتياز خريجي جامعة الخرطوم وجامعة الجزيرة فيحتكون بخبرات طبية سودانية درست في لندن وموسكو وواشنطن, دكاترة كبار عملوا في مستشفى سنار وعالجوا كل اهل السودان في نفس المستشفى النظيف المرتب الجميل في كل شئ…..
نضر الله وجه سنار واعادها لسيرتها القديمة…..