بارا الأميرية المتوسطة – بوتقة انصهار

من خور جادين سلام _3
بارا الأميرية المتوسطة- بوتقة انصهار في الصبا الباكر
محمد التجاني عمر قش- الرياض
[email protected]
كان الطلاب من كل المدارس الأولية يتنافسون على مقاعد الدراسة بالمرحلة المتوسطة في بارا حيث أنشئت مدرسة بارا الأميرية المتوسطة أولاً في الأبيض ثم انتقلت إلى بارا في أوائل الخمسينات. و كانت بارا الأميرية كسابقتها مدرسة خور جادين ملتقىً جامعاً وبوتقة انصهارلأبناء المنطقة في فترة الصبا الباكر.
كان التعليم حينها تعليماً نوعياً يتخير أفضل الطلاب و المعلمين الأكفاء في بيئة تعليمية متكاملة من حيث الطالب و المعلم و الكتاب المدرسي والمنهج الدراسي؛مع الانضباط في العملية التعليمية وتوفير كل متطلبات الدراسة قبل وقت كافي. كما أنّ تدريب المعلمين في بخت الرضا و الجامعة الأمريكية في بيروت و الأزهر الشريف ودار العلوم بمصر قد وفَر كوادر من المعلمين الأفذاذ في كافة التخصصات. وقد نقل هؤلاء معارف و مفاهيم جديدة أفاد منها الطلاب كثيراً فقد وسعت مداركهم وشحذت أذهانهم لتلقي المزيد من العلوم والآداب، و هذبت سلوكهم الاجتماعي في تلك السن المبكرة .
إن نظام المدارس الداخلية كان يعطي الطلاب فرصة لممارسة كافة الأنشطة من رياضة و إطلاع على الآداب و المعرفة لما يتوفر بمكتبة المدرسة من كتب راقية فنهل الطلاب من معين العلم؛ وتدربوا على كثير من الفنون التي كانت سائدة آنذاك عبر الجمعية الأدبية و ليالي السمر التي كانت تقيمها المدرسة بانتظام. فقد كنا في أواخر الستينات نطالع كل ما ينشر في القاهرة وبيروت من مقالات و استطلاعات عبر المجلات المشهورة آنذاك مثل العربي و المصور و روزا اليوسف والصياد و الحوادث وآخر ساعة وكلها كانت متوفرة في غرفة القرآءة بالمدرسة. و درسنا كتباً لطه حسين و علي الجارم وقرأنا لإيليا أبو ماضي وجبران خليل جبران وبدأنا نتعرف على الروايات العالمية و ممنا لم يقرأ قصص جورجي زيدان وشعر المتنبي و أحمد شوقي و روايات الطيب صالح؛ كما بدأنا نتفاعل مع حركات التحرر العالمي و نسمع عن غاندي ولومببا وجيفارا؛ و كان عبد الناصر بطلاً عربياً له صورة مثالية في ذهن كل شاب في تلك الآونة. و أخذت تتسرب إلى مسامعنا كلمات مثل الإمبريالية والبلوريتاريا وعدم الانحياز و سافرنا وجدانياً إلى باندونق ووهران و غابات الملايو وحفظنا اسم جوزيف تيتو؛ و سمعنا عن الشيخ حسن البنا وعمر المختار و غيرهم من زعماء العالم و المشاهير ورددنا أناشيد الاستقلال و حفظ البعض خطابات المحجوب و الأزهري و بدأنا نتفاعل مع الأحداث القومية و نناقشها بكل حماس. أما الإذاعة السودانية فقد كانت لها نكهة خاصة لدى الشباب الذين كانوا يتجمعون حول راديو المدرسة الوحيد ليستمعوا لبرنامج محاسن سيف الدين ” ما يطلبه المستمعون” صباح كل جمعة وكلما توقف الراديو العتيق أو ضعف صوته جاءته لكمة قوية من زميلنا حسن محمود إبراهيم فلا يملك إلا أن يواصل الكلام دون توقف. كل هذه الإشارات العابرة لهي دليل واضح على مدى ثقافة ذلك الجيل و اهتمامه بالآداب و الفنون كما أنها برهان على أن التعليم كان بخير حيث كانت المدرسة توفر ليس السكن و الأكل و الشرب والنقل فحسب، بل إنها كانت تشبع حتى رغبات وميول الطلاب الفكرية . وإذا كان ذلك هو كسب الطلاب على مستوى الأنشطة و الأدب، فإن تحصيلهم الأكاديمي الصرف لابد أن يكون بقدر ممتاز. أما الرياضة فقد كانت تحظى باهتمام كبير حتى برز كثير من الزملاء في كرة القدم.
لقد شهدت فترة العقد السادس من القرن الماضي قفزة في مجال التعليم نظراً للاستقرار الذي شهده السودان بصفة عامة و دار الريح خاصة، وبالتالي أقبل الناس على تعليم أولادهم بعدما رأوا فوائد التعليم ومخرجاته المتميزة التي كان يمثلها الطلاب الذين صقلهم التعليم وصاروا قدوة لغيرهم, فصاحب ذلك توسع كبير في عدد المدارس المتوسطة فأنشئت مدرسة أم قرفة في بارا أولاً ولحقت بها “بارا الجديدة أو الشمالية” ودميرة المتوسطة وغيرها لاحقاً؛بينما كان معهد بارا العملي تحت إدارة مولانا الشيخ الخضر محمد وقيع الله يقدم تعليمياً دينياً وفقاً لنظام المعاهد العلمية.
ولا يمكننا الحديث هنا عن خريجي تلك المدرسة العريقة فهم كثر و منهم من تبوأ مناصب عليا في الدولة والولاية في كافة المجالات العلمية و المدنية و العسكرية. و الفضل في ذلك كله يعود بعد الله إلى تلك النخبة المتميزة من المعلمين الذين وضعوا أسساً راسخة للتعليم و التربية. ولا تزال صور ذلك الرعيل حية في الذاكرة فهذا هوالحاج حسين موسى الجمل بشكله المهاب، وأستاذ هاشم و هو يقف في طابور الصباح و تلوح أمام خاطري شخصية فتح الرحمن أحمد الحاج ابن شندي الأنيق وهو يضع كتاب الأدب الإنجليزي على طاولة المعلم ويردد أمام الطلاب ” نسقيك من مياه توتيل عشان تعود لينا”. وأستاذنا أبو ضفيرة كان فارس المدرسة وزعيمها بقربه من الطلاب و تفاعله معهم؛ و نذكر مولانا الطيب محمد رحمة الله و هو يدور على الداخليات ليوقظ الطلاب لصلاة الفجر في المسجد الذي بناه في المدرسة. إما أستاذنا إدريس بابكر فقد حملنا عبر دروس الجغرافيا إلى سلاسل جبال الألب و الأنديز و إلى فلادوفوستك وبراري كندا وطوّف بنا في أفريقيا و الدنيا الجديدة والعالم العربي فعرفنا بحار الدنيا و أنهارها و سهولها و منتجاتها وعواصمها و موانيها وتعرفنا على ترهاقا وبعانخي من شيخنا أحمد أبو الحسن. أما أستاذ جعفر الشاب الثائر صاحب الكاميرا فهو الذي علمنا الخروج في المظاهرات وكيف نقول الهتافات. وبالطبع كانت هنالك بارا المتوسطة بنات تقدم نفس القدر من العلم و التربية لبنات دار الريح.كانت هذه لمحة موجزة عن مرحلة المتوسط ورأينا كيف كان التعليم و هكذا ينبغي أن يكون ولكن!
بالرغم من هذه البيئه التى توفرت لك ولجيلك ولكنها أفرزت كوادر تتسم بالأنانيه وحب النفس.
ولم تقدم للأجيال اللاحقه الا الخراب والدمار وعدم المسئوليه.
أنظر الآن الى الترابى والصادق وكل من تقلدوا أمر هذه البلاد بعد أن قرأوا وتعلموا بالطريقه التى ذكرت.
فهم ومن جايلهم ساموا الناس العذاب وأورثوا البلاد والعباد الفقر فى كل المجالات.
سواء كانت تعليميه أو اجتماعيه فتبا لكم …ياليتهم وفروا هذه المبالغ التى صرفت عليكم .
واستثمروها فى مجال غير عقولكم التى تحكمت فى مصير الأمه وأقعدته.
يوسف ادم الرشيد تشكر ياقريبى انا درست انجليزى تربية جتمعة الخرطوم 92-96 واؤكد جازما مالقيناه فى بارا الاميرة لم اجده فى المؤتمر ام درمان او جامعة الخرطوم درست الانجليزى على يد اساتذتى محمد اسماعيل والنعميم من الخوى الذى درسنى اولى متوسط ولم اعرف ان يتكلم العربية الا عندما ينادينى احيانا امام الاساتذة ويسالنى عن حالى كان يوجد معمل للعلوم تجد فيه كل احتياجات المعمل وكانت حصة العلوم امتع الحصص بالنسبة لنا وقد حدث ان قمنا بتحضير علاج لمرض البهاق مع معلم العلوم ونحن فى الاول متوسط
كانت المدرسة تبعد عن منزلنا فى البكراوية خطوات حضرنا فيها المسرح والمباريات قبل ان ندخلها وعندما دخلناها وزعونا على الداخلية لنلعب ونشارك فى المسرح للمنافسة حسب الداخلية التى تنتمى لها فكانت داخلية عبد اللطيف والتجانى واخرى قد نسيتها حتى اننا نزور اصدقاءنا بعد نهاية اليوم ونصطحبهم معنا لمنازلنا لتناول الوجبات وكان الطالب لديه اسرة من مدينة بارا يخرج عندها وغالبا مايكونوا اهله فكانت منازلنا مفتوحة لاخوتنا يسكنون دواويننا واباءنا اباءهم واولياء امورهم وكانت الحياة راقية وشفيفة والنفوووووس طارة ونقية وتعاااال شووووووووووف الان
كلامك كلو صاح يا استاذنا عمر قش ولكننا ايضا تخلفنا في بقية نواحي الحياة اقتصاديا وصحيا ونفسيا …..اذ انه في حين تفتح مدرسة واحدة في بارا او طيبة الزعيتير … لا تفتح ولا يجب ان تفتح ولا مدرسة واحدة في الشوق الشيخ المبارك ولا في ام مرخة ولا ام دندر ولا غيرها ….بحمد من ترانا نسبح؟وبعهد من؟ ولصالح من؟ ام تراها النرجسية والناستالغيا….كلنا نحن للماضي لكنه في كردفاننا تلقاه ممزوجا بالاسى والحوجة …..هل تدري استاذنا الجليل عمر قش ان في بعض ارياف وقرى دار الريح من عموم دار حامد مناطق مازال كبارها وصغارها يطعنون حقن الملاريا من فوق الملابس اما عن وجود شرطي او عسكري او طبيب او مهندس فذاك من المستحيلات يعاني الناس وتعاني نسائنا الامرين….تزوج وتحمل الواحدة في عمر اربعة عشر وخمسة عشر ومع اقتراب حملها البكر تركب على عربات (ام جليلي) وقرب جبال الهيماوي او مع رمال القيزان تقطع السيارة بنزينا فتروح الوالدة والمولود في خبر كان قبل الوصول الى حاضرة الولاية – الابيض- وما ادراك ماهي ؟
سالت بروف محمود الزين ابن ام مرخة وتلميذك البار قبل وفاته – عليه الرحمة – لماذا تبنى المدارس في بارا وتتمركز بها معظم حاجيات دار الريح وليس بها ممثل واحد من تلك المناطق – اقصد من ابناء دار الريح- ؟ فاجابني عندما تكبر تعرف….
انتم استاذنا الجليل ….هل عرفتم؟؟.!!!!