البصلة وقشرتا.. التور كان وقع

البصلة وقشرتا..
التور كان وقع
أ.د. كامل إبراهيم حسن:
ابدأ وأقول بأنني لم أكن لا أحب القذافي فقط بل كنتُ أكرهه شديد الكره وأمقته المقت كله منذ ذلك اليوم المشئوم الذي أجبر فيه الطائرة التي كانت تقل الشهيدين بابكر النور وفاروق حمدنا الله على الهبوط في مطار طرابلس ليسلمهما للدكتاتور جعفر النميري ليعدمهما … مرت الأيام وتكاسر الطاغيتان القحف ? كما يقول مثلنا السوداني – ونشبت بينهما عداوة فاجرة بعد أن كانا يريدان بناء الحلف الثلاثي بين مصر وليبيا والسودان … ومن منا لا يتذكر قصة مال الكرامة وما أدراك ما مال الكرامة الذي أُستقطع من مرتبات الأفندية المساكين وبقية أفراد الشعب المغلوب علي أمره … عندها قال لي صديق : إن رياح السياسة لا تهب دوماً في ذات الإتجاه فها هو صديقك ? يقصد القذافي ? قد ناصب النميري العداء مما يعني أنه يركب نفس مركب المعارضة !! فقلتُ له بأني لا اؤمن بمقولة : عدو عدوك صديقك فقد يكون عدو عدوك عدوك أنتَ أيضاً … ورغم أني أتفق معك أن ليس هنالك ثابت في دنيا السياسة إلا المبادئ وحتى المبادئ لا تثبت عليها إلا اقدام قلة قليلة … وأنا أعتقد أن معاداة القذافي للنميري لم تكن لتغيير في موقفه من قضايا مبدائية فالرجل لم يغادر خيمة الشموليين ولم يدخل حظيرة المناديين بالديموقراطية وحرية الرأي فقد كان وظل إلى مماته طاغية مستبد … رغم كل هذا نقول أن الطريقة التي اغتيل بها والمعاملة التي عوملت بها جثامينه هو وأبنه ووزير دفاعه كانت مجافية لكل ما هو إنساني وأخلاقي … فالرجل ? وكما تعترف حتى مصادر المجلس الإنتقالي الليبي ? لم يقاوم بل إستسلم للثوار …
يصح أن يُقتل القذافي في حالتين فقط هما بالتحديد إذا قاوم وعند تبادل إطلاق النيران أصابته رصاصة فأودت بحياته أو إذا قُدم إلى محاكمة عادلة وحكمت عليه المحكمة بالموت شنقاً أو رمياً بالرصاص … يقول البعض لا يصح تقييم الأحداث في الثورات بمقاييس الأخلاق والقانون فالثورة في حد ذاتها حدث غير إعتيادي ولا بد من حدوث إنفلاتات وتجاوزات مهما حاول الثوار التحكم في تصرفاتهم لذلك لا يصح أن نحكم عليها بمنطق الأشياء الطبيعية … حسناً لنفترض أن من إغتاله كانت له ضغينة شخصية مع القذافي كأن يكون هذا الأخير قد قتل أو سجن أو عذب أحد أقاربه أو أحبائه أو حتى أراد ان يأخذ بثار الشعب الليبي الذي أذاقه القذافي مُر العذاب وفي لحظة الهيجان والفوران تلك طغي صوت الثأر على صوت العقل فلم يستطع أن يتملك أعصابه وفرّغ فيه رشاشه أو بندقيته … إذا إعتبرنا ذلك عذراً للقاتل فما هو عذر السلطة عندما عرضت تلك الجثامين الثلاثة لأربعة أو خمسة أيام لا اتذكر وهم شبه عراة حتى تحللت الأجساد كما إعترفتْ بذلك السلطات نفسها ؟ …. إن كان الغرض هو إثبات موت القذافي ألم يكن كافياً أن يقتصر هذا العرض البشع المثير للإشمئزاز ليوم واحد وقد عودتنا قناة الجزيرة علي تكرار الخبر الواحد – ومن ضمنه مثل هذا المنظر القبيح – كل خمس دقائق ؟
يقول مثلنا السوداني : ( التور كان وقع بتكتر سكاكينو ) وهذا ما إنطبق تماماً علي حال القذافي … فما أن وقع الرجل حتى كثر الذباحون وهكذا توزع دمه بين القبائل … أرجو ألا يفهم من حديثي هذا أنني أدافع عن القذافي … لا وكلا … كل ما أريد أن أقوله أن الحادث صورة بعيدة كل البعد عن التصرف الحضاري وأقرب إلى الوحشية والهمجية وهذا بالطبع يؤكد عند البعض تخلفنا وبدائيتنا… كما أخشي أن تصبح سنة تتكرر خاصة وأن هنالك الكثيرون من أزلام القذافي لا زالوا طلقاء ويجري البحث عنهم كما أن عالمنا كله يفور فوران القدر وأمامك الخارطة الإقليمية بل والعالمية … والآن وقد تم القبض على سيف الإسلام القذافي وحسناً أن السلطة قد وعدتْ بتقديمه لمحاكمة عادلة ولا إعتراض لدينا على حكمها مهما كان …
الاخبار
كما مثلت مثل بك ياقذافي الدم:cool: