سماية مريم في سجن كوبر

كمال كرار

في مايو 1983 كنا في سريرين متجاورين بقسم المديرية بسجن كوبر . كنت قد اعتقلت في ديسمبر 1982 وكان محجوبا معتقلا قبل ذاك التاريخ . قال لي ظهر ذلك اليوم من مايو أن زوجته اميرة ستضع حملها غدا بحسب تقديره . وكان مهموما قليلا فقلت له سيحدث كل خير .

في صبيحة الغد وعلي غير اي توقع دخل علينا عسكري السجون متهللا وهو يحمل ورقة وينادي محجوب شريف اطلاق سراح . نهض محجوب من سريره بغتة وقال لي ودمعة تترقرق في عينيه أكيد اميرة ماتت في الولادة . فلم استطع الرد اذ لم تكن هنالك أي مؤشرات لاطلاق سراح الشيوعيين ومنهم محجوب . سريعا لملمنا ملابسه وودعناه بالأناشيد وخرج . والهم يعصف بنا . في تلك الايام كان كل ما يطلق سراح معتقل يداعبه محجوب بالقول بكرة إيدك في المفروك لي هنا . ويشير الي نهاية أصابعه . اذ لم يكن المعتقلون يحلمون بتناول أي ملاح مفروك داخل المعتقل .

بعد أيام قلائل من إطلاق سراح محجوب شريف علمنا أن أميرة ولدت بالسلامة بنتا وفرحنا .

بعد حوالي 7أيام من اطلاق سراحه أتانا من حدثنا بعدم الانشغال بتجهيز الفطور والغداء ذات يوم وقد كان المعتقلون قد انتزعوا حق ان تأتيهم غذاءاتهم (مواد خام ) خضروات ولحوم ثم تطبخ داخل أقسام المعتقل بواسطة المعتقلين . في وقت الفطور وربما بين 10 و 11 دخل علينا عساكر السجن بجرادل المفروك أم رقيقة حارة من النار وطباقة الكسرة وصحون اللحمة فقد كانت سماية مريم التي أراد محجوب أن نشاركه فيها ، فأكلنا وانبسطنا وكان أول وآخر يوم للمفروك في المعتقل . تصوروا كنا أكثر من 75 معتقلا في ذاك القسم وفاض الأكل عن حاجتنا ومعنا بعض العساكر . أما كيف وصلنا الملاح حار من نارو من أمدرمان وحتي سجن كوبر فقد حدثنا أحد الزملاء لاحقا أن محجوب استأجر بوكس ووضع عليه كوانين فحم ثم وضع جرادل الملاح علي النار وكذلك اللحمة حتي تصل من أمدرمان لسجن كوبر ساخنة . هكذا محجوب شريف يعطي كل شئ . ويفعل ما لا يفعله البشر العاديين واستمتعنا بالسماية وعرفنا ان إسم البنت مريم . هل تصدقون أن هنالك من وضع احصائية عن سنوات اعتقال محجوب في عهد مايو الذي استمر 16 سنة قضي منها محجوب 12سنة في الحراسة أو المعتقل وخرج أقوي مما كان

بي وطن حدادي تحلم .. والسلاح ورقة وقلم ، وفي الحقيقة وانت تعلم .. في النهاية بادي أظلم .

وداعاً أخي وصديقي محجوب شريف

الميدان