المهدي والميرغني .. والنهاية المحزنة

المهدي والميرغني .. والنهاية المحزنة

خضرعطا المنان
[email protected]

ظللت منذ خروج الصادق المهدي في فيلمه المضحك ( عملية تهتدون ) وانا اكتب عن هذا الصادق .. وقد كان أول مقال لي بهذا الخصوص في اليوم التالي من وصوله اسمرا آنذاك بعنوان (الصادق المهدي .. امامة مؤودة وزعامة مفقودة ) وذلك بصحيفة ( القدس العربي ) اللندنية .. الصادق الذي اكرر انه لا يزال يعيش على ماضي اجداده بعد أن فقد بريقه ليصبح لدى الانقاذ الانقلابي أشبه بـ (ولد المكتب ) الذي لا يملك الا ان يصنع الشاي ويحضر الماء لضيوف موظفيه او مديره .. ولا زلت اذكر ذلك العنوان المثير والملفت ( الصادق المهدي يقول انه سيعود للزراعة لانه اصلا يعشق الزراعة وركوب الخيل ) وذلك مرفق بصورة له على غلاف مجلة ( المجلة ) السعودية وذلك في منتصف التسعينات .. كما انني لا زلت اذكر كيف انه جاء عبر لك الفيلم المفبرك شاقا الطريق من الخرطوم الى اسمرا بالبر وكان فيه اشبه برعاة البقر الاميركيين
( كاوبوي ) وهو يمتطى صهوة حصان وبرفقته ابنه ( عبدالرحمن ) وهو يرتدي زيه العسكري عبر موكب من الخيالة ليقول انهما هربا دون ان يراهما النظام وفي يوم زفاف احدى بنات الصادق في عملية تمويهية كما قالا .. كانت
( تهتدون ) .. مهمة مكشوفة لمن يراقب الشأن السوداني عن قرب آنذاك وهي للأسف ( فركشة ) طيب الذكر الراحل ( التجمع الوطني الديمقراطي) الذي كان يرأسه صديقه اللدود محمد عثمان الميرغني ( ابن المدائح وحلقات الذكر والفتة الذي رمته اقداره اللعينة في دروب السياسة ) .

هكذا ومنذ تلك العملية السينمائية البلهوانية ( تهتدون ) ظل الصادق المهدي تاجرا في سوق الانقاذ كما يفعل حاليا في رحلة تكاد تكون مكشوفة الهدف للولايات المتحدة وهو تسويق بضاعة الانقاذ البائرة والتي لم تجد من يشتريها في امريكا وانما صفق لها البعض في القاهرة والتي كانت حتى وقت قريب يربطها بالمهدي عدم ود بائن وذلك لأسباب تاريخيا يعلمها الجميع يوم ان كان لحزب الامة وزن في الساحة ورفض السير في ركب الاتحاديين الراغبين في ( وحدة وادي النيل ) مما احدث شرخا كبيرا ظلت تتصف به علاقات حزب الامة مع الجارة مصرحتى الامس القريب .

وهكذا لا زلت من حاملي الرأي القائل بأن اكبر عائق اليوم امام رحيل نظام الانقاذ هو هذا الصادق الذي كلما حمى وطيس الساحة السياسية داخل السودان هرب الرجل خارج الوطن ليبشر بمايريد هناك كأنما مشكلة الشعب السوداني لاحل لها الا في القاهرة او واشنطن او الدوحة او أي عاصمة غربية اخرى في حين الناس في الداخل تائهة لاتدري مع اي زعيم تتفاعل او تتضامن حتى ظل محل تندر لدى اهل الانقاذ حين يقولون ( معارضة سجمانة ولا وجود لها في الشارع ) وهنا استغرب – ربما مثل الكثيرين – لماذا تنسب زعامة المعارضة للصادق المهدي وحده ودون سواه في حين ان هناك من هو اشد معارضة للنظام من كافة ال المهدي .. اعني بها المعارضة الحقيقية سواء من الساسة المخضرمين او كتاب مرموقين او صحفيين لم يهادنوا النظام منذ استيلائه على السلطة وحتى الساعة او مفكرين يراهنون ان لا مستقبل لهذا السودان في ظل الانقاذ الذي لا يزال يتحدث باسم كافة قطاعات شعبنا على اعتبار تلك الانتخابات المخجوجة المزورة.

وبالنظر لكل ذلك وما يجري تحت جسور اللحظة الراهنة والفترة الماضية فان الصادق المهدي كتب بيده نهاية محزنة لتاريخه السياسي ونضالاته التي قامت كلها تحت غطاء اسم العائلة والا لاحترق منذ سنين سياسيا وتفرغ للتنظير والتأليف والترحال مابين عاصمة واخرى وأغنى المكتبة العربية والاسلامية بفكر يساهم في نهضة أمته المنكوبة اصلا وتعاني غياب مفكرين يعون مشاكل عصرهم وينيرون الطريق امامها في ظلمات الملمات ويشقون لها الدروب في زمان متعرج بلا قرار.

هذا ماكان من امر الصادق اما فيما يتعلق بالميرغني الذي – كما أسلفت القدر وحده من رمى به في طريق السياسة – فانه وضع – وبمحض ارادته وحر تفكيره – نهاية محزنة هو الآخر لمسيرته الزعامية يوم خرج عليه شباب الاتحادي الديمقراطي وهتفوا في وجهه بلاءات اذهلت الحضور يومها وكل مهتم بمايجري على الساحة السياسية السودانية هذه الايام ولكنه رفض الاستجابة لهؤلاء الشباب بدعوى ان مشاركة المؤتمر الوطني الحاكم هي لمصلحة الوطن وتقديرا منه للمخاطرالتي يتعرض لها هذا السودان الذي لا يمكن لأحد منا اليوم ان يجزم ما اذا كان ملكا حرا لآل المهدي ام لآل الميرغني ام لغيرهما .. فحتى المؤتمر الوطني الانقلابي المعزول يقول انه وحده من يحق له التحدث باسم الشعب دو سواه وان من يريد ان يخدم البلد والشعب فعليه اعتلاء مركبه المتهالك والذي يسير نحو شط الربيع العربي وان ببطئ مهما كابرأراجوز الانقاذ ( نافع ) او ( رئيس الحيرة المخجوجة ) زعيمه الراقص .

هكذا سقط الزعيمان الديناصوران في فخ الانقاذ عبر اول امتحان شعبي حقيقي وفي ظل ظروف حرجة ومنعطف خطير يمر به هذا السودان المنكوب بأهله لا بسواهم كما اقول دائما وابدا.

لذا كنت – ولا زلت – من المنادين بضرورة فتح الطريق امام الجيل الجديد من شباب وطني ورحيل الكل بدءا من الثعلب الماكر (الترابي ) ومرورا بـ(هملجرا) ود الذوات التي لا تزال تفكر بعقلية ان هذا السودان ملكا حرا لها وان الشعب السوداني بأكمله مجرد غنم تعيش في حظيرتها .. وانعطافا بالتائه المسكين
( نقد ) وود الميرغني الذي لم نعرف له انجازا سياسيا واحدا طوال حياته العامرة بالمدائح وحلقات الذكر والفتة .. وليس انتهاءا بجميع اراجوزات الانقاذ الذين استولوا على وطن جعلوا منه مرتعا للقوات الدولية ومنظمات الاغاثة واصحاب اللحي من المشبوهين والمعتوهين والمطاردين من شعوبهم في مشارق الارض ومغاربها (تمعن في أشكال من حضروا المؤتمرالعام للمؤتمر الوطني) انهم جميعا من اصحاب التاريخ الاسود وسط امتهم او ممن يتاجرون باسم الدين ويتخذون منه ستارا لمآرب دنيوية خالصة لاعلاقة لا بالله سبحانه وتعالى ولا برسوله الكريم صلى الله عليه وسلم .

الشيخان / ( الصادق والميرغني ) كل منهما يزحف نحو الثمانين من العمر ويشاركان اليوم في مأساة الوطن الجريح وشعبه المسكين .. ومابينهما والقبر سوى بضعة أشبار .. أليست تلك هي النهاية المحزنة وبئس الخاتمة ؟

ولك الله ياوطني

خضرعطا المنان
[email protected]

تعليق واحد

  1. اخى ما ذكرته عين الحقيقه و لك التحيه ان ما يحدث من السيدان ليس بمستغرب الميرغنى ابن السيد على الميرغنى الذى قدم للسودان بصحبة جيش المستعمر و التانى سليل كذبة من جده المهدى مدعى انه المهدى المنتظر و حتى السيد عبد الرحن الصنيعه الانجليزيه اما الغريب بحق هو هذا الانسان السودانى البسيط الذى لا زال ينتظر من هؤلاء الذين سلبوا عقولهم من بعد ان سلبوا اموالهم فى الشماليه و الجزيره ابا
    السيدان لم يقدموا للسودان شىء من الاستقلال حتى الان
    استقلال السودان جاء زى شراب المويه بالمفاوضات و الانجليز لو ما دايرين يطلعوا ما كان طلعوا للان
    التنميه بالسودان كلها تمت كما موضح ادناه
    1/ المستعمر
    2/جعفر نميرى
    3/ابراهيم عبود
    4/البشير
    الم اقل الحقيقه التى يخشى قولها الكثيرون لا تنميه ولا اى شىء فى عهود السيدين

  2. تعجبت من هذا الموقف للحزب الإتحادي الديمقراطي , ماهذا التخبط السياسي , مذبذبين لا إلى هؤلاء و لا هؤلاء , ففي الوقت الذي اعلن فيه السيد المرغني ان حزبه لن يتحمل أوزار الوطني الذي دنًس السودان طوال

  3. (لذا كنت – ولا زلت – من المنادين بضرورة فتح الطريق امام الجيل الجديد من شباب وطني ورحيل الكل بدءا من الثعلب الماكر (الترابي ) ومرورا بـ(هملجرا) ود الذوات….)

    استاذ خضرعطا المنان هلا كرست قلمك البليغ مع نداء المرحلة المتصاعد:
    الثورة داخل الاحزاب
    المسالة ليست مسالة شيخوخة او جيل ولكن مسالة مصالح وانتهازية تجدهاعند الكثيرين من الشباب ايضا .
    كانك تطالبهم التنازل طوعا فى حين ان الامر امر نزاع وتضارب المصالح الخاصة والثروات المهولة مع مصلحة الوطن والفقراء.
    هذا بعض من الطابع الخاص لثورة السودان ان طريقها يمر بنسف القداسة والانتهازيين فى احزاب خارج السلطة لياتي اجتثاث السلطة لا حقا مبرا من عوامل النكسة التى يسببها هؤلاء الانتهازييون كل مرة.

  4. فسؤالي هل اختارَ السيد المرغني الإنخراط مع المؤتمر الوطني واستسلم له ؟؟
    و ما هي تلك الضغوط التي طالت الأب و لم تطل نجله الذي تمسك بوثاق الإتحاد الوطني رافضا لهذه المائده الوطنيه ؟!!!
    ام انها مهاوده للشعب المناضل و تخدير للمشاعر ؟؟
    اين مقاومه الديكتاتوريه بصلابه يا السيد المرغني ؟؟
    الأب يشارك والإبن لن يشارك !!!ان هذا لشيء عجيب
    و ماهو موقفكم من جبه التحالف الثوريه , معها ام ضدها , ام الإبن معها و الإب ضدها ؟؟
    لقد صبر و ناضل الإتحادي منذ عقود للديمقراطيه و ضلً يعارض النٍظام بشتى الوسائل الممكنه . ما الذي قدمه المؤتمر الوطني للإتحادي بين عشيه و ضُحاها حتى تنازل له ؟؟
    لماذا و لماذا كلً ما كان هناك بصيص امل للشعب السوداني ان الأحزاب تكاتفت و تحالفت ضد النظام ?عتم الضلام علينا , تأخذوا بعين الإعتبار للمؤتمر الفاشي ,المكون من قتله و سفاحين و مفسدين و الأدهى و الأمر انكم على علمٍ تام انً البشير مجرم حرب و ان النظام يتهاوى للسقوط ؟؟!!!!!ما الذنب و الجرم الذي اقترفه الشعب المقهور و المغلوب على امره حتي تُخيبوا ظنونه ما ذنب الملايين التي عانت البطش و الظلم و الفقر و التهميش ان تقطعوا عُقود امالها بجرًه قلم ؟؟

  5. لابد أن يُحشر السيد الصادق في كل شيء ، كل ما في الأمر أن الإتحادي الأصل قاب قوسين بل ادنى من المشاركة في الحكومة
    ما دخل السيد الصادق المهدي في ذلك؟
    ولماذا لا توجه يا أخ خضر نقدك مباشرة للسيد محمد عثمان الميرغني؟
    هل هو فقدان الشجاعة الكافية ؟
    أم هي محاولة تخفيف عن الميرغني وتعميم ما تراه أنت خطا في قراره على السيد الصادق؟
    كثير ممن يصنفون انفسهم معارضين للإنقاذ ينصرفون لمهاجمة السيد الصادق المهدي وحزب الأمة أكثر من معارضتهم للإنقاذ
    لحزب الأمة رِؤية في المشهد السياسي السوداني تمثل تقدير اته هو وهذه الرؤية مطروحة ومبذولة فينبغي أن ينصب النقد عليها وتقديم البديل لها .
    وحزب الأمة غير ملزم بتحقيق أشواق وأمنيات الغير وهو بالمقابل لم يلزم أحد برؤيته فيا أخي خضر ( ياخي شيل عكازك وأمشي على البشير ولًا نافع ولًا مقر المؤتمر الوطني ولًا مجاس الوزراء ) فحزب الأمة ما منعك ولا وقف ليك في الطريق

  6. الاخ المعلق خالد على قال ان التنمية تمت فى عهد الانجليز و الحكومات العسكرية و ان السيدين لم يقدما شىء للسودان و شكك فى وطنيتهم!!اولا السيدين حكموا كم سنة و الانجليز و العساكر حكموا كم سنة؟؟ لو عارف تكون مصيبة و لو ما عارف تكون المصيبة اكبر!!! بعدين خليك من الانجليز و اللى هم رجال رجالة شديدة بحيث انهم كانوا محتلين معظم العالم بما فيه امريكا و لو انهم كانوا حكومة عسكرية و غير ديمقراطية ما كانوا احتلوا شبر من العالم دى واحدة و التانية الحكومات العسكرية اللى انت بتفتخر بيها دى حكمت السودان لمدة 45 سنة هل حلوا مشكلة الحكم فى السودان و خلوه بلد موحد قوى متقدم فى جميع النواحى و شعبه ينعم بالحرية اولا ثم الازدهارثانيا؟؟ ولا انتهينا فى عهد الحكم العسكرى الاخير و معاه الاسلاميين الى تقليص مساحة السودان بانفصال الجنوب و اشعال الحروب فى ولايات شمالية و البلد اتملت بالجنود الاجانب و صارت كل دول العالم كبيرها و حقيرها يتدخل فى شؤوننا و عنده مبعوث للسودان و الجيران يحتلوا اراضينا و اخلاق المجتمع السودانى تدنت بصورة غير مسبوقة و انتشر الفقر و اطفال المايقوما؟؟!! بعدين ياخى التنمية التمت فى عهد الانجليز من مشروع جزيرة و سكة حديد و خدمة مدنية و غيرها هل حافظت عليها الحكومات العسكرية و بالذات مايو و الانقاذ تحديدا؟؟!! ياخى السيدين و آبائهما و جدودهما بالنسبة للحكومات العسكرية ملائكة عدييييل كده بى سلبياتهم و ان مدة الحكم الديمقراطى كله منذ الاستقلال لم يتجاوز العشر سنوات متفرقة على ثلاثة فترات و ليست فترة واحدة زى العساكر اللى اقل واحد فيهم حكم ستة سنوات متواصلة!!! ولا ندى العساكر مية سنة تانى عشان ما يفضل سودان ذاته؟؟!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..