الحزب الشيوعي ، ثم ماذا بعد ؟ (3)+(4)

@ القيادة الحالية للحزب الشيوعي رغم أنها جاءت عبر الانتخاب في المؤتمر الخامس إلا أنها لم تسلم من أصابع الاتهام من قبل بعض العضوية التي تري أن وصول القيادة الحالية افرزته تكتلات وصلت الي حد التآمر علي بعض القيادات الفاعلة والناشطة في الفروع والتي تم تجميدها في مؤتمرات المناطق للحيلولة دون وصولها الي المؤتمر العام الأمر الذي بعث بحالة من الاحباط واليأس وسط قطاع كبيرة من العضوية آثرت تجميد عضويتها والابتعاد عن كل أشكال الالتزام الحزبي بعد أن فقدوا الثقة في جدية القيادة التي جددت الثقة في نفسها مرة أخري في المؤتمر الخامس بإضافة قلة من عناصر لم تخلق تجديد لعمل و منهج القيادة الحزبية لتصبح هي الأخري إمتداداً لتيار الحرس القديم . ذهب الكثيرون الي أن المؤتمر الخامس كان أكبر(كارثة) علي الحزب بشكل عام لأنه لم يحسم أزمة القيادة وتجديدها عبر القنوات الحزبية التي سدت منافذها حتي لا يحدث التغيير الذي لا تنفصل حتميته التي يؤمن بها الشيوعيون في أدبياتهم عن حتمية تغيير انظمة الحكم بينما يتم انكارها وتجاوزها عندما يتعلق الامر بحتمية تغيير القيادات.
@ لا أحد يشكك مطلقا في اخلاص و ولاء القيادة الحالية والتزامها بالدفاع المستميت عن الحزب والحفاظ عليه في مراحل تاريخية تعرض للتصفية الدموية والاقتلاع من الوجود وهذا هو الواجب الحزبي المفترض توفره في الشيوعي الحقيقي فهم بلا شك شيوعيون علي حد السكين و هذا وحده لا يكف حتي لا (نحتضن الدب)بإدعاء متواصل بحماية الحزب في كل المراحل التي تتطلب تجديد وتغيير . التحنيط والتجميد شكل من اشكال الحماية والحفظ أيضا ولا يوجد شيوعي حقيقي يريد بقاء الحزب محنطا او جامدا بلا حراك او تغيير وحتي القيادة الحالية لا تريد الجمود أو توصف بالمحنطة لأن الحزب قيادة والقيادة هي للحزب ، غير أن الواقع يشيئ بغير ذلك نظرا لأن الحزب يستمد بقاءه من التصاقه بقضايا الجماهير التي تطلب قيادة واعية تتمثل فيها قوة و فاعلية الشباب و حكمة و تجارب الشيوخ وفوق كل ذلك قدرات وافكار تستوعب متطلبات العصر وتطوره والاستفادة من الثورة العلمية في مجالاتها المختلفة وتطويع ذلك في العمل الحزبي لأن الامية ما عادت الجهل بالقراءة والكتابة بقدر ما هي الجهل بعلوم الحاسوب وإجادة لغة ثانية والإلمام بالمعرفة الفلسفية ،هذه أبسط متطلبات الشيوعي اليوم.
@ تقوم علي العلمية والتزود بالمعارف في كافة المجالات العلمية والادبية والثقافية والعلوم الانسانية و ما عادت المهام الحزبية عمل روتيني ينتهي بانتهاء زمن الاجتماعات الروتينية التي أصبحت غاية وليست وسيلة لإدارة دفة العمل الحزبي وتحولت لتراكم سلبي و نواة لتراكم العلل و الامراض الحزبية التي تمهد الطريق لشخصنة القضايا و المواقف التي تنتهي بإضعاف الكيان والجسد الحزبي . الروتين و عدم التجديد والتعلل الدائم بالتأمين وتعطيل اللوائح جعل الدم يتخثر في اطراف الحزب جراء انسداد القنوات الحزبية ب(الباد كوليسترول) الناتج عن الجمود وعدم الحراك لتصبح أطراف الحزب المتمثلة في فروعه اشبه بالجزر المعزولة الغارقة في الركود و أصبحت أشبه بقضبان سكة حديد تنتظر فقط المحولجي الحزبي لتحريكها كي تسمح بمرور قدر من الحركة المحدودة .التنفس الحزبي أصبح محدودا منحصرا في (التنزيل) من أعلا الي أسفل إن وجد حيث منعت الحُجب الحاجزة وصول النفس الطالع من أسفل الي أعلي مما تسبب في حالة خمول وكسل اقرب الي الشلل وعدم الحركة التي تشهدها غالبية الاطراف الحزبية في العاصمة والاقاليم .
@الحزب الشيوعي السوداني و كما جاء في مداخلة (الخال) جمال سرالختم بتعقيبه علي موضوع (السكرتير التنظيمي للشيوعي في قفص الإتهام ) بصحيفة الجريدة 13 فبراير الجاري بأنه ( اتحاد اختياري بين مناضلين شرفاء). يتصدون لقضايا الجماهير والدفاع عنها من استغلال وسيطرة القوي المتسلطة الحاكمة لأجل حياة تتوفر فيها أبسط المقومات الانسانية من رفاهية وعدالة اجتماعية نحو مستقبل واعد . هذه المهمة تجعل من الحزب ملكا لتلك الجماهير التي يناضل لأجلها وبالتالي ما يحدث لهذا الحزب ليس مسئولية عضويته وحدهم لأن الضرر سيلحق بالجميع في حالة التفريط في حماية الحزب من الانهيار و التلاشي، من هذا المنطلق يجب ان تشرع كل الابواب لتقبل التوجيه والنقد والملاحظات لأنه لا قداسة للقيادة التي يجب أن تعيد النظر في اسلوب و منهج العمل الحزبي وفقا لدستور ولوائح الحزب الذي بدأت ابجدياته في الخفوت من واقع تجاهل تحديد الاستراتيجيات و أسبقياتها و وضع التاكتيكات لتنفيذها ،علي هدي الخطط والبرامج الحزبية المختلفة المتفق حولها . هذا الامر أصبح من الادبيات الكلاسيكية و الابجديات التي لا يمكن هجرها والتخلي عنها لاهميتها و ضرورتها في العمل والاداء الحزبي كما سنري لاحقا…
الحزب الشيوعي ، ثم ماذا بعد ؟ (4)
@ لا يوجد شيوعي حقيقي قيادي أو عضوا بسيطا او حتي متعاطفا او صديقا ، راضيا عن الاداء الحزبي بصرف النظر عن المسئولية التضامنية التي يتشارك فيها الجميع . عدد من الاسئلة تفرض نفسها ، هل نستكين جميعا نجتر في البطولات والتضحيات القديمة و ممارسة فعل روتيني بلا نتائج أم ننتظر فرجا لا يأتي ام مواجهة الواقع بشجاعة و ببسالة لا نضع المتاريس و العوائق ولا نتردد بسبب فوبيا التأمين او محاذير الاختراق ولا حتي تبعات الانقسام لأن العضوية الحقيقية لا تريد ان يكون الحزب الشيوعي فعلا في الماضي و آن الأوان لقيادة الحزب أن تراجع الخطأ في العمل الحزبي ولا يوجد شيوعي حقيقي واحد يرفض ان يري حزبه قويا وماردا عملاقا وكل الظروف الموضوعية المحيطة و مستقبل العمل السياسي أصبح أكثر وضوحا من ذي قبل بعد العديد من المتغيرات في الصعيد الداخلي بفشل تيار الاسلام السياسي في تحقيق استقرار سياسي خلال ربع قرن من الحكم رغم ارتكابه فظاعات لم تحقق له مايريد لتصبح سبة تاريخية يبحث عن مخرج لتبييض وجه امام الجماهير السودانية التي لن تعيد تجربة الاسلاميين مرة أخري . علي الصعيد الخارجي تجربة انهيار المعسكر الاشتراكي وظهور القطبية الآحادية و بروز تيار العولمة يتطلب ضرورة إعادة النظر في مجمل أهداف و برامج واستراتيجيات الحزب بمشاركة فاعلة من القواعد حتي قمة القيادة.
يمر الحزب الآن بمحنة حقيقية متمثلة في أزمة قيادة و أزمة توجه لا يمكن تجاوزها في ظل غياب تام للديمقراطية الحزبية والاستمساك بالاساليب القديمة بفرض البابوية و قدسية القيادة وعدم تطور اساليب ادارة الصراع الذي اصبح في كثير من الاحيان أشبه فض النزاعات Dispute settlement بمحوره شخصي يتبع وسائل الكيد و التآمر و التكتل واستغلال الموقع القيادي في ادارة الصراع والذي ينأي عن الفكر والدليل علي ذلك حيثيات الانقسام السابقة . رغم أن الاجواء الراهنة لا تختلف عن تلك الاجواء الانقسامية السابقة إلا أن من الخطأ تكرار الانقسام كتجربة فاشلة مهما كانت الدوافع واخطاء القيادة التي تري أن حل الازمة يكمن في الانقسام الذي لن تتأثر به طالما هي في قيادة الحزب (الاصل) أما بقية الاجنحة المنقسمة لن تقوي علي التحليق بعيدا ولذا لا مفر لعضوية الحزب (الغاضبة) علي القيادة التمسك بوحدة الحزب و وضع الصراع في مجراه الصحيح مهما سدت القيادة الحالية المنافذ وتجاهلت المكاتبات عبر الاطر التنظيمية و اتخاذ اساليب الضرب تحت الحزام فإن ذلك لن يستمر طويلا بتعبئة القواعد في إطار الالتزام الحزبي الذي يضعف أي توجه للقيادة يتجاوز عن قصد توحد القواعد حول الحزب و هنالك تجارب حزبية بالدعوة للتداول وفقا لما تبيحه اللائحة ، تعنت القيادة وعدم الرضوخ لنداء القواعد يكشفها علي الملأ و الاتهام بالتصفوية يصبح حقيقة وليس مجرد إتهام للقيادة والتي لابد لها من إبداء حسن النية والاستعداد للتداول من أجل وحدة الحزب التي تواجه محك حقيقي .
لابد من تقييم تجربة القيادة الحالية للحزب من وحي البرنامج المطروح في المؤتمر الخامس الاخير و ما تحقق علي الصعيد السياسي لا يمكن وصفه باحراز نجاحات مع بقية الاحزاب في شكل تحالفات القي الحزب بثقله فيها دون ان يكون هنالك إختراق حقيقي يحدث انفراج في ممارسة الحريات السياسية او اجبار النظام الحاكم اتخاذ موقف ايجابي تجاه المعارضة . علي الصعيد الداخلي توقف نموء الحزب وانتشاره الجماهيري وغياب بصماته في الشارع وتراجعت للحد الملحوظ انشطة الفروع الحزبية والمناطقية التي تفتقد في صمت عضوية خرجت ولم تعد . البناء الحزبي يسجل غياب تام في اهداف الحزب لأن الاسباب التي ابعدت العضوية عن الحزب ما زالت قائمة وقبل اجراء عملية أعادة البناء الحزبي (البريسترويكا) يجب ان يسبقها ممارسة المكاشفة والصراحة والوضوح والعلنية والتي تعرف ب (الغلاسنوست) . أي شكل من أشكال انقاذ الحزب و اصلاح الخطأ لن يكتب لها النجاح قبل أن تتقدم قيادة الحزب بنقد ذاتي عن فشلها في تحقيق الحد الادني من برنامج الحزب مقارنة بالفاقد والخسائر التي تعرض لها الحزب في ظل قيادته الحالية ، بدون ذلك لن تعد العضوية والكوادر المهاجرة والتي لا ترغب في الرجوع للممارسة نشاطها الحزبي في ظل وجود المنهج الحالي الذي تنتهجه القيادة والتي لابد من مراجعة موقفها والاستعداد لانقاذ الحزب الذي لن ينقذه من تسبب في انهياره و اضعافه ولابد من برنامج جاد لاعادة العضوية والكادر الحزبي الذي ابتعد بكافة الاسباب او الكادر الذي تم ابعاده بطرق ظالمة و جميعهم يشكلون أضعاف مضاعفة للعضوية الحالية .من هنا يبدأ انقاذ الحزب الذي يمثل صمام امان التوجه السياسي في السودان ومعبر عن طموح و امنيات كل القوي الوطنية والتقدمية شاء من شاء و ابي من أبي وسيظل الحزب قائدا و ملهما للجميع لجهة أن هنالك اولويات لابد منها كما سنوضح ذلك في اللاحق ..
[email][email protected][/email]
عاش نضال حزب الطبقة العاملة
خليتو الفساد اللي ملأ البلد كلها ، و قضايا الساعة ، قبلتو على الحزب الشيوعي ؟ حريصين يعني على الحزب دة؟
احترموا نفسكم
اها ذكرتنا الحزب الشيوعي هو لسه موجود