حمزة علاء الدين.. أبو الموسيقى النوبية ‘المجهول’ (بروفايل)

كتب- محمد مهدي:
في إحدى الليالي الحارة، بينما يكتنف الهدوء قرية ‘توشكى’ القريبة من وادي حلفا في السودان، كان صوتا ما يصدر من أعلى الجبل الذي يتوسط القرية، يخرج على إثره الأهالي من منازلهم ملتحفين بالفزع والاندهاش، يصعدون الجبل لمعرفة مصدر الصوت، ليجدوا الطفل ‘حمزة علاء الدين’ ممسكا بـ ‘الطار’ النوبي، منغمسا في حالة من النشوة وهو يُصدر موسيقى غير منتظمة، مشهد يليق ببداية موسيقي ومطرب نوبي سيصبح فنه ذات يوم ملئ السمع والبصر في دول العالم.
‘الخوص’ كان رفيقه الدائم في صغره يضعه بين راحتيه برفق، يحوله إلى آلة أشبه بـ ‘العود’ وينطلق به في قريته يجمع تفاصيلها في ذاكرتها، الجبال والنيل، البيوت والبشر، الأصوات من حوله التي فجرت فيه حبه للموسيقى، الأغاني النوبية التي يشدوا بها الجميع في الأفراح، وجد الفتى ضالته في هذا العالم فأصبح مولعا به وأخذ يتقدم خطوة تلو الأخرى مُعلنا عن سطوع نِجمه ‘بدأ يغني في أي تجمعات نوبية والناس تِحب صوته’ يقولها المطرب كرم مراد ابن شقيقة ‘علاء الدين’ بينما تلوح في عينيه علامات الفَخر.
القاهرة كانت محطة جديدة في رحلة ‘علاء الدين’، انتقل إليها باحثا عن فرصة حقيقة ليصل فنه إلى الجميع، لكن رغبة الأسرة جنحت بأحلامه إلى دربا أخر ليصبح مهندسا للكهرباء في سكك حديد مصر، لكنه سرعان ما يغير وجهته، ويعود لحنينه الأصلي..فبدأ بدراسة الموشحات، وفَرد جناحيه وأنطلق في مساره المُحبب وتعلم آلة العود والموسيقى العربية بمعهد الملك فؤاد، وخفق قلبه بقوة عند سماع صوته عبر إذاعة السودان التي طلبت منه تسجيل الأغاني النوبية ‘بقى المطرب النوبي رقم واحد.. وسجل عدد كبير من الأغاني في الإذاعة السودانية’.
بالترحاب والموافقة تلقف ‘علاء الدين’ عروض سفره للسودان وانضمامه للإذاعة، عاش هناك لفترة وبدى في أحسن حالاته وتشوقه لتطوير موسيقاه أثناء زيارة وفد إيطالي للإذاعة فارسلوا إليه منحة لتعلم الموسيقى في إيطاليا.. الأحداث كانت متلاحقة وطموحه يدفعه إلى مزيد من المغامرة، لم يخشَ السفر وقرر أن يصنع اسما له ولبلاده النوبة ‘من السودان لإيطاليا لأمريكا.. طموحه كان كبير وعنده ثقة إن امكانياته عالية جدًا’.
بداخل كواليس المسرح جلس الفنان القادم من جنوب مصر صامتا يحتضن عوده، يخفي رجفة تسري في جسده، فبعد لحظات سيصعد أمام 34 ألف مستمع، في أولى حفلاته أمام الجمهور الغربي بمهرجان ‘نيوبروت للفنون الغنائية الإثنية’ عام 1964، همس أحد المنظمين في أذنيه معلنا ضروره استعداده، ثم دُفع على خشبة المسرح، هاله ما رأه من الأعداد الغفيرة للجماهير، أمسك بعوده، حاول أن يتماسك، أغمض عينيه، وأخذ يعزف واندمج مع موسيقاه، لكنه شعر بهدوء تام يجوب المكان، تملكه الخوف، ظن أن الجمهور لم يحب فنه، فتح عينيه ليجدهم مستمتعين بأدائه، أراد لحظتها أن يُطلق صرخة انتصار لكنه لم يفعل ‘شعرت بإعجابهم بما قدمت.. بعد أن ظننت أنهم غادروا المكان أو ناموا’ من كلمات ‘علاء الدين’ في حديثه عن تلك اللحظة الهامة في تاريخه.
حَمل ‘علاء الدين’ على عاتقه حفظ الموسيقى النوبية من الاندثار وخاصة بعد تهجير النوبيين من أرضهم في الستينات لبناء السد العالي، فتغلفت إصداراته الفنية بموسيقى النوبة بداية من ألبومه الأول ‘موسيقى النوبة’ الذي ذاع صيته في أمريكا وأوروبا ليقدم ألبومه الثاني ‘إسكالية’ وتعني الساقية النوبية ‘عَمل نوع جديد من المزيكا.. مَزج بين الموسيقى النوبية والمقامات الشرقية’ الأمر الذي اعتبره ‘مراد’ ابن شقيقته أمرا فريدا في عالم الموسيقى.
منحة لمدة عام إلى اليابان تحولت إلى حياة كاملة استغرقت من عمره عشرة سنوات، وجد ‘علاء الدين’ الراحة مع المجتمع الياباني وتزوج منهم، وانخرط في استكمال مسيرته الموسيقية التي ظهرت في 14 اسطوانة تحمل نكهة موسيقاه، شارك في العديد من المهرجانات الدولية، وعزف مع أشهر الفرق الموسيقي، وأصدر ألبومه الأخير ‘أمنية’ عام 1999، وسط تجاهل تام من بلاده طوال أعوام تألقه، فلم تحتفِ به السلطة كما كانت تتعامل مع غيره من الموسيقيين والمطربين، اللهم إلا دعوة من وزارة الثقافة المصري ومنظمة اليونيسكو له في افتتاح المتحف النوبي ‘يمكن بُعده عن البلد هو اللي خلاه مش معروف هنا.. لكن مصر كانت دايما جواه’.
زيارة كل 4 سنوات لبلاد النوبة كانت ضرورية لشحذ الذات وتطهير الروح، يلتقي أسرته لينعم بمحبتهم، يُغني لهم في جلسات السمر وفي أفراحهم، وينقل معاناتهم بعد التهجير عبر أغانيه لكل العالم، وفي طريق العودة يشتري كل الصحف التي تقابله ‘بقعد أشم فيها ريحة الوطن 4 سنين’، وفي إحدى الزيارات يتعلق قلبه بقصيدة كتبها الشاعر ‘سليمان غريب’ في إحدى الصحف فقام بتلحينها لتخرج إلى النور رائعته ‘لو جيت في يوم أرسمك’.
‘أنا عصفور بقلب أبيض وألف لسان.. أطير على الكون أغني للسلام للحب للإنسان.. في كل مكان’ مقطع من (مليش عنوان) إحدى أغاني الفنان النوبي، كأنه يصف نفسه، ترحاله بين بلاد النوبة والقاهرة وأمريكا وبلاد أوروبا واليابان، رحلة طويلة خاضها ‘أبو الفن النوبي’ من أجل تحقيق حلمه في نشر الفن النوبي قبل أن يغادر الحياة في مايو 2006، ويُدفن في ضاحية ‘نافاتو’ بمدينة سان فرانسيسكو، وسط اهتمام إعلامي كبير في دول العالم عدا بلاده مصر ‘اليابان في الذكرى الأولى لوفاته عملت احتفالات عشر أيام وفاءً لذكراه.. لكن البلد هنا لا حس ولا خبر’.
وادي مصر
ويُدفن في ضاحية ‘نافاتو’ بمدينة سان فرانسيسكو، وسط اهتمام إعلامي كبير في دول العالم عدا بلاده مصر ‘اليابان في الذكرى الأولى لوفاته عملت احتفالات عشر أيام وفاءً لذكراه.. لكن البلد هنا لا حس ولا خبر’.
ومتي احست مصر بالنوبيين ومتي احسن المصريون معاملتهم
النوبه تمثل لمصر ارض ملئ بالاثار وتاريخ وحضاره ضاربه في جذور التاريخ وان ادعي احفاد الهكسوس والارناؤوط ملكيتهم لحضارة وادي النيل زورا وافكا وتدر علي الخزينه المصريه البلايين من الدولارات
لقد خرج المارد النوبي من القمقم المصري وبداْ شباب النوبه يرفعون صوتهم عاليا في المحافل الدوليه وما حركة كتاله الا بدايه لانقاذ اهل النوبه من الاستعمار المصري والمشروع الاستيطاني المصري في بلاد النوبه
رحم الله الموسيقار المبدع حمزه علاء الدين الذي احب السودان واحبه اهلنا واكرموا وفادته ,,كان دائما ما يقول انه نوبي سوداني رغم محاولة المصريين نسبه لهم عندما فاقت شهرته الافاق العالميه
انا من المدواومين علي الاستماع لاغاني ذلك الرائع علي الرغم من جهلي التام باللغه النوبيه العريقه
رحم الله الفنان النوبي المبدع حمزه علاء الدين
تجاهله المصريون واكرمه العالم المتحضر لروعة فنه ,,يجيد العزف علي العود والطار النوبي المشهور
ويمزجهم مع الحانه الشجيه وصوته العذب
تغني للنوبه واهله ومعاناتهم وترحليهم القسري بعد قيام سد العالي الذي لم يجني منه السودان سوي الدمار والخراب لارض الحضارات في حلفا
رحم الله الفنان حمره وشكرا للراكوبه لتذكيرنا بسيره هذا الرائع
حمزة علاء الدين نوبي سوداني ، التقيت به في اليابان عام 1985 وقضينا أياما جميلة معه أنا والاخ صلاح علي محمد خير أمين جهاز المغتربين في اول الثمانينات ، كالعادة يكاوش المصريين علي
الموهوبين ، حتي الأغاني. السودانية ىنسبوها لهم ، دونكم أغاني شرحبيل ووردي. وغيرهم .
النوبة منطقة واحدة و إن قسمت الحدود السياسية المصطنعة النوبة بين السودان و مصر. لكنهم أهل بعض. لمست ذلك أيام وجودي في أسوان و كنت وقته عائد من الإجازة الدراسية في الجامعة. أقمنا 15 يوم في بيت الشباب في أسوان بسبب حادث الباخرة 10 رمضان الذي وقع في مايو من عام 1983م و صعوبة السفر في تلك الأيام إلي أن تم ترحيل الطلبة إلي أهلهم. النوبة ناس طيبين و أصيلين. نفس العادات و التقاليد التي تمارس في منطقة النوبة بداية من دنقلا و حتي حلفا, نجدها تمارس في النوبة المصرية. و نفس اللهجة النوبية , و إن كان نوبة مصر تأثروا بعض الشئي بالمصريين, إلا أن معدنهم أصيل , إذ سرعان ما يعود الإنسان إلي أصله. و كما يقول أهلنا ( رجع لي أصلو ).
هذه الحدود مصطنعة, ليس إلا.