في ضحك القدر (الحلقة الثانية) وهم الهوية

حيدر ابراهيم علي
توقفت الحلقة السابقة عند القول بأن مفهوم “الهوية” يتميز بالتجريد، والثبات، والجوهرانية (essence)، ويقترب من الميتافيزيقيا. ويفترض في الهوية أن تكون موحدة ، وخالية من التناقضات ، ولا تتأثر بالتاريخ والزمن أي خالدة أو ازلية. ومثل هذا الوضع النقي ، والصافي، وغير الخاضع للتغيير والتحولات، لا يمكن أن يوجد في الواقع. ولذلك مفهوم ” الهوية” ل لا يساعد في وصف ظاهرة اجتماعية، وسياسية، وثقافية مثل الوطن، أو المواطنة، أو الأمة، أو الشعب، أي لايصلح كأداة تحليلية لفهم الإنسان أو المجتمع السوداني، أو غير السوداني. ويظل مفهوما ايديولوجا وسياسيا ، وغير علمي، تستخدمه اطراف المتنافسة سياسيا خلال الصراع القائم بينها. وبالتالي لم يعد الاكاديميون، والسياسيون الجادون يستخدمونه، وفضلوا مفاهيم مثل: الشخصية الأساسية (Basic Character) أو في حالات أخري الشخصية الوطنية (National Character)، ولذلك استخدم (جمال حمدان)مفهوم (شخصية مصر)ولم يقل (هوية مصر). فالشخصية الأساسية لشعب ما هي مجموع الصفات، والخصائص الثقافية أوالنفسية، والروحية ، والفكرية، التي تتكرر وتتواصل ضمن الغالبية العظمي لشعب ما. وفي هذه الحالة يمكن للباحث أن يعمم هذه الصفات – بحذر- علي الجميع في هذه الفئة أو الجماعة. والتعميم في بناء نظرية ليس عيبا- كما يظن البعض- لو كانت غلبة تكرار الحدوث واضحة، والاستثناء يؤكد القاعدة ولا يدحضها.
يبرز سؤال هام، وهو: لماذا رغم غموض المفهوم، وعدم تحديده بدقة، يقفز هذه الأيام إلي مقدمة اهتمام النخبة السياسية والمتابعين عموما؟ والسبب هو أن مفهوم “الهوية” ينتمي الي قضايا زمن الأزمة، وفترات العجز عن حل المشكلات الحقيقية الصعبة. وهنا يُهمل الواقع ويتم الهروب الي القضايا المصطنعة، مثل “الهوية”. فمع تفاقم الأزمات، يرجع البعض الأزمات الي فقدان “الهوية”، وتتجدد فكرة كيف نستعيد هويتنا؟ وتكون وسيلة استعادة الهوية ، حسب ما نسمعه هذه الأيام “عن طريق استدعاء ثوابت الامة التي لا تتغير وبثها في نفوس الناشئة والشباب”. وفي هذه الأجواء يظهر من يطالب بإعادة كتابة تاريخنا. وسبب الدعوة ايديولوجي بحت، ولا توجد أسباب موضوعي للمطالبة. هذه دعوة خبيثة تستخدمها الأنظمة الشمولية بالذات. والدعوة الحالية في السودان هي انحراف واستنزاف لطاقات الناس.
يحتار المرء من هوجة “الهوية” التي اجتاحت البلاد بعد خطاب”الوثبة”. فهل يعني ذلك أن النظام الذي جاء بمشروع حضاري إسلامي، وحكم علي هديه حوالي ربع قرن، لم يكن يعرف “هوية” الشعب الذي يحكمه؟ والغريب أنه توجد فقرة واضحة في الدستور الدائم تحدد الهوية بصورة قاطعة. ولكن هناك من جعل قضية “الهوية” مولدا للتكسب بعقد الندوات وإقامة المهرجانات . وكدراسة حالة، نورد من صحيفة (الرأي العام)بتاريخ16/4/2014، خبرا عن ندوة بعنوان : ” الهوية والانتماء ودورها في تعزيز السلام”، نظمها (المجلس الأعلي للتعايش السلمي) مع منظمة (منار) الطوعية، وبرعاية معتمد (جبل أولياء) تحت شعار: ” نحن في السودان نهوي أوطانّا”. ويظهر الارتباك في فهم المشاركين للهوية، إذ يقول نائب الوالي: “إن الهوية السودانية معروفة في العالم وأن أي سوداني يفتخر بهويته”. وتتفلسف إحدي المشاركات متسائلة: “من أنا؟الاجابة عبارة واحدة: يجب أن تكون الوطنية ديدننا”.أما الراعي-معتمد جبل أولياء- فيري: ” إن القبيلة أحد مكونات المجتمع، ولكن يجب أن توظف في ما يفيد الوطن والمجتمع بشكل سليم”. ويبشر رئيس (المجلس الأعلي للتعايش السلمي)بأن المولد والسوق انطلقا، فقد أكد” أنه ستكون في مقبل الايام سمنارات وورش علي مستوي المحليات في هذا الشأن للاسهام في رتق النسيج الاجتماعي وحمايته من التمزق الراهن. الوطن في حاجة الي انسجام واستقرار وحل هذه المعضلة هو اللبنة الأولي: الهوية التي نريدها هي الهوية الوطنية”.
استراتيجية “الهوية” الحالية، بسيطة وساذجة، سوف يتنهي هذا الضجيج، بالقول: – السوداني عربي إسلامي نقي بعد فصل الجنوب، حسب خطاب البشير في القضارف. لذلك، من الضروري والحتمي ، أن يقرر الشعب دستورا إسلاميا بدون “دغمسة”.
خلفية تاريخية
من مظاهر الانتقائية لصناعة وتركيب “هوية” نقية وثابتة، العمل علي إعادة تشكيل التاريخ ، وتوظيفه من جديد. وبسبب البحث عن “هوية” تطغي فيها فكرة السوداني “العربي-الإسلامي”، كان لابد أن تقوم الطبقات المهيمنة بالغاء أو إهمال كل التاريخ السابق لدخول العرب والإسلام للسودان. وكأن تاريخ السودان يبدأ مع دخول العرب السودان أو دولة الفونج، وماعداه جاهلية أولي. وقد كان في الانتساب للعرب حماية وامتياز اجتماعي، وبدأت من الفونج صناعة الهوية العربية-الإسلامية واختراع الانساب. ويقول التاريخ أنه كان في نية السلطان (سليم) الزحف علي سنار بعد أن ضم سواكن ومصوع، ودخل الحبشة. وقد خاطب (عمارة دونقس) يدعوه للطاعة، فأجابه بما مفاده: ” إني لا أعلم ما الذي يحملك علي حربي، وامتلاك بلادي، فإن كان لأجل تأييد دين الإسلام فاني أنا وأهل مملكتي عرب مسلمون ندين بدين رسول الله وإن كان لغرض مادّي، فأعلم أن أكثر أهل مملكتي عرب بادية، وقد هاجروا إلي هذه البلاد في طلب الرزق ولا شيء عندهم تجمع منه جزية سنوية”. (شقير، 1981: 100). وقد أرسل (عمارة) إليه مع الرد كتاب انساب قبائل العرب الذين في مملكته جمعه له الامام (السمرقندي)أحد علماء سنار. وكانت هذه ?كم يقول الشباب- بداية “نجر”الانساب. واستمرت العملية حتي اليوم، وقبل فترة قصيرة جاء في الأخبار: “. . رئيس رابطة العباسيين بالسودان الاستاذ عامر عبد الحميد قال ان الزيارة ستمتد الى منطقة العرشكول بالنيل الابيض اليوم السبت وتقام ندوة كبرى يوم الاحد بالخرطوم على شرف زيارة نقيب العباسيين الهاشميين للسودان”. (الراي العام 16/6/2013).
حقيقة التصوف السوداني
يحمد للعرب إدخال اللغة العربية والإسلام الصوفي ، ولكن عدا ذلك لم يعرف السودان أي مظهر حضاري مادي مثل المعمار، والإنتاج الاقتصادي الجديد من زراعة أو تربية حيوانات، أو أدوات والآت عمل، أو إدخال الفنون تشكيلية أو تعبيرية أخري كالمسرح مثلا، ولا ثقافة النحت والتماثيل، حتي ولا الموسيقي العربية. يعود ذلك للموقف من العمل اليدوي ، ومن قيمة ودور الجسد في الثقافة العربية . ومن الواضح أن العناصر التي هاجرت للسودان لم تكن الأفضل والأكثر تطورا، واجبرتهم ظروف قاسية باللجوء لهذا البلد الصعب. فحتي الإسلام الصوفي القادم معهم كان سطحيا، ويميل إلي “الطرائقية” نسبة للطرق الصوفية أكثر من كونها فكر أو فلسفة صوفية.
ففي ذلك الوقت، كانت البلاد والمنطقة عموما في حالة كاملة من الفوضي وعدم الاستقرار حين اتجه السودانيون نحو خيار التصوف للابتعاد من تقلبات السياسة والنزاعات القبلية. ويورد (عابدين) عن (العقاد) قوله: ” ويخطر لنا أن شيوع الطرق الصوفية في السودان قد نجم عن هذا الشقاق بين اشياع الدول الاسلامية المتعاقبة، فانتشرت فيه الجماعات الصوفية التي تدين بالألفة بين أعضائها وتعرض في سبيل ذلك عن التشيع لهذه الدولة أو لغيرها”. (1967: 66) ويري الكانب أن الطرق الصوفية كانت مفيدة مرحليا، فقد أدت وظيفتها في زمن الفونج: ” ولكنها بعد هذا العصر، ومع تطاول الزمن، أخذت تتجاوز حدودها، حتي أصبحت داعيا من دواعي التفرقة والخصومة، وحتي رأينا الدعوة المهدية تضطر الي ان تقف منها موقفا عدائيا”. (نفس المصدر السابق).
يكتب (عبدالهادي الصديق) عن علاقة الفكر الصوفي باليئة السودانية، أي عنصر المكان الذي انطلقت منه تيارات الأصل الصوفي مؤثرة في الثقافة الاسلامية الوافدة، وتعديلها الي النزعة الصوفية . إذ بعد سقوط دولة المقرة عمت البلاد فوضي شديدة وانقطعت صلة البلاد بالخارج. وقد عاش الفرد السوداني فترة التية تلك، زاهدا في الحياة لأنه لم يكن يملك فيها شيئا. فقد طبع العصر، الفرد السوداني، بالزهد في الحياة ومكاسبها، وأصبح علي استعداد روحي للإنتظام في سلك الطريقة الصوفية (80: 1989). وحسب (الطيب صالح) إن ما جعل (حاج حمد) يوجد مصالحة بين الموت والحياة عدم إسرافه في طلب الحياة، وأنه “بقي علي أي حال رغم الآوبئة وفساد الحكام وقسوة الطبيعة. وأنا موقن أن الموت حين يبرز سوف يبتسم هو في وجه الموت”. فقد تجاوز الاسراف في طلب الحياة ومن ثم سلم من خشية الموت ورهبته: ” إنه ليس شجرة سنديان شامخة وارفة الفروع في أرض منّت عليها الطبيعة بالماء والخصب، ولكنه كشجيرات السيال في صحاري السودان، سميكة اللحي، حادة الأشواك، تقهر الموت لأنها لا تسرف في الحياة”. (1992: 85). وفي موقع آخر في الرواية: “مثل هذه الأرض لا تنبت غير الانبياء. هذا قحط لا تداويه إلا السماء. الطريق لا ينتهي والشمس لا ترحم”. (ص110). وكان لابد لهم من الهروب الي السماء، والخيال، والمعجزات، وكراهية الحياة الدنيا والتوجه نحو الآخرة. فدنياهم حسب أمثالهم : “خربانة أم قدود شن فيها”و “المتغطي بيها عريان” و” الدنيا دار الزوال” و” الدنيا كتيرها وقليلها رايح” و ” الدنيا ما بتدوم متل الزيق في الهدوم”. ومن يحمل مثل هذا الفهم والرؤية للدنيا، بالتأكيد لن يتعب نفسه في تعميرها، ولن يفهم الاستخلاف علي الارض. لذلك، ببساطة يدخل من هذا الباب ويخرج من الباب الآخر. ومن هنا نفهم لماذا لم يترك لنا أجدادنا الكثير من المعمار والابداعات ووسائل الإنتاج؟ تركوا لنا الكلام ( حتي ولا المكتوب) والفصاحة فقط.
ومن ناحية اخري، يكتب (محمد المكي إبراهيم) عن اعتناق التصوف، لم يكن السبب الفلسفة أو الفكر، ولكن: ” فقد كان الوتر الافريقي في العقلية السودانية يستجيب للصوفية بأذكارها، واناشيدها وجوها المسحور”، ويضيف: ” . . كان تيار الثقافة الفقهية في السودان من الضعف بحيث لم يستطع الصمود أمام بدع الصوفية وغيبياتها فانتشرت بلا مقاومة في ميدان مفتوح وأرض ممهدة، وأيا كان الأمر، فقد افلحت خمسة قرون من التصوف في طبع الفكر السوداني بطابع غير علماني مازلنا نجد رواسبه في أكثر من مجال”. وفي رأيه أن ملامح الشخصية السودانية أو العقلية السودانية هي نتاج غلبة التصوف، فيقول: “. . فهو المسؤول عن قلة احتفال الفكر السوداني بالبحث العلمي، وهو المسؤول عن ظاهرة قصر النفس الكتابي والخطابي لدي أجيال السودانيين، وهو المسؤول عن السذاجة العاطفية التي تتجلي في ضعف الأداة المنطقية والميل الي تقرير الايمان بالرأي بدلا من الإقناع به، كما أنه المسؤول أيضا عن معظم مظاهر الحياة الاخلاقية كالقناعة والزهد والعزوف عن طيبات العالم”. (19: 1989 ). كانت الصوفية هي الخيارالوحيد، فالبلاد خالية تماما من معاهد العلم والمعرفة. وتستلزم العلوم الدينية جهدا أكبر في الدرس والتحصيل، في حين أن بلوغ درجة الولاية في الصوفية لا يحتاج إلي أكثر من الاخلاص، وتنقية النفس، وانتظار الفيض. ويري أن ما تلقاه السودان من مباديء التصوف لم يكن أكثر من قشور وتسميات، فرغم انتشار الصوفية الواسع، لم يظهر طوال عهد الفونج صوفي واحد يتفهم روح التصوف الاصيلة ويقرأ كتبه الأساسية، ويعمل وفق فلسفته- لقد عجزوا عن فهم أهم ركنين في التصوف الإسلامي، وهما الحب الالهي ووحدة الوجود. واستعاضوا عنهما بمظاهر تقليدية وسطحية للحب النبوي تتلخص في المديح الذي يتراوح بين المحبة والتشوق وبين التمجيد المتزلف لا اكثر، مضيفا لشخصية الرسول المعجزات التقليدية المسومة بطابع المبالغة والتهويل. (الاستثناء الوحيد هو الشيخ احمد الطيب البشير، مؤلف كتاب: ” الحكم” المسمي بالجوهر الفريد غي علم الوحدة والتوحيد). ويعرض الكتاب في معظم فصوله نظرية وحدة الوجود ولكن بطريقة يغلب عليها الاستشهاد والاقتباس بحيث يبدو اشبه بالمختارات (ص20).
يلاحظ (عبدالمجيد عابدين) أيضا، الانحياز الظاهر الي الجانب العملي من الصوفية. فقد كانت الثقافة الصوفية قليلة ومحدودة في الجانب النظري. ولم يحتاج الاتباع الي ثقافة نظرية صوفية واكتفوا بتلقي التعاليم والاذكار واساليب العبادة، فينفذون ما يتلقون. واقتصر الجانب العلمي ومعرفة نظريات التصوف علي عدد قليل من كبار المشائخ. ويكتب (عابدين) أنهم “قد تحدثوا عن المجاهدة والكشف والتصرف بالكرامات، والملامة والشطح وغيرها. ولكنه سريع خاطف لا يكون في جملته فلسفة صوفية، إن صح التعبير، ولا منهجا شاملا لحياة روحية”. (ص71).
أنتجت الصوفية السودانية عقلية متناقضة تساعد علي تساكن كراهية الدنيا وحبها في وقت واحد. إذ لم يكن الزهد شرطا لولاية في كل الاحوال، بل يمكن للولي أن يفسر بعض تصرفاته الغريبة بأنها حالة جذب او شطح. فقد تزوج بعضهم الكثير من النساء وامتلكوا السراري، ولبسوا الحرير، وناموا علي الريش. (محمد المكي ابراهيم، ص20) ويقول أنهم لم يتعرضوا للوم أوتثريب” وعلي العكس من ذلك كان هذا السلوك مفهوما ومبررا لدي العامة والخاصة”. وحالات الملامتية المعروفة، وقصص (سليمان الطوالي زغرات). كما أن بعضهم امتلك اقطاعيات كبيرة من هبات السلاطين. ولم يكن تساكن التناقضات وقف علي السلوك، ولكنه ظل سمة التفكير وشكّل العقل السوداني حتي اليوم.
(نواصل)
e-mail: [email][email protected][/email]
.
د. حيدر…. لك التحية على مقالاتك التي تشحذ الذهن..
اسمح لي بالاجابة على سؤالك في الجزء الأعلى من هذا المقال : لماذا برز سؤال الهوية الآن؟
كان تخطيط الاخوان…. تحويل بلاد السودان….إلى قطر عربي اسلاموي … بالكامل….
والعروبة والاسلام هنا بحسب رؤية الاخوان المسلمين حصرياً…. خاصة جزء الأسلمة هذا….
تجلى ذلك في عدة مظاهر:
أولاً: فصل الجنوب… ثم النيل الأزرق…. ثم نوبة الجبال… ثم..دارفور..!!!
وذلك وصولاً للعروبة الكاملة (حسب فهمهم طبعاً)- ما عارفين إنو العرب معتبرنهم مجرد عبيد
ثانياً: تطبيق رؤية الاخوان وفهمهم – البائس طبعاً – للاسلام على كل سكان السودان ( تربية الدقون ، ارغام النساء على زي محدد ، الأسلمة الشكلية للبنوك ، قانون النظام العام ، نشر مظاهر الاسلام الشكلية دون جوهره مثل قول جزاك الله خيراً وغيرها ، افتتاح المساجد والخلاوي دون الاهتمام بتربية الأئمة-منهم من صار مغتصباً- ، تلاوة القران في الحلقات دون العمل بمقتضاه….الخ)
ثم كانت الصدمة الكبرى لهم هي سقوط فكر الاخوان في منبعه الأول مصر ، وفشل تجربته العملية في السودان
بعد ربع قرن كامل من التطبيق ، لذلك أصاب قادتهم – كنت عايز أقول مفكريهم لكن ما بتظبط –
في السودان توهان فكري أو سمها إن شئت سيرورة اندغامية واثبة تجلت في خطاب الوثبة الشهير….
كان السؤال الذي يؤرق قادتهم بعد صدمة الفشل المدوي: إذا لم نكن عرب ولا مسلمين صافين فماذا نكون؟
ولأنهم يسيطرون على الدولة باعلامها وكل أجهزتها…. فقد انداح هذا السؤال في البلد….
الخلاصة أن بروز هذا السؤال هو نتيجة متوقعة لفشل الفكرة التي كانوا يؤمنون بها….
إضافة في نفس السياق…. فكرة تقسيم السودان لعدة دويلات… هي جزء من أدوات تمكينهم…
وفصل الأجزاء التي يعتبرونها غير عربية…
يا أستاذ حيدر موضوع الهوية دا موضوع فاشل، لانه ما مهم مهم إنت جنسك شنو ولا لونك شنو ولا سحنتك شنو ولا أجدادك نزحوا من وين. المهم إنه إنت إنسان وطنى ولا غير كد أبطلوا العنصرية المدعمة دى وأكتبوا حاجة يستفيد منها السادة القراء.
نعم نحن نحتاج لمثل هذه الكتابات،صادمة وقاسية في ان واحد ولكنها ضرورية لفهم ما نحن فيه من تخبط في كل المجالات ولما كل الامم تثب الي الامام ونحن نتعثر متخبطين للخلف،،يا ليت لو ان هذي المقالات كانت في زمن الديمقراطية تناقش في دور الكتاب والمكتبات العامة ليستفيد من الطرح والنقاش جمهور كبير
موضوع الهويه اخذ من تفكير السودانيين حيزا كبيرا واصبح شغلهم الشاغل..في حينن يمكن ان يكون الحل فى السودانويه المصتلح الذى لم يجد حظا من الاهتمام والتجريب والتطبيق..السودان ليس مركزا ثقل عربى ولا افريقى ..كان يمكن للنخبه ان تؤسس لوطن متميز بثقافته ومجتمعه ..بدلا أن نقضى العمر فى البحث الهويه ..
موضوع الهويه اخذ من تفكير السودانيين حيزا كبيرا واصبح شغلهم الشاغل..في حينن يمكن ان يكون الحل فى السودانويه المصتلح الذى لم يجد حظا من الاهتمام والتجريب والتطبيق..السودان ليس مركزا ثقل عربى ولا افريقى ..كان يمكن للنخبه ان تؤسس لوطن متميز بثقافته ومجتمعه ..بدلا أن نقضى العمر فى البحث الهويه ..
الاخ طائر الفينيق
اتفق معك في كثير مماكتبته بخصوص مقال دكتور حيدر القيم
دكتور حيدر كتب مدخلا جميلا في بداية المقال حيث اشار الى اهمية تعريف الهوية اولا
كما اجاد ايضا حين اشار الى متناهة هذه “القضية” او الهوية
ولكنه سرعان ما تبنى مدرسة واحدة للتعريف وهي مدرسة الجمود وعدم الحركية
والهوية متحركة
فكيف يتم تعريف عائلة الرئيس اوباما الان
من جهة هو مصنف كأمريكي أفريقي اسود في حين والده افريقي اسود فقط، وامه بيضاء، واخوانه لامه اسيويين!
نظرة الشخص لنفسه وتصوراته هي من صميم الهوية كما اشرت انت.
كذلك اندهشت جدا لحياد د حيدر عن الطريق الذي سلكه اولا في بداية المقال لينجرف الى نقد الشخصية السودانية، وتلخيصه “للعنصر العربي السوداني” لعملية النجر التي تمت ابان السلطنة الزرقاء. هذا حديث ينم عن الهوى ويغمط الاخرين ادعاءاتهم في سودان كثر فيه الغمط
نتفق مع دكتور حيدر بان هذا الموضوع ترفي فقط لا غير ولا اهمية له سوى في معرض السياسة السودانية.
ارى ان ما اضافه طائر الفينيق يستحق الاشادة
المقال مهم ولا أوافق طائر الفينيق على وجود خطل في تحول حيدر إلى نقد العقل السوداني. ” فالنظام والدكتاتورية الإسلاموية” حسب وصفه هما إبنان اصيلان للعقل السوداني. لقد إحتك قلم الكاتب طويلا بالسياسة العملية وربما تشكلت لديه قناعة بأنه إهتدي أخيرا الى “نقد العقل الأشتر ” بعد أن ضل طويلا في شعاب “نقد الفعل الأشتر “. صحيح توجد تعميمات وأحكام عجلى في المقال. وهذا شىء آخر. إلى الأمام حيدر.
السودان ليس به مشكلة هوية فكلنا سودانيين إلا من قلة قليلة من هجين الاتراك والانجليز وبقايا اعراب الزمن القديم تحسب نفسها اسيادا للسودان والسود لا يعترفون بهم ولا بثقافة الاستعلاء عندهم فببننا وبينهم الكثير المثير الخطر فاما يثوبوا الى رشدهم وينبذوا العنصرية او يرحلوا عنا الى ارض اجدادهم مطالبين بمجدهم الزائل متفاخرين بعرقهم السامى ونأمل أن يتقبلهم ابناء عمومتهم كما يدعون ويمنحوهم على الاقل الحريات الاربعة وجه الذل .
فى اللحظة التى تقوم فيها الدولة على جنس محدد- جعلى- دنقلاوى- شايقى- من بين الجنسيات المتعددة فى تلك اللحظة تقوم وتولد الهويات الصغرى.
وفى اللحظة التى تقوم الدولة على الانتماء النسيجى على اهداف جامعة دستورية تولد الهوية الكبرى للامة.
مرت تلك اللحظة التى اعلت جنسية محددة على حساب الجنسية الدستورية فولد عراق الطوائف ولبنان الملل وسودان القبائلية…واميركا ابراهام لينكولن الدستورية ومارتن لوثر كينق.
الدستور المتراضى عليه ينسج الهويات الصغرى فى راية واحدة…المجد للامة.
د.حيدر دائماً جاد و هو رجلٌ نادر أمثاله في هذا الوقت ! تجرد لخدمة البلد !زرتُ المركز الذي أنشأه بالخرطوم و قد حزنت لإهمال الدولة لهذا الرجل و تقصيرنا نحن عن مناصرته و عونه!لذلك أدعو لزيارة المركز و لنسعي جميعاً لإيجاد مقر يتناسب و روعة هذا الرجل المناضل و لنقم بتكريمه- هيا للعمل المنتج و ليصبح المركز السوداني مناراً للتنوير و المعرفة و لتدريب الشباب !
أتفق معك تماماً بأن الغرض من الحوار هو إلهاء الناس و لن ينتج شيئاً ذي بال!
وهو أمر يشبه محاولة إبعاد الأجانب الذين جاءوا إلينا من دول الجوار – مثل هذه الأمور تلجأ إليها الأنظمة التعيسة لشغل الناس و صرفهم عن أمهات القضايا!لذلك علي الشعب أن يكرم جيرانه الأجانب و يرعاهم -ولا يلتفت إلي هؤلاء العنصريين المخادعين! هل يعرف الدين هوية؟ أو عنصر ؟ أو لون؟ كفي خداعاً بإسم الدين ! و بإسم الدين للأسف ترتكب الكثير من الجرائم! علينا أن نقتسم النبقة مع الضيوف و لا نسميهم أجانب !! إخوانٌ لنا في الإنسانية الجميلة و دعونا من الهوية و أوهام المغفلين تجار الدين!
يا دكتور حيدر ابراهيم ، العروبه في السودان والقبائل العربيه موجوده منذ القدم جنب مع جنب مع الفراعنه وممالكهم في ارض السودان ، ولكن العرب لم يكونوا يحملوا لا دين ولا حضاره لذلك لم يؤثروا في المجتمع وحتى حينما بدأت عرب جهينه في دخول السودان لم يضيفوا شيئا لهذه البلاد لانهم كانوا رعاه لم يحملوا الدين والحضاره الاسلاميه ، هذا قبل مملكة الفنج وبعد قيامها وتكونها باكثر من مائة عام بدء الدين الاسلامي والحضاره الاسلاميه في الانتشار بواسطة الشريف احمد بن عائذ الملقب بغلام الله وابنائه واحفاده ولم تكن الصوفيه موجوده حين ذاك ولكنها بدأت مع الجيل الرابع من احفاد الشريف غلام الله ممثلا في محمد بن عبد الصادق ، ونقل المجتمع الذي لم مسلما ولا مسيحيا ويمشي اهله رجالا ونساء عراه من هذه الجاهليه الى الاسلام امر كان في غاية الصعوبه ، تطلب التجول بين القبائل من اقصى الشمال الى اقصى الغرب والشرق والوسط وتاتي انت وبكل بساطه لتسمي هذا الاسلام سطحي ؟؟؟؟؟ كيف يكون سطحيا وقد نقل امه لاتعرف القراءه والكتابه وتمشي عراة ولا تعرف من الاسلام الا الشهاده الى امة تقرأ وتكتب رجال ونساء( كان تعليم البنات يرافق تعليم الاولاد في الخلاوي ) وتلبس ما يستر العوره وتعلم فقه الاسلام وتعمل به ، ويكون لحياتها هدف بدل من الحياه كالحيوانات وتاتي انت بكل بساطه لتقول ان الاسلام كان سطحيا ؟؟؟!!!!! وماهي الحضارة اذن ؟؟؟؟ الصوفيه التي دخلت لاحقا وكان لكثير ممن اتوا من المغرب ومصر بالاضافه للصادقاب القدح المعلى فيها ادخلت الزهد وتاثر بها ملوك الفنج تاتي انت لتجمل كل التاريخ الاسلامي والحضاره الاسلاميه في السودان في فترة الصوفيه؟؟؟؟؟؟؟ مصيبه حين نكتب من درايه وانت يا دكتور كتبت من غير درايه ، مشكلة السودان ليست في الهويه يعني من يقول انه عربي ولديه نسب كاذب للرسول لا يمكن ان نلبسه هويه اخرى فليكن كما يشاء (ونحن نعلم ان معظم انساب القبائل غير صحيحه) ، فقط ليعلم انه لا حق له في مصادرة حقوق الاخرين وهوياتهم بها يعني مشكلتنا في العقليه وليست الهويه .
الهوية: ربما نحن نقصد اما ابراز التنوع ومعالجته او الالتفاف عليه.
للذين ارهقهم مثلي الدوران فى الفراغ المتواصل بلاطائل حول العنوان الهوية, اقترح.
اقترح ان ننتقل للمنطقة الحقيقية والتى تسعى تهويمات الهوية لتطغى عليها.
اسأت انت الظن بطرح الهوية الحالي وانت محق.
المبدأ الاساس عندى هو ان يثبت الفهم بان ارض السودان مملوكة.
هذه الارض مملوكة, نعم ارض السودان مملوكة.
ومفتاح هوية البشر المالكين هو هذه الحيازة للارض.يعنى يبدا تعريف هويتهم ممحورا حول الارض او الماشية والابل.
اؤلئك الموسومون بانهم النخبة اصحاب مشروع الحداثة(صناعة, زراعة)
مشغولون بالسيطرة على هذه الارض المملوكة.
يحتاجون اذن اما لتفاهم وحوار يفضي لشراكة ونهضة زراعية صناعية.
او-خلى بالك معاي شوية لو سمحت-أو انتزاعها يالقهر او الخداع.
هذا مريط الفرس
انت تريد الارض والمعادن فما حاجتك لتهويمات الهوية.
لا تقل لدينا معادن وثروات زراعية حيوانية هائلة.
ولكن قل:
فى الارض بشر يملكونها وتتشابك ملكيتهم مع نسق ثقافي معقد وفلسفة.
وسيكون واضحا لو كانت تلك قناعتنا, ان الحوار بين النخب واؤلئك الملاك هو مفتاح بناء الوطن بشرا,ووحدة وسلاما واقتصادا.هوالقضية وهوالمسئولية. ولا ارشح الجبهجية لهذه المسئولية.
يا حيدر – حينما كتب جمال حمدان ( شخصية مصر ) كان ذلك تهربا من قولة هوية مصر لأنه لو نطق بها فلن يقول عن هوية مصر إلا أنها ( إسلامية عربية ) ولهذا السبب نجد العلمانيون من أمثاله وأمثالك يتهربون من سؤال الهوية فى دولنا العربية – لآن سرعان ما سيأتيهم الجواب من الشخص الذى يسألونه بأن هوية الدولة هى دولة إسلامية عربية. وتدرك أنت أن جماعة جمال حمدان وما شاكلهم من الشيوعيين واليساريين العروبيين اليتامى يسيطرون الآن على مصر وعلى إعلامها وينفثون سموهم فى أرضها الطاهرة علهم ينالوا من الإرث الأسلامى الحضارى الضارب فى الجذور منذ القرن السادس الميلادى فى أرض الكنانة. ولكن هيهات – فقد كرههم الشعب المصرى كأن لم يكرهـ أوباشاً مثلهم من قبل.
أما الحديث عن السودان – فقد ذهب الجنوبيون بإرثهم الأفريقى ومسيحيتهم وما بقى فى هذا الوطن ألا وطن الهوبة العربية الأسلامية. وهذا ليس شأناً تقريرياً يلوكه بعض الناس للاستهلاك السياسى وإنما مصيرا أبدياً يتلبس السودانيين حتى المعاد.
تاااااااااااااااااااااني .. يا جماعة شوفو ليكم واحد .. مغترب .. قديم في البلاد العربية صدقوني بيحل ليكم موضوع الهوية ده يجي علي طول للقصر الجمهوري علشان يشرح للسيد الرئس نحن هويتنا شنو ..العواطلية ديل يمشو يشوفو ليهم شغلة في مواضيع بتهم المواطن السوداني البسيط زي غلاء المعيشة والعلاج والتعليم بلا هوية بلا بطيخ … الهوية سوداني احسن زول في الدنيا الماعاجبه يشرب من اي بحر يحبه… سوداني قمة العالم …
اجمل ماكتبت يااستاذ حيدر وفعلاً نقد الذات بهذه الصراحه به الحل ولو ماانتقدنا تركيبتنا لما انصلح حالنا والنقد وتقبله هو بدايه الحل ومعرفه ممكن الخلل
صراع الحضارات… كتاب أستخدمه الغرب للترويج للهوية وربطها بالحضارة…الذين صنعوا الحضارات القديمة فراعنة وكوشيون وعباسيون وأغريق.. الخ ..لم يصنعوها ليعبدها أحفاد أحفادهم الاتون في المستقبل…. بل لرفاهية شعوبهم أوأنفسهم في زمانهم .. وهذه الرفاهية ” بمقاييس عهدهم” هي نفسها رهن بأوضاعهم التاريخية والأجتماعية والاقتصادية وراعاتهم الداخلية في ذلك الزمان…
تستخدم الهوية الأن بأعتبارها محدد للوطنية وما يجب أن تكونعليه وتطلع لدولة المواطنة الديمقراطية ويراد لها أن تخلق من تنوعنا قومية… وهي دائرة غريبة، فالهوية التي نظن أنه يجب أن نبدأ بها. نحددها برغبتنا في ما نطمح أن نكون. فهي موجودة في الماضي ومعرفة بما نريده في المستقبل!!!!! غرائبية أن نبحث عنها في تاريخنا ونقسرها قسراً على أن تكون حسب مقاييس ما نطمح فيه لمستقبلنا… نريدها ونظنها منبع وضمان الوطنية والقومية وهن أي الوطنية والقومية مفاهيم تاريخية حادثة نشأت لقرون قليلةً مضت، وبداية منشأها لم يكن في أفريقيا أو في الحضارات القديمة بل في خضم الثورات الأوروبية الحديثة وخاصة الثورةالفرنسية.
الهوية إن كانت لأجل ما نريد أن نكون عليه، يجب أن تكون وبالمنطق نتاج لما نصنعه وينتجه فكرنا في مواجهة مشاكلنا ومعوقات تقدمنا وتنميتنا. صنعت الولايات المتحدة ثقافتها الأمريكية وصاغت أشكال قانونية تنظم علائق وجود مواطنيها داخل دولتهم وهولاء اليانكي “لحم الرأس” تشكل عقب إكتشاف الأراضي الجديدة. لم يصلوا لما هم عليه بالبحث عن هوية ماضوية، ثقافية/حضارةأو أثنية ، بل بالصراع داخل دولتهم وأنتفاعهم من الحروب العالمية ومنعراجاتها ليشكلوا دولة رأسمالية ديمقراطية ليبرالية قوية…. لو كان التقدم رهناً بهوية ذات جوهر ثابت ممتد وموروث من تاريخ أسلاف بعيدين إذن لكان على دول الأمريكتين وأستراليا السلام…
الهوية كما نروج الان لها مثلها مثل مفهوم التهميش أو مؤسسة الجلابة فكلها مفاهيم ومصطلحات يصعب تعريفها والمقصود منها… ولكن يسهل أستخدامها لقدرتها الإيحائية العالية ووجود تعريف أنطباعي يتم الإيحاء به عبر وأثناء تداول المصطلح دون الغوث في أجمات البحث عن تعريف محدد متفق ومتعارف عليه بشكل “أكاديمي” يفيد البحث العلمي. التعريف الإيحائي الأنطباعي السائد ذو صبغة عنصرية شوفينية، ويبني على التعصب القبلي، إذن هذا التعريف الهلامي الذي يصعب القبض عليه فكرياً ينحو به فكر معظم السودانيين للنعرة القبلية والتحزب الأثني وهو ناتج ويخدم في نفس الوقت الصراع القبلي أو قل القبائلي المحتدم الأن، والذي سيحتدم أكثر مستقبلاً، وربما يصل “أن لم تنجح القوى الديمقراطية السودانية في أيجاد منفذ يفيد التطور والتقدم السوداني ” ربما يصل إلى مستوى ما يحدث في جنوب السودان الأن…
والحقيقة أن الهوية والقبلية وأنتشار أستخدامهم لدرجة طغت علي بقية المواضيع مثل مواضيع التنمية المتوازنة وغيرها يرجع للأنهيار الإقتصادي التحتي فالصناعة دمرت والزراعة الكبيرة كذلك ومن نهبوها وحولوا أموالها سائلة لحساباتهم وإستثماراتهم في الخارج خلقوا فراغ بغياب وضعف فئة أجتماعية مهمة أسميناها طويلاً الطبقة الوسطى “المدينية” وتريفت المدينة وضعففت القوى الحديثة التي هي الأبنة الشرعية لهذه الطبقة وبغياب أو الضعف الحاد في الأنتاج الحديث ومؤسساته من مصانع وزراعة كبيرة ومروية أصبح رأس الرمح هوالأنتاج التقليدي. والأنتاج التقليدي صمغ عربي وزراعة مطرية ورعي تقليدي..ز الخ، يقوم على أكتاف الأسرة والعشيرة والقبيلة.. ومن الطبيعي أن تسد قوى هذا الأنتاج الفراغ الذي أحدثه غياب القوى الحديثة العمالية والمهنيين الأفندية الذين ضعفوا مع ضعف وأنهيار المصانع والقطاعات الأنتاجيةالحديثة.وتأتي هنا مشكلة شراهة الطفلييين الذين صنعوا هذا الدمار، فجشعهم يحتاج ما يغذيه والجراد يهاجرلمناطق جديدةكلماأفنى منطقة، فأتجهوا لهذا القطاع التقليدي وبنفس نهج الدمار الذي ألفوه سهلاً، يريدون أن يجردو القطاع التقليدي من الأرض لتباع للأستثمارالأجنبي والخليجي، وكله أستثمار لا يضيف أي تقوية للأنتاج الحديث الصناعي. فالأجانب يريدون أن يزرعوا ويحققوا أمن غذائي في بلاد المزارعين والرعاة بأستقطاع أراضي أصحاب الأرض ….صراعات الهوية والتهميش وملحقاتها هي ناتج مواجهة القوة الأكثر أسهاماً في الأقتصاد “القوى التقليدية” لمحاولات تدميرها. وتستخدم ما تجيد أستخدامه القبيلة أي النعرةالقبلية.. ومفكريها من المثقفين يلبسون هذه النعرة المتخلفة أقتصادياً مسوح الحداثة ومصطلحاتها.. يستلفون مفاهيم الأقتصاديون عن الهامش في جنوب الكرةالأرضية والمركز الرأسمالي في دول العالم الأكثر تقدماً يسقطونها علي دولة تريفت مدنها وصارت وعاء نزوح كبير…وطحنت حرب الدفاع عن الوجود ريفها . فراجت مصطلحات الهامش المركز التهميش الجلابة وتهمة العنصرية القبلية، وبينما تستخدم الحكومة الظالم أهلها نفس السلاح لفائدتها المباشرة منه ومن الحرب، تعمل هذه المصطلحات على تفكيك روابط أصحاب المصلحة المنتشرين في كل أصقاع السودان وإضعاف كفاحهم المشترك بحكم وحدة المصلحة. وبينما تعترضعلى أستخدام الدولة لأسم القبيلة في أعمالها الرسمية أصبحنا نحن أنفسنا نصنف أنفسنا على أساس الهوية المحددة قبلياً بلأصبحنا نعرف قبائلكل المسئولين ونعزي تصرفهم السابق في التاريخ والحالي لتعصبه القبلي المفترض..
ان كان المثقفين السودانيين يريدون خلق وحدة وطنية وتنمية حقيقية في ظل الأوضاع العالمية والمحلية الراهنة فيجب أن يعروا الأسباب الحقيقية لتخلفنا … وأن يناضلوا لأجل القضايا بأسمائها لا نطلب هوية نستوردها من تاريخنا ولكن قدرة على المعيشة والتقدم والعمل ونيل نصيب عادل من ناتج العمل للجميع وتنمية القطاعات الحديثة وتوزيع الصناعات والتنمية حسب الموارد ومواقعها الجغرافية في الدولة المتحدة التي يفيد أتحادها الجميع.
الهوية تكمن في ما سنصنع في معضلات وجودنا وثقافاتنا وقوانيننا وأعرافنا الدستورية النابعة منا ومن نضالنا لأجلها والمعبرة عنا وما نريد قبل أن تنص..وليستفي ماضينا كوشيين عرب أم أفارقة…. ولو كان تحديد كوننا عرب أو أفارقة يحل معضلاتنا أذن فيما نزاعات الداخل والعمق الإفريقيالتي لا تنتهي.. وكيف صار العرب دول وليسوا دولة. ولا توجد دولة منهن تخلوا من صراع داخلي…
((هذه وجهة نظر تحتمل النقد بشدة.. رأيت أن أكتبها، والأن سأعود لأكمل قراءة ما خطه د حيدر فقد خفت أن أقرأ لسيادته فأخاف بعد قراءته وهو من هو أن أكتب وجهةنظري))
بهذه المناسبة حضرتني قصة حكاها لي أحد معارفي : تقاضا قبطي و أحد شيوخ العرب أمام المحكمة ولإثبات هويتهما هناك إجراء روتيني وهو إثبات الشخصية. سأل القاضي القبطي أولاً : الإسم؟ جرجس يوحنا الجنسية؟ سوداني ثم أتى ليسأل نفس الأسئلة لشيخ العرب الغضبان وهو يستمع لإسئلة القاضي وإجابة القبطي.
القاضي : الإسم؟ مُحمد أَحَمَد القاضي: الجنسية؟ شيخ العرب بغضب ظاهر وحماقة: آني ؟ آني خواجة خواجة