واقعية عودة الوحدة بين شمال وجنوب السودان

كتب عامر راشد

علَّق الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، جرس النقاش مجدداً حول إمكانية عودة الشمال والجنوب إلى الوحدة، بكشفه نهاية الأسبوع الماضي، خلال مؤتمر حزبي في الخرطوم، أن حكومته تلقت اعتذارات من قوى دولية، لم يسميها، عملت من أجل فصل الجنوب بغية تدمير الشمال، وأن تلك الجهات الدولية تطالب الآن بإعادة النظر في انفصال الجنوب، والعمل على إعادة الوحدة بين السودان ودولة جنوب السودان.

حكومة جنوب السودان ردت على لسان وزير الإعلام فيها، مايكل مكواي، بأن “العودة للوحدة مجدداً مع السودان خيار غير مطروح”، وشككت في صحة ما صرح به الرئيس البشير وطالبته بتسمية الجهات الدولية التي قال إنها اعتذرت وطالبت بإعادة الوحدة للسودان.

رد لم يغلق باب الجدل الذي لا يقتصر على الطرفين الرسميين في الدولتين، إذ أدلى رئيس “هيئة تحالف أحزاب المعارضة السودانية”، فاروق أبو عيسى، الذي عقَّب على تصريح الرئيس البشير بالقول: إن حكومة جنوب السودان أبلغت هيئة المعارضة أنها مستعدة للعودة إلى خيار الوحدة مع الشمال، إذا ما توفر شرط نظام ديمقراطي برحيل نظام حكم الرئيس البشير.

بدورهم، لا يستبعد سياسيون جنوبيون أن تقود تداعيات الحرب في جنوب السودان إلى طرح الوحدة مجدداً مع الشمال، بنظام كونفدرالي، ومنهم القيادي في “الحركة الشعبية” جورج أموم، الذي نوَّه إلى وجود “خيار ثالث” يطالب بتطبيق التسوية التي اقترحتها دول شرق أفريقيا “الإيقاد” لوضع حد للحرب في الجنوب، بتخلي الرئيس سلفاكير عن كرسي الرئاسة، مقابل ابتعاد معارضه ونائبه السابق رياك مشار عن خوض مواجهات مسلحة ولعب دور سياسي خلال الفترة القادمة، وهو ما رفضه سلفاكير ومشار.

وباعتقاد قادة سياسيين جنوبيين معارضين للرئيس الجنوبي ونائبه السابق، إن استبعاد الرجلين يمكن أن يخلق فرصة واقعية للعودة إلى خيار الوحدة بين الشمال والجنوب، إذا تطابقت المصالح المشتركة بين الشعبين، لاسيما في ضوء تراجع ملحوظ في مواقف النخب السياسية الجنوبية التي كانت ترى، حسب جورج أموم، في خيار الانفصال فرصة لإقامة دولة خاصة بشعب الجنوب، وذلك على وقع الحرب الأهلية الدائرة في دولة جنوب السودان، والمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستفحلة، وخطر المجاعة، جراء الصراع القبلي الدموي، وسيطرة المتمردين على المناطق الغنية بالنفط.

المتحمسون في الشمال والجنوب لفكرة طرح خيار الوحدة مجدداً يدافعون عن واقعية فكرتهم بوجود نخب سياسية جنوبية داعمة لها، وهو ما لم ينفيه وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان، حيث اعترف بأن ثمة “عناصر جنوبية ترى أن هناك إمكانية لوحدة البلدين مرة أخرى”، وأضاف: “نعلم أن بعض عناصر من المتمردين مع رياك مشار لديها ميول بعودة جنوب السودان إلى السودان”، لكنه وصف تحقيق ذلك بأنه “أمر بعيد المنال، بل من رابع المستحيلات”.

ويضع أولئك في كفتهم ما تردد عن أن جهات نافذة في واشنطن وعواصم القرار في دول الاتحاد الأوروبي، اقترحت فعلاً على حكومتي السودان وجنوب السودان “قيام اتحاد كونفدرالي على أسس جديدة مقابل دعم عالمي مادي كبير”.

ناهيك عن مصالح السودانيين في الشمال والجنوب، التي تضررت بفعل الانفصال عام 2011، بفقدان الحكومة السودانية لما يقدر بـ 70% من الموارد النفطية التي ينتجها الجنوب، وتفكك العلاقات الاقتصادية التي كانت قائمة بين الشمال والجنوب في دولة الوحدة، وزيادة حالة عدم الأمن والاستقرار، والخشية المتزايدة من أن تتحول دولة الجنوب إلى دولة فاشلة لفترة طويلة قادمة، تعصف بها الصراعات القبلية بين أكثر من ستين قبيلة أكبرها قبيلتا “الدينكا” و”النوير”، إلى ما لا نهاية.

بالإضافة إلى العديد من العوامل الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية، التي لم تكن في صالح خيار الانفصال، وعدم قدرة دولة الجنوب على الاستغناء عن علاقات متميزة مع السودان بفعل موقعها الجغرافي، والعلاقات التاريخية بين أبناء الجنوب والشمال.
بالمقابل، يرى المشككون في واقعية فكرة إمكانية العودة إلى خيار الوحدة، وهم حتى الآن يشكلون غالبية النخب السياسية في الشمال والجنوب، أنه ربما فات أوان جمع “اللبن المسكوب” بعد الانفصال، فالأكثرية الساحقة من الجنوبيين صوتوا في استفتاء كانون الأول/يناير عام 2011 إلى جانب خيار الانفصال بنسبة 98%، وما زالت النسبة الأكبر من النخب السياسية والحزبية- القبلية في الجنوب ضد العودة للوحدة.

ويرى معارضو الرئيس البشير أن نظام حكمه لا يسعى بالفعل إلى خلق حوافز لاستعادة الوحدة مع الجنوب، وأنه غير مستعد لدفع ثمن ذلك بإصلاحات دستورية جذرية تقوم على أساسها دولة الوحدة الجديدة، وتؤمن شراكة حقيقية بين كل الأطراف، من خلال إرساء لامركزية سياسية، والاعتراف بالحقوق السياسية والدينية والثقافية للأقليات العرقية. وقبل هذا حل المشاكل الكبيرة التي يعاني منها السودان جراء استمرار الصراع المسلح مع الحركات المتمردة والانفصالية في دارفور والنيل الأزرق وولاية جنوب كردفان.

كما أن المواقف الرسمية الدولية والإقليمية، وتحديداً الأميركية والأوروبية ودول جوار السودان الأفريقي، لم يطرأ عليها تغيير معلن بخصوص دعم انفصال الجنوب عن الشمال، ودعم حكومة سلفاكير، علماً بأن الولايات المتحدة والدول الأوروبية كانت داعمة على الدوام لتقسيم دولة السودان.
إلا أن العديد من دول الجوار الأفريقي للسودان كانت غير متحمسة لفكرة انفصال جنوب السودان، انطلاقاً من مخاوف أن يشكل ذلك سابقة، تجر إلى حالات مشابهة في هذه الدول التي تعاني من انقسامات عرقية ودينية وقبلية، إذا ما طبق حق تقرير المصير على المنوال السوداني. وحاضراً أضيف إلى مخاوفها خطر تحول جنوب السودان إلى بؤرة صراع مفتوح يزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها، التي تعاني من مظاهر عدم الاستقرار أصلاً.
وإذا كان خيار الوحدة بين السودان ودولة الجنوب غير مرشح للتحقيق في المدى المنظور، لكنه سيظل في دائرة الجدل، على قاعدة توفير أرضية تجعل منه خياراً واقعياً بإرادة أبناء البلدين، الذين كانوا في الأمس القريب مواطني بلد واحد.

أنباء موسكو

تعليق واحد

  1. الحل الأمثل للطرفين الكونفدرالية
    الشمال والجنوب توأمين سياميين
    لن يتم ذلك الا بالقضاء على المؤتمر الوطني
    والحركة الشعبية وعودة الديموقراطية
    البديل عن وحدتهما هة تشظي كل من الشمال والجنوب
    نظرا لضعفهما الشديد عسكريا واقتصاديا
    واجتماعيا

  2. السودان بلد غنى بموارده الطبيعية و لا يحتاج لبترول الجنوب الملوث بالدماء كل ما يحتاجه السودان هو إقتلاع عصابة تجار الدين لتبدآ التنمية
    لا نحتاج لبترول الجنوب الملعون الملوث بدماء الأبرياء
    لا نحتاج لبترول الجنوب الملعون الملوث بدماء الأبرياء
    لا نحتاج لبترول الجنوب الملعون الملوث بدماء الأبرياء
    لا نحتاج لبترول الجنوب الملعون الملوث بدماء الأبرياء

  3. اليوم اتصل بى صديق من الجنوب من ولاية شرق الاستوائيه و قال لى انه رأى بأم عينيه مجموعه من الجنوبين اليوم فى حوالى الساعه التاسعه و نصف و هم يحملون علم السودان الام فى مدينة توريت حاضرة الولايه ثم اتجهوا به نحو مركز المدينه مرورا بحى نيفاشا بتوريت و هم يسيرون فى صمت فقد اندهشت لكننى ايضا لزمت الصمت . يبدوا ان هناك الكثيرين من الجنوبين يكنون نفس المشاعر لكنهم لا يبوحون به .

  4. انتى يا(((بت قضيم))) مالك كل ما واحد يكتب تعليق ما يعجبك طوالى تثبتيهو على (((الجلابة))) وتلقيها فرصة وتقومى تنبزينا كلنا … ودائما تقولى علينا هجين والأن أنصاف عرب … مالو لو هجين نحمد الله هجين بالحلاااااااااال … ونحمد الله هجينا دا خلانا سمحين ونحن ماكارهنو ولا ناكرنو … يعنى دايره تقنعينا انكم انتو الشريفين واولاد حلال ونحن لا ولا شنو ؟؟؟! أكيد كلامك عن الهجين دا قاصدة بيهو شيىء فى نفسك ما الهجين الفى نفسنا نحن البريئة … كلامك دا دائما بذبحنا لكن بنقول مافى داعى نرد ليك عسى تتصلحى … لكن كترتيهو يااختى … والغريبة الجنوبيين الهسى بتدافعى ليهم لدرجة تسيئينا بسببهم ومعاك مجموعة بقينا حافظنهم بالأسماء من كتر نبزهم لينا … قتلوا أبناءكم ولم تفتحى فمك انتى وهم بكلمة بل كل تعليقاتكم حملتوا المسؤولية للشماليين بطريقة غير مباشرة عن طريق نبزكم للحكومة والتى نسيتوا أن فيها الكثير من أهلكم … واليومين الفاتو الجنوبيين تركوا مشاكلهم ونزلوا نبز فينا هنا نحن (((الجلابة))) شديد وقت انتى بتتصدرى لى كل حاجة كدا عنهم ليه ما دافعتى عننا ولا بس دفاعك عن الزنوج الذين تفتخرين دائما انك منهم بمافيهم الجنوبيين وتقولى علينا نحن الهجين وانصاف العرب ؟؟؟! … ونحن نحمد الله كل ناس فينا عارفين قبيلتهم شنو … لكن انتى ما عرفناك تبع منو بالضبط … كل ما ينزل موضوع عن الجنوبيين تستلميهو وتدافعى ليهم … وكمان كل ما ينزل موضوع عن الدارفوريين تستلميهو وتدافعى ليهم … وكل ما ينزل موضوع عن (((المصريين)))؟؟؟! كذلك تستلميهو وتدافعى ليهم … ما عرفناك انتى تبع منو فيهم بالضبط ولا برضو هجين منهم الثلاتة … وفى الحالة دى بنطبق عليك المثل ((( الفيك بدر بيهو))) … تعليقاتك دائما عنصرية تجاهنا أنصحك أربأى بنفسك عن هكذا حديث … اصلى مابحب اتكلم بهذه الطريقة لكن اضطريتينى لذلك … وشكرا

  5. خذه اﻷفكار تشبه ونسة أم ضبيبنة أى ﻻ يمكن أبدا ﻷمريكا والدول اﻷوربية ومن ورائها إسرائيل أن تسمح بهذه البساطة والسذاجة بعودة لحمة البلدين ﻷنها ظلت لعقود طويلة تبذل كل ما وسعها لتقسيم وتدمير السودان فلا يعقل أبدا بين عشية وضحاها تغير هذه اادول اﻻستعمارية خططها للإستفادة من ثروات اﻻرض البكر فى الجنوب قبل أن يجف مداد إتفاقية فصل الجنوب

  6. العرب هم سبب شقاء هذه البلاد منذ احتلال دوله علوة لهذا لن ينصلح حال السودان الا بجلاء العرب من ارض كوش(تهارقا الجديد)

  7. ليس هناك مجال للحديث عن وحدة على النمط القديم وهذا أمر واقعي جدا ولكن ممكن أن يكون هنالك شكل من أشكال الإتحاد بين الدولتين (كنفودرالية) مثلا كما طرحت الأمم المتحدة في السابق ، والكنفدرالية تعني إتحاد بين دولتين مستقلتين و ذات طبيعة خاصة وهذا الإتحاد يعطي ميزات خاصة لكل دولة عند الأخرى …

  8. لا يصح إلا الصحيح . المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية وفى غياب القائد جون قرنق هم من وراء الأنفصال لأن كل حزب فيهم أعتقد أن الجو سيصفو له بالأنفصال و (حيتجدعوا)فى حكمنا…حصل الأنفصال كما أرادا, فماذا كانت الحصلة والنتيجة ؟ دمار فى الشمال والجنوب . فليذهب المؤتمر الوطنى ولتذهب الحركة الشعبية غير مأسوفا عليهما , وليعود الشعبين شعبا واحد ا فى ظل العدالة والحرية والديموقراطية.

  9. بالمناسبة يا ( بت قضيم ) نوعك دا سبب البلاوي البيعاني منها السودان منذ مجئ عصابة المؤتمر الوطني لانهم يمثلون العنصرية بكل اشكالها البغيضة في الشمال وانتي من طريقتك في الكلام ايضا تمثلين نفس النهج العنصري في منطقتك ايا كانت في الغرب أو الجنوب . لقد عانينا نحن في الشمال اكثر منكم أذا كانت تقتلكم الحروب فنحن تقتلنا الامراض ويقتلنا الفقر ويقتلنا الجوع دعونا من هذه الافكار الهدامة دعونا نبني وطنا ملئ بالحب والتسامح والاخاء وطن يلم شمل ابناءه من جميع بقاع الارض بعد ان شردتهم ايادي العنصرية الاثمة . دعونا نفكر في اجيالنا القادمة التي يقع علي عاتقنا مسؤولية بناء وطن معافي لاجلها اتركو التشرذم والفرقة انبذو العنف المتابدل فكرو في بناء وطن يسع الجميع مع اتاحة الفرصة لكل حادب علي هذا الوطني مع علمي التام بانهم كثر

    خالص شكري وتقديري

  10. مافي وحدة تاني جورج اموم اخوه باقان انتهازي ولعلم جهابز الدينكا هم من يقرون بالوحدة والانفصال ففصلوه بالرغم ليست دينكاويا” يا حبزا ولدت دينكاويا” في الحدود كم تاسيت عندما سال احد عساكر الشمالين احد ابناء الشلك لماذا انتم ذاهبون الي الشمال فقال شلكاوي البلد خرب ما كان من عسكري الا ان ضحك حتى ظهرت النواجزه ثم قال الجنوب لم تخرب طالما الدينكا مازالو موجودين في الجنوب ولم يشرعوا في الخروج من الجنوب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..